دول الساحل تضع قواتها في «حالة تأهب» بعد قرار «إيكواس»

اتهمت فرنسا ودول غرب أفريقيا بمحاولة «زعزعة» استقرارها

الضباط الذين يحكمون دول الساحل خلال قمة سابقة (صحافة محلية)
الضباط الذين يحكمون دول الساحل خلال قمة سابقة (صحافة محلية)
TT

دول الساحل تضع قواتها في «حالة تأهب» بعد قرار «إيكواس»

الضباط الذين يحكمون دول الساحل خلال قمة سابقة (صحافة محلية)
الضباط الذين يحكمون دول الساحل خلال قمة سابقة (صحافة محلية)

قررت دول الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) وضع قواتها المسلحة في حالة «تأهب»، واتهمت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بالسعي نحو «زعزعة» استقرارها، في تصعيد جديد يزيد من التوتر في المنطقة المهددة بالإرهاب والصراع الدولي بين روسيا والغرب.

لقطة سابقة لزعماء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «متداولة»

دول الساحل الثلاث تحكمها مجالس عسكرية، قررت قطع علاقاتها خلال السنوات الأخيرة مع فرنسا، وتوجهت نحو التحالف مع روسيا، كما قررت الانسحاب من منظمة «إيكواس»، وتشكيل حلف جديد سمته «تحالف دول الساحل» محسوب على موسكو.

وكان قادة دول غرب أفريقيا عقدوا قمة في نيجيريا قبل أسبوع، منحوا خلالها دول الساحل مهلة ستة أشهر من أجل التراجع عن قرار الانسحاب من المنظمة الإقليمية، الذي صدر شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2024، ويدخل حيز التنفيذ يناير من العام المقبل (2025).

لقطة سابقة لاجتماعات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «متداولة»

وجاء في البيان الختامي لقمة المنظمة الإقليمية أنها «قررت اعتبار الفترة من 29 يناير 2025، إلى 29 يوليو (تموز) 2025 فترة انتقالية، ستبقى خلالها أبواب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مفتوحة أمام الدول الثلاث».

رفض جديد

وفي أول رد صادر عن قادة دول الساحل الأفريقي، قال العسكريون الذين يحكمون مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في بيان أمس (الأحد)، إنهم يرفضون المهلة الصادرة عن المنظمة الإقليمية، واعتبروا أنها «محاولة خارجية لزعزعة الاستقرار».

وأضاف قادة دول الساحل أن قرار «إيكواس» «محاولة أخرى من شأنها السماح للطغمة الفرنسية وأنصارها بمواصلة التخطيط وتنفيذ أعمال مزعزعة للاستقرار ضد تحالف دول الساحل».

ووصفت دول الساحل قرار المنظمة الإقليمية بأنه «قرار أحادي»، وقالت إنه «غير ملزم لتحالف دول الساحل»، وجددت التأكيد على أن قرار مغادرة المنظمة الإقليمية «لا رجعة فيه».

وأضافت أنه بدلاً من الشروع في التعاون والتنسيق بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من جهة، وتحالف دول الساحل من جهة أخرى، من أجل استيفاء «الجوانب الفنية المرتبطة بالانسحاب بأثر فوري،

فوجئت هيئة رؤساء الدول بقرار التمديد الأحادي الجانب الذي لا يمكن أن يلزم دول الكونفدرالية».

تأهب عسكري

وفي تصعيد هو الأول من نوعه منذ بداية الأزمة، قررت المجالس العسكرية الحاكمة في دول الساحل استنفار قواتها المسلحة خشية أي خطوة لزعزعة استقرارها من طرف المنظمة الإقليمية.

وقال مجلس رؤساء دول الساحل إن قرار وضع القوات في حالة «تأهب» سببه محاولات من وصفها بأنها «الطغمة العسكرية الفرنسية وأعوانها» لزعزعة استقرار المنطقة، وأضاف المجلس في السياق ذاته أن استهداف (دول الساحل) سببه «اعتماد هذا الموقف الاستراتيجي الجديد بإنشاء كونفدرالية دول الساحل، المدفوع بالتطلعات المشروعة للحرية والسلام».

وأكد أنه منذ فك الارتباط مع باريس «تحاول الطغمة الإمبريالية الفرنسية، التي تشعر بأن مصالحها مهددة، بدعم من بعض رؤساء دول المنطقة، وضع حد للديناميكية التحررية التي أطلقتها كونفدرالية الساحل»، وفق نص البيان.

مجلس رؤساء دول الساحل في بيانه، قال إنه «لاحظ بكل أسف، أن مناورات زعزعة الاستقرار داخل كونفدرالية الساحل تتم بشكل منتظم من قبل رؤساء دول يفرضون رغباتهم وأجنداتهم الخارجية على بقية أعضاء مجموعة (إيكواس)».

وقال المجلس إنه يتابع باهتمام كبير ما وصفها بأنها «مناورات الخداع التي بدأتها الطغمة العسكرية الفرنسية متذرعة بإغلاق قواعدها العسكرية في بعض البلدان الأفريقية، لتستبدلها بترتيبات أقل وضوحاً تسعى لتحقيق الأهداف الاستعمارية الجديدة نفسها».

وتشير دول الساحل إلى الاستراتيجية الفرنسية الجديدة لإعادة هيكلة وجودها العسكري في أفريقيا، بعد الانسحاب من دول الساحل، التي كان آخرها الانسحاب من دولة تشاد، والتركيز على وجودها في دول جيبوتي والغابون وكوت ديفوار والسنغال.

دعم الإرهاب

واتهمت دول الساحل الفرنسيين بدعم الإرهاب، وقال قادة هذه الدول في بيانهم إن «هناك عمليات لإعادة تنظيم وتجميع الجماعات الإرهابية في حوض بحيرة تشاد، وفي منطقة الساحل، وفي بعض المناطق الحدودية لدول الكونفدرالية مع كل من نيجيريا وبنين».

وأضاف البيان أن «هذه الجماعات الإرهابية تتلقى أشكالاً مختلفة من الدعم من دول أجنبية، ولا سيما الموارد المالية واللوجيستية التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة»، مشيرة إلى أنها أمام هذه الوضعية «قررت وضع قوات الدفاع والأمن في حالة تأهب قصوى».

ويأتي هذا التصعيد بعد أن اتهمت النيجر جارتها نيجيريا بالتورط في هجوم مسلح استهدف خط أنابيب نقل النفط من النيجر إلى ميناء في دولة بنين، واستدعت النيجر القائمة بالأعمال في سفارة نيجيريا، واحتجت على تورط بلادها في «زعزعة استقرار النيجر».

وسبق لدول الساحل الثلاث (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) أن وقعت ميثاقاً يشدد على أن «أي اعتداء على السيادة أو السلامة الإقليمية لطرف، سيُعتبر عدواناً على الأطراف الأخرى، وسيتطلب مساعدة من جميع الأطراف، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية».

ورفضت نيجيريا التهم الصادرة عن النيجر، وقالت في بيان صادر عن وزير خارجية نيجيريا إنها «تنفي بأشد العبارات، أي ادعاء بأن قوات الأمن النيجيرية دعمت الهجوم الذي شنه مسلحون على خط أنابيب النيجر - بنين في 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري».

وأكدت نيجيريا أنها «ملتزمة بشكل حازم بالحرب على الإرهاب»، نافية أن يكون لها أي ضلع في الهجوم الذي عمّق من الشرخ بين البلدين، وأصبحت له تداعيات على الوضع الإقليمي في غرب أفريقيا.


مقالات ذات صلة

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجر» (أرشيفية - رويترز)

غرق سفينة الشحن الروسية قبالة إسبانيا «عمل إرهابي»

نقلت وكالة الإعلام الروسية اليوم الأربعاء عن الشركة المالكة لسفينة الشحن الروسية «أورسا ميجر» التي غرقت بالبحر المتوسط قولها إن السفينة غرقت بسبب «عمل إرهابي».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا محكمة روسية تقضي بسجن رجل أُدين بتخريب سكك حديد بتوجيه من أوكرانيا عام 2023 (رويترز)

روسيا: السجن 22 عاما لرجل أدين بتخريب سكك حديد بتوجيه من أوكرانيا

أعلنت محكمة عسكرية روسية، اليوم، إدانة رجل بتخريب سكك حديد، بتوجيه من أوكرانيا عام 2023 في شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا قبل عقد، وقضت بسجنه 22 عاماً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية دمار أحدثه الانفجار بمصنع المتفجرات في باليكسير غرب تركيا الثلاثاء (رويترز)

تركيا: مصرع وإصابة 18 شخصاً في انفجار بمصنع للذخيرة

لقي 11 شخصاً مصرعهم وأصيب 7 آخرون، الثلاثاء، جراء انفجار وانهيار جزئي في مصنع لإنتاج الذخيرة والمتفجرات في ولاية باليكسير، غرب تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا شجوفتا طاهر والدة محمد شاهير خان أحد الطلاب الذين قُتلوا في هجوم مسلح على مدرسة في ديسمبر 2014 في بيشاور (أ.ب.أ)

الإرهاب يعود بقوة إلى باكستان... بعد عقد من حملة للقضاء عليه

مرَّت عشر سنوات منذ أن سقط ابن أجون خان قتيلاً، جراء هجوم مروّع شنَّته حركة «طالبان»، والذي أسفر عن مقتل نحو 150 شخصاً، معظمهم من الأطفال، داخل مدرسة في بيشاور.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )

مقتل أكثر من 20 مدنياً في هجمات على قرى بوسط مالي

جنود فرنسيون يؤمِّنون المنطقة التي هاجمها انتحاري عند مدخل مدينة غاو شمال مالي في 10 فبراير 2013 (أ.ب)
جنود فرنسيون يؤمِّنون المنطقة التي هاجمها انتحاري عند مدخل مدينة غاو شمال مالي في 10 فبراير 2013 (أ.ب)
TT

مقتل أكثر من 20 مدنياً في هجمات على قرى بوسط مالي

جنود فرنسيون يؤمِّنون المنطقة التي هاجمها انتحاري عند مدخل مدينة غاو شمال مالي في 10 فبراير 2013 (أ.ب)
جنود فرنسيون يؤمِّنون المنطقة التي هاجمها انتحاري عند مدخل مدينة غاو شمال مالي في 10 فبراير 2013 (أ.ب)

قال مصدران إن مسلحين يشتبه بأنهم متشددون قتلوا أكثر من 20 شخصاً، في سلسلة من الهجمات على قرى في منطقة موبتي بوسط مالي، الجمعة.

هجمات على قرى بوسط مالي (متداولة)

وأضاف المصدران اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، أن المهاجمين شنوا الهجمات خلال النهار وحتى المساء، ونهبوا وأحرقوا 6 قرى في بلدة باندياجارا.

وقال أحد المصدرين إن منفذي الهجمات جاءوا بأعداد كبيرة على متن دراجات نارية، ثم هاجموا أول قرية وقتلوا عدداً من سكانها، ودمروا كل شيء هناك.

ولم يصدر تعليق حتى الآن من المجلس العسكري الحاكم في مالي.

وتخوض مالي معارك ضد جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»، والتي رسَّخت وجودها في المناطق الشمالية، بعد تمرد انفصالي للطوارق في 2012.

وانتقل المسلحون بعد ذلك إلى دول أخرى في منطقة الساحل جنوب الصحراء، واستولوا على أراضٍ هناك، وقتلوا الآلاف وشردوا الملايين.