العنف الطائفي يودي بحياة 55 شخصاً في نيجيريا

صدامات دامية بين رعاة مسلمين ومزارعين مسيحيين

الشرطة اعتقلت 17 شخصاً تتهمهم بالتورط في أحداث العنف (صحافة محلية)
الشرطة اعتقلت 17 شخصاً تتهمهم بالتورط في أحداث العنف (صحافة محلية)
TT

العنف الطائفي يودي بحياة 55 شخصاً في نيجيريا

الشرطة اعتقلت 17 شخصاً تتهمهم بالتورط في أحداث العنف (صحافة محلية)
الشرطة اعتقلت 17 شخصاً تتهمهم بالتورط في أحداث العنف (صحافة محلية)

قتل 55 شخصاً على الأقل في صدامات عنيفة بين مجموعة من الرعاة المسلمين والمزارعين المسيحيين، في منطقة بلاتو، الواقعة شمال وسط نيجيريا، حيث يوجد واحد من أكثر خطوط التماس سخونة، بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي.

وتعيش هذه المنطقة توتراً طائفياً متصاعداً منذ أكثر من 3 أسابيع، أي منذ الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة. ورغم تدخل السلطات فإن الاشتباكات العنيفة تجددت هذا الأسبوع، لتفرض السلطات حظر تجول في المنطقة أول أمس (الثلاثاء).

ورغم ذلك، قالت جمعية محلية تدعى «مواغافول للتنمية» إن الهجمات تجددت في منطقة مانغو، حيث أحرقت ونهبت المدارس ودور العبادة والمنازل. وأضافت المنظمة، التي يعد أغلب أعضائها من المسيحيين، أن مجموعة من مربي المواشي المسلمين من قبيلة «الفولاني» هم من هاجموا قرية كوهاسلالك، حيث قتل 55 شخصاً.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن هذه الحصيلة أكدها مسؤول في خدمة الإسعاف المحلية ومصدر من منظمة الصليب الأحمر، إلا أن المتحدث باسم الشرطة والجيش رفض التعليق على الموضوع، بينما قال الرئيس المحلي لمنظمة الصليب الأحمر النيجيري، نور الدين حسيني ماغاجي، إن المنظمة أقامت «مخيمين للنازحين في بلدة مانغو لإيواء نحو 1500 شخص».

من جانبها، أعلنت السلطات النيجيرية أن «الوضع تحت السيطرة»، مؤكدة توقيف 17 شخصاً على الأقل يشتبه في أنهم كانوا خلف تجدد الاشتباكات، ورجّحت السلطات في غضون ذلك أن يكون سبب الاشتباك المباشر «خلافاً بين راعٍ يسوق ماشيته وسكان يستخدمون الطريق».

وأعلنت الشرطة في منطقة بلاتو، الخميس، أنها أوقفت 17 مشتبهاً في تورطهم في أحداث القتل الأخيرة، فيما قال المفوض المساعد للشرطة، إيبونغ إيبيو، في مؤتمر صحافي: «8 من الموقوفين لهم صلة بأحداث أعياد الميلاد، والتسعة الآخرون لهم علاقة بالأحداث الأخيرة».

وأعلن المسؤول الأمني أن «قيادة الشرطة في منطقة بلاتو نجحت في إحباط هجوم كان يستهدف قرية أخرى»، وأضاف: «وصلتنا معلومات عند الساعة العاشرة من ليل الأربعاء بخصوص هجوم يخطط له ضد مجموعتين محليتين، وتحركت فرق التدخل السريع على الفور وأحبطت الهجوم».

تعزيزات أرسلها الجيش إلى المنطقة لتهدئة الوضع لكنها واجهت شائعات الانحياز (صحافة محلية)

وقال مسؤول الشرطة إنهم أحبطوا أيضاً محاولات لإضرام حرائق إجرامية، مدافعاً بذلك عن ردود فعل السلطات على مثل هذا النوع من الحوادث التي كانت محل انتقاد واسع، وقال: «السلطات تؤكد للجميع أن الوضع الآن تحت السيطرة، وأود التأكيد على أننا لن نتهاون أو نتسامح مع أي تصرف إجرامي، حتى يعود الهدوء إلى المنطقة».

وكان الجيش قد نشر تعزيزات في منطقة الصدام الطائفي، لكن مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن انحياز الجيش لصالح واحدة من المجموعات المحلية على حساب الأخرى، وهو ما اضطر الجيش لإصدار بيان يكذبه، معلناً أنه «على نفس المسافة من الجميع».

في غضون ذلك، كانت عدة جهات سياسية قد نددت بتصاعد العنف الطائفي وسط نيجيريا، وحمّلت السلطات مسؤولية هذه الوضعية، فيما قال نائب رئيس البلاد السابق، عتيقو ببكر، إن السبب الرئيس لكل ذلك هو «ضعف العمل الاستباقي لتفادي مثل هذه الحوادث».

وقال المرشح السابق للانتخابات الرئاسية (2023)، عبر صفحته على «إكس»، إن «نقص اليقظة والإجراءات الوقائية لمثل هذا النوع من الأزمات يعد مثار قلق كبير»، ثم دعا «الأجهزة الأمنية إلى معاقبة جميع المتورطين في هذه الحوادث».

وأضاف السياسي المخضرم أن «هذه الجرائم البشعة، التي سقطت خلالها أرواح بريئة، وأحرقت فيها منازل، وعمّ الرعب المجموعات المحلية المسالمة، تعد إهانة كبيرة ومباشرة لقيم السلم والوحدة».

وتصاعدت التوترات منذ مقتل ما يقرب من 200 شخص خلال عيد الميلاد الأخير، في هجمات استهدفت قرى ذات أغلبية مسيحية في ولاية بلاتو، على الخط الفاصل بين شمال نيجيريا الذي تسكنه أغلبية مسلمة، وجنوب نيجيريا الذي تسكنه أغلبية مسيحية، وهي معقل للعنف الطائفي.

وتعود جذور الاشتباكات في ولايات شمال غربي وشمال وسط نيجيريا إلى التوترات الطائفية والخلافات حول استخدام الأراضي بين الرعاة الرحل والمزارعين المستقرين. لكن هذه الهجمات تصاعدت إلى أعمال إجرامية واسعة النطاق.


مقالات ذات صلة

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

أفريقيا مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

اندلعت، الخميس، معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)
آسيا قوات الأمن التركية ألقت القبض على سيريبرياكوف عقب وصوله بودروم الأربعاء (صورة موزعة من الداخلية التركية)

تركيا سلمت روسيا مُنفِّذ تفجير سيارة أحد العسكريين في موسكو

سلمت تركيا مواطناً روسياً مطلوباً دولياً إلى السلطات في موسكو بعد أن هرب إلى موغلا في ولاية بودروم الجنوبية الغربية عقب تفجيره سيارة ضابط.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة)
آسيا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

ألمانيا: إيداع اثنين السجن على ذمة التحقيق للاشتباه في دعمهما «داعش»

عقب إلقاء القبض على اثنين للاشتباه في تأييدهما لتنظيم «داعش» بولايتي هامبورغ وشليزفيج-هولشتاين، تم إيداعهما السجن على ذمة التحقيق.

«الشرق الأوسط» (كارلسروه )
أوروبا حالة استنفار في العاصمة بروكسل إثر إنذار إرهابي (متداولة)

بلجيكا تفتش 14 منزلاً في تحقيق لمكافحة الإرهاب وتحتجز 7 لاستجوابهم

قال مكتب المدعي العام الاتحادي في بلجيكا، الخميس، إن الشرطة فتشت 14 منزلاً في إطار تحقيق يتعلق بالإرهاب، مضيفاً أن 7 أشخاص احتُجزوا بغرض استجوابهم.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».