الأمم المتحدة تحذر من «مجاعة على بُعد خطوة واحدة» في السودان

زعماء العالم يواصلون خطاباتهم أمام الجمعية العامة وسط تركيز على حرب أوكرانيا

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة عن المناخ في نيويورك اليوم (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة عن المناخ في نيويورك اليوم (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذر من «مجاعة على بُعد خطوة واحدة» في السودان

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة عن المناخ في نيويورك اليوم (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة عن المناخ في نيويورك اليوم (أ.ف.ب)

قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو إن أكثر من 6 ملايين شخص في السودان «على بُعد خطوة واحدة من المجاعة»، مشددة على أن هذه الأعداد ستستمر في الازدياد إذا لم تصمت الأسلحة.

وتصدرت أزمة السودان نشاطات عديدة عُقدت في مقر الأمم المتحدة، الأربعاء، على هامش المناقشة العامة للدورة السنوية الـ78 للجمعية العامة، من خلال اجتماع وزاري رفيع نظمته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي مع السعودية ومصر وقطر، تحت عنوان «تكلفة التقاعس عن العمل في السودان».

وقالت ديكارلو إن الطرفين؛ الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، بعيدان عن تحقيق النصر، إلا أنهما يواصلان قتالهما «الوحشي»، بسبب «العنف الأحمق»، موضحة أن السودان الآن يضم أعلى عدد للنازحين داخلياً في العالم، إذ وصل عددهم إلى 7.1 مليون شخص، بمن فيهم 3.3 مليون طفل. وأشارت إلى أن الصراع في السودان يتأجج بسبب التعبئة عبر الحدود، بما في ذلك على طول الخطوط القبلية، فضلاً عن تدفق المقاتلين والأسلحة والذخيرة من خارج البلاد، ما «يهدد بإغراق المنطقة في صراع أوسع».

الجمعية العامة للأمم المتحدة واصلت اليوم الاستماع إلى كلمات ممثلي الدول المشاركة... ويبدو رئيس لاتفيا إدجارز رينكيفيكس خلال إلقاء كلمته (أ.ب)

وإذ حذرت من «تكلفة باهظة» للتقاعس، قالت إنه «يمكن للمجتمع الدولي، بل ويجب عليه، أن يفعل المزيد للمساعدة في وقف القتال وإيجاد طريق إلى التسوية السياسية. يجب على الأطراف السودانية المتحاربة إنهاء القتال والعودة إلى جدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار حقيقي من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم للأعمال العدائية. سيتطلب ذلك إرادة سياسية، وآلية قوية للرصد والتحقق، والقدرة على محاسبة الأطراف المتحاربة».

وتسبق هذه التحذيرات مشاركة البرهان في اجتماعات الجمعية العامة وإلقاء خطاب باسم السودان.

سلاح ضد العالم

وكانت الكلمات تواصلت حتى ليل الثلاثاء قبل معاودتها صباح الأربعاء؛ لتستمر طوال اليوم. وأبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زعماء العالم أن روسيا تستخدم كل شيء يحتاج إليه العالم، مثل الغذاء والطاقة وحتى الأطفال «سلاحاً» في محاولة للحصول على الاعتراف بالأراضي التي احتلتها من أوكرانيا. وكذلك اتهم روسيا بأنها تعمل أيضاً على استخدام الطاقة النووية سلاحاً من خلال نشر «تقنياتها لبناء محطات الطاقة النووية غير الموثوقة» وتحويل محطات الطاقة في البلدان الأخرى «قنابل قذرة حقيقية». وإذ استشهد بتدخلات روسيا العسكرية في مولدوفيا وجورجيا وسوريا، وسيطرتها المتزايدة على بيلاروسيا وتهديداتها ضد دول البلطيق، رأى أن «الهدف من الحرب الحالية ضد أوكرانيا هو تحويل أرضنا وشعبنا وحياتنا ومواردنا إلى سلاح ضدكم، ضد النظام الدولي القائم على القواعد» منذ الحرب العالمية الثانية.

صورة لمجلس الأمن خلال عقده جلسة اليوم على هامش اجتماعات الأمم المتحدة (د.ب.أ)

ألمانيا: رسالة لبوتين

وعبّر المستشار الألماني أولاف شولتس عن دعمه للجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام في أوكرانيا، لكنه استدرك لأنه «في الوقت نفسه، يجب أن نكون حذرين من الحلول الصورية التي تمثل السلام بالاسم فقط»، ولأن «السلام دون حرية يسمى قمعاً. السلام دون عدالة يسمى ديكتاتورية. يجب على موسكو أن تفهم ذلك في نهاية الأمر». وطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنهاء الحرب. كما دعا إلى إصلاح مجلس الأمن.

إيران: «فشل الأمركة»

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن بلاده لن تتخلى أبداً عن حقها «في الحصول على طاقة نووية سلمية»، داعياً الولايات المتحدة إلى «الإظهار بطريقة يمكن التحقق منها» أنها تريد العودة إلى الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. وكرر أن «الأسلحة النووية ليس لها مكان في العقيدة الدفاعية» لدى إيران. ورأى أن العالم يمر بـ«مرحلة انتقالية لا رجعة فيها إلى نظام دولي ناشئ»، معتبراً أن «مشروع أمركة العالم باء بالفشل». واتهم الولايات المتحدة بالتدخل في الدول المجاورة لبلاده، لافتاً إلى أن أفغانستان تعد نموذجاً «للتدخل العسكري الغربي في الشؤون الإقليمية» وتأثيره الإنساني.

جلسة عن المناخ على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم (إ.ب.أ)

قطر: الحوار الإقليمي

وتحدث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن القضية الفلسطينية، مؤكداً التمسك بالموقف المبدئي من عدالة القضية، التي «أصبحت امتحاناً لصدقية ساسة دول العالم تجاه منطقة الشرق الأوسط». وكذلك أشار إلى الأوضاع في كل من سوريا والسودان ولبنان واليمن وليبيا، مؤكداً أن الحل في كل هذه الدول يكمن بوضوح في الإجماع على كيان الدولة والمواطنة. كما جدد الترحيب بالحوار وإعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران وبين مصر وتركيا.

دور الجزائر

أما الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي تستعد بلاده لتسلم مقعد غير دائم في مجلس الأمن في بداية العام المقبل، فأكد أنه سيجري «التعاون بشكل وطيد مع الدول كافة»، متعهداً بأن «تسخّر الجزائر خبرتها في مجال الوساطة وتغليب الحلول السياسية والتسوية السلمية للنزاعات». وقال: «ستنضم بلادي إلى مجلس الأمن حاملة تطلعات شعوب القارة الأفريقية والعالم العربي وداعية إلى تجاوز منطق تسيير الأزمات، بل اعتماد مقاربة ترتكز على الحلول النهائية للأزمات من خلال معالجة أسبابها الجذرية».

اليابان وكوريا الشمالية

وأكّد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أنه «مصمم» على لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، مشدداً على أن «سياسة اليابان حيال كوريا الشمالية لم تتغيّر». وأضاف: «اليابان تريد تطبيع علاقاتها مع كوريا الشمالية (...) بهدف فتح صفحة جديدة سوية، أودّ أن أعبّر عن تصميمي على مقابلة الرئيس كيم جونغ أون وجهاً لوجه وفي أي وقت ومن دون شروط».


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

يوميات الشرق جانب من المؤتمر الصحافي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي نسخته الرابعة بحلة جديدة تحت شعار «للسينما بيت جديد» من قلب مقره الجديد في المنطقة التاريخية بمدينة جدة.

سعيد الأبيض (جدة)
صحتك يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)

مستشار الرعاية الصحية البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مهتمون بالشراكة مع السعودية

كشف مستشار الرعاية الصحية ببريطانيا المبعوث إلى السعودية، البروفسور ستيف هيلد، عن أن لديهم برنامجاً لبناء المستشفيات ويتم النقاش حول إمكانية الاستثمار المشترك.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)

عروض فلكلورية وأزياء شعبية في الأسبوع العربي للتراث بباريس

شاركت مصر في الأسبوع العربي للتراث بمنظمة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، بأنشطة متنوعة بين حفلات للغناء والرقص التراثي، وعروض الأزياء المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد صورة جماعية في الاجتماع الدوري الـ35 لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجدة (الشرق الأوسط)

مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط»: مشروعات مشتركة جديدة مع السعودية لتحقيق الاستدامة البيئية

يعيش العراق حالة انتعاش في المسارات كافة؛ منها قطاع البيئة الذي يعيش طفرة نوعية في المشروعات، وتحسين البنية التحتية، وفقاً لما أورده الدكتور جاسم الفلاح.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد د. خالد أصفهاني الرئيس التنفيذي لـ«المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية» وعدد من الشخصيات عند انطلاق المؤتمر

دراسة مع «البنك الدولي» لتحديد القيمة الفعلية للشعاب المرجانية في السعودية

تقترب السعودية من معرفة القيمة الفعلية لمواردها الطبيعية من «الشعاب المرجانية» في البحر الأحمر.

سعيد الأبيض (جدة)

روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)

سعت موسكو خلال مؤتمر وزاري روسي أفريقي عقد السبت والأحد في سوتشي (جنوب غرب) إلى فرض نفسها شريكاً لا غنى عنه للدول الأفريقية، واعدة بتقديم «دعم كامل» لها في «عالم متعدد الأقطاب» يروج له الكرملين بمواجهة الغرب.

وبعدما كانت موسكو خلال الحقبة السوفياتية لاعباً رئيسياً في أفريقيا، تعمل منذ سنوات على إعادة تعزيز نفوذها في دول القارة التي لم تنضم إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعد هجومها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، في كلمة موجهة إلى كبار المسؤولين من نحو خمسين دولة أفريقية في سوتشي، أن «بلدنا سيواصل تقديم دعمه الكامل لأصدقائنا الأفارقة في مجالات مختلفة». وقال في الكلمة التي تلاها وزير الخارجية سيرغي لافروف إن هذا الدعم قد يكون على صعيد «التنمية المستدامة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والأمراض الوبائية، وحل المشاكل الغذائية أو تبعات الكوارث الطبيعية». وأعرب الرئيس الروسي عن أمله في تعزيز «العلاقات الروسية الأفريقية بمجملها»، في ختام المؤتمر الذي عقد استكمالاً لقمتين بين موسكو والقارة استضافتهما روسيا في عامي 2019 و2023.

روسيا «ليست قوة استعمار»

وأكد لافروف أن كلاً من روسيا والدول الأفريقية يلمس «تقدماً على كل محاور» التعاون، «رغم العقبات المصطنعة» التي طرحها «الغرب الجماعي»، وهو التعبير الذي تستخدمه موسكو للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها. ويأتي «مؤتمر سوتشي» بعد قمة لدول «مجموعة بريكس» استضافتها مدينة قازان في جنوب غربي روسيا الشهر الماضي، سعى بوتين خلالها إلى إظهار فشل سياسة العزل والعقوبات التي يتبعها الغرب ضده. وتقوم استراتيجية روسيا لبسط نفوذها الإعلامي في أفريقيا، ولا سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على التنديد بـ«الاستعمار الجديد»، داعية إلى «نظام عالمي أكثر عدلاً»، وهو خطاب يلقى استجابة لدى قسم من المسؤولين الأفارقة. وأكد وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب السبت على هامش المؤتمر أن «روسيا ليست قوة استعمارية»، و«لم تكن يوماً قوة استعمارية». وتابع: «بل على العكس، كانت بجانب الشعوب الأفريقية وشعوب أخرى في العالم لمساعدتها على الخروج من النظام الاستعماري». وفي المقابل، يتهم كثير من المسؤولين الغربيين موسكو بشن حرب إمبريالية في أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة.

معادن وأمن ومجال رقمي

وتنشط مجموعات مرتزقة روسية، مثل مجموعة «فاغنر»، أو مجموعة «أفريقيا كوربس» التي خلفتها، في أفريقيا دعماً للحكومات المحلية، فيما يعمل «مستشارون»، وفق موسكو، لمساعدة مسؤولين محليين. وينطبق ذلك بصورة خاصة في أفريقيا الوسطى ودول الساحل، حيث ترافق تنامي النفوذ الروسي مع تراجع النفوذ الفرنسي. وفي عام 2023، زوّدت روسيا أفريقيا أسلحة بقيمة تزيد على خمسة مليارات دولار، وفقاً لشركة «روسوبورون إكسبورت» الحكومية، لكنّ المسؤولين المجتمعين في سوتشي يعدون أن الدعم يجب أن يمضي أبعد من المسائل الأمنية. وقالت ماري تيريز شانتال نغاكونو مفوضة البنى التحتية في المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا: «يجب تطوير المجال الرقمي في وسط أفريقيا» بمواكبة روسية، حسبما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية». وتبدي مجموعات روسية كبرى اهتماماً خاصاً باستغلال المواد الأولية في أفريقيا، ولا سيما الألماس في أنغولا وزيمبابوي، والنفط في نيجيريا وغانا والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والبوكسيت في غينيا. وقال يانغ بييرو أوماتسايي مؤسس منظمة «جيت إيج نايشن بيلدرز» التي تعمل لتشجيع تقدم القارة الأفريقية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لدينا أكثر من 75 معدناً في أفريقيا، ولا يتم استغلالها بالطريقة المناسبة». وتابع السياسي النيجيري أنه «بفضل شراكة مع روسيا»، أحد كبار مصدري الغاز والنفط والألماس في العالم: «سنتمكن من استخدام هذه الموارد بصورة جيدة». لكن بكاري سامبي مدير معهد «تمبكتو» في السنغال رأى أن الشراكة مع روسيا على المدى البعيد تطرح تساؤلات، موضحاً: «هل ستولي روسيا أفريقيا الاهتمام ذاته إن انتهت الحرب في أوكرانيا؟»، وهل الشراكة مع أفريقيا تمثل «أولوية استراتيجية حقيقية» أم اهتماماً ظرفياً على ارتباط بصراعها مع الغرب؟