ما حدود الدور الصيني المحتمل في أزمة النيجر؟

بكين قالت إنها تعتزم التوسط لإيجاد «حل سياسي»

رئيس وزراء النيجر الجديد علي محمد الأمين زين (أرشيفية - رويترز)
رئيس وزراء النيجر الجديد علي محمد الأمين زين (أرشيفية - رويترز)
TT

ما حدود الدور الصيني المحتمل في أزمة النيجر؟

رئيس وزراء النيجر الجديد علي محمد الأمين زين (أرشيفية - رويترز)
رئيس وزراء النيجر الجديد علي محمد الأمين زين (أرشيفية - رويترز)

قالت الحكومة الصينية إنها تعتزم تأدية «دور وساطة» في الأزمة السياسية في النيجر، عقب الانقلاب على الرئيس محمد بازوم.

وعدّ خبراء أن هذا «دور ممكن» لبكين، خصوصاً أنه يأتي ضمن مساعيها لحماية مصالحها الاقتصادية الكبيرة في النيجر، ومجابهة المحاولات الأميركية لزيادة نفوذها هناك، بعد الفراغ المتوقَّع إزاء الانسحاب الفرنسي الذي بدأت تظهر مؤشراته.

ووفق جيانغ فنغ، السفير الصيني في نيامي، فإن حكومة بلاده تعتزم «تأدية دور المساعي الحميدة والوسيط». وأضاف في مقابلة مع التلفزيون الوطني النيجري، الاثنين، عقب اجتماعه مع رئيس وزراء النيجر علي محمد الأمين زين، الذي عينه النظام العسكري، أن «الصين تنتهج دائماً مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى»، وتشجع الدول الأفريقية «على حل مشكلاتها بنفسها».

نهج متحفظ

حرصت بكين منذ انقلاب يوليو (تموز) الماضي على تبني نهج دبلوماسي متحفظ، حيث دعت الخارجية لـ«يجاد حل سياسي للوضع الراهن». وقالت في بيان سابق إن «الرئيس محمد بازوم صديق للصين، نأمل في ضمان سلامته الشخصية، وأن تتعامل الأطراف ذات الصلة في النيجر مع الخلافات بشكل سلمي عن طريق الحوار».

ويرى عمر الأنصاري، المحلل السياسي النيجري، أن بكين اختارت هذا التوقيت «حيث رأت القوات الفرنسية تسعى للانسحاب، فظهر لها أن المجلس العسكري ينتهج سياسة وطنية نابعة من إرادة جماهير الشعب، فارتأت التقرب إليهم للتصدي لمحاولة الولايات المتحدة السيطرة على الفراغ الذي ستخلفه فرنسا».

وقال الأنصاري لـ«الشرق الأوسط» إن «بكين لديها مصالح اقتصادية كبيرة مع النيجر، وعدم الاستقرار يؤثر على إنتاجها الاقتصادي، لذا فإن دورها كوسيط يجمع بين رغبة في تسجيل الحضور وتقوية النفوذ وإيجاد حل سلمي يسمح لها بمواصلة أنشطتها الاقتصادية». وأكد أن بكين «تستطيع، بما لها من نفوذ ومصالح، القيام بوساطة ناجحة».

شريك اقتصادي

وتُعد الصين شريكاً اقتصادياً رئيسياً للنيجر، لا سيما في قطاع الطاقة. ويعمل البلدان على بناء خط أنابيب نفط يمتد على ألفَي كيلومتر، وهو الأطول في أفريقيا، بهدف تصدير النفط الخام من حقول أغاديم (جنوب شرقي النيجر) حتى ميناء سيمي في بنين.

وتستغل حقول أغاديم «مجموعة النفط الوطنية الصينية (CNPC)»، التي أنشأت أيضاً مصفاة في زيندر في جنوب النيجر بطاقة إنتاجية تبلغ 20 ألف برميل يومياً، التي تملك الشركة الصينية غالبية رأس المال فيها. وتقوم شركات صينية أخرى بأعمال بناء في سد كاندادجي على نهر النيجر، وهو مشروع ضخم تبلغ قيمته 740 مليار فرنك أفريقي (1.1 مليار يورو) في أقصى غرب البلاد.

ويتفق الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية محمد الأمين ولد الداه على أن الصين «مؤهلة تماماً للقيام بوساطة فعالة، بما لها من نفوذ كبير في النيجر، وكذلك في دول (إيكواس)، ودول الجوار، وتستطيع الضغط والتأثير على كل الأطراف».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه من خلال الدور الدبلوماسي الذي وصفته بالوساطة «تحاول بكين ضمان استمرار واستقرار مصالحها الاقتصادية في المقام الأول، كما تسعى لتقوية نفوذها السياسي والدبلوماسي في نيامي، في سياق التنافس الجيوستراتيجي الدولي مع القوى المنخرطة هناك، ومنها الولايات المتحدة التي تعاملت مع الانقلاب بطريقة مغايرة لفرنسا، وحاولت، عبر خطابها، عدم الاصطدام بالسلطة الانقلابية وخسارتها لمصلحة روسيا والصين».

وأضاف ولد الداه: «ليس لدى بكين نفس التوجهات الغربية التي تنتهج العقوبات والقطيعة ضد السلطات الانقلابية، لذلك فهي ستسعى للتقارب مع المجلس العسكري حال استقراره».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.