التوتر يخيم على الكونغو الديمقراطية رغم فشل الانقلاب

الجيش اعتقل عشرات المسلحين بينهم أميركيون وبريطاني

عربة للشرطة في أحد شوارع كينشاسا الأحد الماضي (أ.ب)
عربة للشرطة في أحد شوارع كينشاسا الأحد الماضي (أ.ب)
TT

التوتر يخيم على الكونغو الديمقراطية رغم فشل الانقلاب

عربة للشرطة في أحد شوارع كينشاسا الأحد الماضي (أ.ب)
عربة للشرطة في أحد شوارع كينشاسا الأحد الماضي (أ.ب)

تطوق وحدات من الجيش القصر الرئاسي في مدينة كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتتمركز في الشوارع الرئيسية للعاصمة، بعد محاولة انقلاب فاشلة، بعدما هاجم مسلحون القصر في ساعة متأخرة من ليل السبت - الأحد، وقُتل في الهجوم 4 أشخاص، بينهم زعيم المحاولة الانقلابية.

ومنذ ذلك الوقت يعيش البلد وضعاً أمنياً متوتراً، وهو الغارق أصلاً في أزمة سياسية خانقة، ويخوض جيشه معارك عنيفة ضد متمردي «حركة إم 23» التي تسيطر على مناطق شرق البلاد، مع هجمات إرهابية تشنها مجموعة مسلحة موالية لتنظيم «داعش» على الحدود مع أوغندا.

ويخشى سكان العاصمة كينشاسا، البالغ عددهم قرابة 8 ملايين نسمة، تجدد الاقتتال في العاصمة، خصوصاً أن الجيش فتح تحقيقاً في المحاولة الانقلابية الفاشلة، واعتقل 40 مسلحاً على صلة بالهجوم، ولا يزالُ البحث جارياً عن متورطين محتملين.

رئيس الكونغو فيليكس تشيكسيدي يتحدث للإعلام في الإليزيه في 30 أبريل 2024 (رويترز)

ونفت وزارة الداخلية شائعة راجت في أوساط السكان، تتحدث عن إغلاق العاصمة، وفرض حظر التجوال.

تحقيق واعتقالات

وأعلن الجيش أنه فتح تحقيقاً لتحديد المسؤوليات في المحاولة الانقلابية. وتحدث الناطق باسم الجيش الجنرال ميجور سيلفان إيكينج، عن أن مواطنينَ أميركيينَ، بينهم اثنان من ذوي البشرة الفاتحة، وكونغولياً يحمل الجنسية البريطانية، اعتُقلوا أثناء تورطهم في المحاولة الانقلابية.

وكشف الناطق باسم الجيش أن المعتقلين وصل عددهم إلى 40 شخصاً، بينما قُتل 4 آخرون بينهم زعيم المهاجمين، كريستيان مالانغا، وهو عسكري كونغولي سابق، يحمل الجنسية الأميركية.

إلى جانب ذلك، اعتقل الأمنُ، الاثنين، مجموعة من الناشطين في المجتمع المدني، على خلفية تنظيم مظاهرة مناهضة للسلطة ورافضة لما تقول إنه «الظلم الاجتماعي»، ولكن لم يُعْلَنْ أن لهؤلاء الناشطين أي علاقة بالمحاولة الانقلابية.

وبعد الإعلان عن إحباط المحاولة الانقلابية، نشرت كل الأحزاب السياسية بيانات منددة بها، ومؤكدة تمسكها بالمؤسسات الدستورية للبلاد، بينما تظاهر مواطنون رافضين كل أشكال العنف لإحداث التغيير.

زعيم المحاولة

ورغم أنه لم تصدر أي معلومات رسمية من طرف الجيش أو الحكومة، فإن الإعلام المحلي يؤكد أن زعيم المحاولة الانقلابية الفاشلة هو عسكري سابق يدعى كريستيان مالانغا، وقد قُتل أثناء هجومه على القصر الرئاسي، وفق ما أكد الجيش.

الزعيم المفترض للانقلابيين مع رجاله المسلحين داخل القصر الرئاسي بكينشاسا الأحد الماضي (رويترز)

ولكن ما أثار الاستغراب هو قيادة «مالانغا» الهجوم على القصر الرئاسي في كينشاسا، وهو المحكوم عليه بالسجن غيابياً منذ 2010، وأصدر القضاء الكونغولي مذكرة توقيف بحقه، وهو الموجود منذ ذلك التاريخ في الولايات المتحدة الأميركية.

وكتب الصحافي الكونغولي دانيل ميشومبيرو معلقاً على الأمر: «لقد كان مالانغا مطلوباً لدى العدالة الكونغولية منذ 2010، كيف دخل الكونغو متجاوزاً كل الحواجز الوطنية؟ بل إنه تجاوز حتى الحواجز التي تحمي القصر الرئاسي». وأضاف الصحافي: «ولماذا بدل اعتقال مالانغا للتحقيق معه، كان الاختيار هو قتله وتصفيته؟».

مالانغا، البالغ من العمر 41 عاماً، رافقه في الهجوم نجله، الذي وقع في قبضة الجيش ضمن قائمة المعتقلين، وقضى الابن أغلب سنوات حياته في الولايات المتحدة التي يحملُ جنسيتها، حيث وصلها وهو يبلغُ من العمر 10 سنوات فقط.

وخدم مالانغا في الجيش بين 2006 و2010، قبل أن يهاجر نحو الولايات المتحدة، ويعلن نفسه رئيساً لحكومة في المهجر، هدفها هو إعادة البلاد إلى حقبة «زائير»، الاسم السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

التعليق الأميركي

كان واضحاً أن الصحافة المحلية في جمهورية الكونغو ركزت بشكل لافت على وجود حاملين جوازات أميركية ضمن منفذي المحاولة الانقلابية، وخصصت للقضية حيزاً مهماً من التغطية، إلا أن الولايات المتحدة اكتفت بتعليق وحيد كتبته السفيرة في كينشاسا على منصة «إكس».

شارع في العاصمة كينشاسا خلا من الحركة الأحد الماضي (أ.ف.ب)

التعليق الذي كُتب بعد ساعات من فشل الانقلاب، قالت فيه السفيرة: «أنا مصدومة بعد الأحداث التي وقعت هذا الصباح، وقلقة جداً حيال التقارير التي تربطها بمواطنين أميركيين، وتفترض أنهم متورطون فيها. كونوا متأكدين أننا سنتعاون مع السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية في كل الإجراءات الممكنة للتحقيق في هذه التصرفات الإجرامية».

وأضافت السفيرة أن «أي مواطن أميركي يثبت تورطه في هذه الأحداث الإجرامية عليه أن يتحمل مسؤولية تصرفاته، وأن يدفع ثمنها».

وكانت المحاولة الانقلابية محل تنديد دولي واسع. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد إنه «تابع بقلق كبير الأحداث»، وأضاف: «إنها محل تنديد صارم»، قبل أن يهنئ الجيش الكونغولي على إحباط العملية.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.