تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

الجيش تصدى للهجوم وقتل 30 من مقاتلي التنظيم

جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
TT

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

شنت «جبهة تحرير ماسينا»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، ليل الاثنين - الثلاثاء، هجوماً عنيفاً على مدينة نيورو، الواقعة شمال غربي مالي على الحدود مع موريتانيا، لتندلع مواجهات بين مقاتلي «القاعدة» والجيش المالي، أسفرت عن مقتل عدد من الجنود و30 إرهابياً، حسب حصيلة صادرة عن الجيش.

ويأتي الهجوم في وقت يصعد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم، بدعم من مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

هجوم عنيف

شن العشرات من مقاتلي «جبهة تحرير ماسينا» المنخرطة في صفوف تنظيم «القاعدة»، هجوماً مسلحاً عنيفاً في حدود العاشرة من ليل الاثنين - الثلاثاء، ضد موقع تابع للجيش المالي في مدينة نيورو.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر قوة المواجهات التي شهدتها المدينة، وظهرت في المقاطع ألسنة اللهب وهي تعلو في المنطقة المحيطة بثكنة عسكرية تابعة للجيش، كما سمع دوي المدفعية الثقيلة.

وأثار الهجوم المسلح هلع سكان المدينة، ومع استمراره عدة ساعات، وصلت تعزيزات من الجيش المالي إلى المدينة، قبل أن ينسحب مقاتلو «القاعدة» نحو الغابات الواقعة في المنطقة المحاذية للحدود مع موريتانيا.

رواية الجيش

بعد ساعات من الهجوم، أصدرت قيادة الأركان العامة للجيش المالي بياناً قالت فيه إن الوحدة العسكرية المتمركزة في مدينة نيورو نجحت في التصدي لهجوم إرهابي استهدف المدينة، ووصفت ما حدث بأنه «رد قوي».

وقالت قيادة الجيش المالي إن «عدداً كبيراً من العناصر الإرهابية تسللوا إلى المدينة بمساعدة داخليّة، واستهدفوا عدة مواقع حساسة في المنطقة»، دون إعطاء أي تفاصيل عن طبيعة المساعدة الداخلية التي حصل عليها مقاتلو «القاعدة».

وأضاف الجيش أنه «بفضل الاحترافية والتزام الجنود الماليين، لم يتمكن المهاجمون من تحقيق أهدافهم»، قبل أن يشير إلى أن الحصيلة الأولية تؤكد «وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش المالي، إضافة إلى تدمير مركبة عسكرية جراء طلقات نارية حارقة».

ولكن الجيش المالي أكد أنه نجح خلال صد الهجوم في «قتل 30 إرهابياً بقيت جثثهم في موقع الهجوم، كما تركوا أيضاً 19 بندقية رشاش (AK-47)، و3 رشاشات (PKM)، وقاذف صواريخ مضاد للدبابات (LRAC)، إلى جانب كمية كبيرة من الذخائر التي تم الاستيلاء عليها».

ضربة موجعة

على صعيد آخر، كان الجيش المالي قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي اعتقال قيادي بارز في تنظيم «داعش» في منطقة الصحراء الكبرى، وذلك عقب ما سماه الجيش «عملية استخباراتية ناجحة».

وأعلنت القيادة العامة لأركان الجيش المالي أنها نفذت يوم الجمعة الماضي «عملية دقيقة» أسفرت عن اعتقال القيادي محمد ولد أركحيل، المعروف في الأوساط «الجهادية» بكنية «أبي رقية»، كما يعرف في بعض الأوساط بلقب «أبو حاش».

وأكدت قيادة الجيش المالي أن المدعو «أبو حاش» كان مطلوباً منذ مدة بسبب «دوره المحوري في تنسيق العديد من الفظائع الجماعية والانتهاكات ضد السكان في منطقتي ميناكا وغاو»، الواقعتين شرق مالي على الحدود مع دولة النيجر، حيث يتمركز تنظيم «داعش».

كما أكد الجيش المالي أن العملية الاستخباراتية أسفرت عن القضاء على «عدد من مقاتلي التنظيم»، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بينها «مكونات لتصنيع العبوات الناسفة».

ضحايا مدنيون

وفيما يخوض الجيش المالي بدعم من مجموعة «فاغنر» حرباً شرسةً ضد تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، قالت منظمات من المجتمع المدني إن تسعة مدنيين بينهم نساء وأطفال قتلوا في إطلاق نار مجهول المصدر.

وقالت هذه المنظمات، في بيان، إن إطلاق نار استهدف سيارة كانت تقل مدنيين في منطقة سيغو، وسط مالي، متوجهة نحو مخيم «امبره» للاجئين داخل أراضي موريتانيا المجاورة.

في غضون ذلك، قالت مصادر من داخل المتمردين الطوارق إن بحوزتهم أدلة تثبت تورط الجيش المالي ومجموعة «فاغنر» في إطلاق النار على السيارة المدنية، أما منظمات المجتمع المدني فدعت إلى «فتح تحقيق في الحادث»، نافية أن يكون بحوزتها ما يثبت تورط الجنود الماليين في إطلاق النار.

ولم يصدر أي تعليق من الحكومة المالية أو الجيش على الحادثة.


مقالات ذات صلة

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

المشرق العربي مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

حذّر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية احتجاج أمام بلدية أكدنيز في مرسين على اعتقال رئيسيها المشاركين (إعلام تركي)

تركيا: اعتقالات جديدة لرؤساء بلديات كردية... وتفاؤل بحقبة ترمب

عبّرت تركيا عن تفاؤلها بالعلاقات مع أميركا في عهد الإدارة الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ووجهت انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي واتهمته بـ«العمى الاستراتيجي».

سعيد عبد الرازق
أفريقيا وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية في المنطقة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الجمعة (رويترز)

تركيا تنسّق مع أميركا في سوريا وتطالب فرنسا باستعادة «دواعشها»

أعطت تركيا إشارة إلى تنسيقها مع الولايات المتحدة بشأن التحرك ضد القوات الكردية في شمال سوريا، وانتقدت بعنفٍ موقف فرنسا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا يقف مسؤولون أمنيون باكستانيون حراساً عند نقطة تفتيش في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان بباكستان يوم 6 يناير 2025 حيث تشهد باكستان موجة من عنف المتمردين خصوصاً في المقاطعات الغربية في إقليم خيبر بختونخوا (إ.ب.أ)

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

أعلنت الشرطة الباكستانية أن مسلحين من العناصر الإرهابية اختطفوا 17 موظفاً مدنياً في منطقة قبول خيل، الواقعة على الحدود بين إقليم البنجاب وإقليم خيبر بختونخوا.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.