منذ أن اجتاحت القوات الروسية أوكرانيا في فبراير (شباط) العام الماضي، تطلب أوكرانيا طائرات مقاتلة غربية. فلماذا تريدها؟ وفيمَ يمكنها استخدامها؟ وما هي بعض قيودها؟يقول جون هون المحلل العسكري الأميركي السابق، ووليام كورتني سفير أميركا السابق لدى كازاخستان في تقرير نشرته مؤسسة البحث والتطوير الأميركية (راند)، إن الطائرات العسكرية تشبه السيارات. وهناك طائرات مختلفة مصممة لمهام مختلفة. وعموماً، لن يمكن استخدام سيارة «هوندا سيفيك» في سباق «كورفيت». وبعض الطائرات مصممة لحماية الأجواء. والبعض الآخر مصمم لدعم القوات على الأرض. وهناك طائرات أخرى تعتبر مثل سيارات الدفع الرباعي في عالم المقاتلات، قادرة على القيام بمهام كثيرة. ويضيف هون، وهو باحث سياسات بمؤسسة «راند»، وكورتني، وهو أحد كبار الزملاء بمؤسسة «راند»، كما نقلت عنهما الوكالة الألمانية للأنباء، أن تقريراً لجهاز الأبحاث بالكونغرس حدد فيه الفجوات في الإمكانات التي قد تحتاج الطائرات المقاتلة الأوكرانية التغلب عليها، وتمثلت في: التفوق الجوي، وقمع الدفاعات الجوية، والمعلومات الاستخباراتية، والمراقبة، والاستطلاع، والهجوم البري. والمقاتلات الغربية مصممة لسد هذه الفجوات. فهي بإمكانها ملء الفراغ عندما يفشل أسطول الجبهة الأوكراني المكون من طائرات «فولكرم ميغ - 29» و«فلانكر سوخوي - 27» والتي أنتجها الاتحاد السوفياتي السابق ليواجه بها الطائرات الغربية، لكن مرت عليها عشرات السنين الآن، عندما كان الاتحاد السوفياتي ما زال موجوداً. والآن تتفوق المقاتلات الروسية الحديثة، مثل «سوخوي - 35»، و«ميغ - 31»، على الطائرات الأوكرانية. وبوسع طائرات «ميغ - 29» أثناء تحليقها على ارتفاع كبير أن ترصد، وتحذر، أو تدمر بعض التهديدات المحمولة جواً قبل أن تكتشفها الرادارات الأرضية. وتستطيع الدفاعات المحمولة جواً والأرضية تدمير عدد كبير للغاية من صواريخ «كروز» ومن المسيرات الروسية التي تهاجم أهدافاً ثابتة. وهذه الدفاعات تساعد أيضاً في ردع الطائرات الروسية وتمنعها من الطيران فوق الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا. ويمكن لطائرات «ميغ - 29» مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن المدن؛ إذ إن صواريخ «كروز» والمسيرات الروسية تهاجم منشآت الطاقة وغيرها وتتسبب في أضرار كبيرة وإن كانت أحياناً مؤقتة، ولكن أوكرانيا قد تواجه نقصاً في الدفاعات الجوية والذخائر على الأرض. وتستعد طائرات «ميغ - 29» لسد فراغ مهم.
وهنا يثار التساؤل حول المهام التي يمكن استخدام المقاتلات الغربية فيها. لقد نصبت روسيا دفاعات جوية متقدمة في أجزاء تحتلها من أوكرانيا. وهذه الدفاعات تزيد من المخاطر بالنسبة للطائرات الأوكرانية في حالة تحليقها فوق أراضٍ تسيطر عليها روسيا. لذلك، تحتاج أوكرانيا من أجل دعم عمليات القوات البرية إلى قمع الدفاعات الجوية الروسية.
ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون بارزون، إن المعركة الحالية هي أساساً معركة مدفعية. وربما تعاني روسيا وأوكرانيا على السواء من نقص ذخيرة المدفعية - بما في ذلك القذائف الخاصة بالمدفعية الأنبوبية والصواريخ من النظام الصاروخي المدفعي عالي الحركة الشهير. ويمكن للمقاتلات الغربية استهداف الكثير من المواقع الروسية والمساعدة في تخفيف وطأة نقص الذخيرة، لكن ما هي قيود المقاتلات الغربية؟سوف تحتاج أوكرانيا إلى طيارين مدربين تدريباً جيداً لقيادة المقاتلات الغربية وصيانتها. ورغم أن بعض المراقبين يركزون على الطيارين، فإن تدريب مسؤولي الصيانة ليمكنهم إصلاح أعطال الطائرات بأمان يحتاج إلى سنوات. ويمكن تعويض نقص مسؤولي الصيانة المحترفين بأفراد متعاقدين غربيين، ولكن ذلك سيكون باهظ التكاليف. ومن الممكن أن ينطوي الأمر أيضاً على خطورة؛ إذ من المحتمل أن تستهدف الصواريخ الموجهة بدقة والمسيرات منشآت الصيانة. إن بعض المقاتلات الغربية مثل «إف- 16» واسعة الانتشار، يمكنها أن تحسن الأداء على المدارج الطويلة السلسة، لكنها قد تواجه صعوبات بالنسبة للمدارج السوفياتية السابقة غير السلسة بدرجة كبيرة والمنتشرة في أنحاء أوكرانيا. وكما أشار معهد الخدمات الملكية المتحدة، تفتقر أوكرانيا للبنية التحتية المناسبة لتشغيل هذه الأنواع من الطائرات بأمان. ولكي تستعين أوكرانيا بالطائرات الغربية، قد تحتاج إلى إعادة تمهيد مدارج الطائرات وإمكانية زيادة عددها، وهي عملية من المرجح أن تكشفها روسيا. وإذا كان هناك عدد قليل فقط من المطارات المناسبة وفي أماكن معروفة، فمن الممكن أن تؤدي الهجمات الروسية المركزة إلى حرمان طائرات «إف-16» الأوكرانية من الطيران.
من ناحية أخرى، تعتبر المقاتلات الغربية باهظة التكاليف بالنسبة لثمنها وصيانتها، ويمكن أن يحتاج طلب مقاتلات جديدة إلى سنوات لتصنيعها. وأي طائرة غربية يمكن أن يصل ثمنها إلى 100 مليون دولار ، وعلى الأقل خمسة ملايين دولار أخرى سنوياً لتشغيلها. ووفقاً للميزانيات السابقة، قد تجد أوكرانيا نفسها في مأزق لتوفير التمويل اللازم. وفيما يتعلق بالقتال هذا العام، قد تعتمد أوكرانيا أساساً على عدة عشرات من طائرات «ميغ- 29» القديمة وتحويل نحو 30 طائرة أخرى من بولندا وسلوفاكيا. ومعروف أن طائرات «ميغ - 29» مسلحة بصواريخ «جو - جو» سوفياتية سابقة تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتوجه بالرادار، على الرغم من أن بعض الطائرات الأوكرانية قد تم تعديلها لتحمل أيضاً صواريخ أميركية حديثة مضادة للإشعاع وقنابل دقيقة التوجيه. واختتم الباحثان تقريرهما بأنه في السنوات المستقبلية إذا استمرت الحرب، يمكن أن تكون الطائرات والأسلحة الغربية محورية، ولكن سوف يتعين على أوكرانيا والدول الغربية أن تبحث بدقة ما تتوقع أن تجنيه من خيارات القتال الجوي.
وفي سياق متصل، نشر «البنتاغون»، الأربعاء، ما سُمّي «ورقة حقائق» عن المساعدات الإجمالية التي قدَّمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، وقال إنه في المجموع، التزمت الولايات المتحدة بأكثر من 36.4 مليار دولار من المساعدات الأمنية، منذ بداية إدارة بايدن، بما في ذلك أكثر من 35.7 مليار دولار منذ بداية الاجتياح الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022.
في المجموع، التزمت الولايات المتحدة بأكثر من 36.4 مليار دولار من المساعدات الأمنية منذ بداية إدارة بايدن، بما في ذلك أكثر من 35.7 مليار دولار منذ بداية الاجتياح الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022
البنتاغون
«البنتاغون» يقدم مساعدة أمنية جديدة لأوكرانيا... وصفقة لتجديد مخزوناته من «جافلين»
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تفاصيل المساعدة الأمنية الجديدة لأوكرانيا، بقيمة 300 مليون دولار؛ لتلبية احتياجاتها الأمنية والدفاعية الحرِجة. وتتضمن الحزمة الجديدة، التي جرى سحبها من مخزونات الجيش الأميركي، ذخيرة إضافية لأنظمة صواريخ المدفعية عالية الحركة «هيمارس»، ومَدافع «هاوتزر» عيار 155 ملم مع قذائفها، وقذائف «هاون» عيارات 120 و81 و60 ملم، وصواريخ «تاو» المضادّة للدروع، وأنظمة أسلحة «كارل غوستاف» المضادة للدروع، وصواريخ «هيدرا» تطلَق من الطائرات، وذخائر الأسلحة الصغيرة، وذخائر التدمير لإزالة العوائق، وشاحنات ومقطورات لنقل المُعدات الثقيلة، ومُعدات الاختبار والتشخيص لدعم صيانة المركبات وإصلاحها، وقِطع غيار ومُعدات ميدانية أخرى.
وقال «البنتاغون» إن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع حلفائها وشركائها، لتزويد أوكرانيا بالقدرات؛ لتلبية احتياجات ساحة المعركة الفورية، ومتطلبات المساعدة الأمنية، على المدى الطويل. ونشر «البنتاغون»، الأربعاء، ما سُمّي «ورقة حقائق» عن المساعدات الإجمالية التي قدَّمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، وقال إنه في المجموع، التزمت الولايات المتحدة بأكثر من 36.4 مليار دولار من المساعدات الأمنية، منذ بداية إدارة بايدن، بما في ذلك أكثر من 35.7 مليار دولار منذ بداية الاجتياح الروسي «غير المبرَّر والوحشي، في 24 فبراير (شباط) 2022».
وفي جهودها لسدّ النقص في الذخائر المستنفَدة جراء الحرب في أوكرانيا، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة مع شركتَي «لوكهيد مارتن»، و«رايثون» المصنّعتين لصواريخ «جافلين» المضادة للدروع. وقال بيان «البنتاغون» إن العقد يهدف لدعم الإنتاج للجيش ومشاة البحرية والبحرية والعملاء الدوليين، لأجَل غير مسمّى، بكميات غير محددة للسنوات المالية 2023 حتى 2026، مع تنفيذ فترة أساس بمبلغ 1.02 مليار دولار، وسقف 7.2 مليار دولار.
وقال دوغ بوش، مساعد وزير الجيش للاستحواذ واللوجيستيات والتكنولوجيا: «يسعى الجيش، جنباً إلى جنب مع شركاء الصناعة، لتقصير مهلة الإنتاج المرتبطة بتسليم هذه الأنظمة». وأضاف: «يوضح منح هذا العقد مدى إلحاح الحكومة الأميركية في الحصول على هذه الأنظمة، وتجديد مخزونات الذخيرة».
من جهة أخرى، اتخذت وزارة الخارجية الأميركية قراراً بالموافقة على صفقة مع حكومة جمهورية التشيك؛ لتجديد وتحديث طائرات هليكوبتر من طرازي «إيه إتش-1زد» و«يو إتش-1واي»، والمُعدات ذات الصلة، بقيمة تقديرية تصل إلى 650 مليون دولار. وقدَّمت، الأربعاء، «وكالة التعاون الأمني الدفاعي»، الشهادة المطلوبة لإخطار «الكونغرس» بهذا البيع المحتمل. وأضافت «الخارجية» الأميركية أن حكومة جمهورية التشيك طلبت شراء مُعدات وخدمات لتجديد 6 مروحيات «إيه إتش-1زد»، وطائرتَي «يو إتش-1واي».
كما تشمل الصفقة محركات طائرات، وقِطع غيار، وأنظمة تحديد المواقع العالمية، ورشاشات ثقيلة، وأجهزة راديو واتصالات، وأنظمة حرب إلكترونية، ومُعدات لوجيستية. وأضافت «الخارجية» أن عملية البيع ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال المساعدة «في تحسين أمن شريك في حلف (الناتو)، الذي يُعدّ قوة مهمة لضمان السلام والاستقرار في أوروبا». وستعمل الصفقة المقترحة على تحسين قدرة جمهورية التشيك على تطوير والحفاظ على قدرة قوية وجاهزة للدفاع عن النفس.