الجيش الموريتاني يدخل سباق التسلح ويقتني مسيّرات

أطلق عدة مناورات... ووجه رسائل داخلية وخارجية

قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش
قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش
TT

الجيش الموريتاني يدخل سباق التسلح ويقتني مسيّرات

قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش
قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش

أطلق الجيش الموريتاني (الأربعاء) مناورات عسكرية في منطقة بالقرب من العاصمة نواكشوط، استخدمت فيها صواريخ مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدروع، في وقت تعيش البلاد انقطاعاً جزئياً لخدمة الإنترنت إثر احتجاجات سقط فيها أربعة قتلى، كانوا يحتجون على نتائج انتخابات رئاسية نظمت نهاية يونيو (حزيران) الماضي وفاز بها الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

جنود موريتانيون على حدود مالي يشاركون في مناورات عسكرية (الجيش الموريتاني)

وقال الجيش الموريتاني في بيان صحافي إن المناورات ستجري في منطقة «الطويلة»، على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة نواكشوط، وستكون على شكل «رمايات تدريبية» تبدأ بإطلاق صواريخ مضادة للطائرات، وتليها صواريخ مضادة للدروع.

وأكد الجيش أنه «اتخذ التدابير الأمنية كافة، لتنفيذ هذه الرمايات التدريبية»، ولكنه في المقابل طلب من «سكان مدينة نواكشوط، وسالكي طريق نواكشوط – أكجوجت الحيطة والحذر، وتجنب عبور منطقة الرماية».

أسلحة جديدة

تأتي هذه المناورات الجديدة، بعد عدة مناورات عسكرية أجراها الجيش الموريتاني خلال الأشهر الأخيرة، كانت أهمها على الحدود مع دولة مالي، حيث تنشط مجموعات مسلحة إرهابية يحاول الجيش المالي القضاء عليها، بدعم من مجموعة «فاغنر» الروسية.

دبابات حديثة عرضها الجيش الموريتاني قبل أسابيع

كما أعلن الجيش الموريتاني قبل شهر أنه اقتنى مجموعة من المسيّرات المقاتلة والأسلحة الجديدة، وأجرى تحديثاً للهيكلة، وهي المرة الأولى التي يعلنُ فيها الجيش الموريتاني امتلاك مسيرات مقاتلة، منذ أن اقتنتها عدة دول مجاورة.

وعرض الجيش الأسلحة الجديدة أمام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قبلَ أن يجري الجيشُ مناورات وتدريبات في منطقة في كبريات مدن البلاد، بما فيها العاصمة نواكشوط.

مناورات المدفعية الثقيلة التابعة للجيش الموريتاني على الحدود مع مالي (الجيش الموريتاني)

وقال الجيش إن «اقتناء العتاد الجديد سيمكنُ من رفع المستوى العملياتي والجاهزية القتالية لمختلف الجيوش برية كانت أو جوية أو بحرية»، مشيراً إلى أن «الترسانة تتكون من وحدات مدرعة مجهزة بأحدث الأسلحة، وأنظمة اتصالات متطورة وأسلحة مدفعية ميدانية ووحدات مضادة للدروع وراجمات صواريخ وأخرى مضادة للطائرات».

وأضاف الجيش الموريتاني أن اقتنى أيضاً «طائرات ومحطات رادار ومسيّرات استطلاع قادرة على القيام بمهام المراقبة والرصد والتوجيه الدقيق للصواريخ، كما تضم هذه المسيّرات طائرات من دون طيار هجومية ذات فاعلية عالية جداً، قادرة على تغطية الحوزة الترابية للوطن، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة».

رسالة طمأنة

مناورات الجيش الموريتاني واقتناؤه لأسلحة جديدة، أثارت النقاش في البلاد، فيما قال العقيد المتقاعد ورئيس مركز أم التونسي للدراسات الاستراتيجية البخاري محمد مؤمل في حديث مع «الشرق الأوسط» إنها خطوة يجب أن تفهم خارج سياقها الطبيعي.

وأضاف العقيد المتقاعد أن ما يقوم به الجيش الموريتاني من خطوات في هذا الوقت بالتحديد «يخضع للمعايير التقليدية، لأن الجيوش وأنظمة الدفاع على العموم يجب أن تُطلع المواطنين على بعض الأمور، وإن بمستوى معين ومحدود».

وأوضح العقيد المتقاعدُ أن ذلك يفرضه سببان رئيسيان «أولهما من أجل أن يطمئن المواطن وتتعزز ثقته في الجيش، وثانيهما أن المواطن هو ممول سياسات الدفاع، من خلال دفع الضرائب، لذلك يجب أن تنال سياسة الدفاع ولاءه وثقته، إذن الرسالة الأولى موجهة للمواطن الموريتاني».

أما الرسالة الثانية، فيعتقد العقيد المتقاعد من الجيش الموريتاني، أنها موجهة إلى «أعضاء قوات الأمن والدفاع، لأنهم ليسوا على علم بكل ما يجري، ويجب أن يكونوا معنيين بالرسالة، خاصة أنه كثر الحديث مؤخراً عن اقتناء دول مجاورة لأسلحة جديدة، وهو سباق تسلح يلقي بظلاله على العالم كله، وفي هذه الحالة يجب ألا تبقى موريتانيا بعيدة عن الركب».

وقال البخاري محمد مؤمل إن «سباق التسلح شهد طفرة جديدة منذ حرب أوكرانيا، شهدها في العالم الصناعي الذي يتسابق نحو السلاح التقليدي، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في فرنسا وأوروبا في روسيا والصين بسبب الحرب في أوكرانيا، وطبعا هذا السباق ستكون له تداعيات على العالم الآخر».

سباق تسلح محلي

أما فيما يتعلق بمنطقتي الساحل والمغرب العربي، فيعتقدُ العقيد المتقاعد ورئيس مركز أم التونسي للدراسات الاستراتيجية البخاري محمد مؤمل، في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن هنالك سباق تسلح واضحاً، ويضيف أن «مالي والنيجر وبوركينا فاسو غيرت من تحالفاتها العسكرية، بسبب رغبتها في الحصول على أسلحة جديدة لدى روسيا والصين وتركيا وإيران، وهذا كله يدخل في إطار سباق التسلح، وفي منطقة المغرب العربي هنالك سباق تسلح تقليدي بين المغرب والجزائر».

وأوضح البخاري محمد مؤمل أن «التطورات الجيوسياسية العالمية، تعطي لسباق التسلح في منطقتنا دفعاً جديداً، وموريتانيا لا ينبغي أن تتأخر عن الركب، ومن هذا المنطلق دخل الجيش الموريتاني هذا السباق، وليكون هذا الدخول له فاعلية وفائدة يجب أن يكون الآخرون على علم به».

وفي السياق، يشرح العقيد المتقاعد أن مناورات الجيش الموريتاني وعرض أسلحته «يتماشيان مع مبادئ سياسة الردع، أي أن تكون لديك أسلحة قادرة على منع الخصم من مهاجمتك أو على الأقل جزئياً، وأن يكون على علم بها في حدود معينة، وطبعاً المعلومة حول تلك الأسلحة تبقى دائماً ناقصة، بل يتعمد الضبابية حول معلومات، وهذا جزء من الردع لأن خصمك المتوقع أو المحتمل يعرف أن لديك أسلحة قادرة على إلحاق الضرر به، ولكن لا يعرف ما هي درجة الضرر».

مسيرات جديدة

وقال العقيد المتقاعد إن المعلومات التي عرضها الجيش الموريتاني حول أسلحته الجديدة «لم تكن دقيقة، فقد أعطى معلومات عامة حول وظائفها الأساسية، مثل الطيران والمسيّرات والمدفعية، ولم يقل ما نوعها بالضبط ولا عيارها ولا مصدرها».

وأشار في هذا السياق إلى أن «الجديد فيما أعلن هو المسيّرات، التي تعد الموضة العسكرية اليوم، والمسيّرات صارت في متناول الجميع، حتى طفل صغير بعمر الخمس سنوات يمكنه اقتناء مسيّرة، والمسيّرة وظيفتها تتوقف على نوع الجهاز الذي أضيف لها، عندما تضيف لها كاميرا تصبح مسيّرة استطلاع، وعندما تضيف لها مدفعاً أو صاروخاً تصبح مسيّرة قتالية ومسلحة».

وشرح العقيد المتقاعد أن «ما نعرفه هو أن موريتانيا اقتنت مسيرات، وأنا أعتقد أنها من أنواع مختلفة، بعضها للاستطلاع لجمع المعلومات وتحليلها، ونوع آخر عسكري للمهام القتالية، وقادرة على حمل صواريخ»، قبل أن يضيف أن فاعلية هذه المسيّرات «تقوم على أمور، يبدو أن موريتانيا أخذتها بعين الاعتبار، مثل عددها ومواقع تمركزها، بالنظر إلى أن موريتانيا مساحتها تزيد على المليون كيلومتر مربع، ولتغطيتها يجب أن تكون المسيّرات موزعة على نقاط مختلفة من أرجاء الأراضي الموريتانية، وذلك هو معنى قول الجيش إن هذه المسيّرات قادرة على تغطية جميع التراب الوطني برياً وبحرياً».

مناورات المدفعية الثقيلة التابعة للجيش الموريتاني على الحدود مع مالي (الجيش الموريتاني)

الأمر الثاني المهم، على حد تعبير العقيد المتقاعد، هو أن تكون هذه المسيرات «تمتلك استقلالية لوجيستية تسمح لها بمواصلة المناورة خلال ساعات دون توقف، وهذا يعتمد على مصادر الطاقة وقدرتها على البقاء أكثر وقت ممكن في الجو، وهذه المعطيات لم تتحدث عنها موريتانيا بدقة ولكنها تركت في المفهوم أن هذه الشروط الفنية متوفرة في هذه المسيّرات».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.