«مجموعة العشرين»... تجمع عالمي وأكبر تاجر سلاح

تمثل مجتمعة 85 % من الاقتصاد العالمي و80 % من سكان المعمورة

TT

«مجموعة العشرين»... تجمع عالمي وأكبر تاجر سلاح

جانب من اجتماعات «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)
جانب من اجتماعات «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

تأسست «مجموعة العشرين» التي باشرت قمتها السنوية في ريو دي جانيرو «بناء عالم عادل وكوكب مستدام»، في عام 1999 استجابة للكثير من الأزمات الاقتصادية العالمية، وهي المنتدى الأول لتسهيل التعاون الاقتصادي العالمي مع تعافي العالم من الأوبئة والتضخم وانقطاعات سلسلة التوريد والعواقب الباهظة لتغير المناخ على مدى السنوات الأخيرة.

وتضم المجموعة كلاً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وتركيا وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

وتمثل دول «مجموعة العشرين» مجتمعة أكثر من 85 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، ونحو 75 في المائة من الصادرات العالمية، ونحو 80 في المائة من سكان المعمورة، حسب «مجلس العلاقات الخارجية»، وهو مركز أبحاث مقره أميركا.

وقد ظلت هذه الأرقام مستقرة نسبياً في حين تقلصت المعدلات المقابلة لدول مجموعة السبع، وهي مجموعة أصغر من الديمقراطيات المتقدمة، مع استحواذ الأسواق الناشئة الأكبر حجماً على حصة أكبر نسبياً من اقتصاد العالم.

ما الذي كان على جدول أعمالها؟

ركزت «مجموعة العشرين» في البداية إلى حد كبير على سياسة الاقتصاد الكلي الواسعة، لكنها وسّعت نطاقها. وقد فتحت قمة عام 2016 في هانغتشو بالصين آفاقاً جديدة عندما أعلن الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما والرئيس الصيني شي جينبينغ رسمياً انضمام بلديهما إلى اتفاقية باريس للمناخ.

ولا يزال التنسيق الاقتصادي والمالي هو محور جدول أعمال كل قمة، ولكن قضايا مثل مستقبل العمل وتغير المناخ والصحة العالمية هي محاور تركيز متكررة أيضاً. وقد أصبحت جداول الأعمال الأوسع نطاقاً أكثر شيوعاً في العقد الذي أعقب الأزمة المالية العالمية، عندما تمكنت «مجموعة العشرين» من تحويل انتباهها إلى ما هو أبعد من إدارة الأزمات الاقتصادية الحادة.

ولكن في القمم الأخيرة، كافحت الدول للتوصل إلى توافق موحد في الآراء - وهي السمة المميزة للدورات السابقة للمؤتمر - حيث استمرت مصالح الاقتصادات ذات الدخل المرتفع والمنخفض في التباعد.

قدرات المجموعة الدفاعية

تجمع «مجموعة العشرين» بين الجيوش الكبرى. فمع القدرات الصناعية الدفاعية المحلية القوية، تضم المجموعة 12 من أكبر 20 دولة مصدّرة للأسلحة في العالم.

ووفقاً لقاعدة بيانات الإنفاق العسكري وقاعدة بيانات نقل الأسلحة التابعة لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، فإن أكبر منفقَين عسكريين في العالم في عام 2023 هما الولايات المتحدة (916 مليار دولار وبزيادة نسبتها 2.3 في المائة عن عام 2022 و9.9 في المائة عن عام 2014) والصين بفارق واضح (296 مليار دولار)، وهو ما يمثّل أصلاً نحو نصف الإنفاق العسكري العالمي في عام 2023. وتمثل حصة الولايات المتحدة من إجمالي الإنفاق العالمي 37 في المائة، في حين تبلغ حصة الصين 12 في المائة.

ومن المثير للاهتمام أن اليابان رغم كونها اقتصاداً كبيراً، فإن إنفاقها الدفاعي لا يتناسب مع حجم اقتصادها. فقد بلغ إنفاقها الدفاعي 50.2 مليار دولار في 2023. وكان رئيس الوزراء الياباني في حينه فوميو كيشيدا قد أصدر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 استراتيجية جديدة للأمن القومي، تهدف إلى زيادة الإنفاق الدفاعي للبلاد إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.

روسيا

وتشير تقديرات «سيبري» إلى أن الإنفاق العسكري الروسي في عام 2023 بلغ 109 مليارات دولار، وهو أعلى بنسبة 24 في المائة مقارنة بعام 2022 وأعلى بنسبة 57 في المائة مقارنة بعام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم.

وفي عام 2023، كان الإنفاق العسكري الروسي يعادل 5.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و16 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي، ومثّل ذلك أعلى مستويات سجلتها روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. والأرقام الخاصة بالإنفاق العسكري الروسي في عام 2023 غير مؤكدة إلى حد كبير بسبب الغموض المتزايد للسلطات المالية الروسية منذ الغزو الكامل لأوكرانيا في عام 2022، وفق «سيبري».

وبالإضافة إلى موازنة الدولة، فإن التمويل لدعم الغزو جاء من مصادر دخل خارج الموازنة مثل الشركات والأفراد والمنظمات. وفي حين أن هذه المساهمات ربما تكون متواضعة مقارنة بالميزانية الرسمية، فإن الافتقار إلى المعلومات عنها يعني أن أرقام الإنفاق العسكري لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام بالنسبة لروسيا أقل من الواقع.

وقد أسهم الأداء الاقتصادي الروسي إلى حد كبير في زيادة الإنفاق العسكري الروسي في عام 2023، الذي تجاوز التوقعات على الرغم من الانخفاض الكبير في عائدات النفط والغاز في البلاد.

وقد اعتمدت روسيا على صندوق الثروة السيادي والقروض الحكومية لتمويل عجز موازنتها المتزايد، الأمر الذي سمح لها بالحد من تأثير غزوها الكامل لأوكرانيا على اقتصادها.

ومن بين أعضاء «مجموعة العشرين»، تعد الولايات المتحدة، من حيث النسبة المئوية، أكبر مستورد للأسلحة، بقيمة 32.9 مليار دولار في 2023، تلتها الصين بقيمة 6.35 مليار دولار، ثم روسيا 4.36 مليار دولار والهند بقيمة 4.33 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الأميركي المستجدات الاقليمية

الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مباحثاته مع نظيره الأميركي (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الأميركي المستجدات الاقليمية

أجرى وزير الخارجية السعودي ، مباحثات مع نظيريه الأميركي والسنغافوري كل على حده، وذلك على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الاقتصاد جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وزير البيئة السعودي: المملكة تركز على أهمية معالجة تحديات الأمن الغذائي

نوّه وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، بريادة المملكة في دعم جهود «مجموعة العشرين»، لتحقيق أهداف تحديات الأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب) play-circle 01:31

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

تنطلق «قمة العشرين» في البرازيل وسط صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وفي ظل ترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الاقتصاد خلال اجتماع قادة «مجموعة العشرين» في البرازيل (رويترز)

محافظ «المركزي السعودي»: دور المملكة مهم في دعم تعافي الاقتصاد العالمي

أكد محافظ البنك المركزي السعودي «ساما» أيمن السياري أن المملكة تقوم بدورٍ مهم في دعم استمرار تعافي الاقتصاد العالمي والحفاظ على الاستقرار المالي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
الخليج وزير الخارجية السعودية خلال رئاسته وفد المملكة في قمة العشرين (واس)

السعودية تعلن انضمامها إلى التحالف الدولي لمكافحة الجوع والفقر

ترأس وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، الاثنين، في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وفد المملكة المشارك في قمة دول مجموعة العشرين.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

TT

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)
جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

يلتقي قادة «مجموعة العشرين»، الاثنين، في ريو دي جانيرو لعقد قمة تجري وسط أوضاع عالمية صعبة تخيم عليها صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والخلافات الكبيرة في وجهات النظر حول أوكرانيا والشرق الأوسط وترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ويسعى رؤساء دول وحكومات القوى الاقتصادية الكبرى المتطورة والناشئة، وفي طليعتهم الرئيس الأميركي جو بايدن في أواخر ولايته ونظيره الصيني شي جينبينغ، لإحراز تقدم حول مسألة تمويل سبل التصدي للتغير المناخي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأحد، قادة الدول العشرين إلى الاضطلاع بدورهم «القيادي» والقيام بـ«تسويات» تسمح بتحقيق «نتيجة إيجابية في مؤتمر (كوب 29)» حول المناخ المنعقد في باكو وحيث المفاوضات حول هذه المسألة متعثرة منذ أسبوع.

وتمثل «مجموعة العشرين» المؤلفة من 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و80 المائة من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم.

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

انقسامات

تنعقد القمة في وقت تشهد فيه الأسرة الدولية انقسامات حول مسألتي الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل مع حركة «حماس» في قطاع غزة و«حزب الله» في لبنان. وأقر مصدر حكومي ألماني قبل القمة بأن «المفاوضات حول أوكرانيا والشرق الأوسط... هي الأكثر صعوبة. سنرى إلى أين يمكننا المضي في البيان، سيكون هذا تحدياً». وأوضح مسؤول آخر أنه بينما تقف الصين في صف روسيا فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، تعتقد ألمانيا أن بكين ستجد صعوبة أكبر في البقاء على هذا الموقف مع تحول الصراع إلى «عالمي» مع نشر روسيا قوات كورية شمالية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

ووجهت الرئاسة الفرنسية تحذيراً بشأن أوكرانيا التي تعرضت للتو لواحدة من أضخم الهجمات الروسية منذ أشهر، قائلة: «سنعارض بحزم أي تراجع في الخطاب».

وسيكون الرئيس فلاديمير بوتين الغائب الأكبر عن القمة، بعدما تَغَيَّبَ عن الاجتماعات الأخيرة، غير أن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى لحظة استراتيجية؛ إذ أعلنت واشنطن الأحد أنها أجازت لكييف استخدام صواريخ بعيدة المدى سلمتها إياها لضرب عمق الأراضي الروسية.

غموض بشأن موقف ميلي

فهل تتوصل مجموعة العشرين إلى التفاهم على بيان ختامي بحلول نهاية القمة، الثلاثاء؟

واقترنت الخلافات حول النزاعات الكبرى الجارية خلال الأيام الأخيرة بغموض حول الموقف الذي سيعتمده الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الليبرالي المتطرف والمشكك في حقيقة التغير المناخي. وقال رئيس الوفد الأرجنتيني إلى القمة فيديريكو بينييدو إن بوينوس أيريس قدمت بعض الاعتراضات، ولن توقع «بالضرورة» النص، دون الخوض في التفاصيل.

ويأمل الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يستضيف القمة أن يسجل نقاطاً في الملفات الاجتماعية، وهو المروج لمفهوم «الجنوب الشامل» والمدافع عن الطبقات الأكثر فقراً. وحذر لولا مساء الأحد في مقابلة أجرتها معه شبكة «غلوبو نيوز» البرازيلية بأنه يعتزم طرح النزاعات جانباً «وإلا فلن نناقش المسائل الأخرى التي تهم... الفقراء المنسيين في العالم».

والرئيس البرازيلي، وهو نفسه عامل سابق ومتحدر من عائلة فقيرة، مصمِّم على تحقيق إنجاز كبير مع إطلاق «تحالف عالمي ضد الجوع والفقر»، صباح الاثنين.

وسيجمع هذا التحالف دولاً من العالم بأسره ومؤسسات دولية سعياً لإيجاد وسائل مالية ودعم المبادرات التي تحقق نتائج محلياً. كما يدفع لولا باتجاه فرض ضرائب على الأكثر ثراءً، بعدما تعهد وزراء مالية «مجموعة العشرين» بـ«التعاون» في هذه المسألة خلال اجتماعاتهم في ريو دي جانيرو في يوليو (تموز) وفي واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول).

شرذمة

يخيم ظل ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، مطلع العام المقبل، على اجتماع ريو، لا سيما بعدما زاره ميلي في مقره في فلوريدا قبل بضعة أيام. ووجه بايدن رسالة إلى خلفه خلال زيارة قام بها لمنطقة الأمازون البرازيلية، إذ أكد أنه «لا أحد يمكنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء» في ما يتعلق بـ»ثورة الطاقة النظيفة». ودافع في قلب الغابة الاستوائية في ماناوس عن حصيلته في مكافحة الاحتباس الحراري، مؤكدا أن هذه الظاهرة «ربما تكون التهديد الوجودي الوحيد لكل دولنا وللبشرية جمعاء».

وعند أبواب الولاية الجديدة للرئيس الأميركي الجمهوري المؤيد للطاقات الأحفورية والمعارض للنهج التعددي، تتصاعد المخاوف من تراجع مكافحة الاحتباس الحراري، وازدياد شرذمة الأسرة الدولية.

وقال أوليفر ستونكل أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة «جيتوليو فارغاس» في ساو باولو: «ندخل بالتأكيد سيناريو عالمياً تزداد صعوبة التكهن بالمنحى الذي سيتخذه، غير أنه يترك هامشاً أكبر بكثير لدول الجنوب، للصين وسواها... لوضع رؤيتها الخاصة؛ لأن النظام القديم على وشك الانهيار».

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قبل اجتماعهما على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يعتزم شي جينبينغ الذي وصل، الأحد، إلى ريو دي جانيرو قادماً من ليما؛ حيث شارك في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، عقد لقاءات ثنائية مع كثير من القادة. وأفادت وسائل إعلام صينية بأن من المقرر أن يجري الرئيس شي محادثات شاملة مع نظيره البرازيلي، تتطرق إلى «تعزيز العلاقات بين البلدين بشكل أكبر».