كوت ديفوار: هدوء حذر... وترقب لنتائج الانتخابات الرئاسية

نسبة المشاركة في حدود 50%... والمعارضة تشكّك

موظّف انتخابي يحصي الأصوات في مكتب اقتراع بأبيدجان يوم 25 أكتوبر (رويترز)
موظّف انتخابي يحصي الأصوات في مكتب اقتراع بأبيدجان يوم 25 أكتوبر (رويترز)
TT

كوت ديفوار: هدوء حذر... وترقب لنتائج الانتخابات الرئاسية

موظّف انتخابي يحصي الأصوات في مكتب اقتراع بأبيدجان يوم 25 أكتوبر (رويترز)
موظّف انتخابي يحصي الأصوات في مكتب اقتراع بأبيدجان يوم 25 أكتوبر (رويترز)

تعيش دولة كوت ديفوار، الواقعة في غرب أفريقيا، حالة من الترقب والهدوء الحذر، في حين تستمر عملية فرز وتجميع نتائج الانتخابات الرئاسية التي نُظمت السبت، وتنافس فيها خمسة مرشحين، يُعدّ الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا هو أوفرهم حظاً للفوز بولاية رئاسية رابعة.

ودُعي نحو تسعة ملايين ناخب إيفواري إلى التصويت على من سيحكم البلد الذي يُعدّ أول منتج عالمي للكاكاو، والذي استعاد موقعه كركيزة استقرار في منطقة غرب أفريقيا المضطربة بالانقلابات والهجمات الإرهابية، والتي تحولت مؤخراً إلى ساحة للصراع الدولي بين الغرب وروسيا.

قتلى وصدامات

مع أنها انتخابات رئاسية وسباق بطابع سياسي، إلا أنه كان تحدياً أمنياً للبلد الذي يحملُ في ذاكرته الكثير من الحروب التي أشعلتها المواعيد الانتخابية، كما حدث عام 2010 حين رفض لوران غباغبو النتائج التي أظهرت فوز مرشح المعارضة آنذاك الحسن واتارا، لتشتعل حرب أهلية استمرت لعدة أشهر وراح ضحيتها الآلاف.

انتشار أمني في قرية لوبو لتأمين العملية الانتخابية يوم 25 أكتوبر (أ.ف.ب)

ولا تزال الانتخابات الرئاسية ترمز في أذهان كثير من الإيفواريين إلى التوترات السياسية والطائفية، بعد اقتراع 2010 الذي أوقع 3 آلاف قتيل، واقتراع 2020 الذي خلف 85 قتيلاً. أما انتخابات السبت، فقد حاولت السلطات تأمينها من خلال نشر 44 ألفاً من عناصر الأمن لتفادي أي حوادث خلال يوم التصويت. وأعلنت السلطات بعد إغلاق مكاتب الاقتراع أنها سجلت حوادث «محدودة» لم تؤثر على سير العملية.

ورغم أن الاقتراع جرى عموماً في أجواء هادئة، فقد سُجلت حوادث في نحو 2 في المائة من مراكز التصويت؛ أي نحو 200 موقع، بحسب حصيلة قدمتها قوات الأمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ناخبون ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في أغبوفيل يوم 25 أكتوبر (أ.ف.ب)

ووقعت اشتباكات في عدد من مناطق الجنوب والغرب، لكنها «لم تؤثر بشكل كبير على سير العملية الانتخابية»، وفق وزير الداخلية فاغوندو ديوماندِي.

وبحسب مصدر أمني تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قُتل شخص من جنسية بوركينابية في منطقة غادوان (وسط غرب البلاد) خلال مواجهات بين مجموعات محلية بعد ظهر السبت، وأصيب 22 آخرون بالرصاص أو بالسلاح الأبيض، أحدهم حالته خطيرة، وتم نشر قوات الأمن لإعادة الهدوء.

كما قُتل فتى يبلغ 13 عاماً بـ«رصاصة أُطلقت من مركبة نقل جماعي» في منطقة غريغبو (وسط غرب البلاد)، وفق المصدر نفسه. وبذلك يرتفع عدد القتلى المرتبطين بالعملية الانتخابية إلى ستة منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، بينهم اثنان يوم الاقتراع.

نسبة المشاركة

الرهان الثاني الذي واجه الانتخابات تمثّل في نسبة المشاركة والإقبال على التصويت. ومع نهاية الاقتراع، قال رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة، إبراهيم كويبير كوليبالي، مساء السبت، إنهم يتوقعون أن تكون نسبة المشاركة في حدود 50 في المائة.

إحصاء الأصوات بمكتب اقتراع في أبيدجان يوم 25 أكتوبر (أ.ف.ب)

وقال رئيس اللجنة في تصريح مساء السبت للتلفزيون الحكومي: «نسبة المشاركة الحالية تُقدَّر بأكثر من 30 في المائة، ويُتوقع أن تبلغ نحو 50 في المائة». وأضاف: «سيتم إعلان النتائج في أسرع وقت ممكن... ومع الوسائل التي وضعناها، يمكننا القول إننا سنعلن النتائج في موعد أقصاه الاثنين».

وأوضح أن قانون الانتخابات يمنح اللجنة مهلة خمسة أيام لإعلان النتائج، «لكن الإيفواريين بحاجة إلى معرفة نتائج التصويت، ولذلك سنبذل جهدنا لتلبية هذا الطلب». وبيّن أن إعلان النتائج يتم على أربع مراحل: الأولى في مكاتب التصويت، والثانية على مستوى الدوائر الإدارية، والثالثة في اللجنة المركزية للنتائج المؤقتة، وأخيراً الإعلان النهائي الذي يقوم به المجلس الدستوري.

وفي سياق متصل، قرر مجلس الهيئة الوطنية للصحافة في جلسة استثنائية تعليق نشاط صحيفة محلية، ومنعها من النشر لمدة 26 يوماً، بعد نشرها «نتائج مزعومة» للانتخابات الرئاسية عشية الاقتراع، وذلك بموجب شكوى تقدمت بها لجنة الانتخابات، مُتّهمة الصحيفة بأنها انتهكت القانون الانتخابي.

المعارضة تُشكّك

في غضون ذلك، بدا الإقبال على التصويت متفاوتاً ما بين مناطق البلاد؛ إذ إنه في الغرب والجنوب، وهما منطقتان تُعرفان تقليدياً بقوة المعارضة فيهما، بدت مكاتب الاقتراع شبه خالية، بما في ذلك العاصمة الاقتصادية أبيدجان، التي تُعدّ المعقل الرئيسي للناخبين.

موظّفة انتخابية تحصي الأصوات في مكتب اقتراع بأبيدجان يوم 25 أكتوبر (رويترز)

في المقابل، شهد الشمال، الذي يُعتبر قاعدة دعم للرئيس واتارا، إقبالاً لافتاً، خصوصاً في مدينة بواكي (وسط)، ثاني أكبر مدن البلاد. كما كان الإقبال كبيراً على مكاتب الاقتراع في العاصمة السياسية ياموسوكرو (شمال).

وقال سيمون دوهّو، رئيس كتلة نواب الحزب الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نلاحظ انقساماً واضحاً بين الشمال والجنوب. نسبة المشاركة أدنى مما أُعلن، ويمكننا التشكيك في شرعية رئيس يُنتخب في مثل هذه الظروف».

ولم يكن زعيم الحزب المعارض تيدجان تيام، ولا الرئيس السابق لوران غباغبو، قد حصلا على بطاقات الاقتراع، بعدما تم استبعادهما من السباق وشطبهما من القوائم الانتخابية؛ الأول بسبب مسائل تتعلق بالجنسية، والثاني بسبب إدانة قضائية.

ودعت المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات، في حين وصفها الرئيس السابق لوران غباغبو بأنها «ليست انتخابات، وإنما انقلاب تحت غطاء صناديق الاقتراع». وتراهن المعارضة على ضعف نسبة المشاركة من أجل التشكيك في شرعية النتائج.


مقالات ذات صلة

العراق: ازدياد الشحن الانتخابي... والأنظار تتجه إلى صناديق الاقتراع

المشرق العربي أحد المراكز الانتخابية في بغداد (مفوضية الانتخابات)

العراق: ازدياد الشحن الانتخابي... والأنظار تتجه إلى صناديق الاقتراع

مع بدء الصمت الانتخابي في العراق، وضعت أشرس حرب إعلامية بين القوى والكتل السياسية والمكوناتية في العراق أوزارها، فيما بدأت الأنظار تتجه إلى صناديق الاقتراع.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي شرطي عراقي يدلي بصوته خلال التصويت المبكر للقوات الأمنية (أ.ب) play-circle 00:38

العراق: بدء التصويت الخاص للقوات الأمنية والنازحين في الانتخابات البرلمانية

فتحت مراكز الانتخابات في العراق أبوابها، صباح اليوم؛ لبدء التصويت الخاص للقوات الأمنية والعسكرية، والحشد الشعبي، والبيشمركة الكردية، في الانتخابات البرلمانية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شمال افريقيا ناخبون مصريون في السعودية قبل الإدلاء بأصواتهم في اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)

«النواب المصري»: مواطنو الخارج ينهون تصويتهم في الانتخابات

أنهى المصريون في الخارج، السبت، التصويت في انتخابات مجلس النواب في مرحلتها الأولى، داخل 139 لجنة فرعية في مقار السفارات والقنصليات المصرية.

رحاب عليوة (القاهرة )
المشرق العربي عناصر من «كتائب حزب الله» في جرف الصخر (أ.ف.ب)

«حزب الله» في العراق يرفض نزع سلاحه «الشرعي»

تواصل «كتائب حزب الله» تحديها للسلطات العراقية ومفوضية الانتخابات، عبر رفضها الصريح لنزع سلاحها.

فاضل النشمي (بغداد)
تحليل إخباري ترمب وممداني دليل على تنامي الشعبوية الأميركية (أ.ف.ب)

تحليل إخباري من ممداني إلى ترمب… الشعبوية تغيّر وجه السياسة الأميركية

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» انعكاسات فوز ممداني على الحزب الديمقراطي ووجوه التشابه بين ترمب وممداني.

رنا أبتر (واشنطن)

حزب تيغراي يندد بهجمات مسيّرات للحكومة الإثيوبية

الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)
الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)
TT

حزب تيغراي يندد بهجمات مسيّرات للحكومة الإثيوبية

الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)
الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)

ندّد حزب تيغراي الذي خاضت قواته حرباً دامية ضد الجيش الفيدرالي الإثيوبي بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 ونوفمبر 2022، بـ«هجمات مسيّرات»، مساء الجمعة، في المنطقة الواقعة شمال إثيوبيا، متهماً حكومة أديس أبابا بتنفيذها.

وقالت جبهة تحرير شعب تيغراي، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الضربات خلّفت ضحايا بين قوات تيغراي وسكان محليين». وحكم هذا الحزب إثيوبيا طوال نحو ثلاثين عاماً قبل أن يُهمش. وأسفرت الحرب في تيغراي عن سقوط 600 ألف قتيل على الأقل خلال عامين، حسب الاتحاد الأفريقي.

وفي ظلّ عودة التوتر بين أديس أبابا وإقليم تيغراي، أعلنت سلطات إقليم عفر، الموالية للسلطات الفيدرالية، أنها تعرّضت لهجوم من قوات تيغراي التي سيطرت على قرى و«قصفت مدنيين»، في مؤشر جديد على الاضطرابات الداخلية التي تشهدها البلاد. وجاء في بيان للإدارة المحلية في عفر، الأربعاء، أن جبهة تحرير شعب تيغراي «دخلت إلى منطقة عفر» المحاذية للحدود مع إريتريا وجيبوتي.

وأضاف البيان أن القوات المُهاجمة «سيطرت بالقوة على ست قرى وقصفت المدنيين بالهاون» والمدفعية الثقيلة. وعدّت السلطات الانتقالية في منطقة تيغراي، الخميس، أن اتهامها بمهاجمة إقليم عفر المجاور «لا أساس له». وقالت سلطات تيغراي إن «هذا الاتهام لا أساس له... لم يتم انتهاك حدود عفر»، منددة بـ«مؤامرة شريرة تهدف إلى الإضرار عمداً بشعب تيغراي».


فرنسا تنصح رعاياها بمغادرة مالي لفترة مؤقتة

أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)
أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)
TT

فرنسا تنصح رعاياها بمغادرة مالي لفترة مؤقتة

أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)
أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)

نصحت فرنسا رعاياها بمغادرة مالي لفترة مؤقتة «في أقرب وقت»، في وقت يفرض الإرهابيون فيه حصاراً على العاصمة باماكو وعدد من مناطق البلاد، وذلك في رسالة إلى المسافرين نشرتها «الخارجية» الفرنسية، الجمعة.

وأوردت الرسالة، التي نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه «منذ أسابيع عدة، يتدهور الوضع الأمني في مالي، بما في ذلك في باماكو. ننصح المواطنين الفرنسيين بمغادرة مالي مؤقتاً في أقرب وقت، عبر الرحلات التجارية التي لا تزال متوافرة».

ولفتت «الخارجية» إلى أنها «لا تنصح بالتنقل من طريق البر؛ لأن الطرق الوطنية تتعرض راهناً لهجمات مجموعات إرهابية».


هل تتدخل الولايات المتحدة «عسكرياً» لصد «القاعدة» في مالي؟

يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

هل تتدخل الولايات المتحدة «عسكرياً» لصد «القاعدة» في مالي؟

يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

في وقت يشدِّد فيه تنظيم «القاعدة» الحصار على مدينة باماكو، عاصمة مالي، أجرى نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لانداو، اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية مالي عبودلاي ديوب؛ ليناقشا إمكانية «تعاون أمني» بين البلدين خلال الفترة المقبلة.

الاتصال الهاتفي وصفه مراقبون بأنه «مفاجئ»، وربما يفتحُ الباب لدعم أميركي يساعد هذا البلد الأفريقي الهش على الخروج من أزمة تهدد وجوده، في ظل اقتراب تنظيم «القاعدة» من العاصمة باماكو، وخنقها بحصار مستمر منذ مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، ويدخل شهره الثالث دون أفق واضح للخروج منه.

تواجه مالي حصاراً يفرضه متطرفون على الوقود منذ أسابيع زاد من تدهور الوضع الأمني (رويترز)

دعم معنوي

كريستوفر لانداو، نائب وزير الخارجية الأميركي، بعد نهاية الاتصال الهاتفي مع وزير خارجية مالي، كتب تغريدة على منصة «إكس»، شكَّلت ما يمكن وصفه بأنه «دعم معنوي» من الولايات المتحدة للجيش المالي. وقال المسؤول الأميركي في تغريدته: «الولايات المتحدة تُشيد بالقوات المسلحة في مالي على قتالها ضد المسلحين المتطرفين الإسلاميين (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين)». وأضاف في السياق ذاته: «أجريت اليوم محادثة ممتازة مع وزير خارجية مالي؛ لمناقشة مصالحنا الأمنية المشتركة في المنطقة، وأتطلع إلى تعزيز التعاون بيننا».

التغريدة أعادت وزارة الخارجية الأميركية نشرها مع ترجمة إلى اللغة الفرنسية، اللغة الأولى في دولة مالي، في حين رفضت وزارة خارجية مالي التعليق على المحادثات مع الأميركيين، وفق ما أوردت وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير نشرته الخميس.

وقالت الوكالة: «بعد أيام قليلة من صدور أوامر للدبلوماسيين والمواطنين الأميركيين بمغادرة مالي، أشاد مسؤول أميركي رفيع بالمجلس العسكري الحاكم، ملمحاً إلى إمكانية التعاون بين الحكومتين بعد سنوات من التوتر في العلاقات الدبلوماسية».

دورية لعناصر من الجيش المالي بالعاصمة باماكو في أغسطس 2020 (أ.ب)

وهو ما وصفته الوكالة بأنه «تحول علني في موقف الحكومة الأميركية تجاه التعاون مع قادة مالي العسكريين»، وذلك في إشارة إلى المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ 2020 وقرر إنهاء شراكة عسكرية مع فرنسا والغرب، والتوجه نحو شراكة مع روسيا، أثَّرت بشكل كبير على علاقاته مع الولايات المتحدة، خصوصاً بعد استقدام مئات المقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية إلى مالي.

ولكن يبدو أن اقتراب تنظيم «القاعدة» من باماكو غيّر كل القواعد، ودفع الأميركيين نحو التحرك لمنع التنظيم الإرهابي من السيطرة على أول عاصمة في غرب أفريقيا، التي يعني سقوطها انهيار بلد محوري في منطقة الساحل.

مظاهرة في باماكو تدعم روسيا وتدين فرنسا خلال الذكرى الـ60 على استقلال مالي... 22 سبتمبر 2020 (أ.ب)

ترحيب مالي

رغم الصمت الرسمي تجاه تصريحات نائب وزير الخارجية الأميركي، فإن وكالة «أسوشييتد برس» أكدت أنها لاقت ترحيباً من مسؤولين في الحكومة المالية، يرون أن التعاون مع واشنطن قد يساعد الجيش المالي على مواجهة الجماعة التي باتت تهدد العاصمة.

وقال موسى آغ أشاراتومان، عضو المجلس الوطني الانتقالي (الهيئة التشريعية الانتقالية في مالي)، للوكالة: «نظراً لخبرة الأميركيين في هذا المجال، فإن هذا التعاون لن يكون إلا إيجابياً بالنسبة لنا».

في غضون ذلك، يقول خبراء إنّ نية واشنطن الانخراط مجدداً في منطقة الساحل لا تزال غامضة، ولا توجد مؤشرات على تحرك عسكري قريب.

احتمالات التدخل

مع صعوبة الوضع الميداني في دولة مالي، والعجز الواضح لدى الجيش على الخروج من الأزمة، رغم الدعم العسكري الروسي، فإن الخبراء يطرحون كثيراً من الأسئلة حول إمكانية أن تتدخل الولايات المتحدة لإنقاذ باماكو، كما سبق وفعلت فرنسا عام 2013 حين زحف تنظيم «القاعدة» نحو المدينة آنذاك. ولكن لم تُكشف أي تفاصيل حول حدود ما سمّاه نائب وزير الخارجية الأميركي «التعاون» بين البلدين، وما إن كان تعاوناً عسكرياً ميدانياً، أم ضربات جوية خاطفة، أم سيقتصر التعاون على توفير المعلومات الاستخباراتية.

هُنا لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كثّفت في الأشهر الأخيرة تعاونها الاستخباراتي مع مالي، رغم أن الأخيرة أصبحت محسوبة بشكل لا جدال فيه على روسيا. وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير نشرته في سبتمبر الماضي، إلى أن وفداً أميركياً برئاسة مسؤول مكافحة الإرهاب رودي عطا الله، زار باماكو وأكد استعداد واشنطن لتقديم المعلومات والتدريب والعتاد.

وكتب عمر الأنصاري، وهو صحافي مختص في الشؤون الأفريقية ويتابع ما يجري في مالي منذ سنوات: «أميركا تعود إلى مالي بعد 3 سنوات من القطيعة... هل بدأ العد التنازلي للتدخل؟!». وأضاف في تغريدة على منصة «إكس» أن الاهتمام الأميركي له أسباب عدة، من أبرزها اقتراب التنظيم من العاصمة باماكو، وامتلاك مالي ثالث أكبر منجم للذهب في أفريقيا، مع اكتشافات نفط ضخمة في حوض توديني، شمال البلاد، وفق ما أورد الصحافي.

العلم الروسي مع صور حكام مالي العسكريين في شوارع العاصمة باماكو (أرشيفية - رويترز)

وقال الأنصاري: «إن باماكو رفضت قوات خاصة أميركية العام الماضي... لكن اليوم الباب مفتوح!»، قبل أن يتساءل: «هل نشهد قواعد أميركية جديدة في الساحل؟ أم مجرد لعبة ضغط على روسيا والصين؟»، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة حاسمة».

حراك دبلوماسي

إلى ذلك، عقد وزير خارجية مالي، الأربعاء، لقاء مع أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمد في البلاد، وهو لقاء وصفه الوزير في تغريدة على منصة «إكس» بأنه «يدخل في إطار اللقاءات الدورية وتبادل المعلومات».

وأضاف الوزير: «خلال النقاش حول القضايا الأمنية وإمداد مالي بالمحروقات، أكدتُ على الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة، وعلى الالتزام المشترك للجنود الشجعان في مالي وكونفدرالية دول التحالف، سواء في مكافحة الإرهابيين الناشطين في منطقتنا أو في تأمين قوافل المنتجات البترولية».

ماليون يدعمون الانقلاب في باماكو عام 2020 (أ.ب)

وأوضح وزير الخارجية أن «تغيير الجماعات الإرهابية أسلوب عملها، واستهدافها ما تُعرف بـ(الأهداف السهلة أو الاقتصادية)، يُعدّان دليلاً على ضعفها أمام قواتنا الدفاعية والأمنية، وتراجع مشروعها الرامي إلى زعزعة استقرار مالي لأغراض جيوسياسية فقدت زخمها».