التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات الإثنية الحادة في إثيوبيا

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
TT
20

التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات الإثنية الحادة في إثيوبيا

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)

يلجأ أنصار المجموعات المتنازعة في إثيوبيا إلى الذكاء الاصطناعي، مستغلّين ضعف الإلمام بوسائل الإعلام لنشر معلومات مضلّلة تغذّي التوتّرات الإثنية، بحسب خبراء.

تتألّف إثيوبيا، وهي ثاني أكثر البلدان الإفريقية تعداداً للسكان مع 120 مليون نسمة، من فسيفساء واسعة من المجموعات الإثنية تمزّقها انقسامات سياسية تسبّبت بنزاعات.

وتشكّل هذه المعادلة أرضاً خصبة لتنامي المعلومات المغلوطة، وانتشارها في أوساط مستخدمي الإنترنت البالغ عددهم في البلاد 36 مليوناً.

وفي الأشهر الأخيرة، استعرضت خدمة تقصّي الحقائق في «وكالة الصحافة الفرنسية» العدد من التسجيلات المفبركة، بعضها لخطابات معدّلة لرئيس الوزراء آبي أحمد ومنها ما يعلن خطأ وفاة أحد قادة المتمرّدين.

خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويؤدّي الإلمام الضعيف بوسائل الإعلام إلى «مفاقمة نزاعات قائمة أصلا» و»استيلاد مشكلات جديدة على الصعيد الاجتماعي السياسي»، على ما قال ووركينيه ديريبسا، الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة جيما في منطقة أوروميا.

تأجيج التوتّرات

انتهت الحرب في تيغراي (شمال) التي استمرت عامين في 2022، لكن نزاعات عدة ما زالت تمزّق البلاد، خصوصاً في أمهرا وأوروميا، حيث يواجه الجيش جماعات متمرّدة.

وأظهرت تحقيقات خدمة تقصّي الحقائق في «وكالة الصحافة الفرنسية» أن الأطراف المتناحرة تنشر معلومات مغلوطة بقصد تأجيج التوتّرات والتشهير بالخصوم.

وفي الماضي، كانت النصوص والشروح المرفقة بالصور تعدَّل. أما اليوم، فتتيح أدوات الذكاء الاصطناعي المتوافرة بالمجان التلاعب بسهولة بالتسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو.

وعلى سبيل المثال، تمّ التلاعب بفيديو لآبي أحمد عام 2020 حول مقتل المغني الشهير هاشالو هونديسا، حيث يُعتقد أن رئيس الوزراء يشير إلى عملية قطع رأس وقعت في أوروميا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وفي يوليو (تموز) 2024، نشر أنصار الحكومة شريط فيديو سُمع فيه صوت، وضع على الأرجح بواسطة الذكاء الاصطناعي، يقول إن «هيومن رايتس ووتش» تطلب من الأسرة الدولية إدراج «جيش تحرير أورومو» في عِداد المجموعات الإرهابية، وهو أمر لم تقم به المنظمة بتاتاً.

جنود إثيوبيون يستقلّون شاحنة بالقرب من بلدة أديجرات في منطقة تيغراي بإثيوبيا 18 مارس 2021 (رويترز)
جنود إثيوبيون يستقلّون شاحنة بالقرب من بلدة أديجرات في منطقة تيغراي بإثيوبيا 18 مارس 2021 (رويترز)

وقال تيرييه سكييردال، الأستاذ النرويجي المحاضر في الصحافة الذي عمل لفترة طويلة في إثيوبيا، إن «خطابات شخصيات كبيرة قد تخضع للتلاعب وأشرطة فيديو قديمة قد تُخرَج من سياقها وقد يتمّ استبدال كلمات أو حذفها بنيّة سيّئة».

وأشار إلى أن «الأطراف المتحاربة في إثيوبيا تتنازع على السيطرة على المعلومات في شبكات التواصل الاجتماعي، مستخدمة استراتيجيات تزداد تطوّراً للتضليل الإعلامي، في ظلّ تفاقم الوضع جرّاء الإلمام الضعيف بوسائل الإعلام».

«انقسام حاد»

تتفاقم هذه المشكلة أيضاً بسبب ضعف مستوى الإلمام بالقراءة والكتابة، وفق ما أظهر تقرير صدر سنة 2024 عن صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية.

وفي إثيوبيا، تزامن تطوّر أدوات التضليل الإعلامي مع وضع سياسي خاص شهد وصول آبي أحمد إلى السلطة إثر مرحلة انتقالية ثمّ اندلاع الحرب الدامية في تيغراي.

وأكّد بيفيكادو هايلو، أحد ناشطي المجتمع المدني، أن «الانقسام الحاد بشأن مآرب سياسية متعارضة سائد؛ ما يشكّل أرضاً خصبة لاستغلال التضليل الإعلامي وسيلة للتحكّم بالسردية من قبل الأطراف المتنازعة».

وندّد بـ«قلّة انخراط» وسائل الإعلام، المستقلّة منها والرسمية، في الجهود المبذولة للتصدّي لهذه الظاهرة.

وشدّد سكييردال من جهته، على ضرورة تحسين المعرفة بمبادئ عمل وسائل الإعلام لمكافحة انتشار المحتويات العنيفة أو المغلوطة على نطاق واسع. وقال: «مبادرات تقصّي الحقائق، مثل تلك المعتمدة في منظمات مستقلّة كـ(وكالة الصحافة الفرنسية)، هي في غاية الأهمّية في اللغات المحلية».

وتوفّر «وكالة الصحافة الفرنسية» هذه الخدمة في 26 لغة في إطار شراكة مع «فيسبوك».

ويثير القرار الذي صدر أخيراً عن «ميتا»، المجموعة الأمّ لـ«فيسبوك»، بوضع حدّ لبرنامج تقصّي الحقائق في الولايات المتحدة مخاوف من احتمال أن يوقف عملاق التكنولوجيا برنامجه هذا في أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا غوغل تدشن نموذجين جديدين للذكاء الاصطناعي مصممين لتطبيقات الإنسان الآلي (الروبوت) استناداً إلى نموذجها جيميني 2.0 (رويترز)

«غوغل» تطرح نموذجين جديدين للذكاء الاصطناعي لاستخدامهما في أجهزة الروبوت

دشنت شركة غوغل، اليوم الأربعاء، نموذجين جديدين للذكاء الاصطناعي مصممين لتطبيقات الإنسان الآلي (الروبوت) استناداً إلى نموذجها (جيميني 2.0).

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
تكنولوجيا «مون فالي» تُطلق مُولِّد فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي لإنتاج الأفلام

«مون فالي» تُطلق مُولِّد فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي لإنتاج الأفلام

يُتيح لمنتجي الأفلام إدخال القصص وللممثلين تصوير لقطات تجريبية على هواتفهم

مارك سوليفان (واشنطن)
علوم الذكاء الاصطناعي «يتألق» عند العمل مع البشر لا عند استبدالهم

الذكاء الاصطناعي «يتألق» عند العمل مع البشر لا عند استبدالهم

أفضل المديرين أولئك الذين يمتلكون التعاطف والرؤية الاستراتيجية والتواصل الدقيق - وهي سمات لا يدعمها الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي.

صحتك من خلال تحليل النشاط الكهربائي للدماغ في أثناء النوم باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن التنبؤ بالتدهور المعرفي المستقبلي لدى الأشخاص بدقة تصل إلى 77 % (متداولة)

اختراق علمي... قراءة موجات النوم تكشف خطر فقدان الذاكرة قبل فوات الأوان

اكتشف العلماء أن أنماط النوم قد توفر أدلة مبكرة على مشاكل الذاكرة المحتملة قبل سنوات من ظهور الأعراض الملحوظة المرتبطة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

جنوب أفريقيا وتنزانيا وملاوي تعتزم سحب قواتها من شرق الكونغو

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تغادر غوما متجهة إلى بوكافو تمر عبر بلدة ساكي شمال غربي غوما في شرق الكونغو الجمعة 28 مايو 2021 (أ.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تغادر غوما متجهة إلى بوكافو تمر عبر بلدة ساكي شمال غربي غوما في شرق الكونغو الجمعة 28 مايو 2021 (أ.ب)
TT
20

جنوب أفريقيا وتنزانيا وملاوي تعتزم سحب قواتها من شرق الكونغو

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تغادر غوما متجهة إلى بوكافو تمر عبر بلدة ساكي شمال غربي غوما في شرق الكونغو الجمعة 28 مايو 2021 (أ.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تغادر غوما متجهة إلى بوكافو تمر عبر بلدة ساكي شمال غربي غوما في شرق الكونغو الجمعة 28 مايو 2021 (أ.ب)

أعلن قادة أفارقة، الخميس، انسحاب آلاف القوات من جنوب أفريقيا وتنزانيا وملاوي كان قد تم إرسالهم لقمع التمرد في شرق الكونغو الغني بالمعادن، حيث قتل متمردو حركة 23 مارس (آذار) أو (إم 23) عدداً من أفراد قوات حفظ السلام في أثناء اجتياحهم المنطقة خلال العام الحالي.

جنوب أفريقيا جزء من مهمة مجموعة تنمية جنوب أفريقيا لمحاربة الجماعات المتمردة المسلحة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يقفون في غوما في أثناء إعادة جثتي جنديين إلى جنوب أفريقيا يوم الثلاثاء 20 فبراير 2024 (أ.ب)
جنوب أفريقيا جزء من مهمة مجموعة تنمية جنوب أفريقيا لمحاربة الجماعات المتمردة المسلحة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يقفون في غوما في أثناء إعادة جثتي جنديين إلى جنوب أفريقيا يوم الثلاثاء 20 فبراير 2024 (أ.ب)

وتم إرسال قوات من الدول الثلاث في عام 2023 تحت راية التجمع الاقتصادي لدول جنوب أفريقيا (سادك)، ولكن المعارضة العامة لانتشار تلك القوات تصاعدت منذ مقتل 14 من قوات حفظ السلام من جنوب أفريقيا وثلاثة من ملاوي على يد المتمردين في يناير (كانون الثاني) الماضي.

أشخاص يتجمعون بجوار بعض مركبات قوات الدفاع الوطني الجنوب أفريقية (SANDF) ضمن بعثة مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC) في أثناء فرارهم من إقليم ماسيسي عقب اشتباكات بين متمردي حركة «23 مارس» والقوات الحكومية (أ.ف.ب)
أشخاص يتجمعون بجوار بعض مركبات قوات الدفاع الوطني الجنوب أفريقية (SANDF) ضمن بعثة مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC) في أثناء فرارهم من إقليم ماسيسي عقب اشتباكات بين متمردي حركة «23 مارس» والقوات الحكومية (أ.ف.ب)

وجاء القرار بعد اجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرانس للتكتل المكون من 16 عضواً، والذي يضم أيضاً الكونغو، وجاء بعد يوم من إعلان أنغولا أنها ستستضيف محادثات سلام، الأسبوع المقبل، بين الحكومة الكونغولية ومتمردي حركة «إم 23».

ولم يتم الإعلان عن جدول زمني لانسحاب القوات التي يصل قوامها إلى 3000 جندي، لكن (سادك) قالت في بيان لها إنه سيكون «انسحاباً تدريجياً». وقال وزير خارجية جنوب أفريقيا، رونالد لامولا، للإذاعة الوطنية لبلاده إنه يتعين على باقي المحاربين الآخرين الانسحاب.

وقال لامولا: «يجب على جميع القوات التي لم يتم استدعاؤها والأطراف غير المدعوة في هذا الصراع أن تنسحب أيضاً، وأن تشارك في عملية وقف إطلاق النار».

يذكر أن «إم 23» هي واحدة من نحو 100 جماعة مسلحة تتنافس على الوجود في شرقي الكونغو الغني بالمعادن قرب الحدود مع رواندا، في صراع تسبب في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ونزوح أكثر من سبعة ملايين شخص.

ويدعم المتمردين نحو 4000 فرد مسلح من رواندا المجاورة، وفقاً لخبراء أمميين، وتعهدوا في بعض الأوقات بالزحف حتى عاصمة الكونغو، كينشاسا، على بعد ما يربو على 1000 ميل.