«إيكواس» تطلب مساعدة مالية أوروبية للتحرك العسكري في النيجر

بروكسل تخشى أن يتهمها الانقلابيون بالتورط في تدخل خارجي أو استفزاز المشاعر المحلية

مقر السفارة الفرنسية في نيامي عاصمة النيجر الاثنين (أ.ف.ب)
مقر السفارة الفرنسية في نيامي عاصمة النيجر الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«إيكواس» تطلب مساعدة مالية أوروبية للتحرك العسكري في النيجر

مقر السفارة الفرنسية في نيامي عاصمة النيجر الاثنين (أ.ف.ب)
مقر السفارة الفرنسية في نيامي عاصمة النيجر الاثنين (أ.ف.ب)

بعد مرور أكثر من شهر على الانقلاب الذي أطاح رئيس النيجر محمد بازوم الموجود حالياً تحت الإقامة الجبرية بالمقر الرئاسي برفقة بعض أفراد أسرته، طلبت المجموعة الاقتصادية لبلدان أفريقيا الغربية (إيكواس) من الاتحاد الأوروبي، مدّها بالمساعدة المالية لتفعيل عملية التدخل العسكري الهادفة إلى إعادة الرئيس المخلوع واستعادة النظام الديمقراطي.

وجاء في رسالة بعث بها رئيس المجموعة عمر توراي إلى ممثل الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بورّيل، واطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن البلدان المجاورة للنيجر تطلب مساعدة الاتحاد الأوروبي «لمواكبة التطبيق الفعلي للقرارات التي اتخذتها المجموعة من أجل العودة السريعة إلى النظام الدستوري في النيجر». وتطلب هذه الدول من الاتحاد الأوروبي تطبيق العقوبات التي فرضتها المجموعة على النظام الانقلابي، وأن يسهم في تغطية تكاليف العملية العسكرية المقررة في النيجر، التي بدأت تثير تحفظات في بعض الدول الأفريقية.

وتتضمّن الرسالة الموقعة في العاصمة النيجيرية أبوجا، القرارات الرئيسية التي اتخذتها الدول الأعضاء في المجموعة خلال القمة الاستثنائية التي عقدتها مؤخراً لدرس أزمة النيجر، مع التأكيد على عزم المجموعة تفعيل قوة الاحتياط لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه.

عدد من قادة الانقلاب العسكري خلال تجمع بنيامي يوم 26 أغسطس الحالي (إ.ب.أ)

وجاء في الرسالة أن دول المجموعة تعرب عن عميق امتنانها لما أبداه الاتحاد الأوروبي من استعداد منذ بداية الأزمة لدعم الجهود الرامية إلى حلها بأقصى سرعة، وتطلب من البلدان الأعضاء في الاتحاد تفعيل الوسائل والآليات المناسبة لتطبيق العقوبات المالية والفردية المفروضة على النظام الانقلابي. وكانت 10 دول من أصل 15 أعضاء في المجموعة قد تعهدت إرسال قوات للمساهمة في عملية التدخل العسكري، من بينها نيجيريا وبنين والسنغال وساحل العاج.

في غضون ذلك، تواصل الجزائر مساعيها الدبلوماسية لمنع التدخل العسكري وإيجاد تسوية سلمية للأزمة، علماً بأن لها حدوداً مع النيجر يزيد طولها على 900 كلم، لكنها ليست عضواً في مجموعة بلدان أفريقيا الغربية التي زار وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بعض أعضائها ممن تعهدوا إرسال قوات إلى النيجر. وصرّح عطاف خلال الزيارة قائلاً إنه «لن يكون هناك أي حل من دوننا، نحن أوّل المتأثرين بهذه الأزمة». وكان الرئيس السابق لساحل العاج لوران باغبو قد علّق مؤخراً على التدخل العسكري في أزمة النيجر، بقوله إن ذلك «من شأنه أن يكون أكثر الحروب حماقة، لأن محركها الأساسي هو الغاز واليورانيوم... أجدر برؤساء المنطقة وضع خطة مشتركة لمكافحة الإرهاب في المنطقة».

مؤيدون للانقلاب بالنيجر يرفعون علم روسيا في نيامي يوم 3 أغسطس الحالي (أ.ب)

ومع دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة خشية اندلاع حرب إقليمية وازدياد النفوذ الروسي فيها، يسعى الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف موحد منها، بعد أن كان قرر وقف بعض المساعدات الإنمائية التي يقدمها للنيجر التي تعد من أفقر بلدان العالم. وفي رسالة بعث بها بورّيل إلى وزراء خارجية الاتحاد نهاية الأسبوع الماضي، واطلعت عليها أيضاً «الشرق الأوسط»، حضّ الدول الأعضاء على «توحيد الموقف لدعم النيجر، وغيرها من دول المنطقة، مع مراعاة الظروف الراهنة»، مشيراً إلى أن هذا الموقف يجب أن يشمل المساعدة الإنمائية، والتعاون الأمني والدعم المالي.

ويعترف مصدر قريب من الممثل الأوروبي للسياسة الخارجية بدقة الموقف الذي يمكن أن يتخذه الاتحاد من الأزمة في الظرف الراهن، حيث يمكن أن يستغلّه النظام الانقلابي على أنه تدخل خارجي أو استفزاز للمشاعر المحلية، خصوصاً بعد الاتهامات التي وجهها النظام إلى السلطات الفرنسية التي ما زالت ترفض سحب سفيرها وإجلاء قواتها من النيجر لعدم اعترافها بشرعية الانقلابيين الذين هددوا مؤخراً بمواجهة واسعة لأي تدخل عسكري خارجي وإشعال المنطقة بكاملها.

ممثل الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بورّيل (المفوضية الأوروبية - د.ب.أ)

وعلمت «الشرق الأوسط» أن أزمة النيجر ستكون في صدارة جدول أعمال مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الخميس المقبل، في مدينة طليطلة الإسبانية، حيث من المنتظر أن تقرر الدول الأعضاء موقفاً موحداً من وقف المساعدات، ومن مساهمتها المحتملة في تمويل التدخل العسكري ضد النظام الانقلابي، كما تطلب مجموعة دول أفريقيا الغربية.

من جهتها، أكّدت المفوضية الأوروبية دعمها الثابت لقرارات وخطوات المجموعة الإقليمية الأفريقية، لكنها رفضت الكشف عمّا إذا كانت تدرس فرض عقوبات على السلطات الانقلابية، أم لا، مذكّرة بأن هذا الموضوع ليس للتداول الإعلامي. لكن مصادر مطلعة قالت إن الدوائر القانونية في المفوضية تدرس منذ أيام، موضوع العقوبات الفردية على الانقلابيين، وهو موضوع معقد من الناحيتين التقنية والقانونية ولا يمكن بتّه في أيام قليلة.

وتفيد مصادر المفوضية بأن الاتحاد الأوروبي قد أوقف مساعدات مالية إلى النيجر بقيمة 300 مليون يورو، من أصل 500 مليون لبرنامج إنمائي حتى نهاية العام المقبل، وجمّد كامل أنشطة التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب، لكنه أبقى على المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها ربع سكان النيجر تقريباً.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)
TT

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)

في الوقت الذي أُعلن فيه عن استعداد حكومات تونس والجزائر وليبيا لعقد قمة ثلاثية مصغرة جديدة في ليبيا لمناقشة ملفات التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي، كشفت المواقع الرسمية التابعة لوزارة الداخلية التونسية أن وزير الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق، وعدداً من كبار المسؤولين الأمنيين، أشرفوا في المنطقة الحدودية الصحراوية التونسية - الليبية على «عملية أمنية بيضاء» ضد هجمات إرهابية، وعصابات الجريمة المنظمة، وبينها عصابات تهريب المخدرات والبشر والسلع.

وزير الدولة للأمن يدشن غرفة عمليات أمنية في المنطقة الحدودية التونسية - الليبية (الداخلية التونسية)

كما شملت العملية البيضاء محاولة اقتحام مؤسسة أمنية في هذه الجهة التي شهدت خلال العشرية الماضية تهريب كميات من السلاح ومجموعات من الإرهابيين وأفواج من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين.

وأوضح بلاغ السلطات الأمنية أن وزير الدولة للأمن الوطني أشرف بالمناسبة، مع عدد من مساعديه، على عمليات تفقد في محافظة تطاوين الصحراوية في أقصى الجنوب التونسي.

كما دشن بالمناسبة «قاعة العمليات» في مقر إقليم الحرس الوطني في المحافظة، وتفقد فرقة الحدود البرّية للحرس الوطني في منطقة رمادة المجاورة لليبيا والقريبة من الحدود الشرقية مع الجزائر، إلى جانب عدد من النقاط الأمنيّة والمعبر الحدودي الصحراوي التونسي - الليبي بالقرب من مدينة الذهيبة.

«مجلس الأمن القومي»

تزامنت هذه التحركات الأمنية مع اجتماع جديد لمجلس الأمن القومي عُقد في قصر الرئاسة في قرطاج بإشراف الرئيس قيس سعيد، وحضور أبرز كوادر الدولة والقوات المسلحة المدنية والعسكرية...

وأُعلن في أعقاب هذا الاجتماع عن قرار بترفيع التعبئة الأمنية للتصدي للجريمة المنظمة وكبار المسؤولين عن شبكات التهريب والفساد وترويج المخدرات، بعد نجاح خطة إيقاف مئات المتهمين في هذه الجرائم، وخاصة في الاتجار غير المشروع في البشر والمؤثرات العقلية من حشيش وكوكايين و«حبوب هلوسة».

في سياق متصل، أعلنت صفحتا رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية عن جلسة عمل بين الرئيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري تناولت نفس الملفات، وأعلنتا عن متابعة تنفيذ خطة تتبع كبار المتهمين بالتهريب والمخدرات وشبهات الفساد، خاصة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحساسة مثل زيت الزيتون.

وزير الدولة للأمن ومدير عام الحرس الوطني يتابعان «عملية بيضاء» ضد إرهابيين ومحاولات اقتحام مقرات أمنية (موقع وزارة الداخلية التونسية)

كما كانت هذه القضايا محور جلسة عمل عقدها الرئيس سعيد مع رئيس حكومته كمال المدوري المكلف خاصة بملفات الأمن الاجتماعي والاقتصادي والأمن السياسي.

إيقافات جديدة

وكانت الأيام القليلة الماضية شهدت إيقافات بالجملة شملت مسؤولين حكوميين ومن القطاع الخاص ذي العلاقة بالمؤسسات التابعة للدولة في قطاعات النقل والزراعة، وخاصة مؤسسات زيت الزيتون بعد زيارة «غير معلنة مسبقاً» قام بها الرئيس سعيد إلى واحدة من أكبر مزارع الزيتون الحكومية في محافظة صفاقس الساحلية وسط البلاد.

وشملت الإيقافات وزير الزراعة سابقاً والأمين العام السابق للحزب الشيوعي التونسي (حزب المسار) سمير بالطيب، وعدداً من أبرز المشرفين على «ديوان الأراضي الدولية» وعلى قطاع إنتاج زيت الزيتون وتصديره، بينهم رئيس أكبر مؤسسة اقتصادية زراعية في المحافظة وعدد من نوابه، والذي يرأس كذلك فريق النادي الرياضي الصفاقسي، أحد أبرز فرق كرة القدم التونسية.

كما تقررت تغييرات على رأس شركة الطيران الحكومية وقطاع النقل والخدمات.

وأورد بلاغ من رئاسة الجمهورية أن الرئيس سعيد ومجلس الأمن القومي يساندان الحرب الحالية على المخدرات والتهريب والفساد وكل أنواع الجريمة المنظمة.

الهجرة غير النظامية

وتعقيباً على الضجة المحلية والعالمية على تضخم عدد المهاجرين غير النظاميين الأفارقة في عدة مدن تونسية وخاصة قرب مدينتَي العامرة وجبنيانية من محافظة صفاقس، 300 كم جنوب شرقي العاصمة تونس، أورد البلاغ المنشور بعد اجتماع مجلس الأمن القومي أن السلطات التونسية تقدم لهؤلاء المهاجرين مساعدات مؤقتة وتسعى لإيجاد حلول دائمة لوضعياتهم، بينها عودتهم إلى مواطنهم.

وحسب تقديرات حقوقية تونسية، فقد تجاوزت أعداد هؤلاء المهاجرين غير النظاميين العشرين ألفاً رغم المجهودات التي تقوم بها السلطات الأمنية التونسية لمنع دخولهم إلى التراب التونسي وعدم استخدامه «نقطة عبور» نحو السواحل الأوروبية.

إنقاذ مركب مهاجرين

في الأثناء، أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني أن قوات أمنية في ضاحية المنيهلة من محافظة أريانة غرب العاصمة تونس، أوقفت فارين من القضاء، بينهم متهم في قضايا عديدة صدرت ضده غيابياً أحكام بالسجن لمدة 33 عاماً.

من جهة أخرى، أُعلن أن «وحدات الحرس البحري التابعة لإقليم الوسط بصفاقس» نجحت مؤخراً في إنقاذ مجموعة من المجتازين من دول جنوب الصحراء الأفريقية، كانوا يواجهون خطر الغرق في عرض البحر.

وحسب المصادر الأمنية الرسمية، فقد أسفرت عملية تدخل قوات خفر السواحل عن إنقاذ حياة مهاجرة غير نظامية كانت في مرحلة المخاض استعداداً للولادة على متن قارب التهريب، لكن قوات الأمن نقلتها إلى «الخافرة البحرية» وأسعفتها، وتمت عملية الولادة بنجاح في ظروف استثنائية وسط البحر، وتم تقديم الإسعافات الأولية للأم وطفلها، ثم نُقلت إلى المستشفى براً.