«ثعلب الصحراء» يتوعد روسيا بالهزيمة في الساحل الأفريقي

إياد أغ غالي وصف أنظمة مالي والنيجر وبوركينا فاسو بـ«الخائنة»

إياد أغ غالي في آخر ظهور له حين توعد بهزيمة مالي وبوركينا فاسو والنيجر وحلفائهم الروس (متداولة)
إياد أغ غالي في آخر ظهور له حين توعد بهزيمة مالي وبوركينا فاسو والنيجر وحلفائهم الروس (متداولة)
TT

«ثعلب الصحراء» يتوعد روسيا بالهزيمة في الساحل الأفريقي

إياد أغ غالي في آخر ظهور له حين توعد بهزيمة مالي وبوركينا فاسو والنيجر وحلفائهم الروس (متداولة)
إياد أغ غالي في آخر ظهور له حين توعد بهزيمة مالي وبوركينا فاسو والنيجر وحلفائهم الروس (متداولة)

بعد قرابة سبع سنوات من الاختفاء عن الأنظار، ظهر زعيم جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» إياد أغ غالي ليعلن الحربَ على روسيا بصفتها اللاعب الدولي الجديد في منطقة الساحل الأفريقي، منذ أن وضّب الفرنسيون أمتعتهم وخرجوا من المنطقة التي ظلت حتى وقت قريب الحديقة الخلفية للقوة الاستعمارية السابقة.

يوصف إياد أغ غالي، المنحدر من قبائل الطوارق المتنفذة في شمال مالي والصحراء الكبرى عموماً، بأنه زعيم تنظيم «القاعدة» في منطقة الساحل، ويعود آخر ظهور علني له حين جمعَ عام 2017 مختلف فصائل «القاعدة» في المنطقة ضمن تحالف جديد آنذاك سماه «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، وتولى زعامته.

آنذاك لم تكن روسيا قد دخلت المنطقة، وإنما كان الفرنسيون هم أسيادها من خلال 5000 جندي منتشرين في عشرات القواعد العسكرية التي شيدوها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تحت ذريعة الحرب على الإرهاب

جنود من الوحدة الألمانية التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) يسيرون عبر أراضي قاعدة فونستورف الجوية بعد عودتهم إلى ألمانيا بعد إكمال مهمتهم في مالي « د ب أ"

حينها كان إياد أغ غالي أكثر شخص مطلوب لدى الفرنسيين، لكن الرجل الذي حمل لقب «ثعلب الصّحراء» نجح في التواري عن العيون الفرنسية المفتوحة على كل شبر من مالي، وهم الذين اغتالوا كثيراً من زعامات «القاعدة»، بعضهم كان من الدائرة القريبة منه شخصياً، وحين رحل الفرنسيون عاد للظهور ليعلن الحرب على روسيا والأنظمة العسكرية المتحالفة معها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

الظهور المفاجئ

خلال السنوات السبع الأخيرة راجت شائعات كثيرة حول صحة إياد أغ غالي، الذي يلقب في الأوساط الجهادية بـ«أبي الفضل»، ذهبت بعضها إلى التشكيك في وجوده على قيد الحياة، وذهبت أخرى إلى أنه يتلقى العلاج في أحد المستشفيات الجزائرية، ورغم كل ذلك لم يكلف أغ غالي نفسه عناء الظهور لينفي كل ما يروج عنه.

قبل يومين نشرت مؤسسة «الزلاقة»، وهي الذراع الإعلامية لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، شريطاً مصوراً مدته 22 دقيقة، ظهر فيه إياد أغ غالي بزي الطوارق التقليدي الأبيض، كانت ملامح الرجل قد تغيرت، بعد سبع سنوات من الاختباء عن الفرنسيين.

إياد أغ غالي في ظهوره عام 2017 وسط قادة من القاعدة قتل الفرنسيون فيما بعد ثلاثة منهم « متداولة"

في ظهوره 2017 كان محاطاً بأربعة من قادة «القاعدة»، قتل الفرنسيون ثلاثة منهم في السنوات اللاحقة. كما كان يرتدي عمامة سوداء أبدل بها في ظهوره الأخير عمامة بيضاء لم تحجب الشيب الذي زاد في لحيته بالمقارنة مع ظهوره قبل سبع سنوات.

هذه المرة كان أغ غالي يجلسُ وحده، أمامه جهاز كومبيوتر يشبه كثيراً جهازه القديم، وحين تحدث ركز بشكل كبير على «الحكومات الخائنة» في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، كما توعد «حلفاءهم الروس» بحرب تنتهي بهزيمتهم كما وقع مع الفرنسيين.

توجهات جديدة

في شريط الفيديو بدا أن أغ غالي يعرض التوجهات الجديدة لتنظيم «القاعدة» في منطقة الساحل، حين طلب من الشعوب المسلمة في المنطقة مساندة مقاتليه وهم يواجهون حكومات مالي وبوركينا فاسو والنيجر «الخائنة» والمتحالفة مع مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

لم يكن تركيز أغ غالي على هذه الدول الثلاث قادماً من فراغ، فقد وقعت أنظمتها العسكرية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي اتفاقية للدفاع المشترك، ودخلت في حلف عسكري لتوحيد جهودها من أجل محاربة الإرهاب، وتشير بعض المصادر غير الرسمية إلى أن النيجر وبوركينا فاسو قدمتا دعماً عسكرياً ميدانياً للجيش المالي بموجب هذه الاتفاقية، خلال اجتياحه الشمال، حيث يتمركز المتمردون وحيث توجد مناطق نفوذ «القاعدة».

وقال أغ غالي في كلمته إن التصعيد العسكري الأخير في شمال مالي، واستعادة الجيش المالي المتحالف مع «فاغنر» السيطرة على كيدال، تم عن طريق ارتكاب «مذابح» ضد المدنيين وتهجيرهم قسراً من قراهم.

وحاول أغ غالي أن يصور نفسه مدافعاً عن المضطهدين، مستعرضاً ما يعتقد أنها جرائم ضد المدنيين ارتكبها الجيش المالي و«فاغنر»، لكنه توعد الطرفين بحرب جديدة تنتهي بهزيمتهما معاً، ولكنه أيضاً اتهم جيش بوركينا فاسو بما قال إنه «اضطهاد وقتل وتهجير السكان».

جنود يخرجون من طائرة مع وصول آخر فرقة من جنود الجيش الألماني بعد عودتهم من قوة حفظ السلام التابعة لها المعروفة باسم «مينوسما» (المهمة المتكاملة المتعددة الجنسيات لتحقيق الاستقرار في مالي) (رويترز

لعب على الحبلين

رغم أنه يقود واحداً من أخطر التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، مسؤول عن تنفيذ هجمات شبه يومية ضد أهداف عسكرية ومدنية في مالي، إلا أن ذلك لم يمنع أغ غالي طيلة السنوات الماضية من الدخول في مفاوضات مع السلطات المالية للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الأمنية في البلد الأفريقي الهش.

وسبق أن طرح أغ غالي مجموعة من الشروط للاستمرار في التفاوض مع سلطات باماكو، كان من أبرزها التخلي عن الطابع العلماني للدولة، الذي ينص عليه الدستور، وهو ما ظلت جميع السلطات المتعقبة ترفضه، وهو رفض تسانده فرنسا بقوة.

النقطة نفسها تحدث عنها أغ غالي في الفيديو الأخير، حين قال مخاطباً رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية المالية شوكيل كوكالا مايغا إن «قضية الإسلام تتعارض تماماً مع مشروعكم»، ثم أضاف في السياق ذاته أن الحكم بموجب الشريعة «لا يمكن المساس به».

ورغم الصعوبات التي تمنع التوصل إلى حل سلمي بين الطرفين، إلا أن زعامات دينية وقبلية تبذل جهوداً للوساطة، وتراهن على أن قادة تنظيم «القاعدة» الموجودين في مالي هم مواطنون ماليون بعد تصفية جميع القيادات الأجنبية من طرف الفرنسيين خلال السنوات الأخيرة، بالتالي يعتقدون أنها يمكن التعامل معها على أنها أزمة داخلية.

من جهة أخرى، يخوض تنظيم «القاعدة» حرباً شرسة ضد تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى، وهو التنظيم الذي تعد أغلب قياداته من الأجانب، وينشط بشكل كبير في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
TT

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوات العسكرية والقوات شبه العسكرية المتحاربة في السودان، أمس الثلاثاء، بـ«تمكين المجازر» التي أودت بحياة أكثر من 24 ألف شخص، وخلفت أسوأ أزمة نزوح في العالم.

وقالت ديكارلو، لمجلس الأمن الدولي: «هذا أمر لا يمكن تصوره». وأضافت: «إنه غير قانوني، ويجب أن يتوقف»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الألمانية».

ولم تُسمِّ الدول التي تقول إنها تُموّل وتُزوّد بالأسلحة الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» شبه العسكرية، لكنها قالت إن هذه الدول تتحمل مسؤولية الضغط على الجانبين للعمل نحو تسوية تفاوضية للصراع.

وانزلق السودان في الصراع، منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، عندما اندلعت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين القادة العسكريين والقادة شبه العسكريين في العاصمة الخرطوم، وانتشرت إلى مناطق أخرى، بما في ذلك غرب دارفور، التي عانت العنف والفظائع في عام 2003. وحذّرت «الأمم المتحدة» مؤخراً من أن البلاد على حافة المجاعة.