أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب «لم يعد شريكاً يتمتع بالحد الأدنى من المصداقية في أي مفاوضات لتسوية الملفات المتفاقمة»، ودافع عن موقف بلاده، مؤكداً أنها «كانت دائماً منفتحة على الحوار»، لكن الجانب الأوكراني «أغلق كل مجالات لمفاوضات سياسية»، في حين بدأ المبعوث الصيني لي هوي يبحث الأربعاء في كييف «تسوية سياسية» للحرب، خلال زيارة ينتظرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهدف رؤية الصين تستخدم نفوذها على روسيا، في خضم تلقيه وعوداً جديدة بأسلحة غربية.
وقال لافروف الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي سيرغي آلينك إنه «سئم من تكرار التعليق على مزاعم الغرب بأن موسكو غير مهتمة بالحوار مع كييف»، وزاد أن (الرئيس الأوكراني فولوديمير) «زيلينسكي يرفض التحدث مع موسكو، بل إنه حظر مثل هذه المفاوضات بموجب القانون».
وزاد أن كييف سارت خطوات عدة لعرقلة كل احتمال لإطلاق مفاوضات جادة مع موسكو، و«عندما نسمع اتهامات من واشنطن وبروكسل ولندن بأن روسيا ليست مهتمة على الإطلاق بأي مبادرات سلام، فإن هذا الأمر لم يعد يحتاج إلى تعليق».
وتساءل لافروف قبل ذلك في مقابلة صحافية عن مدى جدية موقف الغرب الذي يعلن أنه «سيقبل ما سيكون مقبولاً لزيلينسكي» وزاد «حسناً، هذا كل شيء دعونا ندع الذيل يهز الكلب، كما حدث أكثر من مرة».
ورأى لافروف أن تحركات القادة الأوروبيين تظهر مدى «عجزهم وتبعيتهم للولايات المتحدة»، معرباً عن قناعة بأن «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ربما يتفهم مدى عجزه، ويشعر بالتبعية للولايات المتحدة، إلا أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً».
وزاد أن تحركات الرئيس الفرنسي والقادة الأوروبيين تشبه المقولة بأن «صياح الديك لا يجلب الصباح»، مشيراً إلى أنه «يظن أن ماكرون غير مرتاح لتبعية أوروبا للولايات المتحدة، ورغبته في الاستقلال الأوروبي عن سياساتها، وله لذلك الشرف والثناء، إلا أنه لن يستطيع أن يفعل شيئاً حيال ذلك».
في السياق ذاته، قال الوزير الروسي إن بلاده «لن تثق بعد الآن بالغرب كشريك يتمتع بالحد الأدنى من قابلية التفاوض»، لكنه استدرك أن «روسيا، في الوقت نفسه، سوف تعمل مع بقية العالم». مشيراً إلى أن الموقف من الغرب ليس جديداً لأنه «حتى قبل انطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، كان الغرب متورطاً في الحماية الحصرية لنظام كييف بدلاً من الانخراط بشكل حقيقي في الجهود الدبلوماسية».
واتهم لافروف الغرب بأنه «يواصل تصعيد الموقف في أوكرانيا بهدف القضاء على روسيا»، وعلق على اتهام موسكو بأنها أدارت ظهرها للغرب بالإشارة إلى أنه «لم يدر أحد ظهره لأحد، أو بالأحرى فقد ابتعد الغرب نفسه، وداس على مصالحه بنفسه»، مشيراً إلى أن تراجع التصنيع في أوروبا يسير بوتيرة هائلة بسبب العقوبات ضد روسيا، وتدخل الولايات المتحدة في اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، وزاد أن دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية تشتكي حالياً من أن الغرب «أرهقها» بمطالباته الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا.
يبحث المبعوث الصيني لي هوي، الأربعاء، في كييف في «تسوية سياسية» للحرب في أوكرانيا. وقال مسؤول أوكراني رفيع المستوى لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إن «من المحتمل حدوث لقاء بعد الظهر» بين الرئيس الأوكراني ولي هوي. وسيكون هذا اللقاء الأول بين زيلينسكي الذي يحث بكين على الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤول صيني كبير، منذ بدء الحرب في 24 فبراير (شباط) 2022. وأكدت بكين أن الممثل الخاص للشؤون الأوراسية والسفير الصيني السابق في موسكو لي هوي سيناقشان «التسوية السياسية» للنزاع الأوكراني خلال جولة أوروبية تشمل بولندا وفرنسا وألمانيا وروسيا. ولم تصدر الصين، حليفة روسيا المقربة، علناً أي إدانة للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا؛ وذلك خلافاً لغالبية القوى الدولية العظمى. ونشرت بكين في فبراير وثيقة من 12 نقطة تهدف إلى وضع حدّ للحرب في أوكرانيا، ودعت إلى الحوار واحترام سيادة جميع الدول. وانتقدت دول غربية الوثيقة لصيغتها الغامضة. وزار الرئيس الصيني شي جينبينغ موسكو في مارس (آذار)، مقدّماً دعماً رمزياً لبوتين في مواجهة الدول الغربية. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودنكو قوله مساء الثلاثاء «في نهاية الشهر سيزورنا (السيد هوي)»، من دون أن يذكر موعداً محدداً. وأكد أن «الفكرة هي إطلاع هذه الدول على المقترحات الصينية لسياسة التسوية في أوكرانيا والاستماع إلى آراء وتعليقات المحاورين المعنيين».
وطلبت الصين من سفارات ومنظمات دولية عدة في بكين عدم عرض «دعاية مسيّسة» على مبانيها، وهو ما قال دبلوماسيون إنه يستهدف على ما يبدو البعثات التي رفعت الأعلام الأوكرانية على مبانيها. ورفعت بعثات أجنبية عدة في الصين العلم الأوكراني أو علقت ملصقات له أو عرضته باستخدام الأضواء. وقالت وزارة الخارجية الصينية في إخطار بتاريخ العاشر من مايو (أيار) «لا تستخدموا الجدران الخارجية لمنشآت البناء لعرض دعاية مسيّسة لتجنب إثارة الخلافات بين الدول». وكان الإخطار، الذي اطلعت «رويترز» على نسخة منه موجهاً «للسفارات كافة ومكاتب تمثيل المنظمات الدولية في الصين». ولم تشر الوزارة في الإخطار إلى الأعلام الأوكرانية أو أي عرض محدد «للدعاية»، لكن أربعة دبلوماسيين في بكين تحدثوا إلى «رويترز»، شريطة عدم ذكر أسمائهم، قالوا إنه يرتبط بوضوح بمظاهر التضامن مع أوكرانيا. وتم تشويه ملصق للعلم الأوكراني على الجدار الخارجي للسفارة الكندية في بكين بكتابات مناهضة لحلف شمال الأطلسي. كما عرضت بعثات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وبولندا في بكين صوراً للأعلام الأوكرانية.
ميدانياً، أعلن القائد العسكري في إقليم لوغانسك أندريه ماروتشكو، أن القوات الأوكرانية سرّعت تحركاتها لحشد قوات ومعدات إضافية حول باخموت. وقال ماروتشكو، نقلاً عن مصادر مطلعة «في جزء من منطقة مينكوفكا - تشاسوف يار، تم رصد تحركات عسكرية، أعداد كبيرة من الآليات العسكرية محمّلة بالأسلحة والذخيرة والأفراد على طول الطرق». وأوضح أن «هناك إمداداً منتظماً لوحدات أوكرانية جديدة على هذا المحور، لكن نظراً لتكبدها خسائر باستمرار، يظل عدد الوحدات نفسه تقريباً».
وكان رئيس دونيتسك دينيس بوشيلين، المعيّن من جانب موسكو، قال في وقت سابق إن الجيش الأوكراني نقل المزيد من الحشود الإضافية إلى أطراف مدينة باخموت، وسط تضارب المعطيات الروسية والأوكرانية عن سير العمليات القتالية فيها. وتقول موسكو إنها تواصل تحقيق تقدم في وسط المدينة بينما تحدثت كييف عن اختراقات واسعة على أطرافها. وكانت موسكو تحدثت عن زج وحدات قتالية جديدة في المدينة خلال الأيام الماضية.
أعلن رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين في مقطع فيديو الثلاثاء مقتل متطوع أميركي يعمل إلى جانب قوات كييف في شرق أوكرانيا. وظهر بريغوجين في التسجيل الذي نشره مدوّنون عسكريون روس أمام جثة جندي قال إنه أميركي، وسط أنقاض مبنى. وظهر بريغوجين في الفيديو القصير وهو يتجول مع رجاله ليلاً بينما يُسمع دوي انفجارات مكتومة حوله من دون تحديد المكان أو الزمن الدقيق للمشهد. وقال بنبرة رسمية وساخرة في الوقت نفسه، وهو يقف بجانب جثة جندي ملقى على ظهره عاري الصدر ومصاب بجرح في بطنه «جاء لمقابلتنا. مواطن من الولايات المتحدة الأميركية». وقال بريغوجين «سنعيده إلى الولايات المتحدة. سنضعه في نعش (مع) العلم الأميركي. مع الاحترام لأنه لم يمت في فراش جده، بل في الحرب».
وفي رسالة نشرها مكتبه الإعلامي مساء الثلاثاء، قال بريغوجين «سأسلم بالتأكيد جثة» هذا المقاتل إلى السلطات الأميركية. وأضاف ساخراً «سأفعل ذلك بشكل خاص من أجل صحيفة (واشنطن بوست)»، وذلك بعد أيام من إعلان الصحيفة الأميركية اليومية أنه عرض على الاستخبارات الأوكرانية تزويدها بمعلومات عن مواقع وحدات للجيش الروسي مقابل انسحاب قوات كييف من باخموت. وكان بريغوجين وصف الاثنين هذه المعلومات بأنها «مثيرة للضحك».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها كبّدت الجيش الأوكراني خسائر فادحة، خلال الساعات الـ24 الماضية، وقالت إن 735 جندياً و«مرتزقاً» أجنبياً قُتلوا خلال اليوم الأخير، فضلاً عن نجاح القوات الروسية في تدمير مستودع ذخيرة ضخم في نيكولايف. وأفادت الوزارة في إيجاز يومي بأن «صواريخ دقيقة بعيدة المدى دمّرت المستودع المجهز بشكل جيد على أراضي شركة لإصلاح السفن في مدينة نيكولايف».
ونفت أوكرانيا الأربعاء أن صاروخاً روسياً أسرع من الصوت دمّر نظاماً دفاعياً من صواريخ باتريوت أمريكية الصنع خلال ضربة جوية بالعاصمة كييف. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت الأمر الليلة الماضية بعد هجوم جوي على العاصمة الأوكرانية. وقال مسؤولان أمريكيان في وقت لاحق إن أضراراً ربما لحقت بنظام باتريوت، لكنه لم يُدمّر على ما يبدو. وقال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إهنات للتلفزيون الأوكراني «أود أن أقول (لا تقلقوا على مصير باتريوت)». واستبعد قدرة صاروخ كينجال الروسي على تدمير منظومة باتريوت. وقال «تدمير المنظومة بكينجال... هذا مستحيل. كل ما يقولونه هناك يمكن أن يبقى في أرشيف الدعاية الخاص بهم». ونظام باتريوت واحد من مجموعة وحدات دفاع جوي متطورة قدمها الغرب لمساعدة أوكرانيا في صد الضربات الجوية الروسية في أعقاب اجتياح موسكو العام الماضي. ويعدّ باتريوت أحد أكثر أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية تقدماً بما في ذلك المضادة للطائرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، وعادة ما يشتمل على قاذفات إلى جانب الرادار ومركبات الدعم الأخرى. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صاروخ كينجال بأنه دليل على أن بلاده لديها عتاد عسكري متفوق على غيره في العالم. وقالت أوكرانيا إنها أسقطت ستة صواريخ كينجال أمس (الثلاثاء)، لكن روسيا نفت ذلك. ولم يتضح السلاح الغربي الذي استخدمته أوكرانيا ولم تصدر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تعليقاً بعد.
وفي دونيتسك، أشار البيان العسكري إلى أن «مفارز الهجوم نجحت في إحراز تقدم خلال عملياتها النشطة في الأجزاء الغربية من مدينة أرتيوموفسك (باخموت)، وقامت فرق من مجموعة (الجنوب) بصد العدو على أجنحة مفارز الهجوم». وأقرّ البيان بأن «الوضع الأكثر صعوبة تطور في مناطق قرى بوغدانوفكا في دونيتسك، حيث صدت القوات الروسية 7 هجمات للقوات المسلحة الأوكرانية».
وفي منطقة خيرسون، أصيب مركز قيادة المجموعة التكتيكية «غروم» التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وفقاً للبيان الروسي، كما أصيب مركز قيادة وحدات لواء المدفعية رقم 44 التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في قرية برياوبراجينكا بمنطقة زابوروجيا، وتعرّضت نقطة مراقبة تابعة لقوات العمليات الخاصة للقوات المسلحة الأوكرانية للقصف بالقرب من جزيرة فيليكي في منطقة خيرسون.
وزادت الوزارة أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية اعترضت خلال يوم 9 صواريخ من راجمات «هيمارس» الأميركية، كما تم إسقاط 19 طائرة مسيرّة أوكرانية في مناطق خاركيف وخيرسون وزابوروجيا ولوغانسك.