قمة باريس: وعود كبيرة وإنجازات متواضعة

إصلاح المؤسسات المالية مشروع دونه عقبات جدية

 جانب من الجلسة الختامية لقمة «من أجل ميثاق مالي دولي جديد» في باريس (رويترز)
جانب من الجلسة الختامية لقمة «من أجل ميثاق مالي دولي جديد» في باريس (رويترز)
TT

قمة باريس: وعود كبيرة وإنجازات متواضعة

 جانب من الجلسة الختامية لقمة «من أجل ميثاق مالي دولي جديد» في باريس (رويترز)
جانب من الجلسة الختامية لقمة «من أجل ميثاق مالي دولي جديد» في باريس (رويترز)

انتهت بعيد ظهر الجمعة قمة «من أجل ميثاق مالي دولي جديد» التي التأمت في باريس ليومين بمؤتمر صحافي ختامي ضم، إلى جانب الرئيس ماكرون، نظيره الكيني ووزيرة المالية الأميركية ومديرة صندوق النقد الدولي ورئيس البنك الدولي، بعد اجتماع أخير أداره الرئيس الفرنسي، وكان غرضه عرض ما تحقق وما تم التوافق عليه في كافة الجلسات التي جرت في مقر القمة وخارجه، والاستماع مرة أخيرة لعدد من كبار المسؤولين.

وفي هذه الجلسة الحوارية، بدا واضحاً أن جميع المشاركين متفقون على أن الغرض من القمة أوسع من العنوان المقترح لها، وأن الهدف المنشود، كما ذكر بذلك الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني وغيرهما هو تمكين بلدان العالم، خصوصاً ذات الاقتصادات الهشة، من تجنب أن يفرض عليها الاختيار ما بين محاربة الفقر الذي تعاني منه ومحاربة التغيرات المناخية.

الهدف العملي للقمة يكمن في تعزيز تمويل الأزمات للدول منخفضة الدخل، وتخفيف أعباء ديونها، وإصلاح الأنظمة المالية بعد الحروب، وإتاحة أموال لمواجهة تغير المناخ من خلال تحقيق توافق في الآراء على أرفع المستويات. وكان الهدف من التئامها في يونيو (حزيران) استباق استحقاقات مقبلة، وأبرزها قمة دول العشرين في الهند وقمة المناخ «كوب 28» التي ستستضيفها دولة الإمارات. والغرض المساعدة على تعزيز عدد من المبادرات المتعثرة التي تتولاها مجموعة العشرين ومؤتمر الأمم المتحدة، فضلاً عن صندوق النقد والبنك الدوليين.

لذا، فإن أعمال القمة التي ضمت ما يزيد على أربعين رئيس دولة وحكومة وعشرات الوزراء والمسؤولين وممثلي نحو مائة دولة، إضافة لمسؤولي كبار المؤسسات المالية الدولية وممثلي المجتمع المدني والشباب، تركزت على ما يتعين القيام به من أجل تمكين الدول المعنية من تخطي الخيار الصعب، عن طريق تقديم المساعدة لها عبر مبادرات ومشاريع ملموسة علماً بأن قمة باريس ليست قمة رسمية، بل حصلت بمبادرة فرنسية.

الرئيس البرازيلي: تغيير مؤسسات 1945 المالية

تبين خريطة المشاركة أن دول الشمال والجنوب وما بينها كانت كلها ممثلة. وفيما تمثلت الولايات المتحدة الأميركية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم بوزيرة ماليتها، فإن الصين أرسلت رئيس وزرائها. وكان الحضور الأفريقي طاغياً؛ إذ إن 20 رئيس حكومة ودولة جاؤوا منها إلى باريس؛ لرفع صوت القارة السوداء التي يرون أنها مهمشة، وإعادة التأكيد على مطالبهم، والإصرار على ضرورة تمثيلهم في المحافل الدولية كمجموعة العشرين، ومجموعة السبع، وأن يكون صوتهم مسموعاً. واغتنم رئيس دولة جزر القمر والرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي غزالي عثماني المناسبة ليطالب دول الشمال والأوروبيين بشكل عام بالتضامن مع أفريقيا ومساعدتها على مواجهة مشاكلها، محذراً إياها من تدفق موجات الهجرات على شواطئها. والتحذير نفسه أطلقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي قال في الجلسة نفسها: «إذا لم يجد الناس في أفريقيا الأمل والفرصة للحياة، فسوف يتجهون إلى أوروبا»، مشدداً في الوقت عينه على «المسؤولية الأخلاقية والسياسية» المترتبة على البلدان الأوروبية، ومحملاً إياها مسؤولية «الريادة».

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا (رويترز)

بيد أن الصوت الأكثر هديراً كان مصدره الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الذي شارك في مهرجان ليل الخميس قريباً من برج إيفل. ومما قاله هناك: «إنه يتعين على الذين لوثوا الكوكب (الغربيين) طيلة 200 عام هم الذين قاموا بثورتهم الصناعية، ولذا عليهم أن يسددوا الدين التاريخي المتوجب عليهم لكوكب الأرض».

كذلك استغل الجلسة ختامية لتصفية حساباته مع المؤسسات المصرفية الدولية التي وصفها بأنها «تتصرف بشكل غير لائق»، مسدداً سهامه للبنك الدولي ولصندوق النقد الدولي اللذين «لا يتجاوبان مع آمال الدول والشعوب»، معتبرا أنه «لم يعد بالإمكان التعاطي مع مؤسسات تتصرف بهذا الشكل». وبرأيه، فإن استمرار النهج الحالي سيعني أن «الفقراء سيزدادون فقراً والأغنياء ثراء». ودليله إلى ذلك أن ما لا يقل عن 900 مليون إنسان اليوم «يعانون من الجوع»، وأن «أعدادهم تتكاثر يوما بعد يوم». وأورد لولا حجة سمعت عدة مرات خلال يومي القمة، وهي أن الظروف التي ولدت خلالها هذه المؤسسات بعد عام 1945 بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي قد تغيرت، وتساءل الرئيس البرازيلي: «لماذا يتعين علينا استخدام الدولار في المعاملات التجارية وليس عملاتنا الوطنية؟ ولماذا لا يتغير عمل الأمم المتحدة التي شهدت ولادة دولة إسرائيل في عام 1948 بينما هي عاجزة اليوم عن استيلاد دولة فلسطين؟».

رئيس الكونغو: أحياناً يشعرنا الغرب بأننا شحاذون

لم يتردد رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو من التصويب على الغرب مذكراً بجائحة «كوفيد - 19» حيث عمدت الدول الغربية مسبقاً إلى شراء كافة اللقاحات التي تنتجها المختبرات الغربية، «بينما أفريقيا لم تحصل إلا على الفتات، والشعور الذي تملكنا أننا أصبحنا شحاذين، وأن حياة الإنسان الأفريقي لا تساوي حياة الغربي أو لا وزن لها إزاء جشع شركات الأدوية لتحقيق أرباح طائلة».

رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو (أ.ف.ب)

ولأن التشكيك بجدية الوعود الغربية هو الشعور الغالب لدى الأفارقة، فقد تساءل رئيس الكونغو: «منذ عام 2015، وعدنا بمائة مليار لأفريقيا لمحاربة الفقر والتغيرات المناخية التي نعاني منها أكثر من غيرنا، فأين أصبحت هذه المليارات؟». وأضاف: «لنضع الأموال على الطاولة ولننطلق في تنفيذ برامج بنى تحتية مفيدة مثل توفير الكهرباء حيث مئات الملايين من الأفارقة لا يتمتعون بها أو لنبني طرقاً ومواصلات تمكن التواصل بين البلدان والمدن الأفريقية وإذا فعلنا ذلك تكون قمتنا مفيدة».

ما يطالب به قادة الجنوب يلقى أصداء إيجابية لدى قادة الشمال. فالمستشار الألماني أولاف شولتز يتبنى تماماً الدعوة للانتقال من الكلام والوعود ومباشرة التنفيذ من غير تأخير، كما أنه يتقبل دعوة إصلاح البنك الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف، والحاجة لتوفير مصادر تمويل إضافية لها حتى تساعد على محاربة التغيرات المناخية والآثار المترتبة عليها، مشدداً على أهمية التعاون بين الشمال وما يسمى «الجنوب الشامل». وتوقف شولتز عند نقطتين مهمتين: الأولى، ضرورة معالجة الثورات المعدنية في أماكن استخراجها حتى تستفيد منها البلدان المنتجة محلياً. والثانية، ضرورة إيجاد مصانع الأسمدة في دول الجنوب، وحيث الحاجة لها ولا يكون تصنيعها محصوراً باقتصادات الشمال. وفي القمة، وجدت الصين نفسها في موقف دفاعي، ورد رئيس وزرائها لي كيانغ على الاتهامات المساقة ضد بلاده، مؤكداً أنها قامت بـ«جهود جبارة لمحاربة التغيرات المناخية». وتعد الصين والولايات المتحدة والهند الدول الثلاث الأكثر إنتاجاً لثاني أكسيد الكربون. كذلك وعد المسؤول الصيني بأن بلاده سوف تنخرط بشكل أكبر من أجل المناخ ومحاربة الفقر وتخفيف ديون الدول الفقيرة. وركز لي كيانغ على مساعي الصين للتخفيف من الاعتماد على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء. إلا أن الصين لم تلتزم بتحديد تاريخ للتوصل إلى الاقتصاد الأخضر عديم الكربون.

إصلاح صندوق النقد والبنك الدولي

لم يتردد الرئيس الفرنسي، مع نهاية القمة، في تأكيد وجود «إجماع تام» على الحاجة «لإصلاح عميق» للنظام المالي العالمي، مشيراً بالدرجة الأولى إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. بيد أن الصعوبة تكمن في أن الحديث عن الإجماع بقي في حيز العموميات، بل إنه لم يأت على تعيين المواضع التي يفترض أن تعالج أولاً، والجهات التي ستكون معنية بهذا الإصلاح. صحيح أن وزيرة المالية الأميركية التي مثلت البلد الأكثر تأثيراً في عملية الإصلاح في حال إتمامها، لم تتردد في الحديث عن الحاجة لـ«إعادة تشكيل المالية العالمية»، ونوهت بـ«الدينامية» التي نضحت بها القمة، إلا أنها بالمقابل، لم تذهب بعيداً في شرحها، منوهة بأن البنك الدولي سيرصد 50 ملياراً إضافية للتنمية و200 مليار قروضاً لمحاربة التغيرات المناخية والفقر وتوفير الاحتياجات الإنسانية الأخرى. كذلك نوهت بصندوق النقد وبما تم التوصل إليه من إعادة جدولة بعض ديون زامبيا، ولم تتردد في توجيه الشكر للصين لمساهمتها في إيجاد حل لمشكلة ديون زامبيا.

الرئيس الكيني ويليام روتو ممازحاً رئيس البنك الدولي أجاي بانغا خلال الجلسة الختامية (أ.ب)

ورأت المديرة العامة للصندوق كريستينا جيورجيفا أن «أولوية الصندوق» العمل على تليين شروط المديونية للدول التي عانت من صدمات حادة اقتصادية خارجية، وأن زامبيا أول الغيث وستتبعها تشاد وسيريلانكا ودول عديدة أخرى. ووعدت المسؤولة الدولية بتعجيل للجدول، ومنح الدول المدينة مهلاً أطول لتسديد ديونها. والجديد أنها ربطت بين المديونية والتغيرات المناخية، وتحدثت عن برنامج لمساعدة الدول التي تتعرض لكوارث بيئية. والإعلان المادي الوحيد يتناول التمكن من جمع مائة مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لأفريقيا، بفضل قبول عدد من الدول الصناعية على رأسها فرنسا بتحويل جزء من حقوقها الخاصة إلى أفريقيا التي لم تحصل بداية إلا على 34 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة. وعبر ماكرون عن «سعادته» بأن مبلغ المائة مليار قد توافر أخيراً.

أما رئيس البنك الدولي آيا بانغا، الذي كرر العديد من المرات، أنه لم يتسلم منصبه الجديد إلا منذ ثلاثة أسابيع، فقد بقي في التناول التقني لما يقوم به البنك متحدثاً عن «مجموعة آليات» لتوفير الليونة في تعامل البنك مع البلدان المدينة، ومنها تعليق استيفاء الديون «في الأوقات الصعبة»، والدفع باتجاه الطاقة المتجددة والتركيز على تمويل الأنشطة لمعالجة تبعات التغيرات المناخية.

ضريبة على النقل البحري

منذ ما قبل المؤتمر طرح الرئيس الفرنسي أفكاراً لتوفير مبالغ إضافية لغرض التصدي للتغيرات المناخية تتناول فرض ضرائب دولية على 3 قطاعات: النقل البحري والعمليات المالية وبطاقات السفر الجوية. والحال أنه في المحصلة، لم ترصد خلاصات القمة إلا قطاع النقل البحري؛ لأنه «الوحيد الذي لا تدفع عليه الضرائب»، وفق ما أكده الرئيس الفرنسي الذي استدرك قائلاً: «إذا لم تلحق بنا الولايات المتحدة والصين والدول الأوروبية الرئيسية، فإن الضريبة المذكورة ستكون بلا أثر». والحال أن لائحة الدول التي نشرها قصر الإليزيه لا تتضمن سوى 23 دولة، «من أصل مائة دولة كانت ممثلة في باريس»، وغابت عنها الولايات المتحدة والصين، ودول أوروبية كبرى مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا... ما يعني أن العمل بها سيحتاج لمعركة طويلة فيما اختفت الفكرتان الأخريان اللتان اقترحهما ماكرون. ومن نجاحات القمة التزام دول غنية وعدت بتقديم 2.5 مليار دولار للسنغال، لمساعدتها على الحد من اعتمادها على الطاقات الأحفورية، فيما يعتزم صندوق النقد الدولي زيادة تمويله للدول الفقيرة بمقدار مائة مليار دولار، إضافة إلى ما حصلت عليه زامبيا.


مقالات ذات صلة

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

تكنولوجيا تقدم «غوغل» التحديثات في الوقت الفعلي والخرائط التفاعلية وخدمات البث ومساعدي الذكاء الاصطناعي لمتابعي الأولمبياد (غوغل)

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

بمساعدة التكنولوجيا المتقدمة والمنصات الرقمية لـ«غوغل»، يمكن لمشجع أولمبياد باريس في جميع أنحاء العالم البقاء على اتصال واطلاع طوال المباريات.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

كوثر وكيل (باريس)
رياضة عالمية مركب البعثة الأولمبية اليونانية في نهر السين (أ. ف. ب)

إنطلاق العرض الافتتاحي لأولمبياد باريس في نهر السين

انطلق العرض الافتتاحي لأولمبياد باريس 2024، اليوم الجمعة، الساعة السابعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي (17:30 ت غ).

رياضة عالمية توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية يحمل شعلة أولمبياد باريس (أ.ف.ب)

توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية يحمل شعلة أولمبياد باريس

أكملت الشعلة الأولمبية مسيرتها داخل قرية الرياضيين بمساعدة عدد من اللاعبين الأساطير، إضافة إلى توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية رجل أمن يحاول إخراج مشجع مغربي إقتحم الملعب قبل نهاية المباراة أمام الارجنتين (ا ف ب)

فوضى مباراة المغرب والأرجنتين أمام الـ«فيفا»... وتحقيقات أولمبية

فتح منظمو دورة باريس الأولمبية تحقيقاً في الأسباب التي أدت إلى اقتحام مشجعين أرض الملعب، خلال المباراة الافتتاحية لبطولة كرة القدم للرجال، بين منتخبي المغرب.

«الشرق الأوسط» (باريس)

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.