«تمرد فاغنر» يخلق حالة من عدم اليقين في الصين

الرئيسان الصيني والروسي (رويترز)
الرئيسان الصيني والروسي (رويترز)
TT

«تمرد فاغنر» يخلق حالة من عدم اليقين في الصين

الرئيسان الصيني والروسي (رويترز)
الرئيسان الصيني والروسي (رويترز)

أدى التمرد قصير الأمد في روسيا إلى تعميق واحدة من أكبر المخاوف التي انتابت بكين منذ غزو أوكرانيا، وهي زعزعة استقرار روسيا، التي تعتبرها أقرب شريك لها ضد دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، لا يزال هذا الخوف قائماً، حتى بعد أن تراجعت «فاغنر» عن توغلها في موسكو، بعد أن استولت، في وقت سابق، على مقر القيادة العسكرية الجنوبية لروسيا في مدينة روستوف.

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب تلفزيوني، التمرد بأنه «خيانة»، وتعهّد بإخماده قبل أن يؤدي اتفاق، قضى بوقف «فاغنر» التحرك نحو موسكو، ومغادرة بريغوجين إلى بيلاروسيا، مقابل عدم ملاحقته أو عناصرها في روسيا، إلى تفادي صراع أوسع.

ومع ذلك فإن الأزمة تمثل أخطر تحدٍّ لحكم بوتين، الذي استمر 23 عاماً، ولحظة من عدم اليقين للزعيم الصيني شي جينبينغ، الذي يعتبر علاقة الصين مع روسيا بمثابة حصن ضد النفوذ الأميركي في العالم.

ويقول تيمور أوماروف، الباحث في «مؤسسة كارنيغي للأبحاث»: «روسيا الآن تعاني من الفوضى، وبوتين يبدو في حالة ضعف. هذا هو السيناريو المتشائم الذي كانت الصين تخاف منه. لقد كانت تخشى أن يضر غزو بوتين لأوكرانيا في النهاية، استقرار نظامه».

وفي وسائل الإعلام الحكومية الصينية، كانت التغطية الإخبارية لتمرد «فاغنر» محدودة، على عكس التغطية المتعمقة في معظم وسائل الإعلام الغربية.

ونشرت وكالة أنباء «شينخوا»، التي تديرها الدولة، تقريراً عن خطاب بوتين، وقالت إن مدناً، من بينها موسكو، اتخذت إجراءات لمكافحة الإرهاب.

ونشر حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، تابع لقوة الدعم الاستراتيجي لـ«جيش التحرير الشعبي»، منشوراً يروي كيف أعاد الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ تنظيم الجيش الثوري لـ«الحزب الشيوعي» في عام 1927، لضمان أن الحزب يمارس سيطرة مطلقة على جيشه، وهو منشور اعتبره بعض المستخدمين إشارة غير مباشرة لأحداث روسيا.

وحاز تمرد «فاغنر» واتهام بوتين للمجموعة بالخيانة، باهتمام مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي الصينية «ويبو»، و«دوين».

وأعرب كثير من المستخدمين الصينيين عن حيرتهم وعدم اليقين بشأن ما سيحدث بعد ذلك.

وقال وانغ يوي، أستاذ العلاقات الدولية بـ«جامعة رينمين» الصينية، إنه بين الصينيين العاديين «يشعر كثير من الناس بالقلق من أن مكانة بوتين السياسية غير مستقرة، وأن الاضطرابات السياسية في روسيا قد تؤثر على الصين».

وكان شي يحاول دعم بوتين، حتى مع انتكاسات غزو موسكو لأوكرانيا، بينما دعا أيضاً إلى السلام والمفاوضات لإنهاء العنف.

فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (رويترز)

وخلال لقاء بينهما في موسكو، خلال مارس (آذار) الماضي، أعاد الرئيسان الروسي والصيني تأكيد أهمية تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وضرورة العمل معاً لـ«تشكيل نظام عالمي جديد».

وتحتاج روسيا إلى الصين لتشتري الأخيرة النفط والغاز منها، وتجد الصين في روسيا سوقاً متنامية للسيارات والهواتف الذكية المصنوعة في الصين.

ويكنُّ الجانبان العداء لواشنطن وحلفائها، وما يرون أنه نظام دولي غير عادل ومتغطرس تقوده الولايات المتحدة.

وأدى غزو موسكو لأوكرانيا إلى تقويض علاقات روسيا مع الغرب، وأثرت العقوبات بشكل سلبي على اقتصادها.

واتخذت واشنطن وحلفاؤها خطوات لخنق وصول الصين إلى رقائق الكمبيوتر المتقدمة، لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ويعيد المصنِّعون متعددو الجنسيات التفكير في دور الصين في سلاسل التوريد الخاصة بهم؛ استجابةً للمخاوف بشأن الاضطرابات التجارية المستقبلية التي قد تنتج عن الاحتكاكات مع الغرب أو الصراع على تايوان، وهي جزيرة ديمقراطية تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناصر من القوات التركية تتولى تدريب قوات ليبية (وزارة الدفاع التركية)

​تقارير أممية تكشف عن تورط تركيا في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتجنيد آلاف المرتزقة السوريين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

القصف يدلّ على تصاعد التوتر منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو إلغاء «اتفاق السلام»، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
خاص معمّر القذافي (رويترز)

خاص «تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».