الولايات المتحدة تسعى لكبح جماح روسيا بعد انقلاب النيجر

متظاهرون مؤيدون للانقلاب في النيجر يرفعون أعلاماً روسية في مظاهرة تندد بفرنسا (د.ب.أ)
متظاهرون مؤيدون للانقلاب في النيجر يرفعون أعلاماً روسية في مظاهرة تندد بفرنسا (د.ب.أ)
TT

الولايات المتحدة تسعى لكبح جماح روسيا بعد انقلاب النيجر

متظاهرون مؤيدون للانقلاب في النيجر يرفعون أعلاماً روسية في مظاهرة تندد بفرنسا (د.ب.أ)
متظاهرون مؤيدون للانقلاب في النيجر يرفعون أعلاماً روسية في مظاهرة تندد بفرنسا (د.ب.أ)

تسعى الولايات المتحدة إلى منع روسيا من تسجيل نقاط عليها عبر استغلال الانقلاب في النيجر لصالحها، وتراهن على أن العلاقات العسكرية القديمة العهد مع نيامي ستبقي الأخيرة في المدار الغربي.

وشكّلت النيجر نقطة ارتكاز العمليات الأميركية والفرنسية لمكافحة المتطرفين في منطقة الساحل، خصوصاً بعد الانقلاب العسكري في مالي المجاورة الذي دفع إلى خروج القوات الأجنبية وفتح الباب أمام عناصر مجموعة «فاغنر» الروسية المسلحة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكدت مسؤولة أميركية قامت الاثنين بزيارة لم يعلن عنها مسبقاً إلى نيامي في أعقاب انقلاب 26 يوليو (تموز)، أن قادة المجلس العسكري يعون مخاطر التعاون مع مرتزقة مجموعة «فاغنر».

وأوضحت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند، أن الانقلابيين يدركون «المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تدعى (فاغنر)»، مقرّة بعدم حصول تقدم في إعادة الانتظام الدستوري إلى النيجر وفكّ احتجاز الرئيس المخلوع محمد بازوم.

والتقت نولاد خلال زيارتها الجنرال موسى سالو بارمو الذي عُيّن رئيساً جديداً لهيئة الأركان، مشيرة إلى أنه مطّلع جيّداً على التعاون مع واشنطن من خلال انخراطه سابقاً مع القوات الخاصة.

وأوضحت أنها بحثت بالتفصيل «أوجه تعاوننا الذي أولاه (بارمو) تاريخياً عناية كبيرة»، آملة في أن يستمر ذلك.

وكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن قبل أشهر أرفع مسؤول أميركي يزور النيجر، حيث أشاد بالتقدم المحقق خلال عهد بازوم. وكان الأخير ضيف شرف في قمتين بشأن الديمقراطية وأفريقيا استضافهما الرئيس الأميركي جو بايدن.

وأكد مسؤولون أميركيون أنهم لم يرصدوا أي يدٍ لروسيا في الانقلاب العسكري، لكنهم تحدثوا عن نشاطات للتأثير في مجريات الأحداث مثل منشورات باللغة الفرنسية على مواقع التواصل وتجمعات مؤيدة للانقلاب.

وسعى قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين للعب على وتر الاستياء في النيجر من القوة الاستعمارية السابقة فرنسا، عادّاً في تسجيل صوتي نُسب إليه أن الانقلاب كان عبارة عن «مجرد صراع شعب النيجر ضد المستعمرين».

وحذّر بلينكن في تصريحات لشبكة «بي بي سي» البريطانية، أمس (الثلاثاء)، من أن «فاغنر» تعمل على «استغلال» الانقلاب في النيجر. وقال: «أعتقد أن ما حصل ويستمر في الحصول في النيجر، لم تحرّض عليه روسيا أو (فاغنر)... لكنّهم يحاولون استغلال الأمر»، مضيفاً «في كل مكان ذهبت إليه (فاغنر)، حلّ الموت والدمار والاستغلال».

واستبعد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن تكون مظاهر تأييد روسيا في نيامي مثل رفع أعلامها في التحركات المؤيدة للانقلاب، عفوية أو تؤشر إلى شعور شعبي مؤيد لموسكو.

وقال: «أعتقد أنه من المستغرب جداً حين يسيطر مجلس عسكري على بلدك، أن تختار التعبير عن تأييدك بشراء عَلم روسي».

* اختلاف عن مالي؟

وعدّ كاميرون هدسون، خبير أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن الانقلاب أظهر أن دول الغرب أخطأت التقدير بشأن النيجر، حيث تنشر فرنسا نحو 1500 جندي، يضاف إليهم نحو ألف أميركي.

وقال: «أعتقد أن واشنطن كانت تعمل وفق انطباع بأنها تتعامل مع شريك موثوق به للغرب».

على رغم ذلك، أكد هدسون أن النيجر تختلف عن مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تحضر «فاغنر» بقوة، واللتين اقتربتا بشكل وثيق من روسيا بعد استشعارهما «خطراً وجودياً».

وأشار إلى أن الانطباع هو بأن العسكر في النيجر لا يمانعون الإبقاء على العلاقات مع الولايات المتحدة على رغم أن الأخيرة قامت في أعقاب الانقلاب بتعليق مساعداتها وطالبت بعودة الانتظام الدستوري إلى نيامي.

وأضاف: «لكن الأمر الوحيد الذي يمكن لروسيا تقديمه هو فرصة فكّ العزلة»، في إشارة إلى الضغوط التي تمارسها دول غربية والاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) ووصلت إلى حد التلويح بالتدخل العسكري.

وتابع هدسون: «إذا كنت تحت ضغط منظمات إقليمية ودولية... تقدّم روسيا حينها نفسها كوسيلة مناسبة جداً للمساعدة على تفادي أو تقويض هذه العزلة».

* فوائد لموسكو

ومجموعة المرتزقة «فاغنر» موجودة في دول أفريقية، أبرزها مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتتهمها حكومات غربية ومنظمات غير حكومية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وتقدّم المجموعة خدمات للأنظمة التي تواجه صعوبات. ففي مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، تحمي السلطة القائمة وتعرض تدريبات عسكرية أو حتى نصائح قانونية لإعادة صوغ الدستور.

في المقابل، تحصل المجموعة على مكاسب اقتصادية، مثل النفاذ إلى المعادن وموارد طبيعية أخرى، وتوفّر لروسيا أوراق مساومة ونفوذ دبلوماسية.

وقبيل انقلاب النيجر، تعهد بريغوجين الذي أطلق تمرداً مسلحاً ضد القيادة العسكرية الروسية في أواخر يونيو (حزيران) انتهى باتفاق تسوية، بتعزيز عمليات مجموعته في أفريقيا.

وقالت هيذر آشبي، مديرة مركز روسيا وأوروبا في المعهد الأميركي للسلام: إن بريغوجين «أسّس شبكة معقدة من الشركات والمرتزقة تبقيه قيّماً بالنسبة إلى الكرملين على رغم تمرده المسلح».

وأضافت: «الاستمرار على هذا النحو مربح لروسيا»؛ ما يرجّح استمرار «فاغنر» في المهام التي تقوم بها.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
TT

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)

أدت النزاعات وأعمال العنف والكوارث الطبيعية في أفريقيا إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة منازلهم، ووصل عدد النازحين داخلياً إلى 35 مليوناً بنهاية العام الماضي، وفق «مركز رصد النزوح الداخلي».

وقالت مديرة المركز، ألكسندرا بيلاك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن النازحين داخلياً الأفارقة يمثلون وحدهم نحو نصف عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في كل أنحاء العالم للعثور على ملاذ في مكان آخر ببلادهم.

وأضافت: «لقد شهدنا ارتفاع عدد النازحين داخلياً في القارة الأفريقية 3 مرات خلال الـ15 عاماً الماضية»، مضيفة أن «معظم حالات النزوح الداخلي هذه ناجمة عن النزاعات وأعمال العنف والكوارث الطبيعية».

ويظهر تقرير صادر عن «مركز رصد النزوح الداخلي» أن «المستويات المتصاعدة من الصراعات والعنف مسؤولة عن النزوح الداخلي لنحو 32.5 مليون شخص في أفريقيا. وقد نزح 80 في المائة منهم في 5 بلدان هي: جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا ونيجيريا والصومال والسودان».

وأشار المركز إلى أن «اتفاقية الاتحاد الأفريقي لحماية ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (اتفاق كمبالا)» أداة مهمة لمعالجة المشكلة.

ووضع هذا الاتفاق، الذي اعتُمد في عام 2009 ودخل حيز التنفيذ خلال ديسمبر (كانون الأول) 2012، معياراً دولياً بوصفه الاتفاق الإقليمي الأول والوحيد الملزم قانوناً بشأن النزوح الداخلي.

ومذاك، صادقت 24 دولة أفريقية على الاتفاق، ووضع كثير منها أطراً قانونية وقدمت استثمارات كبيرة لمعالجة المشكلة. لكن الحكومات تجد صعوبة في التعامل معها.

وعدّت بيلاك أن «مفتاح المشكلة» يكمن في «فعل المزيد بشأن بناء السلام والدبلوماسية وتحويل الصراعات».