رئيس بوركينا فاسو يتحدثُ من ميدان المعركة: سنكثف حربنا على الإرهاب

قال إن «الخلايا الإرهابية النائمة» استيقظت

النقيب إبراهيم تراوري وسط حراسه (رئاسة بوركينا فاسو)
النقيب إبراهيم تراوري وسط حراسه (رئاسة بوركينا فاسو)
TT

رئيس بوركينا فاسو يتحدثُ من ميدان المعركة: سنكثف حربنا على الإرهاب

النقيب إبراهيم تراوري وسط حراسه (رئاسة بوركينا فاسو)
النقيب إبراهيم تراوري وسط حراسه (رئاسة بوركينا فاسو)

أعلن الرئيس الانتقالي لدولة بوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري، الدخول في مرحلة جديدة من تكثيف الحرب على الإرهاب في شمال وشرق البلاد، محذراً من أن خلايا إرهابية نائمة «استيقظت» من أجل الإضرار بالأمن في البلد الأفريقي الفقير والهش.

الرئيس البالغ من العمر 35 عاماً، ظهر داخل إحدى الغابات، حيث تدور معارك ضد الجماعات الإرهابية، وكان يرتدي بدلته العسكرية المعروفة التي لم يخلعها منذ وصوله إلى السلطة، إثر انقلاب عسكري نهاية سبتمبر (أيلول) 2022، بقبعته العسكرية الحمراء المائلة قليلاً إلى اليسار، ويضعُ قفازات عسكرية على يديه، ويخاطب جنوده بـ«الرفاق».

وسط الأشجار ظهر تراوري وهو محاط بعشرات الجنود المدججين بالسلاح، على متن مركبتين عسكريتين ودراجات نارية، فيما لم تعلن بشكل رسمي المنطقة التي جرى فيها تصوير الخطاب الذي بثه التلفزيون الحكومي بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال عن فرنسا قبل 63 عاماً.

قال تراوري إنه حين وصل إلى الحكم في بوركينا فاسو، كان جيشها «يعاني من نقص في عدد الجنود، ونقص في المعدات، ونقص كبير في التدريب والتأطير»، مشيراً إلى أنه قاد عملية إصلاح واسعة لإعادة هيكلة الجيش، حتى يكون قادراً على مواجهة خطر الإرهاب واستعادة السيطرة على مناطق شاسعة من البلاد تقع تحت سيطرة الجماعات الإرهابية.

عناصر من الشرطة بعد استنفار أمني في أنحاء بوركينا فاسو (متداولة)

وأعلن تراوري أنه بعد إصلاح الجيش «سيدخل في مرحلة جديدة من تكثيف العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية المسلحة»، مشيراً إلى أن هذه المرحلة ستبدأ في غضون أسابيع قليلة، ثم طلب من الإرهابيين «التخلي عن السلاح».

تراوري وصف مواطني بلاده المنخرطين في صفوف الجماعات الإرهابية بأنهم «أذناب الإمبريالية المحلية»، معلناً منحهم فرصة للتخلي عن السلاح، وقال: «إنه الوقت المناسب لأولئك الذين وقعوا في الخطأ، أولئك الذين أعلنوا الحرب على بلدهم، لأن يتخلوا عن السلاح، لأنه ستأتي اللحظة التي لن يكون هذا الخيار متاحاً». وأوضح تراوري أنه بمجرد أن تصل المعدات والأسلحة والوحدات المقاتلة إلى الجبهة «سيكون الوقت قد تأخر على طرح السلاح».

وحول إصلاحه للجيش، قال تراوري: «اليوم لدينا 7 كتائب للتدخل السريع جاهزة، بعضها بدأت تتحرك نحو جبهات القتال، والأخرى ستلتحق بها في غضون أسبوعين أو 3»، ثم أضاف: «نعمل أيضاً على تشكيل وتدريب 5 كتائب أخرى، كما شكلنا كتيبتين للتدخل الجوي، وزودنا جميع وحدات الأمن والدفاع بأسلحة لم تعرفها من قبل».

ولكن تراوري شدد على أن الحرب على الإرهاب تتطلب طول النفس، وقال: «هذه الحرب لها ثمن، ويجب أن نستعد لدفعه»، داعياً الشعب إلى «مزيد من التضحيات»، وأضاف: «ستتخذ عدة إجراءات، من شأنها أن تمس الموظفين العموميين والخصوصيين، كما ستمس المؤسسات الخاصة في بعض أرباحها، سنحدد هامش ذلك، مما سيجعلنا قادرين على زيادة مكافأة المتطوعين للحرب بنسبة 35 في المائة».

ضباط أمن في حدود بوركينا فاسو ضمن إطار عمليات مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل في 6 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)

وفي خطابه ركز تراوري بشكل لافت على أن الإرهاب صناعة غربية، وقال إنه «خطر جلبته القوى الإمبريالية الغربية لضمان هيمنتها على دولنا»، ثم أضاف: «هذا الإرهاب الذي فرض علينا، والذي يحرمنا من العيش في سلام، ليس سوى أحد المظاهر العنيفة للاستعمار».

وقال تراوري مخاطباً مواطني بوركينا فاسو: «هؤلاء المستعمرون بالإضافة إلى أنهم نهبوا خيرات بلداننا، وهدموا قيمنا المحلية بأفكار دخيلة زرعوها في أدمغتنا، ها هم الآن يرسلون إلينا حشداً من المجرمين لقتل الرجال والنساء والأطفال، نحنُ نفترضُ أن ذلك ذروة الإمبريالية والاستعمار الجديد».

وزير دفاع بوركينا فاسو العميد قسوم كوليبالي (يسار) يختبر جهاز رؤية ليلية خلال يوم افتتاح الدورة الثالثة لمعرض مصر للدفاع «EDEX-2023» بحضور 111 دولة مشاركة في مركز القاهرة للمعارض الدولية بالقاهرة في 4 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وختم خطابه بالقول إن «بوركينا فاسو قررت بكامل إرادتها ووعيها، أن تأخذ مصيرها بيدها، وأن تقود الحرب (...)، ونحن نعلنُ هذه الحرب نوجه الدعوة إلى أبناء وبنات بوركينا فاسو، إلى هذا الشعب الذي أدرك أن السبيل الوحيدة لتحقيق النصر؛ أن يخوض الحرب بنفسه».

ولكن تراوري حذر من أن «خلايا إرهابية نائمة قد استيقظت»، وربط ذلك بازدياد حجم وعدد الهجمات الإرهابية في بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أنه أكد مضيه قدماً في المواجهة العسكرية للقضاء على الإرهاب.

وبالتزامن مع بث الخطاب على التلفزيون الحكومي، أعلن جيش بوركينا فاسو أنه نجح في القضاء على مجموعة إرهابية كانت تتحرك شمال البلاد، مشيراً إلى أن طائرة قصفت المجموعة حين كانت في اجتماع مع قائدها، دون أن يكشف هوية هذا القائد.

كما أعلن الجيشُ أيضاً أن واحدة من كتائبه الخاصة نجحت في القضاء على مجموعة إرهابية أخرى كانت بالقرب من مدينة نوا، شمال البلاد، وصادرت عدداً من الأسلحة والمعدات اللوجيستية كانت بحوزتها.


مقالات ذات صلة

إيطاليا: خطورة المعتقل الليبي دفعت إلى ترحيله لبلاده

أوروبا وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي (أ.ب)

إيطاليا: خطورة المعتقل الليبي دفعت إلى ترحيله لبلاده

قال ماتيو بيانتيدوزي وزير الداخلية الإيطالي إن المسؤول الكبير بالشرطة الليبية الذي احتُجز بموجب مذكرة اعتقال دولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب، أعيد إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
آسيا المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (متداولة)

المحكمة الجنائية الدولية تسعى لإصدار أوامر اعتقال لقادة من «طالبان»

قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، الخميس، إنه يناشد بإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة في حركة «طالبان» بتهمة الانتشار واسع النطاق للتميز ضد النساء.

«الشرق الأوسط» (لاهاي )
أفريقيا أبو عكرمة يحمل سلاحاً رشاشاً قبل أن يعتقله جيش نيجيريا (صحافة محلية)

نيجيريا تعتقل قيادياً بارزاً في جماعة «بوكو حرام»

اعتقل الجيش النيجيري واحداً من أبرز قادة جماعة «بوكو حرام» يُعرف في الأوساط الجهادية بكنية «أبي عكرمة»، خلال عملية عسكرية واسعة لمحاربة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط )
آسيا علم صيني (رويترز)

بكين تقدّم احتجاجاً لكابل بشأن مقتل عامل مناجم صيني

أعلنت الصين، الخميس، أنّها قدّمت «احتجاجاً رسمياً» لدى حكومة «طالبان» في أفغانستان، بشأن مقتل عامل مناجم صيني في هجوم داعشي.

«الشرق الأوسط» (بكين - كابل)
أوروبا ورود في حديقة بلدة أشافنبورغ بالمكان الذي قَتَل فيه طالب لجوء أفغاني طفلاً يبلغ عامين ورجلاً طعناً بالسكين (رويترز)

غضب في ألمانيا بعد جريمة أخرى يرتكبها طالب لجوء أدت إلى قتل طفل طعناً

يتزايد الغضب في ألمانيا من تكرار جرائم ينفذها لاجئون أو طالبو لجوء، قبل أسابيع قليلة على الانتخابات العامة، بعد قتل طالب لجوء أفغاني لطفل يبلغ عامين.

راغدة بهنام (برلين)

التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات الإثنية الحادة في إثيوبيا

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
TT

التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات الإثنية الحادة في إثيوبيا

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (أرشيفية - وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)

يلجأ أنصار المجموعات المتنازعة في إثيوبيا إلى الذكاء الاصطناعي، مستغلّين ضعف الإلمام بوسائل الإعلام لنشر معلومات مضلّلة تغذّي التوتّرات الإثنية، بحسب خبراء.

تتألّف إثيوبيا، وهي ثاني أكثر البلدان الإفريقية تعداداً للسكان مع 120 مليون نسمة، من فسيفساء واسعة من المجموعات الإثنية تمزّقها انقسامات سياسية تسبّبت بنزاعات.

وتشكّل هذه المعادلة أرضاً خصبة لتنامي المعلومات المغلوطة، وانتشارها في أوساط مستخدمي الإنترنت البالغ عددهم في البلاد 36 مليوناً.

وفي الأشهر الأخيرة، استعرضت خدمة تقصّي الحقائق في «وكالة الصحافة الفرنسية» العدد من التسجيلات المفبركة، بعضها لخطابات معدّلة لرئيس الوزراء آبي أحمد ومنها ما يعلن خطأ وفاة أحد قادة المتمرّدين.

خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويؤدّي الإلمام الضعيف بوسائل الإعلام إلى «مفاقمة نزاعات قائمة أصلا» و»استيلاد مشكلات جديدة على الصعيد الاجتماعي السياسي»، على ما قال ووركينيه ديريبسا، الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة جيما في منطقة أوروميا.

تأجيج التوتّرات

انتهت الحرب في تيغراي (شمال) التي استمرت عامين في 2022، لكن نزاعات عدة ما زالت تمزّق البلاد، خصوصاً في أمهرا وأوروميا، حيث يواجه الجيش جماعات متمرّدة.

وأظهرت تحقيقات خدمة تقصّي الحقائق في «وكالة الصحافة الفرنسية» أن الأطراف المتناحرة تنشر معلومات مغلوطة بقصد تأجيج التوتّرات والتشهير بالخصوم.

وفي الماضي، كانت النصوص والشروح المرفقة بالصور تعدَّل. أما اليوم، فتتيح أدوات الذكاء الاصطناعي المتوافرة بالمجان التلاعب بسهولة بالتسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو.

وعلى سبيل المثال، تمّ التلاعب بفيديو لآبي أحمد عام 2020 حول مقتل المغني الشهير هاشالو هونديسا، حيث يُعتقد أن رئيس الوزراء يشير إلى عملية قطع رأس وقعت في أوروميا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وفي يوليو (تموز) 2024، نشر أنصار الحكومة شريط فيديو سُمع فيه صوت، وضع على الأرجح بواسطة الذكاء الاصطناعي، يقول إن «هيومن رايتس ووتش» تطلب من الأسرة الدولية إدراج «جيش تحرير أورومو» في عِداد المجموعات الإرهابية، وهو أمر لم تقم به المنظمة بتاتاً.

جنود إثيوبيون يستقلّون شاحنة بالقرب من بلدة أديجرات في منطقة تيغراي بإثيوبيا 18 مارس 2021 (رويترز)

وقال تيرييه سكييردال، الأستاذ النرويجي المحاضر في الصحافة الذي عمل لفترة طويلة في إثيوبيا، إن «خطابات شخصيات كبيرة قد تخضع للتلاعب وأشرطة فيديو قديمة قد تُخرَج من سياقها وقد يتمّ استبدال كلمات أو حذفها بنيّة سيّئة».

وأشار إلى أن «الأطراف المتحاربة في إثيوبيا تتنازع على السيطرة على المعلومات في شبكات التواصل الاجتماعي، مستخدمة استراتيجيات تزداد تطوّراً للتضليل الإعلامي، في ظلّ تفاقم الوضع جرّاء الإلمام الضعيف بوسائل الإعلام».

«انقسام حاد»

تتفاقم هذه المشكلة أيضاً بسبب ضعف مستوى الإلمام بالقراءة والكتابة، وفق ما أظهر تقرير صدر سنة 2024 عن صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية.

وفي إثيوبيا، تزامن تطوّر أدوات التضليل الإعلامي مع وضع سياسي خاص شهد وصول آبي أحمد إلى السلطة إثر مرحلة انتقالية ثمّ اندلاع الحرب الدامية في تيغراي.

وأكّد بيفيكادو هايلو، أحد ناشطي المجتمع المدني، أن «الانقسام الحاد بشأن مآرب سياسية متعارضة سائد؛ ما يشكّل أرضاً خصبة لاستغلال التضليل الإعلامي وسيلة للتحكّم بالسردية من قبل الأطراف المتنازعة».

وندّد بـ«قلّة انخراط» وسائل الإعلام، المستقلّة منها والرسمية، في الجهود المبذولة للتصدّي لهذه الظاهرة.

وشدّد سكييردال من جهته، على ضرورة تحسين المعرفة بمبادئ عمل وسائل الإعلام لمكافحة انتشار المحتويات العنيفة أو المغلوطة على نطاق واسع. وقال: «مبادرات تقصّي الحقائق، مثل تلك المعتمدة في منظمات مستقلّة كـ(وكالة الصحافة الفرنسية)، هي في غاية الأهمّية في اللغات المحلية».

وتوفّر «وكالة الصحافة الفرنسية» هذه الخدمة في 26 لغة في إطار شراكة مع «فيسبوك».

ويثير القرار الذي صدر أخيراً عن «ميتا»، المجموعة الأمّ لـ«فيسبوك»، بوضع حدّ لبرنامج تقصّي الحقائق في الولايات المتحدة مخاوف من احتمال أن يوقف عملاق التكنولوجيا برنامجه هذا في أنحاء العالم.