مزيد من السلاح الغربيّ لأوكرانيا

تبلغ قيمة المساعدات العسكريّة الألمانية لأوكرانيا نحو 2.93 مليار دولار تشمل 30 دبابة «ليوبارد» (أ.ف.ب)
تبلغ قيمة المساعدات العسكريّة الألمانية لأوكرانيا نحو 2.93 مليار دولار تشمل 30 دبابة «ليوبارد» (أ.ف.ب)
TT

مزيد من السلاح الغربيّ لأوكرانيا

تبلغ قيمة المساعدات العسكريّة الألمانية لأوكرانيا نحو 2.93 مليار دولار تشمل 30 دبابة «ليوبارد» (أ.ف.ب)
تبلغ قيمة المساعدات العسكريّة الألمانية لأوكرانيا نحو 2.93 مليار دولار تشمل 30 دبابة «ليوبارد» (أ.ف.ب)

إذا كانت الاستراتيجية هي الفعل الذي يربط الأهداف بالوسائل، فإن الحرب الأوكرانية هي المثل الواضح لهذا التحديد. وإذا رأى البعض أن الحرب الأوكرانية هي نقطة الذروة لحياة النظام العالمي الذي أنتجته الحرب العالمية الثانية، فهذا أمر صحيح. وإذا رأى البعض أن العالم سيكون بعد الحرب الأوكرانية هو غير ما كان عليه قبلها، فهذا أيضاً أمر صحيح. فالحرب الأوكرانية تشكّل نقطة الانحراف للنظام القديم. فقد يمكن القول إن المؤشر الأساسي لمرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية مرتبط مباشرةً بنتيجة هذه الحرب، وكيف ستنتهي، ومن سيكون الرابح والخاسر، هل ستكون نهاية الحرب على شاكلة الحرب الكورية؟ ومتى سيقتنع الفرقاء بالجلوس إلى طاولة التفاوض، في الوقت الذي يرى كلّ فريق أنه قادر على هزيمة الآخر؟ ماذا يريد الأميركي من الحرب الأوكرانيّة؟ هل يريد تحجيم روسيا؟ هل يريد استنزاف كل القدرات العسكريّة الروسيّة، لكن دون إذلال الرئيس بوتين كي لا يلجأ هذا الأخير إلى الخيار النوويّ؟

هل تريد إدارة بايدن إظهار وإثبات ما قاله الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مرّة عن روسيا أنها «دولة كبرى لكن إقليميّة»؟

الرئيس الأسبق باراك أوباما مع المستشار الألماني أولاف شولتس (إ.ب.أ)

هل تريد أميركا والغرب استغلال أوكرانيا لتكون المنطقة العازلة مع روسيا؟ هل يمكن للرئيس الأوكراني تحقيق حلمه بتحرير كل الأرض الأوكرانيّة؟ وهل يمكن في المقابل للرئيس بوتين استكمال أهدافه الكبرى عبر السيطرة على كل أوكرانيا؟

إن المشترك بين الرئيس بوتين والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي هو أن الاثنين يُحددان نظرية النصر على الشكل التالي: «النصر الشامل والكامل». لكن لهذه النظرية عيوب كثيرة أهمّها حتى الآن أن الرئيس بوتين استنزف أهم قدرات جيشه التقليدية، ولم يبقَ لديه سوى البعد النووي لتحقيق الأهداف التي وضعها قبيل حربه على أوكرانيا. وبذلك تكون وسائل الرئيس بوتين قليلة نسبياً مقارنةً مع الأهداف الموضوعة. فالاستراتيجيّة في كنهها تفضّل التوازن بين الأهداف والوسائل.

من الجهة الأخرى، يريد الرئيس زيلينسكي استرداد كل الأراضي الأوكرانية من الرئيس بوتين، ضمناً شبه جزيرة القرم. لكن العيب في هذا القرار السياسي هو أنه لا يتماشى ويتوازن مع الوسائل العسكريّة. خصوصاً أن هذه الوسائل ومدى توافرها، هو أمر متعلّق مباشرةً بإرادة الغير، وبالتحديد أميركا وأوروبا من بعدها. وهذا الأمر يضع الرئيس زيلينسكي في مأزق استراتيجي لا يُحسد عليه. بكلام آخر، يرتبط نجاح استراتيجية الرئيس زيلينسكي مباشرةً بإرادة خارجية. فماذا لو تضاربت المصالح في مرحلة ما من الحرب بين زيلينسكي والغرب؟

هل يمكن للرئيس الأوكراني تحقيق حلمه بتحرير كل الأرض الأوكرانيّة؟ (أ.ب)

المعضلة الأمنيّة

ببساطة، تتمثّل المعضلة الأمنيّة على الشكل التالي: في العلوم السياسية، عندما تحاول دولة ما (أ) تعزيز وضعها الأمني عبر إجراءات معيّنة، تؤدّي هذه الإجراءات إلى ردّ فعل مماثل من دول أخرى (ب) لتحسين وضعها الأمني أيضاً. وبذلك، وبدل أن تحسّن الدولة (أ) وضعها الأمني، تكون (أ) قد خلقت ظروفاً مختلفة يتراجع فيها أمنها الخاص، بدل أن يتحسّن.

هذا هو الوضع في أوكرانيا اليوم. أمن زائد لأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، يعني للرئيس بوتين أمناً أقلّ لروسيا. وأمن زائد روسي يعني أمناً أقل لكل من أوكرانيا وحلف الناتو. هذا مع التذكير بأن حرب الرئيس بوتين هي حرب في البدء على الغرب وحلف الناتو.

ماذا يريد الأميركي من الحرب الأوكرانيّة؟ هل يريد تحجيم روسيا؟ هل يريد استنزاف كل القدرات العسكريّة الروسيّة، لكن دون إذلال الرئيس بوتين كي لا يلجأ إلى الخيار النوويّ؟ (أ.ف.ب)

السلاح من الغرب لأوكرانيا

حتى الآن، خصصت أميركا أكثر من 31 مليار دولار أميركي كمساعدات أمنيّة لأوكرانيا. تليها بريطانيا في قيمة المساعدات العسكرية. ومؤخراً، قررت ألمانيا أن تكون الدولة الثالثة في ترتيب الدول في قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا. تبلغ قيمة المساعدات العسكريّة الألمانية نحو 2.93 مليار دولار، تشمل هذه المساعدات: 30 دبابة ليوبارد، و4 منظومات دفاع جوّي، بالإضافة إلى مدفعية ميدان مع ذخيرة لها، وعربات مدرعة. وفي الوقت نفسه، قررت بريطانيا تزويد أوكرانيا بصواريخ «كروز» من نوع «ستورم - شادو»، مع مدى يصل إلى 250 كلم، ورأس حربي يزن نحو 450 كلغ.

فهل لهذا علاقة بالهجوم الأوكراني المُرتقب؟ بالطبع. وهل ستشعر روسيا بتأثير المعضلة الأمنيّة؟ بالطبع نعم. وهل يُفسَّر القصف الأخير على كييف بأنه عملية استباق واستنزاف للقدرات الأوكرانيّة الجويّة؟ بالطبع. هذا مع التذكير بأن في الحرب الأوكرانية، كان لكلّ مرحلة سلاحها الخاص. فمن المرحلة الأولى، مع صاروخ «جافلين»، و«ستينغر»، إلى «هايمارس» مع المرحلة الثانية. وصلنا الآن إلى دبابات القتال الرئيسّية، ومنظومة «باتريوت»، و«ستورم شادو» صواريخ الكروز بعيدة المدى.

الحرب إلى أين؟

الكلّ يتجنب التصعيد النووي. أميركا والغرب لا يريدان إحراج بوتين كي لا يذهب إلى النووي. والرئيس بوتين يفضّل الردع النووي والتخويف به بدل الذهاب إلى استعماله، خصوصاً أن حليفه الصينيّ كان قد حذّره. وبذلك يبقى السيناريو التالي: حتميّة تحقيق أوكرانيا نصراً محدوداً ممكن تسويقه في الداخل والخارج الأوكراني على أنه إنجاز، لكن وبشكل ألا يُفسّر روسيّاً على أنه هزيمة نكراء لبوتين. إذاً سيبقى الرئيس بوتين في أغلب الأقاليم الأربعة التي ضمّها، ضمناً شبه جزيرة القرم.

ولتعويض أوكرانيا، يقترح البعض التفاوض معها من حلف الناتو لإعطائها حالة خاصة ضمن تركيبة الحلف تقوم على ما يلي: تسليحها، وتدريبها إلى درجة تردع الرئيس بوتين اليوم، وأي رئيس بعده عن العودة إلى الحرب ضدّها. لكن دون التعهّد بتطبيق البند الخامس من معاهدة حلف الناتو.


مقالات ذات صلة

روسيا تحاكم أميركياً عمره 72 عاماً بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا

أوروبا ضابط من الشرطة الروسية - أرشيفية (رويترز)

روسيا تحاكم أميركياً عمره 72 عاماً بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا

يحاكم أميركي في الـ72 من العمر منذ الجمعة في موسكو بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا، على ما أفادت به وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية للأنباء التي حضرت الجلسة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم فولوديمير زيلينسكي يصافح كامالا هاريس (رويترز)

هاريس: تنازل أوكرانيا عن أراض هو صيغة للاستسلام وليس السلام

أكّدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التي تتنافس مع دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن «دعمها للشعب الأوكراني راسخ».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

واشنطن: تهديدات بوتين النووية الجديدة «غير مسؤولة على الإطلاق»

عدَّ وزير الخارجية الأميركي، الخميس، التهديدات الجديدة للرئيس الروسي بشأن الأسلحة النووية «غير مسؤولة على الإطلاق»، بعد إعلانه خططاً لتوسيع استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)

وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

وضعت روسيا برنامجاً للأسلحة في الصين لتطوير وإنتاج طائرات مسيّرة هجومية بعيدة المدى؛ لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)
TT

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)

أفاد تقييم أولي لخدمة «كوبرنيكوس» للتغير المناخي، التابعة للاتحاد الأوروبي، بأن درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في منطقة جنوب شرقي أوروبا.

وأشارت خدمة «كوبرنيكوس»، الخميس، إلى أن السكان في المنطقة تعرضوا لـ«إجهاد حراري شديد» -وصلت درجة الحرارة القصوى المحسوسة اليومية إلى 32 درجة مئوية على الأقل- على مدار 66 يوماً بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب).

وكان هذا العدد هو الأكبر من الأيام حتى الآن، والتي شهدت مثل هذا الإجهاد الحراري في جنوب شرقي أوروبا، حيث بلغ المتوسط 29 يوماً.

وأضافت خدمة «كوبرنيكوس» أن المناطق في جنوب شرقي أوروبا وفي فينوسكانديا -شبه الجزيرة التي تشمل الدول الإسكندنافية وفنلندا وشبه جزيرة كولا التابعة لروسيا- سجلت درجات حرارة قياسية.

لكن، في شمال غربي أوروبا، كان متوسط درجات الحرارة في الفترة من يونيو إلى أغسطس قريبة من المتوسط أو أقل منه.

وأفادت النتائج الأولية بأن البحر المتوسط وصل أيضاً إلى أعلى مستوى قياسي؛ حيث بلغ متوسط درجة الحرارة على سطح الماء في كامل حوض البحر 28.45 درجة مئوية في 13 أغسطس.

وقالت سامانثا بورجيس، نائبة مدير خدمة «كوبرنيكوس»: «إن درجات الحرارة القصوى في مناطق مثل جنوب شرقي أوروبا تؤثر على سلامة الأوروبيين، حيث يعاني المواطنون في هذه المنطقة من إجهاد حراري أكثر من أي وقت مضى».

وكان هناك أيضاً تباين صارخ في هطول الأمطار بين مختلف المناطق في أوروبا.

وسجلت معظم مناطق القارة -خصوصاً منطقة الجنوب الشرقي- أعداداً أقل من المتوسط من الأيام الممطرة.

وفي مناطق أخرى، منها شمال المملكة المتحدة وفينوسكانديا ودول البلطيق، كان هناك ما يصل إلى 20 يوماً ممطراً أكثر من المتوسط.

وكانت مستويات المياه في أكثر من ثلث الأنهار الأوروبية (35 في المائة) -خصوصاً في جنوب شرقي أوروبا- منخفضة للغاية. وعلى النقيض، كانت مستويات المياه في الأنهار في أجزاء كبيرة من أوروبا الوسطى مرتفعة بشكل استثنائي في هذا الوقت من العام.