حرب أوكرانيا ترغم «الأطلسي» على مراجعة أنظمته الدفاعية

تدريبات «العاصفة الربيعية» لنشر القوات بسرعة كبيرة في مهلة قصيرة جداً

تدريب على الإنزال الجوي لمشاة البحرية الفرنسية، السبت الماضي (أ.ف.ب)
تدريب على الإنزال الجوي لمشاة البحرية الفرنسية، السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

حرب أوكرانيا ترغم «الأطلسي» على مراجعة أنظمته الدفاعية

تدريب على الإنزال الجوي لمشاة البحرية الفرنسية، السبت الماضي (أ.ف.ب)
تدريب على الإنزال الجوي لمشاة البحرية الفرنسية، السبت الماضي (أ.ف.ب)

تجري دول الحلف الأطلسي تدريبات في إستونيا، تتضمن شن هجوم محمول جواً لقوات أميركية، وعملية إنزال ليلية لعناصر من مشاة البحرية البريطانية، وإنزال وحدات كوماندوز من المظليين الفرنسيين، في ظل الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، منذ فبراير (شباط) 2022.

والرسالة من هذه المناورات على الخاصرة الشرقية للحلف واضحة، لخّصها اللفتنانت كولونيل إدوارد بروس، قائد القوات الفرنسية المنتشرة في إستونيا والمشاركة في تدريبات «العاصفة الربيعية»، بأن هذه المناورات «مفادها أن بإمكاننا نشر قواتنا بسرعة كبيرة في مهلة قصيرة جداً».

وبعد 15 شهراً على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وقبل حوالي شهر من قمة قادته في فيلنيوس، يعزز الحلف دفاعاته ويعدل خططه لحماية جميع أعضائه.

وأعلن القائد الأعلى للحلف الأطلسي في أوروبا الجنرال الأميركي كريستوفر كافولي هذا الشهر أن «هذا التغيير يجب أن يجعل الحلف قادراً على تنفيذ عمليات واسعة النطاق للدفاع عن كل شبر من أراضيه».

وأكد رئيس قسم تخطيط السياسات في وزارة الدفاع الإستونية، كريستيان ماي: «عاد الدفاع الجماعي المهمة الأبرز، وعلينا أن نكون متأهبين».

مجموعات تكتيكية وألوية

وردّ الحلف على غزو أوكرانيا بنشر 4 «مجموعات تكتيكية» جديدة في سلوفاكيا والمجر ورومانيا وبلغاريا، إضافة إلى 4 مجموعات شكّلها في بولندا ودول البلطيق الثلاث، إثر الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014.

وتعتزم دول الحلف الآن تعزيز عدد قواتها المنتشرة في دول البلطيق وبولندا، لتصبح بحجم لواء، ما يعني حشد آلاف الجنود الإضافيين «متى تدعو الضرورة».

جندي إستوني ينظم حركة المركبات في قاعدة عسكرية، السبت الماضي (أ.ف.ب)

وفي إطار هذه الخطة، تخزَّن المعدات العسكرية، التي يستدعي نقلها عملية طويلة ومعقدة، مسبقاً في دول شرق الحلف. ويتم تكثيف التدريبات، على غرار «العاصفة الربيعية»، لمساعدة القوات الحليفة على التواصل والعمل معاً بشكل أفضل والتعرف على الميدان بصورة أكبر.

عملياً، ستُبقي بريطانيا، التي تقود المجموعة التكتيكية للحلف الأطلسي في إستونيا، قوات في حال تأهب في قواعدها الأصلية استعداداً لتعزيز القوات البريطانية والفرنسية المنتشرة ميدانياً، وعددها حوالي 1000 جندي.

وقال العميد البريطاني، جيل هاريس، قائد قوة الحلف الأطلسي في إستونيا: «المطلوب هنا إجراء تغيير أساسي، (طبقة إضافية) من القدرات لتعزيز القوة الموجودة على الأرض قبل اندلاع نزاع».

وإن كانت إستونيا تبدي ارتياحها لهذا النموذج، فإن ليتوانيا المجاورة تود أن ينشر الحلف الأطلسي قوات إضافية ميدانياً بصورة دائمة، ولا تزال تتباحث مع شريكتها الرئيسية ألمانيا حول سبل تحقيق ذلك.

وتعزز عمليات الانتشار هذه جيوشَ الدولِ الواقعة على خط الجبهة، وتشكل نقطة الدفاع المتقدمة للحلف.

وسيساهم انضمام فنلندا، وبعده انضمام السويد المرتقب في المستقبل، في تعزيز الخاصرة الشرقية للحلف.

ويفترض أن يصادق قادة الحلف في فيلنيوس على خطط أكثر تفصيلاً توضح كيفية الدفاع عن كل منطقة في حال تعرضها لهجوم، مع ذكر عدد القوات و«الدول الأصل»، ومواقع الانتشار.

ويعتزم الحلف تشكيل قوة من 300 ألف جندي، تكون جاهزة للانتشار في مهلة 30 يوماً.

الانتقال من الخطة على الورق إلى الميدان

وستتطلب عمليات الانتشار الجديدة هذه حتماً مبالغ مالية وموارد وقوات، والسؤال المطروح هنا يتعلق بمدى استعداد الدول الحليفة للمساهمة مالياً.

وقبل انعقاد قمة فيلنيوس، تبحث دول الحلف التزاماً جديداً يهدف إلى رفع نسبة نفقات الدفاع من أصل إجمالي الناتج المحلي.

وحدها 7 دول أعضاء حققت هدف 2 بالمائة من الإنفاق العسكري المحدد بحلول العام 2024، وستسعى قمة فيلنيوس إلى تحويل هذه النسبة إلى حد أدنى، بدل أن تكون سقفاً.

وتود إستونيا، التي لطالما اعتبرت روسيا بمثابة تهديد وجودي، أن يتعهد حلفاؤها بتخصيص 2.5 بالمائة من إجمالي ناتجهم المحلي للدفاع، وتدعو إلى ترجمة الاستراتيجيات الدفاعية الجديدة على أرض الواقع فور الإمكان.

وقال وزير الدفاع الإستوني، هانو بيفكور، خلال المناورات، إن «امتلاك خطط جيدة على الورق أمر، وجعلها قابلة للتنفيذ والتحقيق أمر آخر»، مضيفاً: «هذا هو التحدي لنا جميعاً».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».