مخاوف من اتساع «التدهور الأمني» في تشاد

بعد إعلان «متمردين» العودة للقتال ضد «السلطة الانتقالية»

رئيس تشاد محمد إدريس ديبي (رويترز)
رئيس تشاد محمد إدريس ديبي (رويترز)
TT

مخاوف من اتساع «التدهور الأمني» في تشاد

رئيس تشاد محمد إدريس ديبي (رويترز)
رئيس تشاد محمد إدريس ديبي (رويترز)

دفع إعلان قوى معارضة «متمردة» في تشاد عن «استئناف القتال ضد (السلطة الانتقالية)»، إلى مخاوف بشأن اتساع «التدهور الأمني» في البلاد. وحذر باحثون من «مواجهات متصاعدة ومزيد من (النزاعات العنيفة) والفوضى».

وبعد غارات للجيش على مواقع لها أعلنت «جبهة التغيير والوفاق» المتمردة المعروفة باسم «فاكت» سابقاً هذا الأسبوع إنهاء وقف إطلاق النار التي أعلنته منذ عامين. وكان الجيش التشادي قد أعلن الأسبوع الحالي عن قصف ما وصفه بـ«مواقع المعارضة المسلحة» التشادية داخل الأراضي الليبية، وتمكن من تدمير مخازن عتاد وأسلحة، بموافقة الحكومة الليبية.

وقد ذكرت «جبهة التغيير» أن القصف أدى لمقتل 4 من عناصرها. وقالت في بيان أصدرته الأسبوع الحالي: «أعلن المجلس العسكري الحاكم الحرب علينا»، لذلك تعلن الجبهة إنهاء وقف إطلاق النار من جانب واحد، وقد أعلنته في أبريل (نيسان)2021، وتؤكد للمجلس العسكري أن رد فعلها سيكون سريعاً». وكان قتال سابق بين الجيش التشادي والجبهة قد أودى بحياة الرئيس إدريس ديبي في ساحة المعركة عام 2021، قبل أن يستولي ابنه محمد إدريس ديبي على السلطة.

وكانت جماعة متمردة أخرى تعرف بـ«مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية»، قد أعلنت سابقاً في العاشر من أغسطس (آب) الحالي، أن عناصرها نفّذوا «ضربة خاطفة» ضد أهداف للجيش في منطقتين شمال البلاد.

ويرى محمد عز الدين، الباحث المصري المتخصص في الشأن الأفريقي، أن عودة المعارضة التشادية لحمل السلاح ضد الجيش التشادي «أمر ينذر بعودة الاقتتال الشامل في البلاد». وقال عز الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث في تشاد هو من تبعات الاضطرابات في النيجر، حيث ترى الجماعات المتمردة أنها تستطيع إزاحة الرئيس عن سلطته بالقوة أو استغلال التوتر والفوضى بهدف تحقيق مكاسب سياسية». لكن «الجيش التشادي يستطيع التصدي للتمرد في المرحلة الحالية؛ لأن التمرد ليس كبيراً في ظل وجود اتفاق سلام بين الرئيس وأغلب فصائل المعارضة الوازنة»، وفقاً له.

ووقّع المجلس العسكري وحركات معارضة سياسية ومسلحة، في 8 أغسطس (آب) الحالي في الدوحة، اتفاق سلام يرمي إلى إنهاء التوترات المسلحة التي تشهدها البلاد. ونص الاتفاق على وقف إطلاق النار قبل انطلاق حوار وطني شامل في العاصمة التشادية، كما تعهد المجلس العسكري بعدم القيام بأي عمل عسكري ضد الحركات الموقّعة على الاتفاق.

وانتهى الحوار الوطني الذي استمرت مشاوراته أكثر من شهر ونصف في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى وضع خريطة طريق لمرحلة انتقالية، مع إبقاء رئيس المجلس العسكري، محمد إدريس ديبي، رئيساً للبلاد مدة عامين، والموافقة على ترشحه في الانتخابات المقبلة، وتوسعة المجلس التشريعي، وتخصيص 45 مقعداً فيه للحركات المسلحة التي وقّعت «اتفاقية الدوحة للسلام». وقاطع هذا الحوار عدد كبير من المعارضة السياسية والمجتمع المدني، إضافة إلى عدد من حركات التمرد المسلحة، منددين بما عدّوه «توريثاً للحكم». وكان من بين تلك القوى جبهة الوفاق من أجل التغيير.

ومن جهته، قال الصحافي التشادي، أبو محمد البكري، إن هناك تقريباً 18 حركة متمردة رفضت التوقيع على اتفاق الدوحة، وإن هذه الحركات شكلت تحالفاً سُمي «الإطار الدائم للتشاور والتفكير لحركات المعارضة السياسية والعسكرية»، وكانت متفاوتة في الثقل في ما بينها.

وأضاف البكري لـ«الشرق الأوسط» أن جماعات المعارضة المتمردة عادت للاقتتال الآن «بهدف جس نبض السلطات ومعرفة مدى جاهزيتها وقدرتها ونقاط ضعفها». ويرى أن تلك الجماعات مدربة جيداً، وتملك المال والسلاح، وتستطيع تكرار هجماتها بدعم من سكان المناطق الشمالية بسبب استيائهم من النظام؛ حيث توجد مجموعة داخل تشاد من قبائل «التبو» المشتركة بين تشاد وليبيا شكلت مجموعة دفاع ذاتي لمنع الشركات التي تعاقدت مع السلطات للتنقيب عن الذهب في المنطقة. وأوضح البكري أن المتمردين باختيارهم هذا الوقت يستغلون «التوتر بين فرنسا وتشاد على خلفية رفض نجامينا التدخل العسكري في النيجر».



7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.