مصرع 30 إرهابياً بغارات جوية للجيش في نيجيريا

اختفاء فتيات شيبوك... جرح لم يندمل رغم مرور 10 سنوات على خطفهن

أفراد من الشرطة النيجيرية (أرشيفية)
أفراد من الشرطة النيجيرية (أرشيفية)
TT

مصرع 30 إرهابياً بغارات جوية للجيش في نيجيريا

أفراد من الشرطة النيجيرية (أرشيفية)
أفراد من الشرطة النيجيرية (أرشيفية)

لقي 30 إرهابياً مصرعهم يُشتبه في انتمائهم إلى جماعة إرهابية، جراء غارات جوية شنتها القوات الجوية النيجيرية. وأوضح المتحدث باسم القوات الجوية النيجيرية إدوارد جابكويت، في بيان صحافي، أن ضربات دقيقة أصابت مخابئ الإرهابيين في قرية كوليرام بولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا التي تشترك في الحدود مع تشاد.

وقال السكّان إنّ المهاجمين وصلوا على دراجات نارية وشاحنات مجهّزة بمدافع رشّاشة إلى قريتي غاتماروا وتسيها الواقعتين قرب مدينة شيبوك وراحوا يطلقون النار على سكّانهما. وصرّح ماناسيه آلين، رئيس جمعية تنمية منطقة شيبوك بأنّ «حصيلة القتلى في القريتين بلغت 15 شخصاً».

وأكّد ناحوم داسو، المتحدّث باسم شرطة ولاية بورنو، وقوع الهجوم، لكنّه لم يقدّم أي تفاصيل بشأنه أو يذكر حصيلة قتلاه. وحسب آلين فإنّ الإرهابيين الذين كانوا يرتدون زي الجيش، اقتحموا غاتماروا وأطلقوا النار على سكّانها، بمن فيهم أشخاص كانوا عائدين من جنازة.

أطفال أنقذهم الجيش النيجيري من جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية)

خطف أكثر من 250 تلميذة

إلى ذلك، وبعد مرور عشر سنوات على خطف أكثر من 250 تلميذة من مدرستهن في شيبوك بنيجيريا على أيدي عناصر من مجموعة «بوكو حرام» المتطرفة، لا تزال ماري شيتيما تعتقد كلما سمعت وقْع أقدام أمام الباب أن ابنتها المخطوفة عادت إلى المنزل.

وتنتظر يانا غالنغ أيضاً رجوع ابنتها، وجهّزت ملابسها لعودتها. ويُعتقد أن نحو مائة من بين 276 تلميذة ما زلن في قبضة خاطفيهن. وأثارت عملية خطفهن غضباً دولياً عارماً وسلَّطت الضوء على ضحايا أعنف تمرد جهادي أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص.

مشاركون بحملة «أعيدوا لنا فتياتنا» خلال احتجاجات تطالب الحكومة النيجيرية بإنقاذ باقي الفتيات المختطفات (أ.ب)

غير أن ذكرى اختطافهن في 14 أبريل (نيسان) 2014 تأتي على وقع عودة عمليات الخطف على نطاق واسع في نيجيريا، من دون أن تَلوح في الأفق نهاية لنزاع أودى بحياة أكثر من أربعين ألف شخص في شمال شرقي البلاد.

في بلدة شيبوك الهادئة تخبر أمهات الفتيات المفقودات وكالة الصحافة الفرنسية عن الألم الذي يشعرن به لدى سماع أنباء عن اختطاف أطفال آخرين.

عناصر من قوات الأمن النيجيرية (أ.ب)

وقالت شيتيما التي ستبلغ ابنتها مارغريت 29 عاماً هذه السنة: «أفكر بذويهم وأنفجر بالبكاء». ويخشى الضحايا أن يكون العالم قد نسي الأزمة. وقالت أسابي التي اختُطفت من مدرستها بعمر 14 عاماً وأُفرج عنها بعد ثلاث سنوات: «أشعر بعجز تام لأن أخريات ما زلن يعانين من الأمر».

وأضافت وهي تحبس دموعها: «متى يصبح الوضع آمناً من جديد؟».

المهم مواصلة التعليم

ولا يزال من الصعب الذهاب إلى شيبوك لأسباب أمنية. وتوجهت وكالة الصحافة الفرنسية إلى المنطقة بمواكبة عسكرية في الرحلة التي استمرت ست ساعات على طرق رملية. وقد شدد الجيش التعزيزات الأمنية في البلدة وأُقيم جدار إسمنتي وسياج شائك في محيط ثانوية البنات الرسمية التي أُعيد فتحها في 2021.

ومن قاعات الدراسة الجديدة يمكن للتلميذات رؤية هياكل المهاجع السابقة المتفحمة والتي أُضرمت فيها النيران لدى خطفهن ليلاً. وتهب رياح مغبّرة وتجتاح المباني المتهالكة. وتتذكر هاوا التي خُطفت وهي بعمر 16 عاماً وصول المسلحين على دراجات نارية. وتقول: «كانوا يصرخون ويطلقون النار في الهواء. شعرت بخوف شديد، بقيت أعتقد أنهم سيقتلوننا. تلوت ما اعتقدت أنها ستكون صلاتي الأخيرة». وتمتنع «الصحافة الفرنسية» عن نشر الأسماء الكاملة للمخطوفات السابقات خوفاً على سلامتهن.

واستعاد الجيش حالياً مساحات واسعة كان تسيطر عليها «بوكو حرام» التي تراجعت قوتها جراء اقتتال داخلي مع خصمها تنظيم «داعش ولاية غرب أفريقيا».

مسيرة تطالب بالإفراج عن الفتيات المحتجزات لدى جماعة «بوكو حرام» في أبوجا (أ.ب)

 

تصاعُد عمليات الخطف

وقال نائب مدير المدرسة باتور سولي (54 عاماً) الذي كان يقف بين الأنقاض إن الكثير من أهالي البلدة ذات الأغلبية المسيحية، عبّروا عن سعادتهم لتمكن أبنائهم من الالتحاق مجدداً بالمدرسة. وأضاف: «من المهم أن نواصل التعليم هنا». وتعارض «بوكو حرام» التعليم على النمط الغربي ونفّذت أول موجة خطف لتلاميذ مدارس قبل نحو عقد. وتصاعدت عمليات الخطف من جانب المجموعة وسواها في أنحاء البلاد. وخُطف أكثر من 1680 تلميذ في مدارس نيجيرية بين مطلع 2014 ونهاية 2022 حسب منظمة «سايف ذات تشيلدرن» الخيرية.

تمرد اندلع قبل 15 عاماً

وغير بعيد عن شيبوك يتواصل تمرد اندلع قبل نحو 15 عاماً. وينشط متطرفون في البلدات المجاورة، وكثيراً ما يسمع الأهالي دويَّ إطلاق نار. في أحدث تقرير أسبوعي له قال الجيش إنه قتل أكثر من 50 مسلحاً. ولا يزال الخطف مقابل مبالغ فدية أسلوباً مفضلاً لجمع الأموال، ووقعت عمليتا خطف كبيرتان في نيجيريا في الأسابيع القليلة الماضية. وخُطف أكثر من 130 طفل من مدرستهم في ولاية كادونا (شمال غرب) فيما خُطف أكثر من 100 شخص في نغالا، نفس الولاية حيث تقع شيبوك، غالبيتهم من النساء والأطفال.

فرصة ثانية

لم تفِ السلطات بوعودها ضمان أمن عودة كل فتاة أو وضع حد لعمليات الخطف الجماعي. بعد وقت قصير على الهجوم في شيبوك عام 2014 تمكنت 57 فتاة من الهرب. مذّاك أُنقذ أكثر من مائة أو أفرج عنهن في صفقات مع المتشددين.

وعدد كبير منهن يحاولن إعادة بناء حياتهن وتعويض ما خسرنه من تعليم.

وفي يولا التي تبعد مسافة نصف يوم بالسيارة عن شيبوك، تحدثت «الصحافة الفرنسية» إلى كثير من المخطوفات السابقات اللواتي يدرسن حالياً في الجامعة الأميركية في نيجيريا. وتأمل غريس التي كانت بعمر 17 عاماً عندما خُطفت، أن تصبح ممرضة. وقالت: «دمَّروا حياتي»، مضيفةً: «اعتقدتُ أن الأمر سيكون أفضل مما هو عليه الآن... المفترض أن أكون أنهيت دراستي الآن». وككثير من المخطوفات نُقلت إلى غابة سامبيسا، أحد معاقل الجهاديين، حيث لا يتوفر طعام كافٍ وكانت الفتيات يسارعن إلى الاختباء لدى تحليق الطائرات العسكرية. وكثيرات من رفيقاتها اضطررن إلى الزواج من خاطفيهن.

ولا تزال المدارس الريفية معرَّضة للخطر. ولم يردّ المتحدث باسم الرئيس بولا أحمد تينوبو على طلبات «الصحافة الفرنسية» المتكررة للتعليق. وقال جيف أوكوروافور من حملة «أعيدوا فتياتنا»، إن «الحكومة النيجيرية لم تتعلم أي شيء، لقد تخطت الأمر بالكامل». وأضاف: «ولهذا السبب تجرأ الخاطفون على اختطاف تلاميذ من كادونا». لكنّ أمهات تلميذات شيبوك يقلن إنهن لا يستطعن المضي قدماً ولم يتلقين سوى القليل من الدعم. وتوفي عشرات الآباء منذ اختطاف بناتهم، كما أن ضغوط سنوات الانتظار تزيد من صعوبة الحياة في أحد أفقر الأماكن في العالم. وقالت شيتيما: «ستعود ابنتي قريباً... أنا أعيش على الأمل».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

نيجيريا والهند تتفقان على زيادة التعاون في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب

رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)
رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)
TT

نيجيريا والهند تتفقان على زيادة التعاون في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب

رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)
رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)

اتفقت نيجيريا والهند، اليوم الأحد، على زيادة التعاون بينهما في مجالات الأمن البحري والمخابرات ومكافحة الإرهاب، خلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

مودي هو أول رئيس وزراء هندي يزور نيجيريا منذ 17 عاماً بدعوة من رئيسها بولا تينوبو، الذي يسعى إلى جذب استثمارات من بعض أكبر الاقتصادات في العالم، وفقاً لوكالة «رويترز».

وجاء في بيان مشترك أن مودي وصل إلى العاصمة أبوجا، مساء أمس السبت، واجتمع مع تينوبو في المقر الرئاسي، اليوم الأحد، حيث ناقشا التنمية الاقتصادية والدفاع والرعاية الصحية والأمن الغذائي.

ومع ازدياد التهديدات في خليج غينيا والمحيط الهندي، اتفق البلدان على تنسيق العمل لحماية طرق التجارة البحرية ومكافحة القرصنة.

وتسعى نيجيريا إلى جذب مزيد من الاستثمارات الهندية وخطوط الائتمان؛ لتعزيز اقتصادها، وتوفير فرص عمل. ويعمل أكثر من 200 شركة هندية في نيجيريا.

وبعد نيجيريا، من المقرر أن يتوجه مودي إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين.