لافروف: الغرب لن يكون شريكاً في مفاوضات... وروسيا لن تعزل نفسها

حشود أوكرانية وروسية حول باخموت... وموسكو تتحدث عن خسائر فادحة لأوكرانيا ومقتل متطوع أميركي

لافروف الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي سيرغي آلينك (أ.ب)
لافروف الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي سيرغي آلينك (أ.ب)
TT

لافروف: الغرب لن يكون شريكاً في مفاوضات... وروسيا لن تعزل نفسها

لافروف الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي سيرغي آلينك (أ.ب)
لافروف الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي سيرغي آلينك (أ.ب)

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب «لم يعد شريكاً يتمتع بالحد الأدنى من المصداقية في أي مفاوضات لتسوية الملفات المتفاقمة»، ودافع عن موقف بلاده، مؤكداً أنها «كانت دائماً منفتحة على الحوار»، لكن الجانب الأوكراني «أغلق كل مجالات لمفاوضات سياسية»، في حين بدأ المبعوث الصيني لي هوي يبحث الأربعاء في كييف «تسوية سياسية» للحرب، خلال زيارة ينتظرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهدف رؤية الصين تستخدم نفوذها على روسيا، في خضم تلقيه وعوداً جديدة بأسلحة غربية.

وقال لافروف الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي سيرغي آلينك إنه «سئم من تكرار التعليق على مزاعم الغرب بأن موسكو غير مهتمة بالحوار مع كييف»، وزاد أن (الرئيس الأوكراني فولوديمير) «زيلينسكي يرفض التحدث مع موسكو، بل إنه حظر مثل هذه المفاوضات بموجب القانون».

وزاد أن كييف سارت خطوات عدة لعرقلة كل احتمال لإطلاق مفاوضات جادة مع موسكو، و«عندما نسمع اتهامات من واشنطن وبروكسل ولندن بأن روسيا ليست مهتمة على الإطلاق بأي مبادرات سلام، فإن هذا الأمر لم يعد يحتاج إلى تعليق».

وتساءل لافروف قبل ذلك في مقابلة صحافية عن مدى جدية موقف الغرب الذي يعلن أنه «سيقبل ما سيكون مقبولاً لزيلينسكي» وزاد «حسناً، هذا كل شيء دعونا ندع الذيل يهز الكلب، كما حدث أكثر من مرة».

ورأى لافروف أن تحركات القادة الأوروبيين تظهر مدى «عجزهم وتبعيتهم للولايات المتحدة»، معرباً عن قناعة بأن «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ربما يتفهم مدى عجزه، ويشعر بالتبعية للولايات المتحدة، إلا أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً».

وزاد أن تحركات الرئيس الفرنسي والقادة الأوروبيين تشبه المقولة بأن «صياح الديك لا يجلب الصباح»، مشيراً إلى أنه «يظن أن ماكرون غير مرتاح لتبعية أوروبا للولايات المتحدة، ورغبته في الاستقلال الأوروبي عن سياساتها، وله لذلك الشرف والثناء، إلا أنه لن يستطيع أن يفعل شيئاً حيال ذلك».

في السياق ذاته، قال الوزير الروسي إن بلاده «لن تثق بعد الآن بالغرب كشريك يتمتع بالحد الأدنى من قابلية التفاوض»، لكنه استدرك أن «روسيا، في الوقت نفسه، سوف تعمل مع بقية العالم». مشيراً إلى أن الموقف من الغرب ليس جديداً لأنه «حتى قبل انطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، كان الغرب متورطاً في الحماية الحصرية لنظام كييف بدلاً من الانخراط بشكل حقيقي في الجهود الدبلوماسية».

واتهم لافروف الغرب بأنه «يواصل تصعيد الموقف في أوكرانيا بهدف القضاء على روسيا»، وعلق على اتهام موسكو بأنها أدارت ظهرها للغرب بالإشارة إلى أنه «لم يدر أحد ظهره لأحد، أو بالأحرى فقد ابتعد الغرب نفسه، وداس على مصالحه بنفسه»، مشيراً إلى أن تراجع التصنيع في أوروبا يسير بوتيرة هائلة بسبب العقوبات ضد روسيا، وتدخل الولايات المتحدة في اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، وزاد أن دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية تشتكي حالياً من أن الغرب «أرهقها» بمطالباته الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا.

يبحث المبعوث الصيني لي هوي، الأربعاء، في كييف في «تسوية سياسية» للحرب في أوكرانيا. وقال مسؤول أوكراني رفيع المستوى لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إن «من المحتمل حدوث لقاء بعد الظهر» بين الرئيس الأوكراني ولي هوي. وسيكون هذا اللقاء الأول بين زيلينسكي الذي يحث بكين على الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤول صيني كبير، منذ بدء الحرب في 24 فبراير (شباط) 2022. وأكدت بكين أن الممثل الخاص للشؤون الأوراسية والسفير الصيني السابق في موسكو لي هوي سيناقشان «التسوية السياسية» للنزاع الأوكراني خلال جولة أوروبية تشمل بولندا وفرنسا وألمانيا وروسيا. ولم تصدر الصين، حليفة روسيا المقربة، علناً أي إدانة للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا؛ وذلك خلافاً لغالبية القوى الدولية العظمى. ونشرت بكين في فبراير وثيقة من 12 نقطة تهدف إلى وضع حدّ للحرب في أوكرانيا، ودعت إلى الحوار واحترام سيادة جميع الدول. وانتقدت دول غربية الوثيقة لصيغتها الغامضة. وزار الرئيس الصيني شي جينبينغ موسكو في مارس (آذار)، مقدّماً دعماً رمزياً لبوتين في مواجهة الدول الغربية. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودنكو قوله مساء الثلاثاء «في نهاية الشهر سيزورنا (السيد هوي)»، من دون أن يذكر موعداً محدداً. وأكد أن «الفكرة هي إطلاع هذه الدول على المقترحات الصينية لسياسة التسوية في أوكرانيا والاستماع إلى آراء وتعليقات المحاورين المعنيين».

وطلبت الصين من سفارات ومنظمات دولية عدة في بكين عدم عرض «دعاية مسيّسة» على مبانيها، وهو ما قال دبلوماسيون إنه يستهدف على ما يبدو البعثات التي رفعت الأعلام الأوكرانية على مبانيها. ورفعت بعثات أجنبية عدة في الصين العلم الأوكراني أو علقت ملصقات له أو عرضته باستخدام الأضواء. وقالت وزارة الخارجية الصينية في إخطار بتاريخ العاشر من مايو (أيار) «لا تستخدموا الجدران الخارجية لمنشآت البناء لعرض دعاية مسيّسة لتجنب إثارة الخلافات بين الدول». وكان الإخطار، الذي اطلعت «رويترز» على نسخة منه موجهاً «للسفارات كافة ومكاتب تمثيل المنظمات الدولية في الصين». ولم تشر الوزارة في الإخطار إلى الأعلام الأوكرانية أو أي عرض محدد «للدعاية»، لكن أربعة دبلوماسيين في بكين تحدثوا إلى «رويترز»، شريطة عدم ذكر أسمائهم، قالوا إنه يرتبط بوضوح بمظاهر التضامن مع أوكرانيا. وتم تشويه ملصق للعلم الأوكراني على الجدار الخارجي للسفارة الكندية في بكين بكتابات مناهضة لحلف شمال الأطلسي. كما عرضت بعثات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وبولندا في بكين صوراً للأعلام الأوكرانية.

ميدانياً، أعلن القائد العسكري في إقليم لوغانسك أندريه ماروتشكو، أن القوات الأوكرانية سرّعت تحركاتها لحشد قوات ومعدات إضافية حول باخموت. وقال ماروتشكو، نقلاً عن مصادر مطلعة «في جزء من منطقة مينكوفكا - تشاسوف يار، تم رصد تحركات عسكرية، أعداد كبيرة من الآليات العسكرية محمّلة بالأسلحة والذخيرة والأفراد على طول الطرق». وأوضح أن «هناك إمداداً منتظماً لوحدات أوكرانية جديدة على هذا المحور، لكن نظراً لتكبدها خسائر باستمرار، يظل عدد الوحدات نفسه تقريباً».

وكان رئيس دونيتسك دينيس بوشيلين، المعيّن من جانب موسكو، قال في وقت سابق إن الجيش الأوكراني نقل المزيد من الحشود الإضافية إلى أطراف مدينة باخموت، وسط تضارب المعطيات الروسية والأوكرانية عن سير العمليات القتالية فيها. وتقول موسكو إنها تواصل تحقيق تقدم في وسط المدينة بينما تحدثت كييف عن اختراقات واسعة على أطرافها. وكانت موسكو تحدثت عن زج وحدات قتالية جديدة في المدينة خلال الأيام الماضية.

أعلن رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين في مقطع فيديو الثلاثاء مقتل متطوع أميركي يعمل إلى جانب قوات كييف في شرق أوكرانيا. وظهر بريغوجين في التسجيل الذي نشره مدوّنون عسكريون روس أمام جثة جندي قال إنه أميركي، وسط أنقاض مبنى. وظهر بريغوجين في الفيديو القصير وهو يتجول مع رجاله ليلاً بينما يُسمع دوي انفجارات مكتومة حوله من دون تحديد المكان أو الزمن الدقيق للمشهد. وقال بنبرة رسمية وساخرة في الوقت نفسه، وهو يقف بجانب جثة جندي ملقى على ظهره عاري الصدر ومصاب بجرح في بطنه «جاء لمقابلتنا. مواطن من الولايات المتحدة الأميركية». وقال بريغوجين «سنعيده إلى الولايات المتحدة. سنضعه في نعش (مع) العلم الأميركي. مع الاحترام لأنه لم يمت في فراش جده، بل في الحرب».

وفي رسالة نشرها مكتبه الإعلامي مساء الثلاثاء، قال بريغوجين «سأسلم بالتأكيد جثة» هذا المقاتل إلى السلطات الأميركية. وأضاف ساخراً «سأفعل ذلك بشكل خاص من أجل صحيفة (واشنطن بوست)»، وذلك بعد أيام من إعلان الصحيفة الأميركية اليومية أنه عرض على الاستخبارات الأوكرانية تزويدها بمعلومات عن مواقع وحدات للجيش الروسي مقابل انسحاب قوات كييف من باخموت. وكان بريغوجين وصف الاثنين هذه المعلومات بأنها «مثيرة للضحك».

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها كبّدت الجيش الأوكراني خسائر فادحة، خلال الساعات الـ24 الماضية، وقالت إن 735 جندياً و«مرتزقاً» أجنبياً قُتلوا خلال اليوم الأخير، فضلاً عن نجاح القوات الروسية في تدمير مستودع ذخيرة ضخم في نيكولايف. وأفادت الوزارة في إيجاز يومي بأن «صواريخ دقيقة بعيدة المدى دمّرت المستودع المجهز بشكل جيد على أراضي شركة لإصلاح السفن في مدينة نيكولايف».

صواريخ باتريوت التي قالت روسيا إنها دمّرتها (رويترز)

ونفت أوكرانيا الأربعاء أن صاروخاً روسياً أسرع من الصوت دمّر نظاماً دفاعياً من صواريخ باتريوت أمريكية الصنع خلال ضربة جوية بالعاصمة كييف. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت الأمر الليلة الماضية بعد هجوم جوي على العاصمة الأوكرانية. وقال مسؤولان أمريكيان في وقت لاحق إن أضراراً ربما لحقت بنظام باتريوت، لكنه لم يُدمّر على ما يبدو. وقال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إهنات للتلفزيون الأوكراني «أود أن أقول (لا تقلقوا على مصير باتريوت)». واستبعد قدرة صاروخ كينجال الروسي على تدمير منظومة باتريوت. وقال «تدمير المنظومة بكينجال... هذا مستحيل. كل ما يقولونه هناك يمكن أن يبقى في أرشيف الدعاية الخاص بهم». ونظام باتريوت واحد من مجموعة وحدات دفاع جوي متطورة قدمها الغرب لمساعدة أوكرانيا في صد الضربات الجوية الروسية في أعقاب اجتياح موسكو العام الماضي. ويعدّ باتريوت أحد أكثر أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية تقدماً بما في ذلك المضادة للطائرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، وعادة ما يشتمل على قاذفات إلى جانب الرادار ومركبات الدعم الأخرى. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صاروخ كينجال بأنه دليل على أن بلاده لديها عتاد عسكري متفوق على غيره في العالم. وقالت أوكرانيا إنها أسقطت ستة صواريخ كينجال أمس (الثلاثاء)، لكن روسيا نفت ذلك. ولم يتضح السلاح الغربي الذي استخدمته أوكرانيا ولم تصدر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تعليقاً بعد.

وفي دونيتسك، أشار البيان العسكري إلى أن «مفارز الهجوم نجحت في إحراز تقدم خلال عملياتها النشطة في الأجزاء الغربية من مدينة أرتيوموفسك (باخموت)، وقامت فرق من مجموعة (الجنوب) بصد العدو على أجنحة مفارز الهجوم». وأقرّ البيان بأن «الوضع الأكثر صعوبة تطور في مناطق قرى بوغدانوفكا في دونيتسك، حيث صدت القوات الروسية 7 هجمات للقوات المسلحة الأوكرانية».

وفي منطقة خيرسون، أصيب مركز قيادة المجموعة التكتيكية «غروم» التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وفقاً للبيان الروسي، كما أصيب مركز قيادة وحدات لواء المدفعية رقم 44 التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في قرية برياوبراجينكا بمنطقة زابوروجيا، وتعرّضت نقطة مراقبة تابعة لقوات العمليات الخاصة للقوات المسلحة الأوكرانية للقصف بالقرب من جزيرة فيليكي في منطقة خيرسون.

وزادت الوزارة أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية اعترضت خلال يوم 9 صواريخ من راجمات «هيمارس» الأميركية، كما تم إسقاط 19 طائرة مسيرّة أوكرانية في مناطق خاركيف وخيرسون وزابوروجيا ولوغانسك.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن موسكو بدأت في إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

أوكرانيا تهاجم منشآت نفط تزود القوات الروسية بإمدادات الوقود

ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)
ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)
TT

أوكرانيا تهاجم منشآت نفط تزود القوات الروسية بإمدادات الوقود

ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)
ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)

قصفت القوات الأوكرانية منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت، ما أدى إلى اشتعال حريق، وهذا ما أكدته السلطات المحلية، واصفة الهجوم بالمسيرات بـ«الضخم». وقال أندريه كليتشكوف حاكم المنطقة الروسية، السبت، إن طائرات مسيرة أوكرانية قصفت «منشأة للبنية التحتية للوقود» في أورلوف، ما تسبب في اندلاع حريق.

ولم يقدم كليتشكوف، في بيان عبر «تلغرام»، أي معلومات أخرى حول الموقع الذي تعرض للقصف، لكنه قال إنه تم إسقاط 11 طائرة مسيرة فوق المنطقة. وأضاف أنه لم تقع إصابات جراء الحريق الذي تمت السيطرة عليه.

جنود أوكرانيون يعملون على تعزيز دفاعات قواتهم في وجه التقدم الروسي المتواصل على جبهة شرق أوكرانيا (رويترز)

وأوضحت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، في بيان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن القوات الأوكرانية هاجمت «ستالنوي كون» في منطقة أوريول على مسافة نحو 165 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية. وأضافت: «هذه إحدى كبرى منشآت النفط في ضواحي أوريول»، وهي تشكّل جزءاً من «المجمع الصناعي العسكري» الذي يوفر احتياجات الجيش الروسي. وتظهر صور قيل إنها للهجوم ونشرتها وسائل إعلام روسية، أعمدة من الدخان تتصاعد جراء حريق خلال الليل. وأظهر مقطع مصور جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حريقاً كبيراً في منشأة تبدو صناعية.

وفي منطقة بيلغورود، قُتل طفل يبلغ من العمر 9 أعوام في هجوم بمسيّرة أوكرانية استهدفت منزلاً في بلدة مايسكي، حسبما أفاد الحاكم الإقليمي فياتشيسلاف غلادوف السبت. وأوضح أن والدة الطفل و ابنتها التي تبلغ من العمر 7 أعوام، أصيبتا بجروح ونُقلتا إلى المستشفى.

وتنفّذ كييف بانتظام ضربات بمسيّرات على روسيا، خصوصاً على مواقع عسكرية وأخرى للطاقة.

جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع «هاوتزر» ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

وليل الجمعة السبت، شنّت روسيا هجوماً على أوكرانيا باستخدام 132 مسيّرة، تمّ إسقاط 130 منها، حسبما أعلن سلاح الجو الأوكراني.

من جانبه، قال الجيش الروسي، السبت، إنّه أسقط خلال الليل وفي الصباح نحو أربعين مسيّرة معادية، خصوصاً فوق مناطق روسية متاخمة لأوكرانيا.

وقال فلاديمير كوندراتييف حاكم منطقة كراسنودار إن الدفاعات الجوية دمّرت طائرات مسيرة أوكرانية في مناطق عدة إلى الجنوب والشرق من أوكرانيا. وقال ألكسندر بوجوماز، حاكم منطقة بريانسك، إن الدفاعات الجوية دمّرت 7 طائرات مسيّرة فوق المنطقة الواقعة على الحدود مع أوكرانيا.

جندي روسي يركب في الجزء الخلفي من عربة عسكرية أثناء تدريب قتالي في ميدان رماية في منطقة كراسنودار بروسيا في 12 ديسمبر 2024 (رويترز)

وفي منطقة بيلغورود الروسية، التي كثيراً ما تستهدفها القوات الأوكرانية على الحدود الشمالية الشرقية، قال حاكم المنطقة فياتشيسلاف جلادكوف إن القوات الأوكرانية هاجمت قريتين، ما أدى إلى إصابة أحد السكان واشتعال حريق في منزل تم إخماده سريعاً.

قال المتحدث باسم مجموعة القتال الشرقية الروسية في الحرب ضد أوكرانيا، أوليج تشيخوف، إن القوات المسلحة الأوكرانية فقدت 145 جندياً، خلال 24 ساعة، نتيجة للعمليات التي نفذتها وحدات من المجموعة. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، السبت، عن المتحدث قوله إن «وحدات

مجموعة القتال الشرقية واصلت التقدم في عمق دفاعات العدو نتيجة للعمليات النشطة».

وأضاف: «ألحقت القوات الروسية أضراراً بقوات ومعدات وحدات الألوية الميكانيكية وألوية الدفاع الإقليمي بالقرب من دنيبروينيرجيا ونوفوبول

وفيليكايا نوفوسيلكا». وتابع: «خسر العدو 145 جندياً ومركبة قتالية مدرعة طراز (ماكسبرو) وسيارة واحدة، بالإضافة إلى أنظمة مدفعية ذاتية الحركة من طرازي (أكاتسيا) و(جفوزديكا) خلال 24 ساعة».

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده.

وقال زيلينسكي، في خطابه المسائي بالفيديو، إنه من الضروري اتخاذ خطوات توضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «إرهابه لن ينجح».

واقترح أن يركز شركاء أوكرانيا الغربيون بشكل أقل على الاستقرار في موسكو وبشكل أكثر على الأمن العالمي. وأعرب عن امتنانه للولايات المتحدة لتقديم حزمة مساعدات جديدة لبلاده بقيمة 500 مليون دولار.

وشنّت روسيا إحدى كبرى هجماتها على أوكرانيا في وقت مبكر الجمعة. ووفقاً لزيلينسكي، أرسل الجيش الروسي نحو 200 طائرة مسيرة و94 صاروخاً. واتهم القيادة الروسية بممارسة «الإرهاب» ضد السكان المدنيين، مشيراً إلى أنهم كانوا ينتظرون على وجه التحديد أن تتسبب ظروف الصقيع في تفاقم الوضع بالنسبة للناس.

وزراء خارجية 6 دول أوروبية - أطلسية (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا) وممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بمناسبة اجتماع لهم في برلين لدعم أوكرانيا (رويترز)

اضطرت أوكرانيا، الجمعة، إلى خفض إنتاج محطاتها للطاقة النووية بعد هجوم روسي واسع النطاق على شبكة الطاقة الخاصة بها. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منصة «إكس» أن 5 من بين 9 مفاعلات نووية عاملة في أوكرانيا تأثرت بشكل غير مباشر.

ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهجمات الليلية بإطلاق أكثر من 90 صاروخاً وما يقرب من 200 طائرة مسيرة قتالية، بأنها «واحدة من كبرى الهجمات على شبكتنا الكهربائية». وقد حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تتخذ من فيينا مقراً لها، مراراً، من أن الهجمات تزيد بشكل غير مباشر من خطر وقوع حوادث نووية.

كما أكد الرئيس الأوكراني قيامه بزيارة بروكسل في الأيام القليلة المقبلة. وهناك، سيبحث قادة دول أوروبية في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع زيلينسكي تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا وضمانات أمنية محتملة حال وقف إطلاق النار.

يرى الخبير العسكري النمساوي، الكولونيل ماركوس رايسنر، أنه لا يمكن ضمان تحقيق سلام محتمل في أوكرانيا إلا من خلال قوات قوية لحفظ سلام. وقال رايسنر، في مقابلة مع صحيفة «فيلت آم زونتاج» الألمانية، تنشرها في عددها، الأحد، إنه لا يرى أن مهمة مراقبة بحتة ستكون كافية، مضيفاً أنه يجب لذلك تسليح الجنود لضمان السلام. وأضاف، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «من وجهة نظري، سيكون من الضروري نشر ما بين 100 ألف و150 ألف جندي على الأقل لتأمين السلام بنجاح في أوكرانيا».

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

وذكر رايسنر أن من الممكن تخفيض عدد قوات حفظ السلام في وقت لاحق، «ولكن بشكل خاص في بداية مثل هذه المهمة، تكون الخدمات اللوجيستية المعقدة ضرورية، مثل إزالة الألغام بحرص على طول خط المواجهة». وأوضح رايسنر أنه في حال وجود عدد صغير من الجنود، فإن احتمال انتهاك وقف إطلاق النار يكون أعلى بكثير.

وتجري حالياً في مختلف اللجان الدولية مناقشة مهمة سلام محتملة، طرحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. ووفقاً لرايسنر، لا يستطيع الأوروبيون وحدهم تأمين منطقة منزوعة السلاح في أوكرانيا. وقال الخبير العسكري المعترف به دولياً: «ليس من المتوقع أن تكون كبرى الدول الأوروبية - أي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا - قادرة على تقديم أكثر من 25 ألفاً إلى 50 ألف جندي في الانتشار الأول»، مشيراً إلى أنه سيكون هناك بعد ذلك بضعة آلاف أخرى من الجنود من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يكون مهتماً بمشاركة «أكبر عدد ممكن من بلدان ما يسمى الجنوب العالمي، أي من دول مثل الهند وبنغلاديش، وكذلك من أفريقيا».