جوازات سفر روسية «إلزامية» لأوكرانيين لـ«محو هويتهم»

تصدر روسيا منذ سنوات جوازات سفر في مناطق يسيطر عليها انفصاليون موالون لموسكو

قالت فكتوريا (43 عاماً) طالبة عدم ذكر اسمها كاملاً إنها رضخت في النهاية عندما احتاجت إلى تسجيل منزل وسيارة... إذ طلبت منها السلطات المعيّنة من موسكو وثائق روسية (أ.ف.ب)
قالت فكتوريا (43 عاماً) طالبة عدم ذكر اسمها كاملاً إنها رضخت في النهاية عندما احتاجت إلى تسجيل منزل وسيارة... إذ طلبت منها السلطات المعيّنة من موسكو وثائق روسية (أ.ف.ب)
TT

جوازات سفر روسية «إلزامية» لأوكرانيين لـ«محو هويتهم»

قالت فكتوريا (43 عاماً) طالبة عدم ذكر اسمها كاملاً إنها رضخت في النهاية عندما احتاجت إلى تسجيل منزل وسيارة... إذ طلبت منها السلطات المعيّنة من موسكو وثائق روسية (أ.ف.ب)
قالت فكتوريا (43 عاماً) طالبة عدم ذكر اسمها كاملاً إنها رضخت في النهاية عندما احتاجت إلى تسجيل منزل وسيارة... إذ طلبت منها السلطات المعيّنة من موسكو وثائق روسية (أ.ف.ب)

قبل فرارها من المنطقة التي كانت تسكنها واحتلتها قوات موسكو، تعرضت فكتوريا لضغوط للتقدم بطلب للحصول على جواز سفر روسي، وهي وسيلة تستخدمها روسيا لتعزيز قبضتها، لكن أيضاً لمحو الهوية الأوكرانية حسب خبراء.

ونبّهها جنود في الشارع إلى وجوب الحصول على جواز سفر روسي، وهو ضروري للاستحصال على الأوراق الرسمية، وسمعت قصصاً عن عمليات تحقق في البيوت تنتهي بترحيل الأشخاص الذين لا يملكون أوراق الهوية الروسية.

وتفرض موسكو جوازات سفرها في مسعى لتبرير احتلالها وتعزيز قبضتها، لكن أيضاً لمحو الهوية الأوكرانية، كما قال خبراء. وقالت فكتوريا (43 عاماً) طالبة عدم ذكر اسمها كاملاً لوكالة «الصحافة الفرنسية» (فرانس برس): «لم أرد القيام بذلك»، لكنها رضخت في النهاية عندما احتاجت إلى تسجيل منزل وسيارة؛ إذ طلبت منها السلطات المعيّنة من موسكو وثائق روسية.

بدأت فكتوريا الحصول على الترجمات الروسية المطلوبة لشهادتَي زواجها وميلادها الأوكرانيتين، لكن العملية لم تكتمل؛ إذ فرّت من شرق أوكرانيا في يناير (كانون الثاني). وقالت: «حتى لو حصلت على جواز سفر روسي، سأبقى أوكرانية. بالنسبة لي، لن يغير ذلك شيئاً».

وتصدر روسيا منذ سنوات جوازات سفر للأوكرانيين في مناطق دونباس (شرق) التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لموسكو، وكذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014، لكن منذ شن الرئيس فلاديمير بوتين اجتياحه قبل 15 شهراً، أصبحت حملة جوازات السفر أكثر عدوانية. وأصبحت مجموعة من الضروريات الروتينية مثل الحصول على منافع حكومية أو على وظيفة أو الاحتفاظ بها وطلب علاج طبي، تتطلب وثائق روسية، على ما أوضح خبراء وسكان لوكالة «فرانس برس».

حتى إن بوتين وقّع في أبريل (نيسان) مرسوماً يسمح بترحيل الأوكرانيين من سكان المناطق المحتلة إذا لم يحصلوا على جواز سفر روسي بحلول الأول من يوليو (تموز) 2024. وقالت أليونا (40 عاماً) لـ«فرانس برس» طالبة عدم ذكر اسمها: «هناك طوابير انتظار أمام مكاتب جوازات السفر». وأضافت: «ذهب أصدقائي أخيراً بحلول الساعة الثامنة صباحاً وكان هناك 48 شخصاً ينتظرون فتح مكتب الجوازات. يبدأ الناس الوقوف في طوابير ليلاً».

وأوضحت أليونا التي تعيش في منطقة دونيتسك، أنها حصلت على جواز سفر من الانفصاليين الموالين لروسيا في عام 2020، لكنها لم تستخدمه حتى الآن. وأضافت: «الآن هناك حاجة إلى جواز سفر روسي في كل مكان».

وأواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، قالت موسكو إنها منحت 80 ألف جواز سفر منذ ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال حاكم منطقة لوغانسك (شرق) سيرغي غايداي لوكالة «فرانس برس»، إن موسكو استخدمت جوازات السفر في محاولة لدعم ادعائها بأنها غزت أوكرانيا لحماية الناطقين بالروسية، لكنّه أضاف أن جوازات السفر كانت اختيارية إلى حد ما في الأشهر الأولى من الاحتلال وأصبحت إجبارية لاحقاً.

وأشار إلى أن «الحصول على جواز سفر روسي قسراً والحصول على جواز سفر طوعاً هما موقفان مختلفان».

واتخذت منظمات إنسانية موقفاً يحد من الضرر المرتبط بهذه القضية، قائلة إن الناس يحتاجون إلى البقاء على قيد الحياة، وأحياناً تكون جوازات السفر الروسية جزءاً من ذلك. وقال ميخايلو فومينكو، وهو محامٍ في «دونباس إس أو إس»، وهي منظمة غير حكومية: «نعلم أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأفراد ما زالوا يتلقونها (جوازات السفر) تحت التهديد والعنف». وأضاف: «عندما ينتهي الأمر، ستُحذَف جوازات السفر هذه من حياتنا وستُنسى».

على أي حال، ستبقى المعلومات البيومترية والشخصية والعائلية لأصحابها في حوزة روسيا، وهي نعمة لقواتها الأمنية. وتُستخدم المعلومات أيضاً كقائمة جاهزة لتجنيد الرجال في المجهود الحربي الروسي.

من جهته، قال الاتحاد الأوروبي إنه لن يعترف بجوازات السفر الروسية الصادرة في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو. وهذه الخطوة التي تغطي أيضاً منطقتين يسيطر عليهما الكرملين في جورجيا، تعني أن وثائق السفر الروسية الممنوحة لسكان تلك المناطق لا يمكن استخدامها للحصول على تأشيرات أو دخول منطقة «شنغن».

بغض النظر عن الآثار العملية لجوازات السفر، يعتبر بعض الحقوقيين أن إصدارها هجوم جوهري. وقالت ألينا لونوفا المسؤولة في منظمة «زمينا» الأوكرانية لحقوق الإنسان: «إنهم يريدون محو الهوية الأوكرانية».


مقالات ذات صلة

اشتعال خزانين للمنتجات النفطية بعد هجوم أوكراني على ميناء تيمريوك الروسي

أوروبا أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)

اشتعال خزانين للمنتجات النفطية بعد هجوم أوكراني على ميناء تيمريوك الروسي

اشتعلت النيران، اليوم (الخميس)، في خزانين للمنتجات ‌النفطية ‌في ‌ميناء ⁠تيمريوك ​بجنوب ‌روسيا بعد ما قالت السلطات المحلية في ⁠منطقة كراسنودار ‌إنه ‍هجوم ‍أوكران

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

فاضل النشمي (بغداد)
أوروبا 
مواطن أوكراني يتفقد نتائج ضربة روسية في زابوريجيا جنوب شرقي أوكرانيا يوم 19 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

انفتاح أوكراني مشروط على تسوية في دونباس

في تطوّر لافت على مسار مفاوضات إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، أكّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، استعداده لسحب القوات من منطقة دونباس،

«الشرق الأوسط» ( لندن)
أوروبا عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب) play-circle

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

كشف «المركز الروسي لدراسات الرأي العام» لاستطلاعات الرأي، اليوم (الأربعاء)، أن غالبية الروس يتوقعون انتهاء الحرب في أوكرانيا عام 2026.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي في كييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

أكّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، استعداده لسحب القوات من منطقة دونباس إذا سحبت روسيا قواتها أيضاً، وإذا تحوّلت إلى «منطقة منزوعة السلاح».

«الشرق الأوسط» (كييف)

ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

 وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)
وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

 وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)
وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)

دعت وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان إلى تكثيف الجهود الدولية لإنهاء الصراع في السودان، واصفة إياه بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، ومحذرة من أنه يجب ألا يغفل أو يهمل.

وقالت رادوفان، في تصريحات لمجموعة «فونكه» الإعلامية الألمانية، نُشرت الأربعاء: «التقارير والصور التي تصلنا مقلقة ومفزعة للغاية».

وأشادت بالدول المجاورة لدعمها ملايين الأشخاص الذين فروا من السودان منذ اندلاع القتال، لكنها شددت على أن المساعدات الإنسانية وحدها غير كافية.

وأضافت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية: «نحن بحاجة ملحة إلى حل سياسي، يبدأ بوقف إطلاق نار مستقر... هذا لن يتحقق من تلقاء نفسه في هذه الحرب الأهلية المروعة، بل يتطلب دعماً فورياً وأكبر من المجتمع الدولي». وحذرت من أن الصراع يجب ألا يُنسى.

ويشهد السودان حرباً منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية. ووصفت الأمم المتحدة هذا النزاع بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث نزح نحو 12 مليون شخص، ويواجه نصف السكان خطر الجوع.

وعلى الرغم من حجم الكارثة، حظي السودان باهتمام دولي أقل بكثير مقارنة بنزاعات أخرى مثل الحرب في غزة.


قاذفات روسية تنفّذ رحلة «مقررة» شمال إسكندنافيا

قاذفات القنابل الاستراتيجية الروسية من طراز «توبوليف تو - 95 إم إس» تحلق فوق الكرملين والساحة الحمراء في وسط موسكو في 9 مايو 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)
قاذفات القنابل الاستراتيجية الروسية من طراز «توبوليف تو - 95 إم إس» تحلق فوق الكرملين والساحة الحمراء في وسط موسكو في 9 مايو 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

قاذفات روسية تنفّذ رحلة «مقررة» شمال إسكندنافيا

قاذفات القنابل الاستراتيجية الروسية من طراز «توبوليف تو - 95 إم إس» تحلق فوق الكرملين والساحة الحمراء في وسط موسكو في 9 مايو 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)
قاذفات القنابل الاستراتيجية الروسية من طراز «توبوليف تو - 95 إم إس» تحلق فوق الكرملين والساحة الحمراء في وسط موسكو في 9 مايو 2020 (أرشيفية - أ.ف.ب)

أجرت قاذفات روسية ذات قدرات نووية رحلة «مقررة» فوق بحري النرويج وبارنتس، ما دفع «طائرات مقاتلة تابعة لبلدان أجنبية» لمرافقتها، بحسب ما نقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع.

ولم يتضح تاريخ تحليق قاذفات «تو – 95» ولا البلدان التي نشرت طائرات للمراقبة.

وقالت الوزارة إن «قاذفات (تو – 95 إم إس) الاستراتيجية الروسية وناقلات صواريخ نفّذت رحلة مقررة فوق المياه المحايدة لبحري بارنتس والنرويج»، في إشارة إلى البحرين الواقعين شمال إسكندنافيا وشمال غربي روسيا، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضافت: «في مراحل معيّنة من الطريق، رافقت طائرات مقاتلة تابعة لبلدان أجنبية القاذفات بعيدة المدى».

وذكرت الوزارة أن رحلات من هذا النوع تجري مراراً في العديد من المناطق وهي متوافقة مع القانون الدولي.

وفي وقت سابق هذا الشهر، انتقدت كوريا الجنوبية واليابان رحلات قامت بها طائرات عسكرية روسية وصينية قرب أراضيها ودفعتها لإطلاق مقاتلات.

وبحسب طوكيو، حلّقت قاذفتان روسيتان من طراز «تو – 95» من بحر اليابان ورافقتا قاذفات صينية من طراز «إتش – 6» في بحر الصين الشرقي في رحلة مشتركة حول البلاد.


اشتعال خزانين للمنتجات النفطية بعد هجوم أوكراني على ميناء تيمريوك الروسي

أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)
أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)
TT

اشتعال خزانين للمنتجات النفطية بعد هجوم أوكراني على ميناء تيمريوك الروسي

أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)
أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)

اشتعلت النيران، اليوم (الخميس)، في خزانين للمنتجات ‌النفطية ‌في ‌ميناء ⁠تيمريوك ​بجنوب ‌روسيا بعد ما قالت السلطات المحلية في ⁠منطقة كراسنودار ‌إنه ‍هجوم ‍أوكراني بمسيرات.

وذكرت السلطات ‍في مقر قيادة العمليات في ​كراسنودار، عبر تطبيق «تيليغرام»، أن ⁠ألسنة اللهب انتشرت على مساحة تبلغ حوالي ألفي متر مربع.