النيجر: المجلس العسكري يستعرض «شعبيته» بعد شهر على الإطاحة ببازوم

قبل ساعات من انتهاء مهلة «طرد السفير»

احتشد آلاف من مؤيدي المجلس العسكري في النيجر باستاد نيامي (رويترز)
احتشد آلاف من مؤيدي المجلس العسكري في النيجر باستاد نيامي (رويترز)
TT

النيجر: المجلس العسكري يستعرض «شعبيته» بعد شهر على الإطاحة ببازوم

احتشد آلاف من مؤيدي المجلس العسكري في النيجر باستاد نيامي (رويترز)
احتشد آلاف من مؤيدي المجلس العسكري في النيجر باستاد نيامي (رويترز)

قبل ساعات من انتهاء مهلة مغادرة السفير الفرنسي النيجر، احتشد آلاف من المؤيدين للمجلس العسكري في استاد بالعاصمة نيامي، السبت، في تجمّع عكس ما يتمتع به المجلس، الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم قبل شهر، من دعم في مواجهة ضغوط إقليمية ودولية. واحتفالاً بمناسبة مرور شهر على إزاحة الرئيس محمد بازوم عن السلطة، تعهد متحدث عسكري خاطب الحشد المتجمع في الاستاد بالصمود، وطالب الشعب بالاستعداد لجميع الاحتمالات. ومع احتدام أزمة السفير الفرنسي لدى النيجر الذي طالبه المجلس العسكري بالرحيل عن البلاد بحد أقصى، الأحد، ورفض فرنسا سحبه، هدّد متحدث باسم المجلس العسكري للجماهير باستخدام القوة لطرد السفير، كما نقلت وكالة «رويترز».

وحمل بعض أنصار المجلس العسكري أعلام النيجر والجزائر وروسيا في المدرجات. وقالت راماتو إبراهيم بوبكر، وهي عارضة أزياء ارتدت وشاحاً بألوان علم النيجر: «لدينا الحق في اختيار الشركاء الذين نريدهم، وينبغي على فرنسا احترام هذا الخيار»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. ورأت أنه «منذ 60 عاماً لم نكن قط مستقلين، لقد أصبحنا كذلك منذ الانقلاب»، مضيفة: «لذلك نحن ندعم المجلس الوطني لحماية الوطن مائة بالمائة».

وردّد المشاركون في التجمع هتافات مؤيدة للمجلس العسكري، بينما نكل قائد دراجة نارية بالعلم الفرنسي وسحبه على الأرض في مشهد أثار حماس الجماهير، وفق «رويترز». ولا تزال المفاوضات جارية بين المجلس العسكري ومسؤولين من المجلس الاقتصادي لدول غرب أفريقيا (إيكواس) يهددون بعمل عسكري، إن لم يعد بازوم للسلطة.

مهلة طرد السفير

جرى تنظيم هذا التجمع الجديد لدعم المجلس الوطني لحماية الوطن، غداة قرار طرد السفير الفرنسي في النيجر سيلفان إيتي لعدم استجابته «لدعوة» من وزارة الخارجية من أجل «مقابلة»، إضافة إلى «تصرفات أخرى من الحكومة الفرنسية تتعارض مع مصالح النيجر».

أنصار المجلس العسكري يلوحون بأعلام روسية ونيجرية (رويترز)

وردت وزارة الخارجية الفرنسية على القرار معتبرة أن «الانقلابيين ليست لهم أهلية لتقديم هذا الطلب، واعتماد السفير لا يأتي إلا من السلطات النيجرية الشرعية المنتخبة». وكانت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قد قرّرت بعد الانقلاب فرض عقوبات اقتصادية ومالية شديدة على النيجر، وتعليق عضويتها في المنظمة الإقليمية، كما هدّدت بالتدخل عسكرياً من أجل إعادة محمد بازوم إلى منصبه.

جهود دبلوماسية

رغم ذلك، تستمر الجهود من أجل التوصل إلى حلّ دبلوماسي. وزار مبعوثان جزائريان المنطقة، كما التقت (السبت) مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي فيي مسؤولي «إيكواس» في أبوجا، عاصمة نيجيريا التي تتولى رئاسة المنظمة. واتّهم حكّام نيامي الجدد الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بأنها تابعة لفرنسا التي تنشر 1500 عسكري في النيجر. وقد شاركت القوات الفرنسية قبل الانقلاب في مكافحة الجماعات الإرهابية الناشطة منذ سنوات في هذا البلد، وفي جزء كبير من منطقة الساحل.

مسؤولون في المجلس العسكري يحيون أنصارهم في نيامي السبت (رويترز)

ويأتي قرار طرد السفير الفرنسي تتويجاً لشهر من التظاهرات والقرارات والتصريحات المعادية للسياسة الفرنسية منذ الانقلاب على بازوم الذي لا يزال محتجزاً مع جزء من عائلته. وقد بدأت التظاهرات المناهضة لفرنسا بعد 4 أيام من استيلاء العسكريين على السلطة، حين احتشد مئات من أنصارهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي ملحقين أضراراً بالمبنى. وجرى تفريق المتظاهرين حينها بالغاز المسيل للدموع، واتهم النظام فرنسا باستخدام السلاح، وهو ما نفته الحكومة الفرنسية بشكل قاطع.

«زعزعة الاستقرار»

وفي 3 أغسطس (آب)، ألغى النظام العسكري الاتفاقات العسكرية الثنائية مع فرنسا، وهو قرار تجاهلته باريس التي قالت إنها لا تعترف إلا بمحمد بازوم حاكماً شرعياً للنيجر. كما اتهم الانقلابيون فرنسا بانتهاك مجال البلاد الجوي المغلق بشكل متكرّر، وبأنها «أطلقت سراح إرهابيين» في إطار «خطة حقيقية لزعزعة استقرار البلاد»، وهي اتهامات نفتها باريس بشدة. وتخللت تظاهرات التأييد للانقلابيين شعارات معادية لفرنسا و«إيكواس»، في مقابل إشادات بروسيا المستفيدة من العداء تجاه باريس في منطقة الساحل. تسير النيجر على خطى مالي وبوركينا فاسو، حيث لم يعد هناك سفير فرنسي. هاتان الدولتان، اللتان يقودهما منذ عامي 2020 و2022 على التوالي عسكريون استولوا على السلطة بالقوة في خضم توسع العنف الإرهابي، أبدتا تضامنهما مع جنرالات نيامي، قائلتين إنهما على استعداد للقتال إلى جانب الجيش النيجري في حال تدخلت «إيكواس» عسكرياً.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
TT

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية تتمركز في منطقة كوكوا، التابعة لولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا.

القوات العسكرية متعددة الجنسيات، يوجدُ مركز قيادة عملياتها في العاصمة التشادية أنجمينا، وتشارك فيها دول تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون وبنين، حيث تخوض منذ عدة سنوات حرباً شرسة ضد مقاتلي جماعة «بوكو حرام»، الموالين لتنظيم «داعش»، والساعين لإقامة ما يسمونه «إمارة غرب أفريقيا».

وقال الضابط المقدم أولانيي أوسابا، وهو المسؤول عن الإعلام العسكري في القوة العسكرية متعددة الجنسيات، إن «إرهابياً معروفاً في المنطقة بسمعته السيئة، يدعى بوتشو أباتشا استسلم، وسلم نفسه وسلاحه لقوة عسكرية متمركزة في شمال شرقي نيجيريا».

شخصية محورية في التنظيم الإرهابي

وأضاف الضابط أن «أباتشا شخصية محورية في التنظيم الإرهابي، ولعب أدواراً رئيسية في العديد من العمليات الإرهابية»، مشيراً إلى أنه «اعترف بمشاركته في عمليات إرهابية متعددة على محور مونغونو-باغا».

وأوضح الضابط أن القيادي في التنظيم حين سلم نفسه برر ذلك بتضييق الخناق على التنظيم بسبب العمليات العسكرية المكثفة التي تشنها القوة العسكرية متعددة الجنسيات، كما أعلن أنه «لم يعد مؤمناً بأفكار وعقيدة التنظيم الإرهابي».

وقال الضابط إن القيادي الإرهابي كانت بحوزته حين استسلم «بندقية من نوع (آكا 47)، ومخزن ذخيرة يحتوي على 11 رصاصة من عيار 7.62 مم، وهاتف جوال، وشريحة إحدى شركات الاتصال المحلية، ومبلغ من المال».

وبدأ التحقيق مع القيادي الإرهابي حول العمليات التي أشرف على تنفيذها والتخطيط لها، وقال الضابط أولانيي أوسابا إنه «بالفعل بدأ يقدم معلومات استخباراتية قيمة للسلطات»، حول خطط التنظيم الإرهابي وأساليب عمله.

وفي سياق متصل، أعلن الضابط أولانيي أوسابا أن وحدة تابعة للقوات العسكرية متعددة الجنسيات «بالتعاون مع عملاء الاستخبارات، نصبت كميناً لإرهابيين من جماعة (بوكو حرام) كانوا ينقلون إمدادات لوجستية كبيرة في ثلاث مركبات من نوع (تويوتا) تحت جنح الظلام».

وأوضح الضابط أن «الوحدة العسكرية اشتبكت مع الإرهابيين في معركة شرسة»، مشيراً إلى أن الاشتباك «أسفر عن مقتل أحدهم وفرار الآخرين، في حين صادرت القوة العسكرية المعدات والإمدادات التي كانت بحوزة الإرهابيين»، مشيراً إلى أنها تمثلت في «ثلاث مركبات (تويوتا) محملة بمواد غذائية متنوعة ومستلزمات أخرى ومبلغ مالي معتبر».

ونجحت هذه القوة العسكرية المشكلة من طرف دول حوض بحيرة تشاد في تقليص كثير من قوة «بوكو حرام»، ولكن التنظيم ما يزال قادراً على شن هجمات عنيفة بين الفينة والأخرى، وهو الذي يسعى منذ 2009 لإقامة إمارة إسلامية في شمال نيجيريا، الدولة الغنية بالنفط وصاحبة الاقتصاد الأقوى في غرب أفريقيا.