تقرير: المتطرفون سيستفيدون من أي تدخل عسكري في النيجر

جنود نيجيريون يعرضون علم «بوكو حرام» الذي كانوا قد استولوا عليه في مدينة داماساك بنيجيريا في 18 مارس 2015 (رويترز)
جنود نيجيريون يعرضون علم «بوكو حرام» الذي كانوا قد استولوا عليه في مدينة داماساك بنيجيريا في 18 مارس 2015 (رويترز)
TT

تقرير: المتطرفون سيستفيدون من أي تدخل عسكري في النيجر

جنود نيجيريون يعرضون علم «بوكو حرام» الذي كانوا قد استولوا عليه في مدينة داماساك بنيجيريا في 18 مارس 2015 (رويترز)
جنود نيجيريون يعرضون علم «بوكو حرام» الذي كانوا قد استولوا عليه في مدينة داماساك بنيجيريا في 18 مارس 2015 (رويترز)

بالنسبة للفصائل المتطرفة التي تعصف بالساحل الأفريقي، فإن تدخلاً عسكرياً من دول الجوار ضد النيجر سيكون مرادفاً للاستراحة لهذه الفصائل، لأن حربا كهذه ستضع حداً للتعاون العسكري بين مختلف دول المنطقة ضد هذه الفصائل، حسب تقرير نشرته اليوم (الأربعاء) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

حتى لو كانت النيجر أقل تأثراً بالمتطرفين من جارتيها مالي وبوركينا فاسو، فإن شن عملية عسكرية أفريقية ضد الانقلابيين في نيامي سيفيد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل لسنوات عدة. سواء كان تنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» وهي فرع محلي لـ«القاعدة»، أو «بوكو حرام»، «ستستغل هذه الجماعات بعد ذلك اختلال تنظيم القوات المسلحة النيجرية المنشغلة في القتال ضد قوات مجموعة إيكواس»، تحذر الخبيرة المستقلة في شؤون منطقة الساحل الأفريقي آن سافي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل العسكري في النيجر من شأنه أن يبطئ إلى حد كبير عمليات جمع المعلومات الاستخبارية الجارية (ضد المتطرفين) والعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات العسكرية الفرنسية والأميركية المنتشرة في نيامي. تشرح آن سافي أن «حركة داعش في الصحراء الكبرى، وهي الحركة المتطرفة الرئيسية المتجذرة في النيجر، ستعزز وجودها من منطقة تيلابيري في الجنوب الغربي للبلاد على الحدود مع مالي».

ويشير التقرير إلى أنه وفقاً للخبراء، فإن التدخل العسكري في النيجر ستكون له نتائج عكسية من حيث مكافحة الإرهاب منذ ربيع عام 2022، حيث ركزت «داعش في الصحراء الكبرى» جهودها من جانب حدود دولة مالي مع النيجر، في منطقة ميناكا، وهي منطقة باتت بالكامل تحت سيطرة المتطرفين.

ولفت التقرير إلى أن جماعات متطرفة أخرى ستستفيد من تدخل عسكري ضد النيجر، أبرزها «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي ازدهرت في السنوات الأخيرة في منطقة الساحل الأفريقي، وهي ليس لديها حتى الآن منطقة تحت سيطرتها في النيجر، ولها فقط طرق وإمدادات إلى معاقلها في مالي وبوركينا فاسو، حيث يسعى المتطرفون من هناك إلى «النزول» إلى البلدان الساحلية، وهي غانا وشمال بنين وكوت ديفوار.

«العملية العسكرية في النيجر لن تسمح له بالضرورة للمتطرفين من هذه الجماعة بالتقدم نحو هذه البلدان»، تلاحظ آن سافي التي تحذر مع ذلك: «إذا كانت هذه الدول التي ما زالت حتى الآن متحالفة مع النيجر، مثل بنين ونيجيريا والسنغال، ستتدخل عسكريا في عملية من شأنها أن تستمر أكثر من بضعة أيام، فإن هذا من شأنه أن يطلق القدرة على العمل لصالح الأجندة الإقليمية ﻟ«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» تجاه هذه البلدان الساحلية.

وبالنسبة لفصيل بوكو حرام المتطرف، ومركزه نيجيريا، والذي يعمل أيضاً في الجزء النيجري من بحيرة تشاد، فإن الحرب ستكون هدية له لأنها ستضع حداً للتعاون بين القوات المسلحة في النيجر ونيجيريا. «لذا من المهم حقاً أن يتمكنوا (أي النيجر ودول الجوار) من مواصلة التعاون»، يصر فينسينت فوتشر، الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي والمتخصص في جماعة «بوكو حرام».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
TT

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة، في البلد الذي كان يعد واحداً من أكثر ديمقراطيات أفريقيا استقراراً، ولكنه يشهد منذ سنوات توتراً سياسياً متصاعداً، واتهامات بالتحول نحو «الديكتاتورية».

وقالت السلطات القضائية، الأربعاء، على لسان المدعي العام لدى محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، إن «قائد الحرس الجمهوري المكلف بحماية رئيس الدولة، تلقى اتصالات من الوزير السابق أوزوالد هوميكي، ورجل الأعمال أوليفييه بوكو لتنفيذ انقلاب بالقوة يوم 27 سبتمبر (أيلول) 2024».

وفي هذه الأثناء أعلنت محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، أنها اعتقلت قائد الحرس الجمهوري دجيمون ديودوني تيفويدجي، في حدود الساعة الواحدة من فجر يوم الثلاثاء الماضي، حين كان يتسلّم من وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي، أكياساً من النقود تجاوزت قيمتها مليوني يورو.

وقال المدعي العام إن القائد العسكري والوزير السابق جرى اعتقالهما «أثناء عملية تسليم مبلغ مليار وخمسمائة مليون فرنك غرب أفريقي (ما يزيد قليلاً عن مليوني يورو)»، مشيراً إلى أن المحكمة قررت «فتح تحقيق لتحديد جميع الأشخاص المتورطين» في محاولة الانقلاب.

وتشير المعلومات الصادرة عن السلطات القضائية في بنين إلى أن المبالغ التي كان الوزير السابق ينوي تسليمها لقائد الحرس الجمهوري مصدرها رجل الأعمال أوليفييه بوكو، الصديق المقرب من الرئيس باتريس تالون، وفي نفس الليلة اعتقل رجل الأعمال.

خلفيات سياسية

رجل الأعمال أوليفييه بوكو (60 عاماً)، كان حتى وقت قريب واحداً من أكثر الرجال قرباً من الرئيس باتريس تالون، وهو مالك مجموعة «Dfa» للإمدادات الغذائية، ويوصف بأنه اليد اليمنى للرئيس تالون منذ نحو 20 عاماً.

إلا أن العلاقة بينه الرئيس ورجل الأعمال بدأت تتوتر منذ العام الماضي، حين بدأ رجل الأعمال يظهر طموحات سياسية ورغبة في حكم البلاد، وبدأت تتشكل كتل سياسية تدعم ترشح رجل الأعمال للانتخابات الرئاسية المقبلة (2026)، وأصبح يقدم من طرف بعض الأوساط على أنه الخليفة المثالي للرئيس الحالي باتريس تالون.

وفي عام 2023، استقال وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي (المعتقل معه حالياً)، بعد أن دعا إلى دعم ترشح أوليفييه بوكو لخلافة الرئيس تالون، الذي يحكم بنين منذ 2016، وأعيد انتخابه عام 2021، ويمنعه الدستور الحالي من الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وتشير أوساط سياسية عديدة إلى أن تالون استاء كثيراً من طموحات رجل الأعمال، وهو الذي يرفض الإفصاح عن مستقبله السياسي، وإن كان يفكر في تعديل الدستور للبقاء في الحكم لفترة أطول، كما سبق وفعل عدد من قادة أفريقيا، رغم ما ينطوي ذلك على مخاطر سياسية.

ردود فعل

على المستوى الداخلي في بنين، تزيد هذه الاعتقالات من تعقيد الوضع السياسي، وذلك ما عبرت عنه مجموعة من المحامين عقدت مؤتمراً صحافياً يوم الثلاثاء، قالت فيه إن على السلطات أن تفرج فوراً عن أوليفييه بوكو، قبل أن يصفوا اعتقاله بأنه «اختطاف خارج القانون».

وقال المحامون: «في الوقت الذي نعقد فيه هذا المؤتمر الصحافي، لا يمكن لعائلته ولا نحن كمحامين عنه، معرفة مكان أو حالة السيد بوكو، الذي ربما يكون محروماً من الطعام وخاصة من أدويته». وأضاف المحامون أن «هذا الانتهاك الصارخ للإجراءات القانونية يحدث في سياق لم يكن فيه السيد بوكو عرضة لأي إجراء قضائي، ولم يتم استدعاؤه أو إصدار أي أمر بالقبض عليه».

من جهة أخرى، أصدرت مجموعة سياسية تدعم ترشح بوكو للرئاسة في عام 2026، بياناً دانت فيه اعتقاله ووصفته بأنه «انتهاك خطير للحقوق الأساسية»، و«اضطهاد سياسي واضح»، و«أساليب قمعية غير مقبولة».

ويأتي هذا الاعتقال ليدعم خطاب المعارضة حين تتهم الرئيس باتريس تالون بالتحول نحو الحكم الاستبدادي في بنين، التي كانت تُعتبر واحدة من أكثر الديمقراطيات استقراراً في المنطقة.

السياق الدولي

بعد اعتقال رجل الأعمال وقائد الحرس الرئاسي، واتهامه بمحاولة قلب نظام الحكم، يزداد الوضع السياسي غموضاً في بنين، خاصة فيما يتعلق بمستقبل الديمقراطية، في ظل موجة الانقلابات التي تجتاح دول غرب أفريقيا.

وتعد دول الساحل، المحاذية لدولة بنين، بؤرة موجة الانقلابات العسكرية، وهي مركز الصراع الدائر بين روسيا والصين من جهة، والغرب من جهة أخرى، والذي أصبحت دائرته تتسع لتشمل دول غرب أفريقيا عموماً.

وتقعُ دولة بنين في عمق غرب أفريقيا، مطلة على المحيط الأطلسي، وخاصة خليج غينيا الاستراتيجي، وتحدها من الشمال دولتا النيجر وبوركينا فاسو، وهما البلدان اللذان يحكمان من طرف الجيش، وتوجها نحو التحالف مع روسيا، بعد قطيعة علنية مع الغرب، وخاصة فرنسا.

وسبق أن وجهت دول الساحل (النيجر، مالي وبوركينا فاسو) اتهامات إلى بنين بأنها تحولت إلى مركز للقواعد العسكرية والاستخباراتية الفرنسية، بل إن النيجر قطعت العام الماضي جميع اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع بنين، وأغلقت الحدود بين البلدين.

واندلعت إثر ذلك أزمة حادة بين النيجر وبنين، تتعلق بتصدير إنتاج النيجر من النفط، وهي الدولة الحبيسة التي كانت تعتمد على الموانئ في بنين، ودخلت الصين على الخط لنزع فتيل الأزمة، بصفتها متضررة من الأزمة حيث تتولى استغلال أكبر الحقول النفطية في النيجر.