المعارضة الفنزويلية تحشد أنصارها للتحرك ضد نظام مادورو

كاراكاس سحبت دبلوماسييها من 7 دول في أميركا اللاتينية

أنصار مادورو يتظاهرون في كاراكس الأربعاء (أ.ف.ب)
أنصار مادورو يتظاهرون في كاراكس الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

المعارضة الفنزويلية تحشد أنصارها للتحرك ضد نظام مادورو

أنصار مادورو يتظاهرون في كاراكس الأربعاء (أ.ف.ب)
أنصار مادورو يتظاهرون في كاراكس الأربعاء (أ.ف.ب)

دعت زعيمة المعارضة في فنزويلا، ماريا كورينا ماتشادو، أنصارها إلى التحرّك ضدّ نظام نيكولاس مادورو لإجباره على التراجع عن إعلان فوزه في انتخابات شُكِّك بنتائجها، وتسليم السلطة لمرشّحها. وتأتي دعوة ماتشادو وسط حالة من عدم اليقين في البلاد بعد إعلان فوز مادورو في الانتخابات، التي أُجريت الأحد، من دون إصدار المجلس الانتخابي الوطني المرتبط بالنظام بياناً تفصيلياً بالأصوات يثبت ذلك. وقُتل 16 شخصاً في الاحتجاجات التي اندلعت عقب إصدار النتائج حسب المعارضة، التي تقول إن مرشّحها إدموندو غونزاليس أوروتيا هو الفائز في الانتخابات.

«فارق كبير»

ونشرت المعارضة مجموعة كبيرة من البيانات التي تقول إنها تُظهر فوز مرشّحها على مادورو بفارق كبير، كما أشارت إليه استطلاعات الرأي قبل الانتخابات. وقالت ماتشادو، مساء الأربعاء، على «إكس»: «أمضينا أشهراً في بناء منصّة صلبة يمكنها الدفاع عن التصويت، وإظهار انتصارنا بصورة غير قابلة للشك. لقد نجحنا». وأضافت: «الأمر متروك لنا جميعاً الآن لتأكيد الحقيقة التي نعرفها جميعاً. لنحشد قوانا. سننجح». وطالبت العديد من الدول، بما فيها البرازيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، السلطات الفنزويلية بإصدار البيانات التفصيلية، فيما حذّر البيت الأبيض الأربعاء، من أن صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

من جهته، أعرب مادورو عن «استعداده لتقديم كل البيانات» في كلمة ألقاها أمام محكمة العدل العليا، حيث قدّم استئنافاً ضد ما وصفه بـ«الهجوم على العملية الانتخابية». لكنه عبّر عن غضبه تجاه ماتشادو وغونزاليس أوروتيا، قائلاً: «يجب أن يكونا خلف القضبان».

من جانبه، أعلن الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية لويس ألماغرو، الأربعاء، أنه سيطلب من المحكمة الجنائية الدولية إدانة مادورو وإصدار مذكرة توقيف بحقه على خلفية «حمام الدم» في فنزويلا. وكتب على منصة «إكس»: «وعد مادورو بحمام دم... وهذا ما يفعله. حان الوقت لكي تُصدر المحكمة الجنائية الدولية بيانات اتّهام ومذكّرات توقيف بحق المسؤولين الرئيسيين، بمن فيهم مادورو».

«حمام دم»

والاثنين، ألقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين الذين اتّهموا الحكومة بـ«تزوير» الانتخابات، وطالبوا بسقوطها مردّدين «حرية، حرية». وأعلنت ماتشادو أنه جرى توقيف 177 شخصاً فيما هناك «11 حالة اختفاء قسرية»، في حين قال المدعي العام طارق ويليام صعب إن 749 شخصاً وقِّفوا خلال الاحتجاجات، وقد يواجه بعضهم اتهامات بالإرهاب.

جانب من الاحتجاجات ضد مادورو في فنزويلا (أ.ف.ب)

من جهته، أعلن الجيش مقتل شخص وإصابة 23 في صفوفه. ورغم ذلك، عاد المتظاهرون إلى الشوارع في احتجاجات سلمية لدعم المعارضة في العديد من المدن. وكتبت ماتشادو في منشور سابق على منصة «إكس»: «لقد عرضنا على النظام قبول هزيمته ديمقراطياً (...) لكنّه اختار طريق القمع».

وقال براين نيكولز، كبير الدبلوماسيين الأميركيين لشؤون أميركا اللاتينية، إن نتائج الاقتراع التي نشرتها المعارضة تُقدّم «دليلاً دامغاً» على أن مادورو خسر «بفارق ملايين الأصوات». لكن في اجتماع طارئ الأربعاء، فشلت منظمة الدول الأميركية في تبني قرار يدعو إلى نشر النتائج التفصيلية «فوراً»، مع امتناع كولومبيا والبرازيل عن التصويت.

وبفوزه، يكون مادورو (61 عاماً) قد نال ولاية رئاسية ثالثة متتالية من ستة أعوام، في بلاد غنية بالنفط لكنها تعاني أزمة اقتصادية حادة. ودفع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 80 في المائة، بأكثر من 7 ملايين فنزويلي إلى الهجرة، من إجمالي عدد السكان البالغ 30 مليون نسمة. ويُتّهم مادورو بسجن منتقديه ومضايقة المعارضة في مناخ من الاستبداد المتزايد. وأُجريت انتخابات الأحد في ظل تحذيرات مادورو من حدوث «حمام دم» إذا خسر، ووسط مخاوف واسعة النطاق من تزوير الانتخابات.

فشل العقوبات

وفي عام 2018، وصفت عشرات الدول في أميركا اللاتينية وأنحاء أخرى من العالم، بما فيها الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي، الانتخابات التي فاز فيها مادورو لولاية ثانية بالـ«صورية» ورفضت الاعتراف بنتيجتها. وفشلت العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد منذ سنوات في إزاحة الرئيس الذي يتمتع بولاء القيادة العسكرية والهيئات الانتخابية والمحاكم ومؤسسات الدولة الأخرى، إضافةً إلى دعم روسيا والصين وكوبا.

مادورو مخاطباً أعضاء المحكمة العليا في كاراكاس الأربعاء (أ.ف.ب)

واعترفت بيرو بغونزاليس أوروتيا رئيساً شرعياً لفنزويلا، الثلاثاء، مما دفع كاراكاس إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع ليما. كما ردّت كاراكاس بسحب دبلوماسييها من سبع دول في أميركا اللاتينية، هي الأرجنتين وتشيلي وكوستاريكا وبنما وبيرو وجمهورية الدومينيكان وأوروغواي، وأعلنت أنها ستعلق الرحلات الجوية مع بنما والدومينيكان.

في غضون ذلك، خرج مئات المتظاهرين المؤيدين لمادورو إلى شوارع كاراكاس الأربعاء، للتعبير عن دعمهم للرئيس رداً على الانتقادات العالمية التي يواجهها. وقال إدوين بلانكو (30 عاماً) وهو أحد مناصري مادورو، لوكالة الصحافة الفرنسية: «قالوا الأمر نفسه في السنوات السابقة، دائماً كانوا يتحدثون عن تزوير في الانتخابات السابقة».

بدورها، قالت ليديس رودريغيز (65 عاماً)، متحدّثة عن المعارضة: «من تعتقدون أنه يدعمها؟ إنها مدعومة من دول أجنبية».


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

لولا يفرش السجاد الأحمر احتفاءً بالرئيس الصيني في برازيليا

شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

لولا يفرش السجاد الأحمر احتفاءً بالرئيس الصيني في برازيليا

شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

استقبل الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس الصيني، شي جينبينغ، الذي يجري زيارة دولة إلى البرازيل، الأربعاء، احتفاءً بالتقارب بين بلديهما، على خلفية «الاضطرابات» المتوقعة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض. واستُقبل شي بفرش السجاد الأحمر وبالتشريفات العسكرية والنشيد الوطني. فبعد لقائهما بقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو، خصّ لولا، برفقة زوجته روزانجيلا دا سيلفا، نظيره الصيني باحتفاء مهيب قبل اجتماعهما في ألفورادا؛ مقر إقامته الرئاسي في العاصمة برازيليا، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وكتب الرئيس الصيني، في مقال نشر بالصحافة البرازيلية قبل الزيارة، إن «الجنوب العالمي يشهد حركة صعود جماعي».

سياق دولي معقّد

شي ولولا وقّعا اتفاقات ثنائية في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

ويتبع اجتماعهما في ألفورادا إعلان مشترك في سياق دولي مشحون كما اتضح خلال قمة «مجموعة العشرين»، التي هيمنت عليها أزمة المناخ والحرب في أوكرانيا. وتُنذر عودة دونالد ترمب بتحول انعزالي من جانب واشنطن؛ القوة العظمى في العالم، فضلاً عن موقف أكثر تشدداً تجاه الصين، خصوصاً في المسائل التجارية. وقال شي، على هامش اجتماع أكبر اقتصادات العالم، إن «العالم يدخل مرحلة جديدة من الاضطرابات والتغيير». وكما حدث في «قمة آسيا والمحيط الهادئ» قبل أيام قليلة في ليما، ظهر الرئيس الصيني بوصفه الرجل القوي في اجتماع ريو، حيث عقد لقاءات ثنائية عدّة في مقابل تراجع هالة جو بايدن المنتهية ولايته.

جانب من الاستقبال الرسمي الذي حظي به شي في برازيليا يوم 20 نوفمبر (د.ب.أ)

ويريد شي ولولا مزيداً من توطيد العلاقة القوية بين الصين والبرازيل؛ الدولتين الناشئتين الكبيرتين اللتين تحتلان المرتبتين الثانية والسابعة على التوالي من حيث عدد السكان عالمياً. ويعتزم الرئيس الصيني مناقشة «تحسين العلاقات التي تعزز التآزر بين استراتيجيات التنمية في البلدين»، وفق «وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)».

أما البرازيل، فتسعى إلى تنويع صادراتها بـ«منتجات برازيلية ذات قيمة مضافة أعلى»، وفق ما قال أمين شؤون آسيا بوزارة الخارجية البرازيلية، إدواردو بايس. ويُعدّ العملاق الآسيوي أكبر شريك تجاري للبرازيل التي تزوده بالمنتجات الزراعية. وتُصدّر القوة الزراعية في أميركا الجنوبية فول الصويا والمواد الأولية الأخرى إلى الصين، وتشتري من الدولة الآسيوية أشباه الموصلات والهواتف والسيارات والأدوية.

طرق الحرير

لولا وشي يصلان إلى المؤتمر الصحافي المشترك في برازيليا يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

مع ذلك، كانت حكومة لولا حذرة حيال محاولات الصين إدخال البرازيل في مشروع «طرق الحرير الجديدة» الضخم للبنى التحتية. وانضمّت دول عدة من أميركا الجنوبية إلى هذه المبادرة التي انطلقت في عام 2013، وتُشكّل محوراً مركزياً في استراتيجية بكين لزيادة نفوذها في الخارج.

أما الإدارة الديمقراطية في واشنطن، فتراقب ما يحدث بين برازيليا وبكين من كثب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ناتاليا مولانو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن واشنطن تنصح البرازيل بأن «تُبقي أعينها مفتوحة لدى تقييم مخاطر التقارب مع الصين وفوائده». وعقّب مصدر دبلوماسي صيني على ذلك بقوله إن «لدى الصين وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي القول الفصل في تطوير العلاقات بينهما». أما لولا، فهو يهدف إلى اتخاذ موقف دقيق متوازن، فيما يتعلق بهذه القضية كما هي الحال مع قضايا أخرى، وهذا ما عبر عنه قبل بضعة أشهر بقوله: «لا تظنوا أنني من خلال التحدث مع الصين أريد أن أتشاجر مع الولايات المتحدة. على العكس من ذلك؛ أريد أن يكون الاثنان إلى جانبنا».