فنزويلا: النظام والمعارضة نحو مواجهة مفتوحة

رفضا تنظيم انتخابات جديدة وسط تصاعد الضغوط الدولية على مادورو

أنصار المعارضة يطالبون بنشر نتائج الانتخابات كاملة في مظاهرة بميامي 17 أغسطس (أ.ف.ب)
أنصار المعارضة يطالبون بنشر نتائج الانتخابات كاملة في مظاهرة بميامي 17 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

فنزويلا: النظام والمعارضة نحو مواجهة مفتوحة

أنصار المعارضة يطالبون بنشر نتائج الانتخابات كاملة في مظاهرة بميامي 17 أغسطس (أ.ف.ب)
أنصار المعارضة يطالبون بنشر نتائج الانتخابات كاملة في مظاهرة بميامي 17 أغسطس (أ.ف.ب)

بعد يوم التعبئة الواسعة التي دعت إليها المعارضة الفنزويلية في الداخل والخارج احتجاجاً على ما وصفتها بأنها «سرقة» نتائج الانتخابات الرئاسية، والمظاهرة التي دعا إليها النظام في العاصمة كاراكاس وأطلق فيها نيكولاس مادورو اتهامات وتهديدات ضد رموز المعارضة، يتّجه الطرفان نحو مواجهة مفتوحة تعيد إلى الأذهان شبح الصدامات التي أغرقت فنزويلا خلال السنوات الماضية في دوامة من العنف والفوضى، تسبّبت في أزمة معيشية خانقة دفعت بأكثر من ربع السكان إلى مغادرة البلد الذي يملك أكبر احتياطي للنفط في العالم.

وبعد أسابيع من تواريها عن الأنظار خوفاً من تهديدات النظام والدعوات المتكررة لاعتقالها، عادت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، للظهور في العاصمة كاراكاس، حيث قادت مظاهرة شارك فيها الآلاف تحت رقابة أمنية مشددة، بالتزامن مع مئات المظاهرات في شتى أنحاء العالم تعبيراً عن الشتات الفنزويلي الواسع الذي يزيد تعداده حسب الإحصاءات الأخيرة على 8 ملايين مهاجر، والذي يُخشى أن يتضاعف إذا استمرت الأزمة الراهنة على حالها.

المعارضة تتمسّك بموقفها

زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو قادت مظاهرة المعارضة في كراكاس 17 أغسطس (أ.ف.ب)

ظهرت ماتشادو بشكل مفاجئ، في ثياب تمويهية، أمام الجماهير المحتشدة في العاصمة. وقالت إن «هذا الحشد مدعاة للفخر والاعتزاز، إذ لم يسبق لمجتمع أن تمرّد مثلكم لتعرية الطاغية». وأكّدت أن المعارضة في حوزتها «الدليل على فوز مرشحها، الذي يعرف العالم أن انتصاره كان ساحقاً».

واستعرضت زعيمة المعارضة المسيرة الطويلة التي قطعتها الأحزاب المناهضة للنظام طيلة 25 عاماً «من القمع والملاحقات القانونية المفبركة والمكائد ومحاولات التفرقة». وقالت: «لكننا في النهاية تمكّنا من التغلب على التزوير وتحقيق النصر الذي لن نقبل التفريط به مرة أخرى».

كان النظام قد قام بحملة واسعة من الاعتقالات عشية يوم التعبئة، شملت قادة الأحزاب المعارضة، مثل الأمين العام لمنظمة «العمل الديمقراطي» بيرو مارون، الذي وجهت إليه تهمة التحريض على العنف وأعمال الشغب.

مظاهرة حاشدة لمعارضي حكومة مادورو في كراكاس يوم 17 أغسطس (أ.ف.ب)

لكن رغم التهديدات التي صدرت عن القيادات السياسية والأمنية، مثل تصريحات قائد الحرس الوطني الذي قال إن «نقلاً مجّانياً مُؤمّن إلى السجون يوم السبت، لكن فقط للذهاب»، خرج الآلاف إلى التظاهر في حي «بيتاري» الشعبي، الأكبر في أميركا اللاتينية، حيث انطلقت شرارة الاحتجاجات الشعبية غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية أواخر الشهر الماضي.

وكانت أكبر المظاهرات التي نظّمتها المعارضة في الخارج تلك التي جابت شوارع العاصمة الكولومبية بوغوتا، والعاصمة الإسبانية مدريد، حيث سارت في طليعتها رئيسة الحكومة الإقليمية إيزابيل آيوسو.

مادورو يحشد أنصاره

مادورو يحيِّي أنصاره خلال مظاهرة في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

من جهته، حشد النظام لمظاهرة في كاراكاس كانت المشاركة فيها دون المستويات السابقة، رغم الجهود التي بذلتها السلطات المحلية والأجهزة الرسمية في الأيام الماضية. ولدى وصول مظاهرة النظام إلى أمام القصر الرئاسي، خاطب مادورو أنصاره مؤكداً أنْ لا تراجع عن نتيجة الانتخابات التي أعلنها المجلس الانتخابي، واتّهم زعيمة المعارضة ومُرشّحها للرئاسة بالتخطيط للهرب من البلاد إلى الولايات المتحدة.

في غضون ذلك، تلاقى النظام مع المعارضة حول موقف واحد لرفض الاقتراح الذي تقدمت به البرازيل وكولومبيا لإعادة تنظيم الانتخابات، بضمانات كاملة لمشاركة جميع أطياف المعارضة وقياداتها ومراقبة إقليمية ودولية مستقلة لعملية الفرز. لكنَّ رفض النظام هذا الاقتراح جاء على لسان قيادات الصف الثاني، من غير أن يُدلي مادورو حتى الآن برأي بشأنه. فيما أعربت زعيمة المعارضة كورينا ماتشادو رفضها القاطع لمثل هذا الاقتراح، متسائلةً: «وماذا نفعل إذا جاءت النتيجة عكس ما يريد مادورو؟ هل نعيد الانتخابات مرة ثالثة ورابعة؟».

تواصُل الضغوط الدولية

أمام المخاوف من لجوء النظام إلى تصعيد الإجراءات ضد المعارضة، صدر بيان مشترك عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدّة بلدان أميركية لاتينية يشجب «تدابير القمع التي يمارسها النظام الفنزويلي»، ويطالب بالإفراج فوراً عن جميع الذين اعتُقلوا بشكل اعتباطي في إطار المظاهرات التي احتجت على نتائج الانتخابات الرئاسية.

جانب من مظاهرة داعمي الرئيس نيكولاس مادورو في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

وجاء في البيان الذي وقّعه الاتحاد الأوروبي مجتمعاً، وإسبانيا وإيطاليا بشكل منفرد، إلى جانب تشيلي والأرجنتين: «نطالب النظام باحترام المبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المواطنين، وبخاصة الحق في التظاهر السلمي وممارسة حرية التعبير».

ويستند هذا البيان المشترك إلى التقرير الأولي الذي وضعه فريق من خبراء الأمم المتحدة حول الانتخابات الفنزويلية، وخلُص في استنتاجاته إلى أن العملية الانتخابية افتقرت إلى التدابير الأساسية للشفافية والنزاهة، الأمر الذي يجعل نتائجها فاقدة للصدقية. ويذكّر التقرير الدولي بأن المجلس الوطني الانتخابي لم يقدّم حتى الآن المحاضر التي تثبت صدق النتائج التي أعلنها.

ويطالب البيان الحكومة الفنزويلية بالإسراع في الكشف عن جميع المحاضر الأصلية، وإخضاعها للتدقيق المحايد والمستقل شرطاً للاعتراف بها. ويدعو البيان، الذي لم توقعه البرازيل وكولومبيا والمكسيك، النظام الفنزويلي إلى السماح للمعارضين الستة الذين لجأوا إلى السفارة الأرجنتينية في كاراكاس بالخروج من البلاد بموجب أحكام اتفاقية اللجوء الدبلوماسي الموقعة في العاصمة الفنزويلية عام 1954.


مقالات ذات صلة

هاجس «الأمن والخطر الأجنبي» يُخيم على الحملة الرئاسية الجزائرية

شمال افريقيا مؤيدون للرئيس تبون (حملة المرشح)

هاجس «الأمن والخطر الأجنبي» يُخيم على الحملة الرئاسية الجزائرية

مدير حملة الرئيس، يقول إن بلاده «مستهدفة»، متحدثاً عن «جهات لا تريد للجزائر الاستقرار، فهي تفتعل أزمات، وبعض الأطراف الداخلية تغذيها»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (يسار) وخصمه في الانتخابات إدموندو غونزاليس أوروتيا (راديو فرنسا الدولي)

مادورو: مرشح المعارضة للانتخابات يسعى إلى «الفرار» من فنزويلا

اتهم الرئيس الفنزويلي الذي تطعن المعارضة في إعادة انتخابه لولاية ثالثة، السبت، خصمه في الانتخابات الرئاسية بأنه يسعى إلى «الفرار» من فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية 16 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

كامالا هاريس وشهرٌ غيّر كل شيء في الولايات المتحدة

ستكون تسمية كامالا هاريس رسمياً مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية في شيكاغو تتويجاً لشهر حافل بالأحداث في التاريخ السياسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

المعارضة الفنزويلية تدعو إلى احتجاجات حاشدة اليوم ضد مادورو

دعت المعارضة إلى مسيرات في أنحاء فنزويلا وخارجها، اليوم، لإعلان فوزها في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في نهاية يوليو، مناشدةً الفنزويليين «مواصلة المعركة».

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
أميركا اللاتينية زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو في كاراكاس يوم 28 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

زعيمة المعارضة في فنزويلا: على الجميع مواصلة المعركة

دعت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو الفنزويليين إلى «مواصلة المعركة»، عشية يوم التعبئة الذي تنظمه المعارضة للمطالبة بحقها في الفوز بالانتخابات.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)

سقوط طائرة تُقل 62 شخصاً في البرازيل... ولا ناجين

صورة متداولة للطائرة المنكوبة (إكس)
صورة متداولة للطائرة المنكوبة (إكس)
TT

سقوط طائرة تُقل 62 شخصاً في البرازيل... ولا ناجين

صورة متداولة للطائرة المنكوبة (إكس)
صورة متداولة للطائرة المنكوبة (إكس)

قال مسؤولون محليون إن طائرة تقل 62 شخصاً سقطت قرب ساو باولو في البرازيل، اليوم الجمعة، ليلقى جميع من كانوا على متنها حتفهم، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأظهر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي ما يبدو أنها طائرة من صنع شركة «إيه تي آر» وهي تدور في الهواء في أثناء سقوطها خلف مجموعة من الأشجار بالقرب من منازل، قبل أن يتصاعد عمود كبير من الدخان الأسود.

وقال مسؤولون في مدينة فالينيوس بالقرب من فينييدو، حيث سقطت الطائرة، إنه لم يكن هناك ناجون ولم يتضرر سوى منزل واحد في المجمع السكني المحلي بينما لم يصب أي من السكان بأذى.

منظر جوي للموقع الذي تحطمت فيه الطائرة بالقرب من فينييدو (إ.ب.أ)

وأعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام في جميع أنحاء البلاد، وفي فعالية أقيمت بعد وقت قصير من الحادث، طالب دا سيلفا بالوقوف دقيقة صمت حداداً على الضحايا.

وقالت شركة طيران «فويباس» إن الطائرة التي أقلعت من كاسكافيل بولاية بارانا كانت متجهة إلى مطار ساو باولو الدولي قبل أن تسقط في فينييدو، على مسافة نحو 80 كيلومتراً شمال غربي ساو باولو.

وقالت شركة الطيران غير المدرجة إنها لا تستطيع تقديم مزيد من المعلومات عن سبب سقوط الطائرة.

وبعد دقائق فقط من الحادث، قالت إدارة الإطفاء في ولاية ساو باولو إنها سارعت بإرسال مجموعة من أفرادها إلى مكان الحادث.

وأدرج موقع تعقب الرحلات «فلايت رادار 24» الطائرة على أنها من طراز «إيه تي آر 72 - 500» ذات المحرك التوربيني. وتملك «إيرباص» ومجموعة «ليوناردو» الإيطالية للطيران والفضاء شركة «إيه تي آر».