النيجر تلغي «بمفعول فوري» اتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة

ضباط من جيش النيجر على التلفزيون الحكومي للإعلان عن انقلاب عسكري في يوليو 2023 (أ.ب)
ضباط من جيش النيجر على التلفزيون الحكومي للإعلان عن انقلاب عسكري في يوليو 2023 (أ.ب)
TT

النيجر تلغي «بمفعول فوري» اتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة

ضباط من جيش النيجر على التلفزيون الحكومي للإعلان عن انقلاب عسكري في يوليو 2023 (أ.ب)
ضباط من جيش النيجر على التلفزيون الحكومي للإعلان عن انقلاب عسكري في يوليو 2023 (أ.ب)

ألغى النظام العسكري الحاكم في النيجر، أمس (السبت) «بمفعول فوري» اتفاق التعاون العسكري المبرم في 2012 مع الولايات المتحدة، ما قد يؤدّي إلى طرد العسكريين الأميركيين من البلاد، على غرار الجيش الفرنسي.

بعد انقلاب 26 يوليو (تموز)، سارع العسكريّون الذي استولوا على السلطة في النيجر، إلى المطالبة برحيل الجنود الفرنسيين (نحو 1500 جندي تمّ نشرهم لمحاربة المتشددين) وألغوا كثيراً من الاتفاقيّات العسكريّة المبرمة مع باريس، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وغادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر في إطار الحرب ضدّ الإرهاب، البلاد، في 22 ديسمبر (كانون الأول).

وبعد الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، علّقت واشنطن تعاونها مع النيجر.

لكنّ الولايات المتحدة تنشر نحو 1100 جندي يشاركون في القتال ضدّ «الجهاديين» في البلاد، ولديها قاعدة كبيرة للمُسيَّرات في أغاديز (شمال). وفي ديسمبر، أعربت عن استعدادها لاستئناف هذا التعاون بشروط.

وفي بيان تُلي مساء السبت عبر التلفزيون الوطني، قال أمادو عبر الرحمن، المتحدّث باسم الحكومة النيجريّة، إنّ «حكومة النيجر، آخذةً طموحات الشعب ومصالحه في الاعتبار، تُقرّر بكلّ مسؤوليّة، أن تلغي بمفعول فوري، الاتفاق المتعلّق بوضع الطاقم العسكري للولايات المتحدة والموظّفين المدنيين في وزارة الدفاع الأميركيّة على أراضي النيجر».

وأشار عبد الرحمن إلى أنّ الوجود العسكري الأميركي «غير قانوني»، و«ينتهك كلّ القواعد الدستوريّة والديمقراطيّة».

وهذا الاتفاق «مُجحف» وفق نيامي، وقد «فرضته أحادياً» الولايات المتحدة عبر «مذكرة شفويّة بسيطة» في 6 يوليو 2012.

وتأتي هذه الخطوة بُعيد مغادرة وفد أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجيّة للشؤون الأفريقيّة، مولي في.

والوفد الأميركي الذي بقي في نيامي 3 أيّام «لم يتمكّن من لقاء» الجنرال عبد الرحمن تياني قائد النظام العسكري، وفق مصدر حكومي نيجري.

وقال عبد الرحمن، السبت، إنّ «وصول الوفد الأميركي لم يحترم الأعراف الدبلوماسيّة»، مضيفاً أنّ الحكومة الأميركيّة أبلغت نيامي «من جانب واحد» بموعد وصولها وبتشكيلة وفدها.

كما دان «الموقف المُتعالي» لرئيسة الوفد مولي في، وهو «موقف من شأنه أن يُقوّض طبيعة» العلاقات بين البلدين، على قوله، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووصل الوفد إلى نيامي، الثلاثاء، وكان مقرّراً في البداية أن يبقى هناك يومين؛ لكنه قرر تمديد إقامته، وفق المصدر الحكومي النيجري. وقد تمكّن من الالتقاء مرّتين برئيس الوزراء الذي عيّنه الجيش، علي الأمين زين.

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة ماثيو ميلر، عبر منصّة «إكس» إنّ واشنطن أخذت علماً ببيان النظام العسكري في نيامي، وإنّه جاء بعد «مناقشات صريحة (...) بشأن مخاوفنا» حيال «مسار» المجلس العسكري.

وأضاف أنّ الولايات المتحدة ما زالت على اتّصال مع المجلس العسكري، وستُقدّم معلومات جديدة «عند الاقتضاء».

وزوّدت وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) «وكالة الصحافة الفرنسية» ببيان مماثل.

وتحدّث عبد الرحمن مساء السبت عن عودة النظام الدستوري إلى هذا البلد، الذي شهد تقارباً من جارتَيه بوركينا ومالي، اللتين يحكمهما أيضاً الجيش، وكذلك من دول مثل إيران وروسيا.

وقال عبد الرحمن إنّ «حكومة النيجر أكّدت مجدّداً عزمها الراسخ تنظيم العودة إلى الحياة الدستوريّة الطبيعيّة في أقرب وقت»، مشدّداً على أنّ هذا «التزام رسمي» من جانب رئيس المرحلة الانتقاليّة «مثلما عبّر عنه في خطابه إلى الأمّة في 19 أغسطس (آب)».

في ذلك الخطاب، تحدّث الجنرال تياني عن فترة انتقاليّة تتحدّد مدّتها في إطار «حوار وطني» على ألا تتجاوز 3 سنوات.

منذ الانقلاب، انسحبت النيجر، على غرار بوركينا ومالي، من الجماعة الاقتصاديّة لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي فرضت عليها عقوبات شديدة.

وفي نهاية فبراير (شباط)، قرّرت «إيكواس» رفع جزء كبير من هذه العقوبات.

وأعلنت النيجر وبوركينا ومالي إنشاء قوّة مشتركة لمحاربة «الجهاديين» الذين يستهدفون الدول الثلاث بانتظام.


مقالات ذات صلة

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

الولايات المتحدة​ علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

فصل جديد من الرفض الأميركي للتطبيق الصيني «تيك توك» انطلاقاً من كونه «يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ف.ب)

تحذير صيني للفلبين من نشر صواريخ أميركية

حذر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الفلبين من نشر الصواريخ الأميركية متوسطة المدى، قائلاً إن هذه الخطوة قد تغذي التوترات الإقليمية وتشعل سباق تسلح.

«الشرق الأوسط» (بكين)
حصاد الأسبوع كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بكثير؟ الإجابة عن هذا السؤال، لا يختصرها الإجماع السريع الذي توافقت عليه تيارات الحزب لدعم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية. ذلك أن الصعوبات التي يواجهها الديمقراطيون، والأزمات التي لم يتمكنوا بعد من ابتكار الحلول لها، أكبر من أن يحتويها استعاضتهم عن مرشح مسنّ ضعيف وغير ملهم، بمرشحة شابة ملوّنة. ولكن مع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين مقتنعون الآن بأنه باتت لديهم الفرصة لإعادة تصوير السباق على أنه تكرار لهزيمة مرشح «مهووس بالغرور والانتقام»، في حين يعيد خصومهم الجمهوريون تشكيل سياسات حزبهم، وفق أجندة قد تغير وجهه ووجهة أميركا، التي عدّها البعض، «دعوة للعودة إلى الوراء».

الولايات المتحدة​ 
ترمب ونتنياهو قبل بدء اجتماعهما أمس (د.ب.أ)

نتنياهو يستكمل «مظلته» الأميركية بلقاء ترمب

بلقائه الرئيس الأميركي السابق، وربما اللاحق، دونالد ترمب، أكمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، مظلته الأميركية، التي شملت وقفة في الكونغرس

هبة القدسي (واشنطن) نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ 
بايدن وهاريس في فيلادلفيا 3 فبراير 2023 (أ.ب)

بعد دعم أوباما... هاريس تقترب من الترشيح الديمقراطي

اقتربت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس من انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي رسمياً لخوض سباق الرئاسة أمام دونالد ترمب، بعد التأييد الذي حظيت به علناً من الرئيس.

علي بردى (واشنطن) هبة القدسي (واشنطن)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».