مخاوف من انزلاق ليبيريا نحو حرب أهلية سبق أن دمرتها لعقود

استمرار فرز أصوات الانتخابات... وتحذيرات أميركية وأوروبية للمرشحين

لافتة إعلانية للرئيس المنتهية ولايته في أحد شوارع العاصمة مونروفيا (أ.ف.ب)
لافتة إعلانية للرئيس المنتهية ولايته في أحد شوارع العاصمة مونروفيا (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من انزلاق ليبيريا نحو حرب أهلية سبق أن دمرتها لعقود

لافتة إعلانية للرئيس المنتهية ولايته في أحد شوارع العاصمة مونروفيا (أ.ف.ب)
لافتة إعلانية للرئيس المنتهية ولايته في أحد شوارع العاصمة مونروفيا (أ.ف.ب)

يتواصل فرز الأصوات في انتخابات رئاسية وبرلمانية نظمت يوم الثلاثاء الماضي في دولة ليبيريا، في غرب أفريقيا، وسط مخاوف من انزلاق الأوضاع نحو الأسوأ، في بلد هش كان مسرحا لحرب أهلية دموية في تسعينات القرن الماضي، وأرهقته بعد ذلك الأوبئة والأمراض، وينتشر فيه الفقر المدقع.

الانتخابات جرت بحضور مراقبين من الاتحاد الأوروبي وآخرين من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والاتحاد الأفريقي، ووسط اهتمام كبير من طرف الولايات المتحدة الأميركية، لأنها أول انتخابات تنظمها ليبيريا بعد إنهاء مهام بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام فيها، وهي بعثة أنشئت عام 2003 بعد الحروب الأهلية التي خلفت أكثر من 250 ألف قتيل بين عامي 1989 و2003، ولا تزال ذكراها حية.

جورج ويا يدلي بصوته بحثاً عن ولاية رئاسية ثانية (أ.ف.ب)

وصوت الناخبون في ليبيريا لاختيار رئيس للبلاد، من بين 20 مرشحاً، يتقدمهم الرئيس المنتهية ولايته جورج ويا (57 عاماً)، وهو لاعب كرة قدم سبق أن فاز بالكرة الذهبية بوصفه أفضل لاعب في العالم، وكان من أبرز نجوم الملاعب الأوروبية خلال تسعينات القرن الماضي، ولكنه تحول إلى رجل سياسة وفاز بالانتخابات الرئاسية عام 2017، ويسعى اليوم للفوز بولاية رئاسية ثانية.

ولكن نجم كرة القدم السابق، يواجه منافسة قوية من مرشح المعارضة الأبرز جوزيف بواكاي (78 عاما)، الذي سبق أن شغل منصب نائب الرئيس من 2006 حتى 2018، وخسر الانتخابات الرئاسية السابقة في الشوط الثاني أمام ويا.

النتائج الجزئية بدأت تظهر يوم الأربعاء الماضي، إلا أن النتائج الرسمية لن تعلن قبل يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وهي فترة من الترقب تبدو طويلة نسبياً، وتثير قلق المراقبين الدوليين، بخاصة أن بعض الأحزاب السياسية بدأت تعلنُ فوزها ببعض الدوائر الانتخابية، من دون أن تنتظر نتائج اللجنة الوطنية للانتخابات.

صناديق الاقتراع في احد مراكز التصويت في منروفيا(أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أظهرت نتائج جزئية نُشرت الخميس الماضي، بعد فرز 389 مكتب تصويت من أصل 5860 هي إجمالي عدد مكاتب التصويت في البلد، تقدم مرشح المعارضة جوزيف بواكاي، بنسبة 46 في المائة من الأصوات، مقابل 39 في المائة فقط للرئيس المنتهية ولايته.

ولكن مع استمرار الفرز تمكن ويا من التقدم بنسبة 44 في المائة، فيما تراجع بواكاي إلى 42 في المائة، وهو ما يظهر حدة التنافس بين الرجلين، مع إمكانية تكرار سيناريو 2017، حين ذهبا إلى شوط ثانٍ.

وتثير هذه الوضعية المخاوف من انزلاق البلد نحو العنف، وبخاصة أن صدامات بين الحزب الحاكم ومعارضين وقعت خلال الحملة الانتخابية، قتل فيها ثلاثة أشخاص، كما جرح أشخاص آخرون في صدامات وقعت على هامش مهرجان اختتم به جورج ويا حملته في العاصمة.

سفارة الولايات المتحدة في ليبيريا، نشرت بياناً صحافياً، دعت فيه الأحزاب السياسية والمرشحين إلى انتظار النتائج الرسمية «بهدوء وصبر وسلمية، بدل التسرع وإعلان الفوز»، كما دعت وسائل الإعلام المحلية إلى «تفادي أي محاولة لإعلان النتائج قبل اللجنة الوطنية للانتخابات».

وكانت الولايات المتحدة أعلنت، أنها ستفرض عقوبات وقيوداً في منح تأشيرتها لأي شخص يتورط في التشويش على الانتخابات في ليبيريا، مشيرة إلى أن هذه العقوبات ستطال أيضاً أفراد أسرة أي شخص ساهم في زعزعة الانتخابات.

من عملية الاقتراع في إحدى القرى (إ.ب.أ)

وترتبطُ الولايات المتحدة بعلاقات تاريخية بليبيريا، البلد الذي شيدته مجموعة من العبيد تحررت من الرق في الولايات المتحدة، وقررت العودة إلى أرض الأجداد في أفريقيا، لتقيم أول جمهورية في القارة السمراء.

وليست الولايات المتحدة وحدها من اهتم بهذه الانتخابات، فبرلمان الاتحاد الأوروبي أرسل بعثة لمراقبتها، وصف رئيسها تنظيم الاقتراع بالجيد، وقال خلال مؤتمر صحافي: «بصفتنا رجال سياسية انتخبنا ديمقراطيا، أنا وزملائي في البعثة، ندعو القادة السياسيين لقبول نتائج هذه الانتخابات، وتسوية أي خلافات بطريقة سلمية وأمام المحاكم».

الممثل السامي للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتبها في غرب أفريقيا والساحل، ليوناردو سانتوس سيماو، حضر الانتخابات ووصفها بأنها كانت «هادئة وشفافة»، داعياً المرشحين إلى «إظهار المزيد من الصبر، وترك لجنة الانتخابات قيادة العملية الانتخابية في إطار الاحترام التام للدستور والقوانين المعمول بها في ليبيريا».

نظرة إلى عناوين الصحف في أحد شوارع منروفيا (أ.ف.ب)

أما بعثة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، فقد طلبت من المرشحين والأحزاب السياسية «التهدئة»، وقال رئيس البعثة: «جميع الأطراف مدعوة إلى الامتناع عن أي تصريحات من شأنها زعزعة السلم». كما طلب من اللجنة المشرفة على الانتخابات «العمل بحذر وبسرعة، من أجل ضمان نشر النتائج بشكل عاجل وشفاف، لتفادي أي توتر قد يسببه الانتظار الطويل للنتائج».


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.