ليبرالي من خارج الطبقة السياسية... مَنْ هو خافيير ميلي رئيس الأرجنتين المُنتَخَب؟

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
TT

ليبرالي من خارج الطبقة السياسية... مَنْ هو خافيير ميلي رئيس الأرجنتين المُنتَخَب؟

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

إنه خافيير ميلي (Javier Milei)، الوافد الجديد إلى الحياة السياسية الأرجنتينية، الذي سيتولى رئاسة البلاد في 10 ديسمبر (كانون الأول)، بعد فوزه، الأحد، بالانتخابات الرئاسية.

يوصف بأنه اقتصادي ليبرالي متشدد، ومثير للجدل، يقدِّم اليميني المتطرّف خافيير ميلي نفسه على أنه «مناهض للنظام»، وقد فاز بنسبة 55.6 في المائة من الأصوات، حسب نتائج جزئية رسمية، مقابل 44.3 في المائة لسيرخيو ماسا، وزير الاقتصاد الذي اعترف بهزيمته في نهاية حملة متوترة، وغير حاسمة، لم يسبق لها مثيل خلال أربعين عاماً من الديمقراطية، حسبما أفاد تقرير صدر، الاثنين، لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير ميلي يحتفل مع أنصاره بعد فوزه في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية خارج مقر حزبه في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

سيخلف خافيير ميلي الرئيس الحالي ألبيرتو فرناندز المنتمي إلى التيار البيروني، وهو تيار عمالي يساري محسوب على يسار الوسط، نسبة إلى الرئيس الأسبق خوان بيرون.

يَعِدُ ميلي بالعلاج بالصدمة الاقتصادية. دخل السياسة قبل عامين عندما انتُخِبَ نائباً عن بوينس آيرس. وقد أنشأ حزبه الخاص La Libertad avanza (الحرية تتقدم)، ويصرّح بأنه يريد السير بنهج منفصل تماماً عن الأحزاب التقليدية.

أنصار المرشح الرئاسي الأرجنتيني عن تحالف «لا ليبرتاد أفانزا» (الحرية تتقدم) خافيير ميلي يحتفلون بفوزه في جولة الإعادة خارج مقر الحزب في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

مثير للجدل

أثار خافيير ميلي، الشعبوي الذي ينكر تغير المناخ، والمعروف باسم إل لوكو (أي المجنون)، غضب ملايين الأرجنتينيين من خلال التشكيك في الإجماع الذي دام أربعة عقود، حول الجرائم التي ارتكبتها الدكتاتورية التي حكمت البلاد في الفترة من عام 1976 إلى 1983 والتي قُتل خلالها ما يقدر بنحو 30 ألف شخص على يد النظام العسكري آنذاك، وفق تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية صدر الاثنين. أما نائبة ميلي، فيكتوريا فيلارويل، التي ستتولى منصب نائبة رئيس الجمهورية، وهي عضو الكونغرس الأرجنتيني المحافظة المتشددة، تقلِّل بدورها من «خطايا» الدكتاتورية العسكرية، حسب التقرير.

خافيير ميلي الذي فاز الأحد بالانتخابات الرئاسية في الأرجنتين يتحدث في مقر حملة ترشحه بعد إغلاق صناديق الاقتراع للانتخابات العامة في بوينس آيرس 22 أكتوبر 2023 (أ.ب)

يعُد ميلي نفسه أنه يسير في خط الرئيسين السابقين: الأميركي دونالد ترمب، والبرازيلي جايير بولسونارو، ويبدي إعجابه بمارغريت ثاتشر التي تولت رئاسة وزراء بريطانيا ما بين عامي 1979 و1990، حتى لو كانت الأخيرة قد أعلنت الحرب على الأرجنتين عام 1982؛ للدفاع عن سيادة المملكة المتحدة على أرخبيل فوكلاند الواقع قبالة الساحل الأرجنتيني، وذلك بعد أن قررت الحكومة العسكرية في بوينس آيرس في ذاك العام إنزال بضع عشرات من الجنود على هذه الجزر، وقد سمح انتصار لندن في حرب فوكلاند -التي نتج عنها مئات القتلى من الطرفين؛ البريطاني والأرجنتيني- للأرجنتين بالتخلص من واحدة من أكثر الديكتاتوريات شراسة، كما سمح لرئيسة الوزراء البريطانية بالبقاء في السلطة، وفق تقرير الاثنين، لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. فقد رأى ميلي، خلال مناظرة رئاسية، أن مارغريت ثاتشر هي قائدة عظيمة بتاريخ الإنسانية، حسب قناة «فرنس 24» الفرنسية؛ حيث اعتبر أن ثاتشر لعبت دوراً مهماً في سقوط جدار برلين، وبالتالي هزيمة اليسار (الشيوعي). لكن تصريحات ميلي لقيت معارضة من جانب مخضرمي الجيش الأرجنتيني الذين شاركوا في حرب فوكلاند 1982.

صورة لصحف أرجنتينية في 20 نوفمبر 2023 بالعاصمة بوينس آيرس حيث تظهر الصفحة الأولى فوز مرشح تحالف «لا ليبرتاد أفانزا» (الحرية تتقدّم) خافيير ميلي في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

تعديلات وزارية جذرية

طرح خافيير ميلي في برنامجه الانتخابي تعديلات جذرية في هيكلية الحكومة القادمة، منها إلغاء عدد من الوزارات، مثل وزارة التعليم وحقوق المرأة والعمل والتضامن والصحة والنقل.

«فويرا!» (أي «إلى الخارج»)، يصرخ ميلي خلال اجتماعاته، متوجهاً بكلامه إلى «الطبقة الفاسدة» التي تشمل سياسيين وموظفين حكوميين وصحافيين. ويَعِدُ بإلغاء جميع المزايا الاجتماعية التي «تشجع على الكسل»، وبإغلاق البنك المركزي الأرجنتيني، وجعل عملة البيزو الأرجنتينية تختفي من أجل دولرة الاقتصاد. ويرى ميلي وجوب «إضفاء الشرعية على بيع الأعضاء البشرية»، ليكون ذلك مصدراً محتملاً للدخل بالنسبة للفقراء.

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يخاطب أنصاره بعد فوزه في انتخابات الإعادة الرئاسية في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (رويترز)

يروّج ميلي لمبدأ «الدفاع عن النفس»، ويرغب في تحرير بيع الأسلحة في الأرجنتين. وقد وعد بحظر الإجهاض الذي تم تسهيله قانونياً في البلاد في ديسمبر 2020 حسب موقع جامعة هارفارد. ويعارض كذلك أي سياسة للدفاع عن الأقليات الجنسية والعرقية. ويريد بكل هذه الخطوات -وفق «لوفيغارو»- أن «تصبح الأرجنتين القوة العالمية الرائدة كما كانت في بداية القرن العشرين»، حسب رؤية ميلي للتاريخ. كما أنه معارض بشدة لمواطنه (الأرجنتيني) البابا فرنسيس الذي يُمثل بالنسبة له «الشر على الأرض»، ويتهم البابا فرنسيس بأنه «يريد فرض الشيوعية».

أنصار الرئيس الأرجنتيني المُنتخب خافيير ميلي يحتفلون بفوزه بجولة الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (رويترز)

نجم الشاشات

ظهر خافيير ميلي على الساحة الإعلامية عام 2015 بعد انتخاب ماوريسيو ماكري ممثل الائتلاف اليميني رئيساً. في ذلك الوقت، كان ميلي يعمل في شركة «Aeropuerto 2000» خبيراً اقتصادياً. أراد ماكري مراجعة عقود الدولة مع هذه الشركة المتخصصة في خدمات المطارات، لذا قرر مارتن يورنيكيان، رئيس شركة «Aeropuerto 2000»، توكيل ميلي للقيام بحملة تلفزيونية ضد الرئيس ماكري. وفجأة، كشف هذا الرجل -الذي كان حتى ذلك الحين متحفظاً تماماً وفقاً لمن عرفوه عن قرب- عن نفسه أمام الكاميرات. وسرعان ما أصبح ميلي «الزبون الجيد لوسائل الإعلام» بسبب جانبه المتمرد.

شيئاً فشيئاً، بنى خافيير ميلي صورته كمثير للمتاعب، بتصفيفة شعر نجوم «الروك»، وصوته العميق والخشن، وانفعاله على شاشات التلفزيون. وسرعان ما بدا أنه يستمتع بهذه الصورة.

انتخاب في ظروف صعبة

يأتي انتخاب خافيير ميلي لرئاسة الأرجنتين في ظروف اقتصادية صعبة يمر بها ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية (بعد البرازيل والمكسيك)، مع ارتفاع كبير في معدلات التضخم تصل اليوم إلى أرقام ثلاثية (143 في المائة خلال عام واحد)، حيث إن أربعة من كل عشرة أرجنتينيين يعيشون تحت خط الفقر، فضلاً عن الديون المثيرة للقلق، وتراجع كبير في قيمة العملة. فالأرجنتينيون مرهَقون بالأسعار التي ترتفع من شهر إلى شهر، لا بل من أسبوع إلى أسبوع، وقد بلغ الحد الأدنى للأجور 146 ألف بيزو (413 دولاراً).

أنصار الرئيس الأرجنتيني المُنتخب خافيير ميلي يحتفلون في الشوارع بعد أن علموا بفوزه في انتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

فالإيجارات بعيدة عن متناول كثيرين، ويلجأ كثير من الأمهات إلى المقايضة، كما حدث بعد «الأزمة الكبرى» الاقتصادية الصادمة في الأرجنتين عام 2001.

ووفق دراسة أجرتها جامعة بوينس آيرس نُشرت في بداية العام، فإن 68 في المائة من الشباب الأرجنتيني من سن 18 إلى 29 سيهاجرون إذا استطاعوا.

وتتعرض البلاد لضغوط من صندوق النقد الدولي لإجراء تعديلات بالميزانية؛ حيث تسدد الأرجنتين للصندوق قرضاً ضخماً بقيمة 44 مليار دولار (40 مليار يورو) منحه الصندوق للبلاد في عام 2018.


مقالات ذات صلة

ترمب: في حال فوزي بالرئاسة سأكون ديكتاتوراً في «اليوم الأول» فقط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب: في حال فوزي بالرئاسة سأكون ديكتاتوراً في «اليوم الأول» فقط

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إنه في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه سيكون ديكتاتوراً في «اليوم الأول» فقط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة تجمع الرئيس الأميركي جو بايدن وسلفه دونالد ترمب (رويترز)

«لا يمكننا أن ندعه يفوز»... بايدن يربط سعيه لولاية ثانية بترشح ترمب

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّه «غير واثق» من أنّه كان سيسعى للفوز بولاية ثانية في نهاية العام المقبل، لو لم يترشّح سلفه دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في طريقه لمغادرة الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض للتوجه نحو بوسطن الثلاثاء 5 ديسمبر 2023 (أ.ب)

استطلاع: شعبية جو بايدن تقترب من أدنى مستوياتها في فترة رئاسته

أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته «رويترز - إبسوس» أن شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن اقتربت من أدنى مستوياتها خلال رئاسته هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مشاركته في نشاط انتخابي في ولاية أيوا السبت الماضي (أ.ب)

هل تكون المناظرة الجمهورية الرابعة هي الأخيرة؟

يدرس الحزب الجمهوري ما إذا كان سيسمح بإجراء مناظرات لا ترعاها لجنته الوطنية، على خلفية تزايد الأصوات الداعية إلى وقف المناظرات «الرسمية» المرعية منه للمرشحين.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية أوزال زار أكشينار بمقر حزب «الجيد» في أنقرة وبحثا التعاون في بعض الولايات في الانتخابات المحلية (من حساب أوزال على إكس)

تركيا: أحزاب المعارضة ترفض العودة للتحالفات في الانتخابات المحلية

أعلنت أحزاب المعارضة التركية رفضها فكرة «التحالفات» أو «التعاون» في الانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس (آذار) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مادورو يسعى لضمّ منطقة غنية بالنفط متنازع عليها مع غويانا

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتحدث خلال اجتماع في كراكاس (أ.ف.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتحدث خلال اجتماع في كراكاس (أ.ف.ب)
TT

مادورو يسعى لضمّ منطقة غنية بالنفط متنازع عليها مع غويانا

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتحدث خلال اجتماع في كراكاس (أ.ف.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتحدث خلال اجتماع في كراكاس (أ.ف.ب)

طرح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أمس الثلاثاء، مشروع قانون لضمّ منطقة إيسيكيبو، الغنية بالنفط والمتنازَع عليها مع غويانا المجاورة التي سارعت إلى اعتبار هذه الخطوة «تهديداً مباشراً» لسيادتها وسلامة أراضيها، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مادورو، خلال جلسة للحكومة: «أقترح أن يجري فوراً تفعيل المناقشة في الجمعية الوطنية والموافقة على القانون الأساسي لإنشاء ولاية غويانا إيسيكيبا».

كما أمر الرئيس الفنزويلي، خلال الجلسة نفسها، بأن يتم الشروع، في الحال، في «منح التراخيص» لـ«استغلال النفط والغاز والمناجم» بهذه المنطقة.

وأوضح مادورو أن حكومته ستستحدث فرعاً لشركة النفط الوطنية الفنزويلية العملاقة في «ولاية غويانا إيسيكيبا».

وسارعت غويانا إلى التنديد بقرار مادورو.

وقال رئيس غويانا، عرفان علي، في خطاب استثنائي إلى الأمّة، إن ما أعلنه مادورو يمثّل «تهديداً مباشراً لسيادة غويانا وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي».

لقطة جوية لروبونوني سافانا في غرب غويانا بالقرب من الحدود مع البرازيل وفنزويلا (أ.ف.ب)

وأتى قرار مادورو، بعدما صوّت الناخبون في فنزويلا بأغلبية ساحقة (95 في المائة)، في استفتاء جرى، الأحد، على ضمّ هذه المنطقة الخاضعة لإدارة غويانا المجاورة، إلى بلادهم.

ونظمّت كراكاس هذا الاستفتاء لإضفاء شرعية على مطالبتها بهذه المنطقة.

وتطالب فنزويلا، منذ عقود، بالسيادة على هذه المنطقة البالغة مساحتها 160 ألف كيلومتر مربع؛ أي أكثر من ثلثي مساحة غويانا، وعدد سكّانها 125 ألف نسمة يمثّلون خُمس إجمالي عدد السكان في البلد.

وتقول فنزويلا إنّ نهر إيسيكيبو، الواقع شرق المنطقة، يجب أن يشكّل الحدود الطبيعية بين البلدين، كما أُعلن عام 1777 في ظلّ الحكم الإسباني، وأن المملكة المتحدة استحوذت على أراض فنزويلية بشكل خاطئ في القرن التاسع عشر.

من جانبها، تؤكد غويانا، التي تملك احتياطات نفطية هي الأعلى في العالم للفرد، أن الحدود بينها وبين جارتها فنزويلا أقيمت في حقبة الاستعمار البريطاني، وثبّتتها محكمة تحكيم عام 1899.

ورفعت غويانا شكوى أمام «محكمة العدل الدولية» تطلب فيها من أعلى هيئة قضائية أممية المصادقة على الحكم الصادر عن محكمة التحكيم.


أميركا ثم إسرائيل... وجهة الرئيس الأرجنتيني الجديد الأولى والثانية

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي (أ.ف.ب)
الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي (أ.ف.ب)
TT

أميركا ثم إسرائيل... وجهة الرئيس الأرجنتيني الجديد الأولى والثانية

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي (أ.ف.ب)
الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي (أ.ف.ب)

كشف الرئيس الأرجنتيني الجديد المنتخب خافيير ميلي، عن أنه سيقوم في الأيام القليلة المقبلة، أي قبل تسلمه مهامه في العاشر من الشهر المقبل، بزيارة إلى الولايات المتحدة، حيث سيلتقي عدداً من الحاخامات اليهود في نيويورك وميامي، ولم يفصح إذا كان سيعقد لقاءات مع الإدارة الأميركية. وقال ميلي إن زيارته لها طابع «روحاني»، وتندرج في سياق زيارات مماثلة قام بها في السابق، حيث كان يجتمع بالزعماء الروحيين اليهود ويتابع تعاليمهم.

ميلي يُحيَّي مناصريه عقب إعلان النتائج التي أظهرت فوزه في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

وقد أدلى ميلي بهذه التصريحات خلال مقابلة إذاعية فجر الثلاثاء، أكّد خلالها أنه سيتوجه بعد ذلك من نيويورك إلى إسرائيل التي كان وعد خلال حملته الانتخابية بأنه في حال فوزه سيكون أول قرار يتخذه على صعيد العلاقات الخارجية هو نقل سفارة القدس لديها من تل أبيب إلى القدس.

وقال ميلي إنه سيركّز سياسته الخارجية على ما أسماه «المحور الأميركي - الإسرائيلي»، وإنه لن يتفاوض مع الأنظمة الشيوعية مثل البرازيل والصين. وكانت ترددت أنباء في محيط الرئيس الجديد مفادها أنه يعتزم قطع العلاقات مع بكين؛ ما استدعى تنبيهاً من الخارجية الصينية بأن الإقدام على مثل هذه الخطوة سيكون خطأً فادحاً يلحق الضرر بالأرجنتين.

ويذكر أن أوّل الذين سارعوا إلى تهنئة الرئيس المنتخب كان الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو الذي سبق له هو أيضاً أن زار إسرائيل بُعيد انتخابه، حيث أعلن نقل سفارة بلاده إلى القدس. وقال بولسونارو إنه سيحضر حفل تنصيب الرئيس الأرجنتيني الجديد أواسط الشهر المقبل في بوينس آيرس. ومن رسائل التهنئة اللافتة التي تلقاها ميلي تلك التي بعث بها رئيسان سابقان للمكسيك، هما فيسنتي فوكس وفيليبي كالديرون، حيث قال هذا الأخير: «أثبتت الأرجنتين إرادتها في صون النظام الديمقراطي، بعكس المكسيك التي تجنح إلى وأد هذا النظام».

عَلم إسرائيلي كبير خلال مسيرة لأنصار خافيير ميلي في قرطبة في 14 نوفمبر الحالي (رويترز)

وبينما توقعت الأوساط الدبلوماسية مرحلة من التوتر الشديد في العلاقات الإقليمية بوصول ميلي إلى الرئاسة، يسود القلق أيضاً في أوساط الاتحاد الأوروبي الذي اكتفى رئيسه شارل ميشال برسالة تهنئة متأخرة قال فيها: «قال الشعب الأرجنتيني كلمته في انتخابات حرة وديمقراطية».

ويقول مسؤولون أوروبيون: إن وصول ميلي إلى الرئاسة يطرح علامات استفهام كبيرة حول المفاوضات الجارية بين الاتحاد ومجموعة بلدان «ميركوسور» (الأرجنتين، والبرازيل، والباراغواي وأوروغواي)، وحول العلاقات مع مجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي بعد الانفراج الذي ساد عقب سقوط بولسونارو في الانتخابات البرازيلية الأخيرة. وترى الأحزاب اليمينية المتطرفة في فوز ميلي فرصة لعودة الموجة المحافظة التي قادها دونالد ترمب ثم جايير بولسونارو في السنوات الماضية.

في غضون ذلك، تعيش الأرجنتين حالة من الغليان الشعبي والقلق الذي يتملّك معظم القطاعات الاقتصادية من الخطوات التي قال ميلي: إنه سيقدِم عليها في حال انتخابه، مثل التعامل الرسمي بالدولار الأميركي وإلغاء المصرف المركزي وعدد من وزارات الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم. لكن بعد ساعات من إعلانه عزمه على خصخصة عدد من الشركات العامة الكبرى مؤكداً «أن كل ما يمكن وضعه بيد القطاع الخاص سيذهب إلى القطاع الخاص»، سجّلت أسعار أسهم الشركات الأرجنتينية في سوق المال الدولية ارتفاعات تجاوزت 30 في المائة، في الوقت الذي يخشى المراقبون أن تشهد الأرجنتين في الأشهر المقبلة حالة من الاضطرابات الشعبية والعمالية كرد فعل على القرارات التي وعد الرئيس الجديد باتخاذها حال تسلمه مهامه.

وزير الاقتصاد سرجيو ماسّا يتحدث وبجانبه زوجته ملينا غالماريني بعد إعلان النتائج وخسارته (أ.ف.ب)

ومما يزيد من تعقيدات المرحلة المقبلة، أن الرئيس المنتخب الذي فاز بفارق كبير على منافسه وزير الاقتصاد الحالي سرجيو ماسّا تجاوز ثلاثة ملايين صوت، وأن الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ ما زالت بيد الحركة البيرونية التي كانت مرمى جميع الاتهامات والتهديدات التي صدرت عن ميلي خلال الحملة الانتخابية، حيث توعّد بالقضاء وعلى الطبقة السياسية الحاكمة وإفنائها. وسيجد الرئيس الجديد نفسه مضطراً إلى التفاوض مع الكتل البرلمانية الأخرى عند الإقدام على كل خطوة من برنامجه، ولن يكون أمامه خيار آخر سوى اللجوء إلى الرئيس الأسبق الليبرالي ماوريسيو ماكري الذي يسيطر على كتلة وازنة في البرلمان؛ الأمر الذي قد يدفع ميلي إلى التراجع عن تنفيذ بعض وعوده الانتخابية الراديكالية أو تخفيفها. يضاف إلى ذلك أن حزب الرئيس الجديد «الحرية تتقدم» لم يحصل على أي منصب من حكّام الولايات التي ما زال معظمها في قبضة الحركة البيرونية.

ومن بين التحديات الكبرى التي تنتظر الرئيس الجديد احتواء الاحتجاجات المتوقعة في الأوساط العمالية التي حذّرت قياداتها من أنها لن تقبل بإلغاء الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل الصحة والتعليم، التي كان وعد ميلي بإلغائها ونبّه بأنه جاهز لمواجهة المحاولات لمنعه من تحقيق برنامجه عن طريق العنف.


الأمم المتحدة تقدر أن عدد القتلى المدنيين خلال الحرب في أوكرانيا تجاوز 10 آلاف

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تقدر أن عدد القتلى المدنيين خلال الحرب في أوكرانيا تجاوز 10 آلاف

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

قتل أكثر من عشرة آلاف مدني في أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) عام 2022، وفق ما أعلنه مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الثلاثاء، مضيفا أن نحو نصف عدد القتلى في الآونة الأخيرة سقطوا في مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة، فيما أفاد تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، الثلاثاء، بأنه خلال يومي السبت والأحد الماضيين، أطلقت روسيا نحو 50 طائرة من دون طيار من طراز «شاهد»، صممتها إيران للهجوم في اتجاه واحد، باتجاه كييف في المقام الأول.

دوت صفارات الإنذار ونزل الناس إلى الملاجئ في العاصمة كييف (رويترز)

وتم إطلاق الطائرات في موجات على محورين: من كورسك إلى الشرق، ومن كراسنودار إلى الجنوب الشرقي. وجاء في التقييم الاستخباراتي اليومي المنشور على منصة «إكس» (تويتر سابقا)، أن أحد أهداف روسيا هو، على الأرجح، إضعاف الدفاعات الجوية الأوكرانية، لتشكيل ساحة المعركة قبيل أي حملة شتوية منسقة من الضربات ضد البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في كييف الاثنين (أ.ف.ب)

وأشار التقييم إلى أن روسيا تمتنع في الوقت الحالي عن إطلاق صواريخها الرئيسية التي تُطلق من الجو من طراز «كروز»، من أسطولها من القاذفات الثقيلة لمدة نحو شهرين، مما يسمح لها على الأرجح بتكوين مخزون كبير من هذه الأسلحة. ومن المرجح أن تستخدم روسيا هذه الصواريخ في حال كررت جهود العام الماضي لتدمير البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، وفق ما ورد في التقييم.

وقال تقرير الأمم المتحدة حول عدد قتلى الحرب الأوكرانية إن نحو نصف العدد في الآونة الأخيرة سقطوا في مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة. وقالت بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أوكرانيا، والتي لديها عشرات المراقبين في البلاد، إنها تتوقع أن يكون العدد الفعلي للقتلى «أعلى بكثير» من الإحصاءات الرسمية؛ نظرا لأن عمليات التحقق لا تزال جارية. وتضم الإحصاءات أحداثاً وقعت في الشهور الأولى من الغزو؛ مثل معركة حصار ماريوبول، وحينها أبلغ السكان عن سقوط عدد كبير من الضحايا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون 15 نوفمبر 2023 (الرئاسة الأوكرانية - أ.ب)

وقالت الأمم المتحدة: «حرب الاتحاد الروسي ضد أوكرانيا الدائرة منذ 21 شهراً قد تتحول إلى صراع طويل، وتتسبب في خسائر بشرية هائلة لا يمكن تصورها». كما قالت إن الغالبية العظمى من الوفيات نجمت عن أسلحة ذات قدرات تفجيرية وتأثير واسع النطاق من القذائف والصواريخ والقنابل العنقودية. وأضافت أن نحو نصف عدد القتلى في الشهور الثلاثة الأخيرة سقطوا في مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة، وأرجعت ذلك إلى استخدام القوات الروسية للصواريخ بعيدة المدى والانفجار المتأخر لذخائر قديمة. وتنفي موسكو استهداف المدنيين عمدا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وسط جنوده في منطقة خاركيف (الرئاسة الأوكرانية - أ.ب)

وعلى الصعيد الميداني قالت روسيا الثلاثاء إن قوات من مشاة البحرية وسلاح الجو والمدفعية أحبطت محاولات أوكرانية جديدة للحصول على موطئ قدم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو وعلى جزر عند مصب النهر في جنوب أوكرانيا. وقالت أوكرانيا هذا الشهر إن قواتها عبرت نهر دنيبرو وأقامت عدة نقاط عبور على ضفته الشرقية، لكن روسيا قالت إن قواتها قصفت المواقع الأوكرانية.

القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني يتحدث مع وزير الدفاع الأوكراني السابق أوليكسي ريزنيكوف خلال حفل الاحتفال بيوم استقلال أوكرانيا في 24 أغسطس 2023 (رويترز)

وقالت وزارة الدفاع الروسية: «يحبط مشاة البحرية التابعون لأسطول البحر الأسود كل محاولات القوات المسلحة الأوكرانية للقيام بعمليات إنزال برمائية على جزر دنيبرو والضفة اليسرى لنهر دنيبرو». وأضافت أن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة وفقدت معدات في محاولات فاشلة للوصول إلى جزر في نهر دنيبرو. ولم تتمكن «رويترز» من التحقق بعد من روايات أي من الجانبين عن ساحة المعركة. ولا يزال من غير الواضح حجم ونطاق المحاولات الأوكرانية للحصول على موطئ قدم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو. ومن شأن عبور دنيبرو أن يجعل وحدات أوكرانية مكشوفة بين النهر والمستنقعات من جهة والخطوط الروسية شديدة التحصين من جهة أخرى.

قال دبلوماسي كبير بوزارة الخارجية الروسية الثلاثاء إن روسيا لا يمكنها التعايش مع «النظام» الأوكراني الحالي، وستقاوم قوة حلف شمال الأطلسي ما دام ظلت موسكو بحاجة إلى تحقيق أهدافها. وقال السفير في وزارة الخارجية الروسية المكلف بالمهام الخاصة بالجرائم الأوكرانية روديون ميروشنيك للصحافيين في موسكو إن «النظام الحالي خبيث للغاية، ولا نرى أي خيارات للتعايش معه في الوقت الحالي».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

وأضاف ميروشنيك أن أوكرانيا ارتكبت جرائم بحق مدنيين، وأن حلف شمال الأطلسي زود أوكرانيا بأسلحة محظورة لكن الغرب سيفقد الاهتمام بأوكرانيا في نهاية المطاف. وقال ميروشنيك: «يمكننا أن نقاوم حلف شمال الأطلسي ما دام نحتاج إلى إنجاز المهام التي حددها الرئيس (الروسي)».

وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القيادة العسكرية في بلاده من الانخراط في السياسة. وضغطت صحيفة «صن» البريطانية على زيلينسكي في مقابلة بشأن علاقاته مع كبار القادة الذين يشرفون على الحرب لصد الغزو الروسي. وسرت تكهنات منذ عدة أشهر في الدوائر السياسية بكييف حول وجود خلاف بين زيلينسكي والقائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني.

القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني (رويترز)

ونال الجنرال زالوجني الثناء على حملاته العسكرية، ويعد بالفعل منافسا محتملا لزيلينسكي على منصب الرئاسة. وبموجب الدستور، يتعين إجراء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا في 31 مارس (آذار) المقبل، لكن زيلينسكي دعا إلى تأجيل الانتخابات بسبب الحرب المستعرة على بلاده.

وقال زيلينسكي، للصحيفة البريطانية: «إذا قرر رجل عسكري العمل بالسياسة، فهذا حقه، وحينئذ عليه أن يدخل السياسة، وبعد ذلك لا يمكنه التعامل مع الحرب». وأضاف: «إذا كنت تدير الحرب مع الأخذ في الاعتبار أنك ستعمل بالسياسة أو الانتخابات غدا، فأنت تتصرف بوصفك سياسيا وليس بوصفك رجلا عسكريا، وأعتقد أن هذا خطأ فادح».

قادة الجيش في «يوم الدولة» الأوكرانية (رويترز)

وقال زيلينسكي، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «مع كامل الاحترام للجنرال زالوجني والقادة كافة الموجودين في ساحة المعركة، هناك فهم مطلق للتسلسل الهرمي، وهذا كل شيء، ولا يمكن أن يكون هناك اثنان، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة». ويبدو أن زيلينسكي، الذي يعطي تحديثات يومية عن مسار القتال، كان يلمح إلى مقابلة أجراها زالوجني مع مجلة «الإيكونوميست» البريطانية في وقت سابق الشهر الحالي، وحذر فيها من أن الحرب قد وصلت إلى طريق مسدودة. ورد زيلينسكي حينها: «ليست هناك طريق مسدودة».


الأرجنتين على خطى «أميركا ترمب»

خافيير ميلي وصديقته فاطمة فلوريس يحتفلان بالفوز مساء الأحد في بيونس آيرس (أ.ف.ب)
خافيير ميلي وصديقته فاطمة فلوريس يحتفلان بالفوز مساء الأحد في بيونس آيرس (أ.ف.ب)
TT

الأرجنتين على خطى «أميركا ترمب»

خافيير ميلي وصديقته فاطمة فلوريس يحتفلان بالفوز مساء الأحد في بيونس آيرس (أ.ف.ب)
خافيير ميلي وصديقته فاطمة فلوريس يحتفلان بالفوز مساء الأحد في بيونس آيرس (أ.ف.ب)

دخلت الأرجنتين، الأحد، في دائرة الأنظمة اليمينية المتطرفة، وقفزت نحو المجهول بعد الفوز الكاسح الذي حققه خافيير ميلي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بحصوله على 56 بالمائة من الأصوات، مقابل 44 بالمائة لمنافسه، وزير الاقتصاد الحالي والمرشح الرسمي، سرجيو ماسّا، بفارق أكثر من ثلاثة ملايين صوت بينهما، ما شكّل هزيمة غير مسبوقة للحركة البيرونية، وانعطافاً تجاوز كل التوقعات وضع الأرجنتين على مسار «أميركا ترمب» و«برازيل بولسونارو».

وفي أول تصريح له بعد إعلان الفوز واعتراف خصمه بنتائج الانتخابات، قال ميلي: «اليوم تبدأ مرحلة إعمار الأرجنتين، إنها بداية نهاية عصر الانحطاط والدولة التي أفقرت الناس. اليوم نعود لنرفع راية الحرية التي زرعها الآباء المؤسسون».

خافيير ميلي يحتفل بفوزه مع أنصاره في بيونس آيرس مساء الأحد (أ.ف.ب)

وطالب ميلي الحكومة الحالية بعدم التلكؤ أو التردد في تولي مسؤولية انتقال السلطات، محذراً من أنه سيكون في منتهى القسوة مع الذين يحاولون اللجوء إلى العنف لمقاومة التغييرات التي يتضمنها برنامجه، مؤكداً أنه يعتزم تطبيقها من غير تدرّج أو إبطاء، وقال: «إذا لم نتحرك بسرعة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تحتاجها الأرجنتين، سنقع في أسوأ أزمة عرفتها البلاد في تاريخها، لكننا سنجهد لنصبح قوة عالمية».

وكان ميلي توعّد مراراً خلال حملته الانتخابية بقلب النظام الأرجنتيني رأساً على عقب، والقضاء على الطبقة السياسية التي يتهمها بأنها السبب في الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالأرجنتين منذ عقود.

علاقات خارجية

وسيكون على ميلي ترميم العلاقة مع دول محورية بالنسبة إلى الأرجنتين، وجّه إليها انتقادات لاذعة مثل البرازيل والصين، أبرز شريكين تجاريين لبلاده.

علم إسرائيلي كبير خلال مسيرة لأنصار خافيير ميلي في قرطبة في 14 نوفمبر الحالي (رويترز)

وقال ميلي في تصريحات سابقة: «لن أتعامل مع الشيوعيين. أنا مدافع عن الحرية، عن السلام، عن الديمقراطية»، مؤكداً أن حلفاءه هم «الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم الحر».

ونقلت إذاعة الرئيس المنتخب القول إن أولى رحلاته الخارجية قبل تنصيبه ستكون إلى أميركا ثم إسرائيل.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أول المهنئين لميلي؛ فقد كتب عبر موقع التواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»: «العالم كله كان يراقب! أنا فخور بك جداً. ستغير بلدك وستجعل فعلاً الأرجنتين عظيمة مرة أخرى!». وكان ترمب يلمح إلى شعار حملته الانتخابية لعام 2016: «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

خافيير ميلي يلقي كلمة أمام أنصاره في بيونس آيرس مساء الأحد (أ.ف.ب)

كذلك هنأ الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، الرئيس الأرجنتيني المنتخب، وكتب على منصة «إكس»: «تهانينا للشعب الأرجنتيني على فوز خافيير ميلي. الأمل يشرق مرة أخرى في أميركا الجنوبية»، وأعرب عن أمله بأن «تهب الرياح الجيدة على الولايات المتحدة والبرازيل» حتى «يعود الصدق والتقدم والحرية».

عوامل الفوز... وتحديات

وكان العامل الأساسي وراء الفوز الذي حققه ميلي، الدعم الذي حصل عليه من الرئيس الأسبق الليبرالي ماوريسيو ماكري، الذي كان خرج من حلبة السباق، بعد انهزام مرشحته باتريسيا بولريتش في الجولة الأولى أواخر الشهر الفائت، لكنه عاد ليعلن تأييده الصريح للمرشح اليميني المتطرف، الأمر الذي كان حاسماً في إقناع المترددين لتأييد ميلي. خاض ميلي معركته الانتخابية على مبدأ رفع يد الدولة عن معظم الخدمات الاجتماعية الأساسية، ما ينذر بمرحلة طويلة من الاضطرابات، وخاصة أن الحركة البيرونية تسيطر على عدد كبير من النقابات العمالية.

موكب لأنصار خافيير ميلي للاحتفال بفوزه في بيونس آيرس مساء الأحد (أ.ف.ب)

ويتضمن برنامج ميلي إلغاء وزارتي التعليم والصحة، وقطع المساعدات الاجتماعية في الوقت الذي يعيش 19 بالمائة من سكان الأرجنتين على المعونة الغذائية اليومية، بعد أن تجاوزت نسبة التضخم السنوية 140 بالمائة.

يتبيّن من نتائج الانتخابات، أن كثيرين ممن كانوا يؤيدون دور الدولة الراعية على امتداد الحكومات البيرونية، أو الراديكالية، أو حتى الليبرالية منذ عودة الديمقراطية عام 1983، جنحوا إلى تأييد الأفكار التي يطرحها ميلي.

وتجدر الإشارة إلى أن الخدمات الصحية والتربوية في جميع مستوياتها مجانية في الأرجنتين.

كما تعهّد ميلي بإلغاء قانون الإجهاض، والقانون الذي يمنع القوات المسلحة من تولي أي مهام أمنية داخل البلاد. وهو يقترح اللجوء إلى استخدام الدولار الأميركي في التعامل الرسمي للقضاء على التضخم، وإلغاء المصرف المركزي. ومن التغييرات الأخرى المثيرة للجدل، التي يتضمنها برنامج الرئيس الجديد، مراجعة القراءة الرسمية لمفهوم «إرهاب الدولة» بحجة أن ما ارتكبه النظام الديكتاتوري العسكري لم يكن سوى «تجاوزات»، وأن التقديرات التي تفيد بأن عدد المفقودين خلال تلك الفترة تجاوز 30 ألفاً، كما تقول منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، ليست سوى ذريعة للاستمرار في نهب الدولة.

وزير الاقتصاد سرجيو ماسّا يتحدث وبجانبه زوجته ملينا غالماريني بعد إعلان النتائج وخسارته (أ.ف.ب)

وتفيد القراءة المتأنية لنتائج هذه الانتخابات التي هزّت الأرجنتين، بأن قاعدة التأييد الأساسية للرئيس الجديد كانت في أوساط الطبقتين الوسطى والفقيرة، وبخاصة بين الشباب الذين وُلدوا في ظل النظام الديمقراطي ولم يعرفوا سوى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتسلسلة، واعتنقوا برنامجه الذي يدعو إلى تدمير النظام القائم والانطلاق نحو بناء نظام جديد. كما نجح أيضاً في الحصول على تأييد غالبية الناخبين الذين كانوا دعموا المرشحة الليبرالية في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، فضلاً عن أنه فاز في 21 من أصل 23 دائرة انتخابية.



ومن المقرر أن يتسلّم ميلي مهامه الرئاسية في العاشر من الشهر المقبل، عند انتهاء ولاية الرئيس الحالي البرتو فرنانديز، لكنه سيجد نفسه مضطراً إلى التوصل لاتفاقات مع الذين رماهم بأقسى الاتهامات والشتائم خلال الحملة الانتخابية؛ إذ إن كتلته النيابية لا تزيد على 38 نائباً في البرلمان الذي يبلغ عدد مقاعده 350؛ إذ يسيطر الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري على 94 منهم. ويشكّل هذا الفوز الذي حققه ميلي بداية انهيار التيار البيروني الذي قادته الحركة «الكيرشنيرية» وكان السائد في المشهد السياسي الأرجنتيني منذ عام 2003، والذي كان أخلى الساحة الانتخابية لوزير الاقتصاد الحالي سرجيو ماسّا، الذي ينتمي إلى التيار البيروني الليبرالي، وكان قد خاض الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ماكري في عام 2015.

وبعد هذه الهزيمة المدوية على امتداد الدوائر الانتخابية، لم يتبقَّ أمام الحركة البيرونية سوى العاصمة بيونس آيرس، وهي الأكبر والأغنى، لإعادة تنظيم الصفوف ومواجهة المد اليميني المتطرف الذي ينذر بحقبة شديدة الاضطرابات.


خافيير ميلي بعد فوزه برئاسة الأرجنتين: اليوم تبدأ نهاية الانحطاط

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال التحدث لأنصاره من مقر حملته الانتخابية في العاصمة بوينس آيرس (أ.ب)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال التحدث لأنصاره من مقر حملته الانتخابية في العاصمة بوينس آيرس (أ.ب)
TT

خافيير ميلي بعد فوزه برئاسة الأرجنتين: اليوم تبدأ نهاية الانحطاط

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال التحدث لأنصاره من مقر حملته الانتخابية في العاصمة بوينس آيرس (أ.ب)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال التحدث لأنصاره من مقر حملته الانتخابية في العاصمة بوينس آيرس (أ.ب)

فاز المرشح الليبرالي المتطرف خافيير ميلي في الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين أمس (الأحد) وحقق فيها مفاجأة كبيرة بحصوله على 55.95 في المائة من الأصوات، وفق ما أظهرت نتائج جزئية رسمية، وقال ميلي في خطاب النصر الذي ألقاه مساء أمس (الأحد) إن «اليوم تبدأ نهاية الانحطاط» وتنطلق «إعادة إعمار الأرجنتين»، محذراً من أنه لن تكون هناك «أنصاف حلول».

وخاطب ميلي آلافاً من أنصاره في مقر حملته في بوينس آيرس بعد فوزه الساحق بأكثر من 55 في المائة من الأصوات على وزير الاقتصاد الوسطي سيرخيو ماسا، مشدداً على أن «هذه ليلة تاريخية للأرجنتين»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابع ميلي: «انتهى النموذج الطبقي الفقير، واليوم نتبنى نموذج الحرية كي نصبح مجدداً قوة عالمية. اليوم تنتهي طريقة مورِسَت بها السياسة، وتبدأ طريقة أخرى». وقال: «نحن نواجه مشاكل هائلة: التضخم والركود ونقص الوظائف الحقيقية وانعدام الأمن والفقر والبؤس. هذه مشاكل لن تحل إلا إذا تبنينا أفكار الحرية مرة أخرى».

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي وصديقته فاتيما خلال تحية أنصاره بعد الفوز في الانتخابات (أ.ف.ب)

وحذر ميلي، الذي يدعو منذ عامين إلى العلاج بالصدمة لاقتصاد أنهكه تضخم مزمن يبلغ حالياً 143 في المائة على مدى عام واحد، قائلاً: «لا يوجد مجال للتدرج ولا مجال للفتور أو لأنصاف الحلول». وقد مد يده إلى «جميع الأرجنتينيين والقادة السياسيين وجميع من يريدون الانضمام إلى الأرجنتين الجديدة»، لكنه حذر أيضاً من حركات مقاومة اجتماعية محتملة لإصلاحاته. وأوضح: «نعلم أن هناك أشخاصاً سيقاومون ويريدون الحفاظ على نظام الامتيازات (الذي يستفيد منه) البعض ولكنه يفقر الغالبية. أقول لهم: كل ما هو في القانون جائز، ولكن ليس ما هو خارج القانون».

ويتولى ميلي الرئاسة في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل خلفا للرئيس البيروني (يسار وسط) ألبرتو فرنانديز.

وحصل منافسه وزير الاقتصاد سيرخيو ماسا على 44.04 في المائة بعد فرز 86 في المائة من الأصوات، وقد أقر بهزيمته قائلاً إنه اتصل بميلي لتهنئته. وقال ماسا: «واضح أن النتائج لم تكن ما أملنا به، وتحدثت مع خافيير ميلي لتهنئته وأتمنى له التوفيق لأنه الرئيس الذي انتخبته غالبية الأرجنتينيين للسنوات الأربع المقبلة».

تهنئة أميركية وبرازيلية

هنأت الولايات المتحدة ميلي على فوزه في الانتخابات، مشيدة بـ«الإقبال الكبير والسير السلمي لعملية التصويت». وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن هذه الانتخابات هي «شهادة للمؤسسات الانتخابية والديمقراطية في الأرجنتين»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «تتطلع إلى العمل مع الرئيس المنتخب ميلي وحكومته بشأن أولويات مشتركة». من جهته هنأ الرئيس الأميركي السابق الجمهوري دونالد ترمب ميلي على انتخابه رئيساً للأرجنتين، معتبراً عبر شبكته الاجتماعية «تروث سوشال» أنه سيعمل على «تغيير» بلاده. وكتب ترمب متوجهاً إلى ميلي: «أنا فخور جداً بك. ستغير بلدك وتجعل الأرجنتين عظيمة مرة أخرى».

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (إ.ب.أ)

وتمنى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا النجاح للإدارة الأرجنتينية الجديدة، وذلك في رسالة على موقع «إكس» لم يذكر فيها الفائز في انتخابات الأحد. وكتب لولا: «أتمنى حظاً سعيداً ونجاحاً للحكومة الجديدة. الأرجنتين بلد عظيم يستحق كل احترامنا. البرازيل ستكون دائماً حاضرة للعمل مع إخواننا الأرجنتينيين».

أعلى معدل للتضخم في العالم

وأغلقت مراكز الاقتراع الانتخابية الساعة السادسة مساء (21:00 بتوقيت غرينتش) أمام 36 مليون ناخب.

وحَدّد التضخم وهو من أعلى المعدلات في العالم (143 في المائة خلال عام) والفقر الذي طال 40 في المائة من السكان رغم برامج الرعاية الاجتماعية، والديون المستعصية وتراجع قيمة العملة، معالم دورة الاقتراع التي يأمل الأرجنتينيون بأن تخرجهم من الأزمة الاقتصادية. وبدت خطط إنعاش ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية متضاربة جداً، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وميلي (53 عاماً)، اقتصادي يصف نفسه بأنه «رأسمالي فوضوي»، وأثار الجدل في مداخلاته التلفزيونية ودخل المعترك السياسي قبل عامين. وتعهد هذا الليبرالي التخلص من «الطبقة الطفيلية» و«تقليم الدولة المعادية» و«دولرة الاقتصاد».

وأتى التنافس الانتخابي فيما ينتقل الأرجنتينيون «من أزمة إلى أخرى، وباتوا على شفير الانهيار النفسي»، وفق المحللة آنا إيباراغيري.

مؤيدو الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي يحتفلون بفوزه في الانتخابات في بوينس آيرس (إ.ب.أ)

وتشهد البلاد ارتفاعاً في الأسعار من شهر لآخر، وحتى من أسبوع لآخر، في حين انخفضت الأجور، بما في ذلك الحد الأدنى للرواتب، إلى 146 ألف بيزو (400 دولار).

ووصلت الإيجارات إلى مستويات باتت بعيدة عن متناول كثيرين، وتلجأ ربّات الأسر إلى المقايضة للحصول على ما يحتجن إليه، على غرار ما حدث بعد الأزمة الاقتصادية الحادة عام 2001.

وأظهرت دراسة أجرتها جامعة بوينس آيرس في وقت سابق هذا العام، أن 68 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً مستعدون للهجرة إذا سنحت لهم الفرصة.

لم يعد الناس يتحملون

قالت الناخبة إيزابيلا فرنانديز (20 عاماً) إنها مقتنعة و«بلا خوف» بـ«التغيير» مع ميلي. فيما قال الناخب أليخاندرو سيكو (62 عاماً): «لم يعد الناس يتحملون. وأعتقد أن أزمة اقتصادية حادة تلوح في الأفق».

وكان ماسا حقق تقدماً في الدورة الأولى مع 37 في المائة من الأصوات، مقابل 30 في المائة لميلي.

ورغم حصوله على تأييد كثير من الناخبين «الغاضبين» في الدورة الأولى، لكن خطاب ميلي ورغبته في خفض الإنفاق العام في بلد يتلقى 51 في المائة من سكانه معونة اجتماعية، ونيته تسهيل شراء الأسلحة، أثارت المخاوف أيضاً.


الصين توسع نفوذها في أميركا الوسطى عبر الهبات والتبادل التجاري

نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

الصين توسع نفوذها في أميركا الوسطى عبر الهبات والتبادل التجاري

نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)
نجل رئيس نيكاراغوا لدى حضوره حفل تسلم 250 حافلة من الصين في 17 نوفمبر (أ.ف.ب)

في وسط سان سلفادور التاريخي، تشكّل مكتبة حديثة دشنها الرئيس نجيب بوكيلة رمزا جديدا لوجود الصين المتنامي في أميركا الوسطى، مع استثمارات في قطاعَي الطاقة والبنى التحتية. وزار بوكيلة برفقة السفير الصيني الطوابق الستة للمكتبة التي تمتد على 24 ألف متر مربع، والتي بنيت بفضل هبة مقدارها 54 مليون دولار من الصين، ووفق ما ورد في مقطع مصور رسمي نشر الثلاثاء. وستقدم الصين كذلك هبة لبناء ملعب رياضي على غرار ما فعلت في كوستاريكا، فضلا عن رصيف ميناء على ساحل المحيط الهادي، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي نيكاراغوا، صعد لوريانو نجل الرئيس دانيال أورتيغا، الأربعاء، إلى إحدى الحافلات الصينية الـ250 التي سُلّمت إلى البلاد، وشكر بكين على هذه «العلاقة الخاصة» التي بحسب قوله، ستساعد نيكاراغوا على الخروج من الفقر. وبالإضافة إلى البنى التحتية من طرق ومطارات وطاقة، تحدث أورتيغا عن خطة لتطوير تكنولوجيا الجيل الخامس (5 جي) بعد زيارته أخيرا مقر شركة الاتصالات الصينية العملاقة «هواوي»، التي تتهمها واشنطن بالتجسس.

عزل تايوان دولياً

ومنذ أن قطعت كوستاريكا علاقاتها مع تايوان في عام 2007، وسّعت الصين نفوذها في أميركا الوسطى، بعدما أقامت علاقات دبلوماسية مع كل من بنما في عام 2017، والسلفادور في عام 2018، ونيكاراغوا في عام 2021، وهندوراس في عام 2023. وأوضحت مارغريت مايرز، المتخصصة في شؤون آسيا وأميركا اللاتينية في مركز «إنتر-أميركان ديالوغ»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «جهود الصين في أميركا الوسطى مدفوعة برغبتها في عزل تايوان سياسيا (...) وستواصل بذلها من أجل الحصول على دعم هذه الحكومات في المنظمات الدولية».

في أميركا الوسطى، وحدهما غواتيمالا وبيليز تقيمان علاقات دبلوماسية مع تايوان التي تعدها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتنوي إعادتها إلى سيادتها، بالقوة إن لزم الأمر. وثمة 13 دولة في العالم فقط تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان. وشدد خبير الاقتصاد السلفادوري سيزار فيالونا: «تندرج أميركا الوسطى في إطار سياسة العزل هذه».

معاهدات تبادل حر

وبالتوازي مع تدشينها المكتبة، صادقت نيكاراغوا الخميس على معاهدة للتبادل الحر تجري السلفادور وهندوراس مفاوضات بشأنها. إلا أن ميزان المبادلات التجارية يميل بشكل كبير لصالح الصين. تبلغ قيمة الواردات الصينية في كوستاريكا 3.34 مليار دولار والصادرات 400 مليون فقط، وفي السلفادور 2.847 مليار في مقابل 48 مليونا بحسب بيانات رسمية. ورأى أنريكي ساينز، خبير الاقتصاد من نيكاراغوا والمقيم في كوستاريكا، أن «الصين بعيدة جدا. قدرتنا على الإنتاج ضعيفة وكلفة الشحن والتأمين عالية. في نيكاراغوا سيتفاقم العجز» جراء هذه المعاهدة.

ومع أن هذه الأسواق صغيرة جدا بالنسبة للصين، فإن أميركا الوسطى توفر نفاذا سهلا إلى المحيطين الهادي والأطلسي. وأشركت بنما التي تتمتع بموقع جيوسياسي مهم بفضل قناتها، شركات صينية في بناء موانئ بحرية على هذه القناة التي تربط بين المحيطين. وتشكل الصين الشريك التجاري الثاني لبنما بعد الولايات المتحدة. وأوضح نائب وزير الخارجية السابق في بنما، لويس ميغيل إنكابييه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن المصارف الصينية الكبرى موجودة في مركز بنما المالي.

«فخ الديون»

أمام قادة عدد من دول أميركا اللاتينية، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من الوقوع في «فخ الديون» الصينية. لكن وزير شؤون الرئاسة في هندوراس رودولفو باستور رأى أن العلاقة مع الولايات المتحدة في السنوات الأربعين الأخيرة لم تساعد المنطقة على «الخروج من الفقر أو سلوك درب التنمية. وعلينا تاليا المراهنة على شيء جديد».

وأكد رئيس غواتيمالا المنتخب برناردو اريفالو، الذي سيتولى مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل أن حكومته «ستواصل علاقاتها مع تايوان»، من دون استبعاد الخوض في علاقات مع الصين. وحذر إنكابييه: «لا أحد يستطيع إنكار أهمية الصين على صعيد التجارة العالمية. لذا فهي مسألة وقت قبل أن تغير الدول التي تبقى مرتبطة بتايوان، موقفها».


بيليز تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وتندد بقتل «مدنيين أبرياء»

رجل ينقل فتاة فلسطينية مصابة إلى مستشفى الأقصى عقب القصف الإسرائيلي على دير البلح (أ.ف.ب)
رجل ينقل فتاة فلسطينية مصابة إلى مستشفى الأقصى عقب القصف الإسرائيلي على دير البلح (أ.ف.ب)
TT

بيليز تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وتندد بقتل «مدنيين أبرياء»

رجل ينقل فتاة فلسطينية مصابة إلى مستشفى الأقصى عقب القصف الإسرائيلي على دير البلح (أ.ف.ب)
رجل ينقل فتاة فلسطينية مصابة إلى مستشفى الأقصى عقب القصف الإسرائيلي على دير البلح (أ.ف.ب)

أعلنت بيليز، أمس (الثلاثاء)، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب قصفها المتواصل لقطاع غزة منذ هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، حسبما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت حكومة البلد الواقع في أميركا الوسطى في بيان إنها «سحبت» اعتماد السفارة الإسرائيلية في العاصمة بلموبان، وعلقت «كل أنشطة» ممثل إسرائيل لديها، في قرار يدخل حيز التنفيذ «فوراً».

وعزا البيان هذا الإجراء إلى مقتل «مدنيين أبرياء» في غزة، حيث يتواصل قصف إسرائيلي كثيف أودى بـ11 ألفاً و320 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، وبينهم 4650 طفلاً، بحسب حكومة «حماس».

وبيليز ثاني بلد في أميركا اللاتينية يعلن قطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل منذ بدء الحرب، بعد بوليفيا، في 1 نوفمبر (تشرين الثاني).

في المقابل، استدعت كولومبيا وتشيلي وهندوراس سفراءها في إسرائيل للتشاور.

صبي فلسطيني جريح يرقد على نقالة في مستشفى الأقصى بعد القصف الإسرائيلي على دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وشدَّدت إسرائيل الحصار المفروض أصلاً على قطاع غزة منذ عام 2007، رداً على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» على مستوطنات إسرائيلية.

وتخيم رائحة الموت على كل مكان تقريباً في قطاع غزة الذي يواجه واحدة من أقسى الأزمات الإنسانية.


الرئيس البرازيلي: إسرائيل تقتل الأبرياء من دون أيّ معيار

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (إ.ب.أ)
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (إ.ب.أ)
TT

الرئيس البرازيلي: إسرائيل تقتل الأبرياء من دون أيّ معيار

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (إ.ب.أ)
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (إ.ب.أ)

اتّهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أمس (الاثنين) إسرائيل بـ«قتل أبرياء من دون أيّ معيار» في قطاع غزة، مؤكّداً أنّ ردّ إسرائيل «لا يقلّ خطورة» عن الهجوم الذي شنّته عليها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وأشعل فتيل هذه الحرب، وفقاً لوكالة (الصحافة الفرنسية).

وقال لولا خلال حفل رسمي في برازيليا إنّه «بعد الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها (حماس)، تبيّن أنّ العواقب، وأنّ الحلّ الذي انتهجته إسرائيل، لا يقلّ خطورة عن ذاك الذي انتهجته (حماس). إنّهم يقتلون أبرياء من دون أيّ معيار».

كذلك، فإنّ لولا، رئيس أكبر دولة في أميركا اللاتينية، اتّهم إسرائيل بـ«إلقاء قنابل على أماكن فيها أطفال، كالمستشفيات، بحجّة وجود إرهابيين فيها».

وأضاف «هذا أمر لا يمكن تفسيره. أولاً، عليك أن تنقذ النساء والأطفال، ثم تتقاتل مع من تريد».

وشدّد لولا على أنّ عدد النساء والأطفال الذين قُتلوا لم يسبق له مثيل في نزاع مثل هذا.

وسارع ممثّلو الجالية اليهودية في البرازيل، ثاني أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية، إلى إدانة تصريحات لولا «الخاطئة» و«غير العادلة» و«الخطيرة».

وقالت «الكونفدرالية الإسرائيلية في البرازيل» التي تقول إنّها تمثّل 120 ألف يهودي برازيلي، إنّ تصريحات لولا «تضع على نفس المستوى» إسرائيل و«حماس».

ودافعت الكونفدرالية في مذكرة عن الجهود «الواضحة والمثبتة» التي تبذلها السلطات الإسرائيلية «لإنقاذ المدنيين الفلسطينيين».

وأضافت المذكّرة أنّ أبناء الطائفة اليهودية في البرازيل «يتوقعون من سلطاتنا أن تكون متوازنة».

ويقول الجيش الإسرائيلي إنّه خلال الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر وأشعل فتيل الحرب الحالية، اختطف مقاتلو الحركة نحو 240 شخصاً اقتادوهم معهم إلى قطاع غزة حيث احتجزوهم رهائن.

ومنذ الهجوم الذي شنّته «حماس» وخلّف بحسب السلطات الإسرائيلية 1200 قتيل، معظمهم من المدنيين، أوقعت الضربات الانتقامية الإسرائيلية على قطاع غزّة، بحسب حكومة «حماس»، أكثر من 11 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين وبينهم 4630 طفلاً.

وتنفي إسرائيل استهداف المستشفيات في قطاع غزة عمداً.

وتتّهم إسرائيل «حماس» باستخدام هذه المستشفيات، أو أنفاقاً تقول إنّها موجودة تحت هذه المنشآت الصحّية، مخابئ ومراكز عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة التي تحكم منذ 2007 قطاع غزة.

ومساء الاثنين، استقبل لولا في قاعدة جوية في العاصمة 22 مواطناً برازيليا وعشرة من أفراد عائلاتهم كانوا يعيشون في قطاع غزة وتمكّنت برازيليا من إجلائهم الأحد عبر الحدود المصرية، بعد أكثر من شهر من الانتظار.

وبهذه المناسبة قال لولا «اليوم هو يوم سعيد للغاية للبرازيليين».

وأضاف أنّ الحكومة تقوم بإعادة أولئك الذين «أمكن إطلاق سراحهم بفضل كثير من التضحيات، إذ إنّ الأمر رهن بإرادة إسرائيل».

وكان سيلسو أموريم، مستشار لولا والذي مثّل البرازيل في مؤتمر إنساني حول غزة في باريس، قال الخميس إنّه يؤيّد «وقفاً لإطلاق النار» بين إسرائيل و«حماس».

وقال أموريم يومها إنّ مقتل آلاف الأطفال الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على غزة يدفع للتفكير بـ«إبادة جماعية».


البرازيل توقف شخصين بشبهة التحضير لـ«هجمات إرهابية»... و«الموساد» يتهم «حزب الله»

شرطي يراقب الأعلام الإسرائيلية والصور التي وضعتها منظمة غير حكومية على شاطئ وترمز إلى ضحايا هجوم «حماس» في ريو دي جانيرو بالبرازيل (إ.ب.أ)
شرطي يراقب الأعلام الإسرائيلية والصور التي وضعتها منظمة غير حكومية على شاطئ وترمز إلى ضحايا هجوم «حماس» في ريو دي جانيرو بالبرازيل (إ.ب.أ)
TT

البرازيل توقف شخصين بشبهة التحضير لـ«هجمات إرهابية»... و«الموساد» يتهم «حزب الله»

شرطي يراقب الأعلام الإسرائيلية والصور التي وضعتها منظمة غير حكومية على شاطئ وترمز إلى ضحايا هجوم «حماس» في ريو دي جانيرو بالبرازيل (إ.ب.أ)
شرطي يراقب الأعلام الإسرائيلية والصور التي وضعتها منظمة غير حكومية على شاطئ وترمز إلى ضحايا هجوم «حماس» في ريو دي جانيرو بالبرازيل (إ.ب.أ)

أعلنت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، أمس (الأربعاء)، أنها أوقفت شخصين بشبهة تحضيرهما لتنفيذ «هجمات إرهابية»، قال «الموساد» إنها تستهدف الجالية اليهودية في البلاد بتدبير من «حزب الله» اللبناني، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضحت الشرطة، في بيان، أن التوقيف تمّ في ساو باولو في إطار عملية أمنية تهدف إلى «إحباط استعدادات إرهابية والحصول على أدلة على احتمال تجنيد برازيليين لممارسة أعمال متطرفة في البلاد».

ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل حول الأهداف المحتملة للهجمات.

كذلك، نفذت الشرطة 11 عملية تفتيش في ولايات ساو باولو وميناس جيرايس وبرازيليا.

من جهته، قال جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد»، في بيان، إنّه تعاون مع السلطات البرازيلية «لإحباط هجوم في البرازيل، خططت له منظمة (حزب الله)، بتوجيه وتمويل من النظام الإيراني».

وتحدث «الموساد» عن «خلية إرهابية يديرها (حزب الله) لمهاجمة أهداف يهودية وإسرائيلية في البرازيل».

وأضاف أنّ «(حزب الله) والنظام الإيراني يواصلان العمل في جميع أنحاء العالم لمهاجمة أهداف إسرائيلية ويهودية وغربية».

وبحسب محطة «تي في غلوبو» التلفزيونية البرازيلية، فقد طلبت السلطات البرازيلية من الإنتربول إصدار نشرة حمراء لتوقيف شخصين يحملان الجنسيتين البرازيلية واللبنانية وموجودين حالياً في لبنان.

ولم يرد الإنتربول في الحال على أسئلة بهذا الشأن طرحتها عليه وكالة الصحافة الفرنسية.

ومثل هكذا عمليات أمنية نادرة في البرازيل التي ظلت إلى حد بعيد بمنأى عن هجمات واسعة النطاق.

والجالية اليهودية البرازيلية التي تضم نحو 107 آلاف شخص، هي ثاني أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية بعد الأرجنتين التي يبلغ عدد اليهود فيها 250 ألفاً.

وهوجمت السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين بالقنابل عام 1992 (29 قتيلاً و200 جريح)، كما هوجمت تعاضدية يهودية بعد ذلك بعامين (85 قتيلاً و300 جريح).


الرئيس المكسيكي يقول إن بلاده لن تقطع العلاقات مع إسرائيل

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو خلال خطاب لوسائل الإعلام في المقر الرئاسي في لوس بينوس في مكسيكو سيتي بالمكسيك 14 سبتمبر 2017 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو خلال خطاب لوسائل الإعلام في المقر الرئاسي في لوس بينوس في مكسيكو سيتي بالمكسيك 14 سبتمبر 2017 (رويترز)
TT

الرئيس المكسيكي يقول إن بلاده لن تقطع العلاقات مع إسرائيل

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو خلال خطاب لوسائل الإعلام في المقر الرئاسي في لوس بينوس في مكسيكو سيتي بالمكسيك 14 سبتمبر 2017 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو خلال خطاب لوسائل الإعلام في المقر الرئاسي في لوس بينوس في مكسيكو سيتي بالمكسيك 14 سبتمبر 2017 (رويترز)

قال الرئيس المكسيكي أندرياس مانويل لوبيز أوبرادور، الثلاثاء، إن بلاده لن تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب الصراع في غزة، وحث الزعماء السياسيين على العمل من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع.

ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، كان لوبيز أوبرادور يتحدث خلال إفادة صحافية دورية.