تقرير: شركة نووية روسية لا يستطيع الغرب الاستغناء عنها

مهندسو «نوكيم» ساعدوا في احتواء الإشعاع من المفاعلات المدمرة في تشيرنوبيل وفوكوشيما

علامات تحذير داخل مفاعل نووي لمحطة طاقة نووية (رويترز)
علامات تحذير داخل مفاعل نووي لمحطة طاقة نووية (رويترز)
TT

تقرير: شركة نووية روسية لا يستطيع الغرب الاستغناء عنها

علامات تحذير داخل مفاعل نووي لمحطة طاقة نووية (رويترز)
علامات تحذير داخل مفاعل نووي لمحطة طاقة نووية (رويترز)

قال تقرير جديد نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إنه وسط سعي الدول الغربية لتقليل اعتمادها على روسيا والموردين الخارجيين في التعامل مع التقنيات النووية، فإن هناك شركة نووية روسية لا يمكن للغرب الاستغناء عنها في الوقت الحالي، وهي شركة «نوكيم» لتفكيك ووقف تشغيل المفاعلات النووية، والمملوكة لـ«روساتوم»، العملاق النووي الذي يسيطر عليه الكرملين.

وتعد عملية تفكيك المفاعلات بمحطات الطاقة النووية إجراءً صعباً ومعقداً تم تجهيز عدد قليل فقط من المتخصصين للتعامل معه، ويمكن أن يكلف ما يزيد عن مليار دولار، ويستغرق سنوات للتخطيط والتنفيذ.

وقال مايكل بايشلر من شركة «يونيبر إس آي»، الذي يشرف على تفكيك محطة «Barsebaeck» للطاقة النووية السويدية، إن الخبرة اللازمة للقيام بهذا الأمر دون أخطاء هي السبب في «وجود عدد قليل فقط من المتخصصين في أعمال إيقاف تشغيل المحطات عالية الإشعاع».

وتعد شركة «نوكيم» من بين الأقدم والأكثر خبرة في هذا المجال، وقد ساعد مهندسوها في احتواء الإشعاع من المفاعلات المدمرة في تشيرنوبيل وفوكوشيما، كما قادوا عملية تنظيف مصنع للوقود الذري في بلجيكا. وفي فرنسا، ابتكرت الشركة طرقاً لمعالجة النفايات من مشروع المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي، وهو مشروع دولي لأبحاث الانصهار النووي.

إلا أن الشركة تواجه الكثير من الانتقادات في الوقت الحالي، نظراً لأنها مملوكة بالكامل لشركة «روساتوم»، العملاق النووي الذي يسيطر عليه الكرملين.

 

شعار شركة «روساتوم» الروسية (رويترز)

وبينما حثت ألمانيا، دول الاتحاد الأوروبي، على وقف استيراد الوقود النووي، الذي يستخدم في محطات الطاقة، من شركة «روساتوم»، التي تعد أكبر مصدر له في العالم، فإن السلطات لا تريد منع «نوكيم» من ممارسة الأعمال التجارية في ألمانيا، وفقاً لما أكده 3 مسؤولين حكوميين لـ«بلومبرغ».

وتعد «نوكيم»، التي تقع في شرق مدينة فرانكفورت الألمانية، لاعباً متخصصاً في إمبراطورية «روساتوم» العالمية، لكن في الوقت نفسه، فإنها تكشف «خط الصدع» الذي يمر عبر نهج الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الطاقة النووية، وفقاً لتقرير «بلومبرغ».

وعلى عكس روسيا، التي اكتسبت الخبرة في جميع العمليات الصناعية اللازمة لتحويل ذرات اليورانيوم وتخصيبها إلى أشكال قابلة للاستخدام لتوليد الطاقة، فإن أوروبا تعتمد على الحصول على التقنيات النووية من مزيج مختلف من المزودين الخارجيين، لسد الثغرات في الإنتاج والخدمات.

ويقدر الخبراء أن الأمر سيستغرق ما لا يقل عن أربع أو خمس سنوات قبل أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من مطابقة قدرة «روساتوم» على تصنيع الوقود، ولكن حتى إذا تم تسريع هذه العملية، فسوف يتطلب الأمر مزيداً من الوقت لمطابقة انتشارها العالمي والخدمات التي تقدمها.

وشهدت شركة «روساتوم» زيادة في الصادرات بأكثر من 20 في المائة في العام الذي أعقب غزو روسيا لأوكرانيا.

وتصاعد الضغط لفصل «روساتوم» عن سلاسل التوريد الأوروبية منذ أن استولت القوات الروسية على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا خارج مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وأرسلت مهندسين من «روساتوم» لتشغيلها. وقالت داريا دولزيكوفا، الباحثة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن حقيقة عدم معاقبة شركة «نوكيم» بعد هذه الواقعة «يجب أن تثير بعض الأسئلة الجادة».

وإذا تم فرض عقوبات على «نوكيم»، فقد تقوم شركة «روساتوم» ببساطة بإغلاق مقر الشركة في ألمانيا ونقله إلى دولة أخرى داعمة لروسيا.

وقال مارك هيبس، المحلل في مؤسسة «كارنيجي للسلام الدولي»، الذي يتتبع نشاط الشركة منذ أكثر من 3 عقود: «تتربع (نوكيم) على رأس مجموعة كبيرة من الخبرة المعرفية في أوروبا، ومن الصعب أن يتم الاستغناء عن خدماتها».

وتقوم «روساتوم» ببناء محطات نووية جديدة في عدة دول، من بينها بنغلاديش والصين وتركيا، مع عشرات عقود التوريد الأخرى قيد التفاوض. ومن المحتمل أن تؤدي هذه الصفقات إلى تأمين التدفقات النقدية والنفوذ السياسي للشركة لعقود مقبلة.


مقالات ذات صلة

أوروبا رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)

رئيس بيلاروسيا يعفو عن 37 سجيناً أُدينوا بـ«التطرف»

أصدر رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الاثنين، عفواً عن 37 شخصاً سُجنوا بتهمة «التطرف»، حسبما أعلنت الرئاسة، وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف المعارضين.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا يقف جندي روسي بجوار مركبة عسكرية أوكرانية متضررة في منطقة الحدود الروسية الأوكرانية في منطقة كورسك (أ.ب)

روسيا تأمر بإخلاء قرى على الحدود مع أوكرانيا في منطقة كورسك

أمر حاكم منطقة كورسك الروسية التي تشهد هجوماً أوكرانياً منذ مطلع أغسطس (آب)، الاثنين، السكان بإخلاء القرى الواقعة على مسافة أقل من 15 كيلومتراً من أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 16 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بوتين يأمر بزيادة عديد الجيش الروسي إلى 1.5 مليون جندي

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، بزيادة عدد أفراد الجيش الروسي بواقع 180 ألف جندي ليصل العدد الإجمالي للقوات إلى 1.5 مليون جندي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جندي روسي يقوم بإطلاق قذيفة في منطقة كورسك (أ.ب)

كييف تدعو الأمم المتحدة لزيارة كورسك... وموسكو تندد بـ«استفزاز» أوكراني

قالت أوكرانيا الاثنين إنها طلبت من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر زيارة الجزء الذي تحتله القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو )

رئيس بيلاروسيا يعفو عن 37 سجيناً أُدينوا بـ«التطرف»

رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)
TT

رئيس بيلاروسيا يعفو عن 37 سجيناً أُدينوا بـ«التطرف»

رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)

أصدر رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الاثنين، عفواً عن 37 شخصاً سجنوا بتهمة «التطرف»، حسبما أعلنت الرئاسة، وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف المعارضين.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أفادت الرئاسة في بيان بأن من بين السجناء المُعفى عنهم ست نساء وأشخاصاً يعانون مشاكل صحية، من دون الكشف عن هوياتهم. وخلال الشهرين الماضيين أصدرت السلطات في البلاد الحليفة لروسيا، حيث يُقمع أي انتقاد للسلطة، إعفاءات عن أشخاص محتجزين بسبب انتقداهم السلطات.

وأصدر لوكاشنكو في مطلع سبتمبر (أيلول) عفواً عن 30 سجيناً سياسياً، وكان أصدر عفواً عن 30 آخرين في منتصف أغسطس (آب). وفي كل مرة تؤكد الرئاسة البيلاروسية أن هؤلاء المعتقلين تابوا وطلبوا العفو.

وأفادت منظمة «فياسنا» غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، بأنه جرى إطلاق سراح 20 سجيناً سياسياً في يوليو (تموز) في بيلاروسيا بعدما أمضوا مدة عقوبتهم كما أُفرج عن 18 آخرين بعدما «أُعفي عنهم أو كانوا جزءاً من صفقة تبادل».

ووفق أرقام منظمة «فياسنا»، ما زال هناك نحو 1300 شخص مسجون في بيلاروسيا بسبب معارضتهم نظام ألكسندر لوكاشنكو في الجمهورية السوفياتية السابقة التي تعدّ أقل من 10 ملايين نسمة.

وقمع لوكاشنكو الذي يحكم البلاد منذ 30 عاماً والمتحالف مع موسكو، احتجاجات مؤيدة للديمقراطية مرات عدة.

وتخضع بيلاروسيا لعقوبات غربية بسبب ممارسة السلطات قمعاً سياسياً داخلياً ودعمها الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأعلن لوكاشنكو في فبراير (شباط) الماضي نيته الترشح لولاية أخرى العام المقبل.

بعدما اعتبرت المعارضة أن نتائج الانتخابات التي أعادت لوكاشنكو إلى السلطة في أغسطس 2020 مزورة، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص خلال أسابيع مطالبين برحيله في أكبر حركة احتجاجية منذ استقلال بيلاروسيا عام 1991.

وفي وقت لاحق اعتُقل آلاف الأشخاص، وتعرض آخرون للتعذيب، وصدرت أحكام مشددة بحق ناشطين وصحافيين.

وفرّ مئات آلاف المواطنين من القمع في بيلاروسيا، خصوصاً إلى بولندا المجاورة.

وتكرر زعيمة المعارضة البيلاروسية في المنفى سفيتلانا تيخانوفسكايا الإعراب عن قلقها من الحالة الصحية لبعض السجناء السياسيين الذين يواجهون ظروف اعتقال قاسية ويُعزل بعضهم عن العالم.

وهذا هو حال ماريا كوليسنيكوفا، إحدى قادة الاحتجاجات الحاشدة ضد إعادة انتخاب ألكسندر لوكاشنكو في عام 2020، والتي فقدت وفقاً لمقربين منها الكثير من الوزن في السجن وحُرمت من أي اتصال مع العالم الخارجي منذ أكثر من عام ونصف العام.