بوتين يعدّل خططه السنوية بسبب الحرب... والعملية «مستمرة رغم الصعوبات»

الكرملين اتهم الغرب بـ«سرقة» أصول روسيا السيادية... ولوّح برد مناسب

أعلن الديوان الرئاسي أن الاجتماعات السنوية مع القيادة العسكرية التي يجريها بوتين في مقره الصيفي في منتجع سوتشي على البحر الأسود لن تعقد في مواعيدها هذا العام (أ.ب)
أعلن الديوان الرئاسي أن الاجتماعات السنوية مع القيادة العسكرية التي يجريها بوتين في مقره الصيفي في منتجع سوتشي على البحر الأسود لن تعقد في مواعيدها هذا العام (أ.ب)
TT

بوتين يعدّل خططه السنوية بسبب الحرب... والعملية «مستمرة رغم الصعوبات»

أعلن الديوان الرئاسي أن الاجتماعات السنوية مع القيادة العسكرية التي يجريها بوتين في مقره الصيفي في منتجع سوتشي على البحر الأسود لن تعقد في مواعيدها هذا العام (أ.ب)
أعلن الديوان الرئاسي أن الاجتماعات السنوية مع القيادة العسكرية التي يجريها بوتين في مقره الصيفي في منتجع سوتشي على البحر الأسود لن تعقد في مواعيدها هذا العام (أ.ب)

أقرّت موسكو بأنها لم تنجح في تحقيق أهدافها من «العملية العسكرية الخاصة»، وفقاً للتسمية الرسمية للحرب في أوكرانيا، بعد مرور 15 شهراً على إطلاقها. وعلى الرغم من اعتراف الكرملين بـ«مواجهة صعوبات جدية» فإنه أكد عزم روسيا على مواصلة القتال. في غضون ذلك، بدا أن الرئيس فلاديمير بوتين أدخل تعديلات على خططه السنوية بسبب ظروف الحرب، وأعلن الديوان الرئاسي أن الاجتماعات السنوية مع القيادة العسكرية التي يجريها الرئيس في مقره الصيفي في منتجع سوتشي على البحر الأسود، لن تعقد في مواعيدها هذا العام.

وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف، إن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا «صعبة جداً»، إلا أنه أكد أنها سوف تستمر حتى تحقيق أهدافها. وزاد أن «الرئيس الروسي وضع عند انطلاق الأعمال العسكرية مهاماً محددة أمام القوات، بينها حماية سكان دونباس، ووقف كل أشكال الهجمات المحتملة على هذه المناطق». وزاد أن مجموعة من هذه الأهداف «قد تم تحقيقها» لكنها تنجز بشكل كامل، موضحاً أن المنطقة ما زالت تتعرض لنيران القوات الأوكرانية، ولا بد من مواصلة القتال حتى «إبعاد مصادر النيران إلى منطقة آمنة».

 

جندي أوكراني في منطقة دونباس التي قالت موسكو إنها ما زالت تتعرض لنيران القوات الأوكرانية (رويترز)

كذلك قال بيسكوف إن روسيا «تمكّنت من إلحاق أضرار جسيمة بالآلة العسكرية الأوكرانية» منوهاً بأن هذه المهمة ما زالت متواصلة و«سوف تستمر». ونقلت وكالة أنباء «تاس» عن بيسكوف قوله: «العملية العسكرية الخاصة مستمرة. وهي عملية صعبة جداً، وبالطبع تحققت أهداف معينة خلال عام». وتواصل أوكرانيا قصف الأجزاء الشرقية من البلاد التي تسيطر عليها روسيا. وهو ما اعتبره بيسكوف، يظهر الحاجة إلى مواصلة الصراع و«دفع القوات الموالية لكييف للتراجع». وأضاف: «تمكّنا من ضرب الآلة العسكرية الأوكرانية كثيراً»، مشيراً إلى أن روسيا شنت ضربات صاروخية لا حصر لها على «أهداف عسكرية» في أنحاء أوكرانيا.

دخان يتصاعد من وسط باخموت (رويترز)

 

في غضون ذلك، اتضح أكثر مع اقتراب دخول فصل الصيف، مدى تأثير العمليات العسكرية الجارية في التحركات التقليدية للرئيس فلاديمير بوتين، الذي اعتاد منذ سنوات طويلة على نقل اجتماعاته الرسمية ولقاءاته مع القادة الأجانب إلى مدينة سوتشي على البحر الأسود، منذ بداية شهر مايو (أيار). وبدا أنه في هذا العام أدخل تعديلات واسعة على خططه التقليدية نظراً لقرب سوتشي من مركز العمليات العسكرية، وفي مظهر يدل على تفاقم مخاوف موسكو من أن تغدو سوتشي خلال وجود الرئيس فيها هدفاً لهجمات تفجيرية أو استهدافات بمسيرات.

في هذا الإطار قال بيسكوف للصحافيين إنه «لم يتم التخطيط لعقد اجتماعات عسكرية تقليدية بمشاركة وزارة الدفاع في سوتشي». وأوضح الناطق الرئاسي أن القادة العسكريين الروس «سيكونون هناك (في سوتشي) عندما يرى الرئيس أن التوقيت مناسب».

وأضاف: «لا يمكن تجاهل أن هناك عملية عسكرية خاصة جارية، مما يضع عبئاً خاصاً على ممثلي وزارة الدفاع وممثلي المجمع الصناعي العسكري، وهو ما لا يسمح بالطبع، للتجمع في سوتشي بشكل مكثف كما جرت العادة، وترك أماكن عملهم. الآن الوضع مختلف، بالطبع، يؤخذ هذا في الاعتبار عند التخطيط. حتى الآن لا توجد مثل هذه الخطط».

جاء جواب بيسكوف رداً على سؤال عما إذا كان الرئيس سوف يعقد اللقاءات التقليدية في بداية مايو، التي يجري خلالها التخطيط لعمليات الإصلاح العسكري، ومناقشة برامج التحديث وخطط المجمع الصناعي العسكري، كما كانت الحال في السنوات الماضية.

على صعيد آخر، انتقد بيسكوف، بقوة، قرار المملكة المتحدة إمداد كييف بصواريخ «كروز» طويلة المدى من طراز «ستورم شادو»، وأكد أن روسيا سترد بالتأكيد على هذه الخطوة. وكانت وسائل إعلام كشفت أن بريطانيا نقلت صواريخ «كروز» من هذا الطراز إلى أوكرانيا، بينما تلقت لندن تأكيدات من كييف بأنها لن تُستخدَم ضد أهداف في الاتحاد الروسي.

في السياق ذاته، هاجم الناطق باسم الكرملين الولايات المتحدة، رداً على قرار نقل أصول مالية روسية مصادَرة إلى أوكرانيا. وقال بيسكوف إن «خطط الولايات المتحدة لنقل الأصول المصادَرة لرجل الأعمال الروسي قسطنطين مالوفييف إلى أوكرانيا هي سرقة» وزاد أن «الخطوة تقوّض الثقة من جانب المستثمرين الأجانب في الولايات المتحدة». وكانت وزارة العدل الأميركية أعلنت أنها حوّلت، وللمرة الأولى، ملايين الدولارات التي صادرتها من رجل الأعمال الروسي إلى «صندوق إعادة إعمار أوكرانيا». وجاء في بيان لوزير العدل، ميريك غارلاند، أن نحو 5.4 مليون دولار من أموال مالوفييف صودرت وسُلمت لوزارة الخارجية؛ لكي تُستخدَم في إعادة إعمار أوكرانيا. وقال غارلاند: «إنه أول تحويل تجريه الولايات المتحدة لأموال روسية مصادَرة من أجل إعادة إعمار أوكرانيا، ولن يكون الأخير».

يذكر أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على مالوفييف في عام 2014، حيث اتُّهم بدعم «قوات الدفاع الشعبي» المناهضة لكييف في منطقة دونباس، وفي 2022 اتهمته واشنطن بالتحايل على العقوبات.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، وقّع العام الماضي على قانون يسمح لوزارة العدل الأميركية بتحويل بعض الأصول المجمدة لمساعدة أوكرانيا، بينما جمدت روسيا مليارات الدولارات لشركات ومستثمرين أجانب على أراضيها، ووضعت في تصرف الحكومة الروسية أصولاً أجنبية بمئات مليارات الدولارات، من دون أن تصادرها حتى الآن.

وتخشى موسكو من تفاقم الوضع حول الأصول الروسية المصادَرة في الغرب، التي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 300 مليار دولار.

وأعربت رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا، عن استعداد لدراسة فكرة مصادَرة أموال الأجانب الذين غادروا روسيا بسبب الحرب؛ لتعويض الأصول (الأموال) الروسية المجمدة لدى الغرب.

جاء ذلك في كلمة للمسؤولة الروسية قبل أيام، في مجلس النواب الروسي، وأشارت إلى أن هذه المسألة بحاجة إلى مناقشة إضافية.

وكان النائب في مجلس النواب الروسي، فلاديمير كوشيليف، قد قدم اقتراحاً لسداد أموال غير المقيمين الذين يغادرون السوق الروسية بسندات خاصة مرتبطة بالاحتياطيات الروسية المجمدة في الغرب، ويرى النائب أن الخطوة ستسهم في استقرار سعر صرف الروبل، وتحد من التقلبات في سوق العملات.

وقالت نابيولينا إن «هذه المبادرة تحتاج إلى مزيد من التطوير، ولكن من حيث المبدأ يمكن اعتبار هذه المبادرة أحد الإجراءات لحماية الأصول الروسية المجمدة في الخارج».


مقالات ذات صلة

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

أبلغ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية القضاة أن علي عبد الرحمن (كوشيب)، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع.

شمال افريقيا أحد سكان حي أم درمان القديم ينظر إلى منزله بعد أن تضرر بالقذائف (رويترز)

لجنة الإنقاذ الدولية: الأزمة الإنسانية في السودان هي الأكبر على الإطلاق

قال تقرير أصدرته لجنة الإنقاذ الدولية الأربعاء إن الأزمة في السودان أصبحت «أكبر أزمة إنسانية مسجلة على الإطلاق».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)

الخارجية الروسية: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، في مقابلة بثت يوم أمس، إن روسيا نقلت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى روسيا بشكل آمن للغاية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا حاكم الخرطوم وأعضاء لجنة أمن الولاية يزورون المواقع التي استهدفتها «قوات الدعم السريع»... (حكومة ولاية الخرطوم)

السودان: مقتل أكثر من 65 شخصاً في قصف مدفعي على أم درمان

أعلنت السلطات الحكومية السودانية، اليوم الثلاثاء، مقتل أكثر من 65 شخصاً، وإصابة المئات، في قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة أم درمان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا تصاعُد الدخان في أم درمان خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني عام 2023 (رويترز)

الخرطوم: مقتل 65 شخصاً في قصف نفذته «قوات الدعم السريع»

أعلن والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، اليوم الثلاثاء، أن عمليات قصف نفّذتها «قوات الدعم السريع» طالت مدينة أم درمان، أسفرت عن مقتل 65 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)
القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)
TT

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)
القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

كشف أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة أُذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) أن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا، لأنها ليست في الوضع الذي تتطلع إليه فيما يتعلق بالأسلحة والضمانات الأمنية، وفقاً لوكالة «رويترز».

تأتي تصريحاته لمحطة عامة في وقت يدرس به زيلينسكي إمكانية التوصل إلى تسوية عبر التفاوض لإنهاء الحرب مع روسيا.

وقال يرماك عندما سُئِل عما إذا كانت أوكرانيا مستعدة للدخول في محادثات «ليس اليوم».

وتابع: «نحن لا نمتلك الأسلحة، ولا نمتلك الوضع الذي نتحدث عنه. وهذا يعني دعوة لحلف شمال الأطلسي وتفاهماً على ضمانات واضحة... حتى نطمئن بأن (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) لن يعود للمهاجمة في غضون عامين أو ثلاثة أعوام».

وفي تصريحات أدلى بها هذا الأسبوع، قال زيلينسكي إن أوكرانيا تريد إنهاء الحرب، وإن هناك حاجة إلى بذل جهود لجعل بلاده أقوى، وإلزام «الكرملين» بالعمل نحو السلام.

وفي تصريحات عامة في الآونة الأخيرة، أوضح الرئيس أيضاً أن محادثات قد تجري مع استمرار سيطرة روسيا على الأراضي التي احتلتها خلال الغزو.

لكنه أضاف أن أوكرانيا بحاجة إلى توجيه دعوة إلى البلاد بأكملها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وترفض روسيا منذ فترة طويلة أي حديث عن انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي، ويقول بوتين إن على كييف أن تتقبل ضم «الكرملين» لـ4 مناطق أوكرانية تسيطر عليها روسيا بشكل جزئي.