دخل نصري عصفورة (67 عاما) رئيس البلدية السابق للعاصمة الهندوراسية تيغوسيغالبا، والمعروف بين أنصاره باسم «تيتو»، سباق الانتخابات الرئاسية في هندوراس المقررة يوم الاحد المقبل وسط ضجة كبيرة، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعمه.
ويعكس هذا الدعم مؤشراً قوياً للناخبين على أن حملته قد تركز على سياسات استثمارية واستقرار اقتصادي، ويرفع تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين تيغوسيغالبا وواشنطن، وفق تقارير إعلامية عديدة.
ويُسوق عصفورة حملته تحت شعار «Papi a la Orden» («بابي في خدمتك»)، وهو لقب شعبي يعكس استراتيجية سياسية للتقرب من المواطنين؛ إذ يوحي بأنه قريب من الناس ومستعد دائماً لخدمتهم، ما يمنحه ميزة شعورية أمام المرشحين التقليديين، وفق ما ذكرت صحيفة «لاتن أماريكان ريبورت».

فمن هو نصري عصفورة؟
وُلد عصفورة عام 1958 لأبوين فلسطينيين مهاجرين، وبدأ حياته المهنية في قطاع البناء بعد أن ترك دراسة الهندسة المدنية في الجامعة، قبل أن يدخل عالم السياسة المحلية.
وشغل عضوية البرلمان، ثم تولى رئاسة بلدية العاصمة تيغوسيغالبا بين عامي 2014 و2022؛ حيث ركّز على مشاريع البنية التحتية لتحسين حركة المرور، ما أكسبه شعبية ملموسة، رغم فقدان المدينة نحو 400 شجرة خلال تلك الفترة، بحسب “Americas Quarterly».
وفي عام 2021، ترشح عصفورة لأول مرة للرئاسة باسم الحزب الوطني، لكنه فشل، ليصبح لاحقاً المرشح الرئيسي للحزب في انتخابات 2025، وفق «لاتن أماريكان ريبورت».
التحديات القانونية والتاريخية
وواجه عصفورة اتهامات بإساءة استخدام أكثر من مليون دولار من الأموال العامة أثناء توليه رئاسة البلدية، شملت اختلاس الأموال وغسل الأموال واستخدام مستندات مزورة، قبل أن تُسقط جميع التهم عنه في النهاية.
يأتي هذا في سياق سجل حزبه الوطني الملطخ بقضايا فساد، أبرزها إدانة الرئيس السابق للحزب، خوان أورلاندو هيرنانديز، في الولايات المتحدة، بتهم تتعلق بالمخدرات، كما ذكرت «لاتن أماريكان ريبورت».

برنامج انتخابي يركز على الاستثمار والأمن
ويركّز عصفورة على جذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال إنشاء مناطق تجارة حرة ومتنزهات صناعية، وتحسين البنية التحتية للنقل والطاقة، إضافة إلى مشاريع إسكان اجتماعي تستهدف 550 ألف وحدة خلال عشر سنوات، وفق تقرير “AS-COA».
وفي مجال الأمن، يقترح تدريب الشرطة على مكافحة الفساد وحقوق الإنسان، وزيادة انتشار قوات مشتركة في المناطق الحساسة، وإنشاء وحدات متخصصة لتفكيك شبكات الابتزاز.
من يدعم «تيتو»؟
يحظى عصفورة بدعم موظفي الدولة، وقيادات الجيش والشرطة، وأهالي تيغوسيغالبا، إضافة إلى الناخبين الإنجيليين والنخب الاقتصادية التي استفادت من مشاريعه السابقة، كما أشار تقرير «Americas Quarterly».
ووفق التقرير، فإن دعم ترمب يضيف عنصراً استراتيجياً لحملته، ويعزز صورته كمرشح يركز على الاستقرار الاقتصادي والسياسات الاستثمارية.
ما فرص فوزه؟ وماذا عن التحديات؟
يُعتبر عصفورة سياسيا مخضرماً ويحظى بشعبية واضحة في العاصمة، لكن التحديات كبيرة: الانقسام داخل المعارضة، الاتهامات السابقة بالفساد، ومخاطر أن يؤدي التصويت الموحد للمعارضة إلى تفوق منافسه.
وتاريخياً، لم ينجح أي حزب في الفوز بالانتخابات الرئاسية لأكثر من ثلاث فترات متتالية منذ انتقال هندوراس إلى الحكم المدني في 1982. بحسب «لاتن اماريكان ريبورتس».
سلفادور نصر الله منافسه في الانتخابات؟
ينافس عصفورة بقوة على الرئاسة سلفادور نصر الله، المرشح عن الحزب الليبرالي والذي يُعرف بخبرته السياسية السابقة نائباً أول للرئيس في حكومة شيومارا كاسترو قبل استقالته في 2024، وحضوره الإعلامي القوي، بحسب موقع «AS-COA».

ويركّز برنامج نصر الله على العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد، مع تعزيز التعليم والرعاية الصحية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وزيادة فرص العمل في المناطق الحضرية، ويطالب بمراقبة دولية للانتخابات لضمان الشفافية، وفق ما ذكرت تقارير «AS-COA» و«لاتن أماريكان ريبورتس».
ومن المتوقع أن يكون السباق محتدماً، لا سيما إذا نجحت المعارضة في توحيد أصواتها، ما قد يقلص فرص عصفورة في الفوز، ويجعل انتخابات هندوراس 2025 واحدة من أكثر الانتخابات جدلية منذ عقود، وسط متابعة دولية واسعة.
وُلد نصر الله عام 1953 في تيغوسيغالبا، لعائلة من أصول لبنانية، وأتم دراسته الثانوية قبل أن ترسله أسرته إلى تشيلي حيث التحق بالجامعة الكاثوليكية، وتخصص في الهندسة الصناعية المدنية، كما نال درجة الماجستير في إدارة الأعمال مع مرتبة الشرف. إلى جانب دراسته، حصل على دروس في الدراما والتلفزيون، مما ساهم في بناء حضور إعلامي قوي.

أظهرت النتائج الجزئية بعد فرز 57 في المائة من الأصوات حصول نصر الله على أكثر من 45 في المائة من الأصوات مقابل نحو 40 في المائة لمنافسه الرئيس الحالي خوان أورلاندو هيرنانديز. ورغم التوقعات السابقة بفوز هرنانديز، بدا نصر الله واثقاً بفوزه؛ وطمأن متابعيه على حسابه في «تويتر» قائلاً: «أنا الرئيس المنتخب لهندوراس»، وفق ما ذكرت «Latin America Reports».
ويُتوقع أن يكون السباق محتدماً، خاصة إذا نجحت المعارضة في توحيد أصواتها، مما يزيد أهمية كل صوت في تحديد نتيجة انتخابات هندوراس 2025 التي تُعد واحدة من أكثر الانتخابات جدلية منذ عقود، وسط متابعة دولية واسعة.
ريكسي مونكادا: مرشحة اليسار وأول وزيرة للدفاع
أما المرشحة الثالثة التي تتنافس على السباق الرئاسي، فهي ريكسـي مونكادا، التي شغلت منصب وزيرة الدفاع، وهي أول امرأة تتولّى هذا المنصب في هندوراس.

وترشّحت مونكادا باسم حزب «ليبر»، وتُعتبر خيار اليسار التقدمي في الانتخابات بحسب AS/COA.
وتُقدّم مونكادا نفسها على أنها استمرار لمسار حكومة اليسار الحالية، وتعد بـ «الدفاع عن القطاع العام» ورفض سياسات الخصخصة، مع برنامج يركّز على إعادة توزيع الثروة، دعم المشاريع الصغيرة، توسيع الائتمان للشباب والمهمشين، ومكافحة الفساد.


