هل يستجيب «انقلابيو النيجر» لمبادرة رئيس نيجيريا؟

تشمل فترة انتقالية مدتها 9 أشهر

رئيس نيجيريا بولا تينوبو بباريس في 23 يونيو الماضي  (أ.ب)
رئيس نيجيريا بولا تينوبو بباريس في 23 يونيو الماضي (أ.ب)
TT

هل يستجيب «انقلابيو النيجر» لمبادرة رئيس نيجيريا؟

رئيس نيجيريا بولا تينوبو بباريس في 23 يونيو الماضي  (أ.ب)
رئيس نيجيريا بولا تينوبو بباريس في 23 يونيو الماضي (أ.ب)

هل يستجيب «انقلابيو النيجر» لمبادرة رئيس نيجيريا بولا تينوبو، والتي تشمل مرحلة انتقالية مدتها 9 أشهر؟ تساؤل أثير عقب طرح مبادرة الرئيس النيجيري (الخميس). في حين رجح خبراء أن «يكون مصير المبادرة الرفض بسبب قصر الفترة الانتقالية المقترحة». لكنهم أشاروا إلى أن «المبادرة تُعطي دلالة بأن الحل الدبلوماسي والتفاوضي قد يكون المرتكز المستقبلي لحل الأزمة».

وجاء اقتراح تينوبو، الذي يتولى أيضاً الرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس»، (الخميس)، على غرار ما فعلت نيجيريا في تسعينات القرن الماضي بعد الحكم العسكري.

ووفق بيان للرئاسة النيجيرية، فإن تينوبو «لا يرى سبباً لعدم تكرار ذلك في النيجر، إذا كانت السلطات العسكرية في النيجر (صادقة)».

وقال تينوبو إن نيجيريا عادت إلى الحكم المدني في عام 1999 بعد فترة انتقالية استمرت 9 أشهر، حددها آنذاك الرئيس العسكري السابق للدولة عبد السلام أبو بكر، الذي ترأس أيضاً وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) للتفاوض مع المجلس العسكري في النيجر، قبل أيام. كما أكد تينوبو أن «(إيكواس) لن ترفع العقوبات التي فرضتها على النيجر حتى يقوم العسكريون بـ(تعديلات إيجابية)».

في السياق أصرت «إيكواس» في بيان لها (الخميس) على أنها «تريد عودة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى منصبه بشكل (فوري)». وقالت المجموعة إن «ما نسب من تصريحات للرئيس النيجيري لم يصدر من جانبها».

حبيبو بوري، المحلل السياسي النيجري، يرى أن مبادرة الرئيس النيجيري «تعطي دلالة بأن الحل الدبلوماسي والتفاوضي، قد يكون هو المرتكز المستقبلي لحل الأزمة، وأن التدخل العسكري صار خياراً مستبعداً، حيث جاءت الدعوة من رئيس أكبر وأهم دولة في (إيكواس)»؛ لكنه اعتقد أن «فترة 9 أشهر لن تُقبل من المجلس العسكري، لأنها غير كافية للإجراءات اللازمة لبناء عملية تحول ديمقراطي على أسس أهمها الحوار السياسي والمجتمعي».

شرطي يقف للحراسة خارج السفارة الفرنسية في نيامي ( النيجر) « أ.ب.أ «

وقال بوري لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس العسكري والحكومة الانتقالية «لن يتجاوبوا مع المبادرة النيجيرية لسبب آخر، وهو العقوبات من جانب (إيكواس)».

وكان قادة الانقلاب قد أعلنوا عن فترة انتقالية مدتها 3 سنوات كحد أقصى، وهو ما رفضته «إيكواس». وهددت «إيكواس» الشهر الماضي «القيام بعمل عسكري لإنهاء الانقلاب»، لكن لا تزال أطراف عدة تفضل الدبلوماسية لإيجاد حل للأزمة.

وأعلنت الجزائر الأسبوع الماضي عن مبادرة لحل الأزمة في النيجر، تفضي إلى عودة النظام الدستوري بعد 6 أشهر. وسلم وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، (الخميس) نسخاً من مبادرة بلاده لحل أزمة النيجر، لعدد من سفراء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» لدى بلاده.

وزير خارجية النيجر حسومي ماساودو ورئيس مفوضية الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عمر أليو توراي يسيران عقب الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في إسبانيا الخميس (رويترز )

وأكد المحلل السياسي السنغالي، عبد الأحد أمبينغ، لـ«الشرق الأوسط»، أن الفترة الانتقالية التي طرحها تينوبو «غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، وسيرفضها المجلس العسكري النيجري الذي يحتاج مدة أطول لا تقل عن سنتين أو ثلاث لترتيب الأوراق وضمان مستقبل البلاد ومستقبلهم الشخصي».

لكن أمبينغ يرى أن المبادرة النيجيرية وقبلها المبادرة الجزائرية «يمكن البناء عليهما للتوصل إلى حلول تفاوضية وسلمية»، مشيراً إلى أن المجلس العسكري «يزداد شعوره بالقوة بسبب الالتفاف الشعبي وبسبب احتجازه للرئيس بازوم، وهذا الشعور يخولهم بأن يفرضوا خطتهم ورؤيتهم للمرحلة الانتقالية».


مقالات ذات صلة

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

آسيا وزيرا الدفاع التركي والصومالي وقَّعا اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي في أنقرة فبراير الماضي (وزارة الدفاع التركية)

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

وافق البرلمان التركي على مذكرة رئاسية بشأن نشر عناصر من القوات المسلحة في الصومال بما يشمل المياه الإقليمية للبلد الأفريقي لمدة عامين.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة )
المشرق العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

الاتفاقية الدفاعية المصرية - الصومالية لاحتواء «الطموح» الإثيوبي وموازنة «النفوذ» التركي

أثار «اجتماع استثنائي» للحكومة الصومالية لإقرار اتفاقية دفاعية مع مصر تساؤلات وردود فعل حول توقيت الاجتماع وآثار الاتفاقية الموقعة على منطقة القرن الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي خلال اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد بأكرا (الاتحاد الأفريقي)

«قمة الاتحاد الأفريقي التنسيقية» لمناقشة التكامل الإقليمي وتعزيز الاندماج

تشارك مصر بوفد رسمي، برئاسة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في «الاجتماع التنسيقي السادس للاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مصر تدشن خط طيران مباشراً إلى جيبوتي والصومال (وزارة الطيران المدني في مصر)

مصر لتعزيز التعاون مع جيبوتي والصومال

في خطوة تستهدف «تعزيز التعاون مع دول القرن الأفريقي»، دشّنت مصر، الجمعة، خط طيران مباشراً بين القاهرة وجيبوتي ومقديشو.

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)

تركيا تسارع لملء الفراغ الغربي في النيجر بشراكة متعددة الأبعاد

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تركيا تسارع لملء الفراغ الغربي في النيجر بشراكة متعددة الأبعاد

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)

كشفت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان، إلى النيجر عن استمرار التركيز من جانب أنقرة على ترسيخ حضورها في أفريقيا، وسعيها لملء الفراغ الذي تتركه القوى الغربية ذات النفوذ في القارة السمراء، واهتمامها، على وجه الخصوص، بمنطقة الساحل.

رئيس وزراء النيجر علي الأمين زين خلال استقبال الوفد التركي في نيامي («الخارجية» التركية)

وجاءت زيارة الوفد التركي، الذي ضم وزيرَي الدفاع يشار غولر، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، إلى جانب نائب وزير التجارة فولكان أغار، إلى النيجر لتؤكد الاهتمام الذي تُوليه تركيا بهذا البلد الأفريقي المستهدَف بالإرهاب، والذي يحكمه الجنرال عبد الرحمن تياني الذي وصل إلى السلطة في انقلاب عسكري قبل عام تقريباً، وكان في استقبال الوفد التركي لدى وصوله إلى نيامي، الأربعاء.

تعاون عسكري وأمني

وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، كشف عن بعض أهداف زيارة الوفد التركي، قائلاً: «ناقشنا مع النيجر ما يمكن فعله لتحسين صناعة الدفاع والاستخبارات، في إطار مكافحة الإرهاب؛ المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في منطقة الساحل، السلام والأمن والاستقرار في أفريقيا من بين أولوياتنا».

ولفت فيدان إلى أن علاقات التعاون بين تركيا والدول الأفريقية مستمرة في النمو بمجالات مثل الدبلوماسية والاقتصاد والمالية والأمن والدفاع والتعليم والصحة، وأن تركيا لديها سفارات في 44 دولة أفريقية، من أصل 54 بلداً بالقارة.

وأكد أن السلام والأمن والاستقرار في أفريقيا هو أيضاً من بين أولويات تركيا، وخصوصاً في منطقة الساحل التي باتت فيها مشكلة عدم الاستقرار والإرهاب مزمنة.

الوفد التركي أثناء المباحثات الموسعة مع المسؤولين في النيجر (وزارة الخارجية التركية)

وأشار إلى أنه بحث، خلال لقاءاته، ما يمكن أن تفعله تركيا في النيجر لتطوير صناعات الدفاع والاستخبارات، في إطار الحرب ضد الإرهاب؛ أسوة بتعاونها مع الصومال.

وتمتلك تركيا قاعدة عسكرية في الصومال تُعد أكبر قواعدها العسكرية في الخارج.

ويُعد البعد العسكري أحد أهم الأبعاد التي تركز عليها أنقرة، إلى جانب الاقتصاد والطاقة، في علاقاتها مع دول أفريقيا، وأصبحت أحد مورّدي الأسلحة لدول القارة.

واشترت النيجر من تركيا 6 طائرات مُسيّرة قتالية «بيرقدار- تي بي 2»، في مايو (أيار) عام 2022، بعدما أعلن البَلدان، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، عن صفقة تشمل توريد أسلحة للنيجر؛ بينها طائرات مُسيّرة «بيرقدار- تي بي 2»، وطائرات التدريب «حر كوش»، ومدرعات لتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية في مواجهة الجماعات الإرهابية.

وتشتهر تركيا بطائراتها المُسيّرة القتالية، التي أصبحت عنصراً أساسياً في جيشيْ مالي وبوركينا فاسو، وهما حليفان للنيجر، يحكمهما أيضاً مجلسان عسكريان ويواجهان جماعات إرهابية.

ملء الفراغ

وعملت النيجر على تغيير شراكاتها الدولية، وطردت خصوصاً من أراضيها الجنود الفرنسيين الذين كانوا منتشرين في إطار القتال ضد الجماعات الإرهابية، وسيخرج الجنود الأميركيون أيضاً بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل. وأعلنت ألمانيا، من جانبها، إنهاء تعاونها العسكري، بحلول نهاية أغسطس (آب) المقبل؛ بسبب غياب «الموثوقية» في علاقاتها مع نيامي.

وسعياً من أنقرة لملء الفراغ في النيجر، كثّفت اتصالاتها مع البلد الأفريقي، وزار رئيس وزرائها علي الأمين زين أنقرة، في فبراير (شباط) الماضي. وأعلن، خلال لقائه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي وجه إليه الدعوة لزيارة تركيا، أن «التحدي الأمني المفروض علينا يتطلب أن تكون لدينا كل الوسائل اللازمة لضمان دفاعنا، ونعلم أنكم قادرون على ضمان ذلك لنا».

وأكد إردوغان، خلال اللقاء الذي حضره وزيرا الخارجية والدفاع التركيان، دعم تركيا خطوات النيجر لتعزيز استقلالها السياسي والعسكري والاقتصادي، وأن تركيا تقف، وستواصل الوقوف ضد التدخلات العسكرية الأجنبية التي تستهدف الشعب النيجري، وستواصل اتخاذ خطوات لزيادة حجم التجارة بين البلدين، وفق ما ذكرت الرئاسة التركية.

وفي الجانب الاقتصادي، قدَّم رئيس وزراء النيجر تأكيدات بأن «كل التسهيلات» ستُمنح للمستثمرين الأتراك.

تركيز على النيجر

وجاءت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى لنيامي، الأربعاء؛ لمتابعة ما جرى الاتفاق عليه خلال زيارة رئيس وزراء النيجر لتركيا. واتفق الجانبان، خلال المباحثات التي أجراها الوفد التركي، على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتعدين والمخابرات والدفاع، بعد أن طلبت الدولة، الواقعة في غرب أفريقيا، من العسكريين الغربيين المغادرة، وأنهت عقود التعدين لدول غربية كثيرة، لتقدم لنفسها بديلاً يحل محلها.

والتقى الوفد التركي، إلى جانب المباحثات الوزارية، رئيس النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني، الذي تولَّى السلطة في يوليو (تموز) 2023، بعد أن أطاح المجلس العسكري الذي يقوده بالرئيس محمد بازوم وغيَّر ولاءات البلاد، بطرد القوات الغربية وإنهاء اتفاقيات أمنية مع الاتحاد الأوروبي.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية، في إفادة صحافية، الخيمس، إن وزير الدفاع يشار غولر ناقش سبل تعزيز التعاون بين تركيا والنيجر في مجال الدفاع والتدريب العسكري.

وقالت وزارة الطاقة التركية إن البلدين وقّعا إعلان نوايا لدعم وتشجيع الشركات التركية على تطوير حقول النفط والغاز الطبيعي في النيجر.

وتملك النيجر خامات اليورانيوم الأعلى جودة في أفريقيا، وهي سابع أكبر منتِج لليورانيوم في العالم.

وعزّزت الشركات التركية حضورها في النيجر. وفازت بعدد من العقود، بينها عقد بقيمة 152 مليون يورو لتحديث مطار نيامي، وعقود أخرى بقيمة 50 مليون يورو لإقامة فندق فخم، و38 مليون يورو للمقر الجديد لوزارة المالية النيجرية في قلب العاصمة. وأنشأت تركيا عام 2019 مستشفى بقيمة 100 مليون يورو في مارادي، ثالثة كبرى مدن البلاد.

سياسة تركيا الأفريقية

ومنذ عقدين من الزمن، تعمل تركيا على توسيع وجودها في القارة السمراء، التي تمتلك، وفق تقديرات اقتصادية، نحو 65 في المائة من الموارد العالمية التي لم يجرِ العمل على استغلالها.

وعقب موجة الانقلابات في دول الساحل الأفريقي، التي بدأت عام 2020 من مالي، وتراجع النفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا، زادت تركيا تحركاتها عبر قنوات التسليح والتعاون الاقتصادي لتكون شريكاً حاضراً بقوة في المنطقة التي تشهد سباق نفوذ بين القوى العالمية.

وتحتل تركيا المركز الرابع بين الدول الأكثر تمثيلاً دبلوماسياً في القارة الأفريقية، بعد الولايات المتحدة والصين وفرنسا، وتقع العلاقات مع دولها ضمن الأهداف الرئيسية للسياسية الخارجية التركية.

ويرجع الاهتمام بتطوير هذه العلاقات إلى عام 2005 حين أصبحت أنقرة عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي، وأعلنت، في العام نفسه، «خريطة الانفتاح على أفريقيا».