أميركا تدعم الحل الدبلوماسي في النيجر وتجري محادثات «صعبة» مع المجلس العسكري

عرض واشنطن لم يلق قبولاً

أعضاء المجلس العسكري الذي قام بالانقلاب يحضرون مسيرة داخل ملعب في نيامي يوم 6 أغسطس 2023 (رويترز)
أعضاء المجلس العسكري الذي قام بالانقلاب يحضرون مسيرة داخل ملعب في نيامي يوم 6 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

أميركا تدعم الحل الدبلوماسي في النيجر وتجري محادثات «صعبة» مع المجلس العسكري

أعضاء المجلس العسكري الذي قام بالانقلاب يحضرون مسيرة داخل ملعب في نيامي يوم 6 أغسطس 2023 (رويترز)
أعضاء المجلس العسكري الذي قام بالانقلاب يحضرون مسيرة داخل ملعب في نيامي يوم 6 أغسطس 2023 (رويترز)

أعلن وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن، أمس (الاثنين)، أنّ الدبلوماسيّة هي «السبيل الأفضل» لحلّ الأزمة التي سبّبها الانقلاب في النيجر. وقال بلينكن: «من المؤكّد أنّ الدبلوماسّية هي السبيل الأفضل لحلّ هذا الوضع. هذا هو نهج المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب أفريقيا، هذا هو نهجنا، ونحن ندعم جهود إكواس لاستعادة النظام الدستوري». ويأتي تصريح بلينكن تزامنا مع لقاء مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند، أمس، القادة العسكريين في النيجر من دون إحراز أي تقدم فوري على مسار إنهاء الانقلاب. وقالت نولاند في تصريح للصحافيين عبر الهاتف من نيامي عاصمة النيجر إنها التقت على مدى أكثر من ساعتين كبار القادة العسكريين في البلاد.

وأوضحت أن «هذه المحادثات كانت بغاية الصراحة واتّسمت أحياناً بالصعوبة». وأضافت «كانت هذه أول محادثات تعرض فيها الولايات المتحدة مساعيها الخيّرة في حال وجدت رغبة لدى الأشخاص المسؤولين عن هذا الوضع للعودة إلى الانتظام الدستوري». وأشارت إلى أن العرض لم يلق قبولاً.

وذكرت أنها التقت الجنرال موسى سالو بارمو الذي عيّن رئيساً جديداً لهيئة الأركان، وقادة آخرين. وكشفت أن المجموعة العسكرية لم تستجب لطلبها لقاء قائدها الجنرال عبد الرحمن تياني، كما لم تستجب لطلبها لقاء الرئيس المحتجز محمد بازوم، علماً بأن مسؤولين أميركيين تواصلوا هاتفياً مع الأخير.

وقالت نولاند إنها عرضت «عدداً من الخيارات» لإنهاء الانقلاب. وأكّدت أنها أوضحت العواقب على العلاقات مع الولايات المتحدة إذا لم يعمد الانقلابيون إلى إعادة السلطة لبازوم أو إذا اقتدوا بدول الجوار في التعاون مع مرتزقة مجموعة «فاغنر» الروسية.

وأشارت نولاند إلى أن الانقلابيين في النيجر «يدركون جيداً جداً المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تدعى فاغنر» إلى البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في وقت سابق (الاثنين)، إن الولايات المتحدة لا تزال على اتصال برئيس النيجر، وإنها كذلك على تواصل مباشر مع زعماء الجيش لحضّهم على التنحي عن السلطة.

وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، صرح ميلر أن برامج المساعدات الأميركية لحكومة النيجر توقفت مؤقتاً بسبب الانقلاب العسكري.

وقدّر ميلر قيمة المساعدات بأكثر من 100 مليون دولار، وقال إنها تشمل مساعدات إنمائية وأمنية فيما يتعلق بإنفاذ القانون.

وأضاف ميلر، في مؤتمر صحافي، أن المساعدات الأميركية التي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو «مئات الملايين من الدولارات» معرضة للخطر إذا لم يُعد المجلس العسكري الحكومة المنتخبة إلى السلطة.

وقال المتحدث باسم الخارجية إن واشنطن «لا تزال على اتصال برئيس النيجر، وتحدث إليه مسؤول في الوزارة في وقت سابق اليوم، ولا تزال هناك فرصة لحل الأزمة في النيجر».


مقالات ذات صلة

«البنتاغون»: وزيرا الدفاع الأميركي والإسرائيلي يجتمعان في واشنطن الأربعاء

الولايات المتحدة​ وزارة الدفاع الأميركية (رويترز)

«البنتاغون»: وزيرا الدفاع الأميركي والإسرائيلي يجتمعان في واشنطن الأربعاء

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الأحد، إن الوزير لويد أوستن سيجتمع مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تواجه البلاد سيلاً من المعلومات الزائفة، وأكثر ما يخشاه الناخبون التضليل الإعلامي الصادر عن السياسيين أنفسهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وزوجته ميلانيا (د.ب.أ)

ميلانيا ترمب: لا أتفق مع كل قرارات زوجي

كشفت ميلانيا ترمب في مذكراتها الجديدة أنها لا تتفق مع كل قرارات زوجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب يتحدث في تجمع لحملته الانتخابية في نورث كارولاينا (رويترز) play-circle 00:56

ترمب يدعم ضرب «النووي» الإيراني… وإسرائيل لا تقدم ضمانات لبايدن

أرسلت وزارة الدفاع الأميركية(البنتاغون) مجموعة كبيرة من الأسلحة إلى المنطقة، ومنها حاملات طائرات ومدمرات بصواريخ موجهة وسفن هجومية برمائية وأسراب من المقاتلات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لحظة إصابة دونالد ترمب في أذنه اليمنى (رويترز)

ترمب يعود اليوم الى مسرح محاولة اغتياله في بنسلفانيا

يعود المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب، اليوم السبت، إلى بلدة باتلر في ولاية بنسلفانيا حيث تعرّض لمحاولة اغتيال بالرصاص.

«الشرق الأوسط» (بيتسبرغ)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
TT

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة، في البلد الذي كان يعد واحداً من أكثر ديمقراطيات أفريقيا استقراراً، ولكنه يشهد منذ سنوات توتراً سياسياً متصاعداً، واتهامات بالتحول نحو «الديكتاتورية».

وقالت السلطات القضائية، الأربعاء، على لسان المدعي العام لدى محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، إن «قائد الحرس الجمهوري المكلف بحماية رئيس الدولة، تلقى اتصالات من الوزير السابق أوزوالد هوميكي، ورجل الأعمال أوليفييه بوكو لتنفيذ انقلاب بالقوة يوم 27 سبتمبر (أيلول) 2024».

وفي هذه الأثناء أعلنت محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، أنها اعتقلت قائد الحرس الجمهوري دجيمون ديودوني تيفويدجي، في حدود الساعة الواحدة من فجر يوم الثلاثاء الماضي، حين كان يتسلّم من وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي، أكياساً من النقود تجاوزت قيمتها مليوني يورو.

وقال المدعي العام إن القائد العسكري والوزير السابق جرى اعتقالهما «أثناء عملية تسليم مبلغ مليار وخمسمائة مليون فرنك غرب أفريقي (ما يزيد قليلاً عن مليوني يورو)»، مشيراً إلى أن المحكمة قررت «فتح تحقيق لتحديد جميع الأشخاص المتورطين» في محاولة الانقلاب.

وتشير المعلومات الصادرة عن السلطات القضائية في بنين إلى أن المبالغ التي كان الوزير السابق ينوي تسليمها لقائد الحرس الجمهوري مصدرها رجل الأعمال أوليفييه بوكو، الصديق المقرب من الرئيس باتريس تالون، وفي نفس الليلة اعتقل رجل الأعمال.

خلفيات سياسية

رجل الأعمال أوليفييه بوكو (60 عاماً)، كان حتى وقت قريب واحداً من أكثر الرجال قرباً من الرئيس باتريس تالون، وهو مالك مجموعة «Dfa» للإمدادات الغذائية، ويوصف بأنه اليد اليمنى للرئيس تالون منذ نحو 20 عاماً.

إلا أن العلاقة بينه الرئيس ورجل الأعمال بدأت تتوتر منذ العام الماضي، حين بدأ رجل الأعمال يظهر طموحات سياسية ورغبة في حكم البلاد، وبدأت تتشكل كتل سياسية تدعم ترشح رجل الأعمال للانتخابات الرئاسية المقبلة (2026)، وأصبح يقدم من طرف بعض الأوساط على أنه الخليفة المثالي للرئيس الحالي باتريس تالون.

وفي عام 2023، استقال وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي (المعتقل معه حالياً)، بعد أن دعا إلى دعم ترشح أوليفييه بوكو لخلافة الرئيس تالون، الذي يحكم بنين منذ 2016، وأعيد انتخابه عام 2021، ويمنعه الدستور الحالي من الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وتشير أوساط سياسية عديدة إلى أن تالون استاء كثيراً من طموحات رجل الأعمال، وهو الذي يرفض الإفصاح عن مستقبله السياسي، وإن كان يفكر في تعديل الدستور للبقاء في الحكم لفترة أطول، كما سبق وفعل عدد من قادة أفريقيا، رغم ما ينطوي ذلك على مخاطر سياسية.

ردود فعل

على المستوى الداخلي في بنين، تزيد هذه الاعتقالات من تعقيد الوضع السياسي، وذلك ما عبرت عنه مجموعة من المحامين عقدت مؤتمراً صحافياً يوم الثلاثاء، قالت فيه إن على السلطات أن تفرج فوراً عن أوليفييه بوكو، قبل أن يصفوا اعتقاله بأنه «اختطاف خارج القانون».

وقال المحامون: «في الوقت الذي نعقد فيه هذا المؤتمر الصحافي، لا يمكن لعائلته ولا نحن كمحامين عنه، معرفة مكان أو حالة السيد بوكو، الذي ربما يكون محروماً من الطعام وخاصة من أدويته». وأضاف المحامون أن «هذا الانتهاك الصارخ للإجراءات القانونية يحدث في سياق لم يكن فيه السيد بوكو عرضة لأي إجراء قضائي، ولم يتم استدعاؤه أو إصدار أي أمر بالقبض عليه».

من جهة أخرى، أصدرت مجموعة سياسية تدعم ترشح بوكو للرئاسة في عام 2026، بياناً دانت فيه اعتقاله ووصفته بأنه «انتهاك خطير للحقوق الأساسية»، و«اضطهاد سياسي واضح»، و«أساليب قمعية غير مقبولة».

ويأتي هذا الاعتقال ليدعم خطاب المعارضة حين تتهم الرئيس باتريس تالون بالتحول نحو الحكم الاستبدادي في بنين، التي كانت تُعتبر واحدة من أكثر الديمقراطيات استقراراً في المنطقة.

السياق الدولي

بعد اعتقال رجل الأعمال وقائد الحرس الرئاسي، واتهامه بمحاولة قلب نظام الحكم، يزداد الوضع السياسي غموضاً في بنين، خاصة فيما يتعلق بمستقبل الديمقراطية، في ظل موجة الانقلابات التي تجتاح دول غرب أفريقيا.

وتعد دول الساحل، المحاذية لدولة بنين، بؤرة موجة الانقلابات العسكرية، وهي مركز الصراع الدائر بين روسيا والصين من جهة، والغرب من جهة أخرى، والذي أصبحت دائرته تتسع لتشمل دول غرب أفريقيا عموماً.

وتقعُ دولة بنين في عمق غرب أفريقيا، مطلة على المحيط الأطلسي، وخاصة خليج غينيا الاستراتيجي، وتحدها من الشمال دولتا النيجر وبوركينا فاسو، وهما البلدان اللذان يحكمان من طرف الجيش، وتوجها نحو التحالف مع روسيا، بعد قطيعة علنية مع الغرب، وخاصة فرنسا.

وسبق أن وجهت دول الساحل (النيجر، مالي وبوركينا فاسو) اتهامات إلى بنين بأنها تحولت إلى مركز للقواعد العسكرية والاستخباراتية الفرنسية، بل إن النيجر قطعت العام الماضي جميع اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع بنين، وأغلقت الحدود بين البلدين.

واندلعت إثر ذلك أزمة حادة بين النيجر وبنين، تتعلق بتصدير إنتاج النيجر من النفط، وهي الدولة الحبيسة التي كانت تعتمد على الموانئ في بنين، ودخلت الصين على الخط لنزع فتيل الأزمة، بصفتها متضررة من الأزمة حيث تتولى استغلال أكبر الحقول النفطية في النيجر.