أكدت محكمة النقض الفرنسية اليوم (الجمعة) تمتع القضاء المحلي بالاختصاص العالمي الذي يجيز له ملاحقة أجانب، ما يمهّد الطريق للمضي في شكوَيين مرفوعتين ضد سوريَّين متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع في بلدهما.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قالت المحكمة إنها «تعترف بمبدأ الاختصاص العالمي للقضاء الفرنسي في القضيتين المتعلقتين بسوريا».
ويتيح هذا القرار مواصلة التحقيقات في قضيتين تطالان عبد الحميد شعبان وهو جندي سوري سابق أوقف في فرنسا ووجهت إليه تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في فبراير (شباط) 2019، ومواطنه مجدي نعمة، وهو متحدث سابق باسم تنظيم «جيش الإسلام» المعارض، يواجه اتهامات بالتعذيب وجرائم حرب.
وينفي كل منهما هذه الاتهامات، وقد توجها إلى محكمة النقض.
ورأت المحكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعدما رُفعت أمامها دعوى شعبان، أن القضاء الفرنسي لا يتمتع بالاختصاص فيها، مشيرة إلى مبدأ «التجريم المزدوج» المنصوص عليه في قانون صدر في التاسع من أغسطس (آب) 2010.
ويقضي هذا المبدأ بأن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب يجب أن يُعترف بها في البلد الأصلي للمشتبه به الذي تنوي فرنسا محاكمته.
ولا تعترف سوريا بهذه الجرائم ولم تصادق على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية.
وسبّب هذا الرأي صدمة لدى القانونيين ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. وقدم الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان وهو من أطراف الادعاء، اعتراضا لسبب إجرائي، أتاح إعادة القضية إلى محكمة النقض.
ويكتسب القرار الصادر الجمعة أهمية بالنسبة إلى 160 قضية تعمل عليها حاليا دائرة «الجرائم ضد الإنسانية» تشمل ثلاثين منطقة جغرافية، والملفات المرتبطة بـ16 من هذه المناطق، بينها سوريا وروسيا وأوكرانيا.
وسبق لدول أوروبية أن لجأت إلى مبدأ الاختصاص العالمي لمحاكمة وإدانة مجرمي حرب سوريين مفترضين.
وأدان القضاء الألماني العام الماضي ضابطا سوريا سابقا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وقضى بسجنه مدى الحياة، في أول محاكمة عالمية للتعذيب من قبل القوات النظامية في السجون السورية.
كذلك، أصدرت محاكم في السويد والنمسا أحكاما في حق سوريين على خلفية جرائم مرتكبة خلال النزاع الذي بدأ في بلادهم عام 2011.