مجموعة «فاغنر» تقرُّ بهزيمتها في معركة ضد متمردين في شمال مالي

خسرت فصيلاً كاملاً وبررت هزيمتها بعاصفة رملية

متمردون بالقرب من تينزاواتين في أقصى شمال شرقي مالي يوم الجمعة الماضي (صحافة محلية)
متمردون بالقرب من تينزاواتين في أقصى شمال شرقي مالي يوم الجمعة الماضي (صحافة محلية)
TT

مجموعة «فاغنر» تقرُّ بهزيمتها في معركة ضد متمردين في شمال مالي

متمردون بالقرب من تينزاواتين في أقصى شمال شرقي مالي يوم الجمعة الماضي (صحافة محلية)
متمردون بالقرب من تينزاواتين في أقصى شمال شرقي مالي يوم الجمعة الماضي (صحافة محلية)

أكدت مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، أنها خسرت فصيلاً عسكرياً كاملاً، خلال معارك في شمال مالي، ضد متمردين من الطوارق والعرب، وقالت إن قائد الفصيل قُتل خلال معارك استمرت من الاثنين الماضي حتى السبت.

وأصدرت المجموعة العسكرية الموجودة في دولة مالي منذ 2021، بياناً عرضت فيه ما قالت إنها «حصيلة» المعارك الدائرة في شمال مالي؛ حيث تقاتل المجموعة العسكرية إلى جانب الجيش الحكومي، ضد متمردين من الطوارق والعرب متوحدين في «الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن شعب أزواد».

وإن كانت المجموعة العسكرية الروسية قد أكدت مقتل قائد الفصيل التابع لها سيرغي شيفتشينكو، خلال المعارك، فإنها في المقابل لم تكشف العدد الإجمالي للقتلى والأسرى، بينما نشر المتمردون صوراً لعشرات القتلى، وبعض الأسرى.

معارك مع «القاعدة»

مقاتلون من الطوارق يقومون بدوريات في بلدة كيدال بمالي (غيتي)

ورغم الخلاف المعروف ما بين المتمردين الطوارق والعرب من جهة، وتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» من جهة أخرى، فإن مجموعة «فاغنر» أكدت في بيانها أن الطرفين كانا يقاتلان معاً في الميدان.

وأضافت المجموعة العسكرية أن عناصر فصيل الاقتحام الثالث عشر التابع لمجموعة «فاغنر»، بقيادة سيرغي شيفتشينكو، كان يقاتل إلى جانب القوات المسلحة المالية، مشيرة إلى أن «معارك عنيفة جرت ضد مسلحي حركة تنسيق أزواد وتنظيم (القاعدة في الساحل)».

وقالت المجموعة الروسية الخاصة إن الوحدة المقاتلة التابعة لها «تمكنت في اليوم الأول من القضاء على معظم الإسلاميين، وأجبرت الباقين منهم على الفرار»، قبل أن تؤكد أن «العاصفة الرملية التي تلت ذلك سمحت للمتطرفين بإعادة تجميع صفوفهم، وزيادة أعدادهم إلى 1000 شخص».

إمداد ودفاع

رداً على ذلك -حسب رواية «فاغنر»- قررت قيادتها «نقل قوات إضافية إلى منطقة القتال»، وهي التي تقع بالقرب من بلدة تينزاواتين الواقعة في أقصى شمال شرقي دولة مالي، غير بعيد من الحدود مع الجزائر.

وتعد هذه البلدة الصغيرة والاستراتيجية آخر المراكز العسكرية التي يتمركز فيها المتمردون الطوارق والعرب، بعد أن فقدوا جميع مراكزهم العسكرية لصالح الجيش المالي و«فاغنر»، خلال الأشهر الأخيرة، دون أي قتال يذكر.

خسائر عناصر «فاغنر» في الصحراء الأفريقية (متداولة)

ويدافعُ المتمردون بشراسة عن تينزاواتين، بصفتها آخر نقطة تحت سيطرتهم فوق الأراضي المالية، في ظل إصرار الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» على دخولها والسيطرة عليها، لطرد المتمردين خارج التراب المالي.

وأشارت فاغنر في روايتها للأحداث، إلى تغير جوهري على الميدان، وقالت: «في يوم 25 يوليو (تموز)، هاجم المسلحون مرة أخرى، ولكن بفضل الإجراءات المنسقة لمقاتلي مجموعة (فاغنر) والعسكريين الماليين، تم صد محاولة الهجوم».

وهكذا تحولت «فاغنر» من وضعية الهجوم إلى الدفاع، وانقلب الوضع لصالح المتمردين الطوارق والعرب.

أسلحة متطورة

وخلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، حقق المتمردون نصراً ساحقاً على مقاتلي «فاغنر»، بينما عزت المجموعة العسكرية الروسية الخاصة ذلك إلى «هجمات كثيفة وواسعة النطاق، باستخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات من دون طيار والمركبات الانتحارية».

وأضافت أن الهجمات «أدت إلى خسائر في صفوف قوات مجموعة (فاغنر) العسكرية الخاصة، وجنود القوات المسلحة المالية»، مشيرة إلى أن آخر رسالة لاسلكية وصلت من الفصيل المسلح التابع لها، كانت الخامسة عصراً يوم السبت الماضي، جاء فيها: «بقينا نحن الثلاثة فقط، مستمرون في القتال».

وكانت السفارة الروسية في باماكو قد نشرت بياناً صحافياً، مساء السبت الماضي، بالتزامن مع انقطاع الاتصال بفصيل «فاغنر» في أقصى شمالي البلاد، وقالت في البيان إن روسيا «متمسكة بدعمها الكامل لمالي».

وجددت السفارة التزام موسكو بما قالت إنه «البقاء إلى جانب شركائها الاستراتيجيين؛ من أجل تحقيق انتصارات جديدة ضد الجماعات الإرهابية المسلّحة».


مقالات ذات صلة

الإعدام لمصريَّين أُدينا بالانضمام إلى «داعش كرداسة»

شمال افريقيا دار القضاء العالي بوسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

الإعدام لمصريَّين أُدينا بالانضمام إلى «داعش كرداسة»

قضت محكمة مصرية، الاثنين، بـ«الإعدام شنقاً» لشخصين اثنين، أُدينا بالانضمام إلى خلية «داعش كرداسة»، فيما عاقبت 4 آخرين بالسجن المشدد من 5 إلى 15 سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان (د.ب.أ)

رسالة «مُشبَّعة بالطاعون» أُرسِلت إلى وزير الداخلية الفرنسي

تحقق الشرطة الفرنسية في رسالة مشبوهة موجهة إلى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ثبتت إيجابية اختبارها للطاعون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أفريقيا جنود من الجيش في بنين يتجولون في محمية طبيعية (متداولة)

«القاعدة» يشنّ هجوماً في شمال بنين ويقتل 12 شخصاً

كثّفت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الموالية لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال دولة بنين، الواقعة في غرب القارة الأفريقية، وقتلت ما لا يقل عن 12 شخصاً

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا أسلحة صادرها الجيش الجزائري بعد قتل مسلحين إسلامويين (وزارة الدفاع)

مقتل 3 مسلحين متشددين غرب الجزائر

قتل الجيش الجزائري 3 «إرهابيين» خلال عملية في شمال البلاد، السبت، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع، الأحد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر )
أوروبا تركيا: القبض على مطلوبين من «داعش» في عملية بولاية قيصري

تركيا: القبض على مطلوبين من «داعش» في عملية بولاية قيصري

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على عدد من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عملية نفذتها في ولاية قيصري وسط البلاد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».