اقتراب لحظة الحسم في النيجر وسط انسداد سياسي وارتفاع حدة الخطاب العسكري

فشل وساطة وفد «إيكواس» والمجلس العسكري «يرفض الاستسلام لأي تهديد»

متظاهرون يقفون على قمة مدخل الجمعية الوطنية خلال مسيرة بنيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
متظاهرون يقفون على قمة مدخل الجمعية الوطنية خلال مسيرة بنيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
TT

اقتراب لحظة الحسم في النيجر وسط انسداد سياسي وارتفاع حدة الخطاب العسكري

متظاهرون يقفون على قمة مدخل الجمعية الوطنية خلال مسيرة بنيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
متظاهرون يقفون على قمة مدخل الجمعية الوطنية خلال مسيرة بنيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)

يتجه الوضع في النيجر إلى مزيد من التصعيد داخلياً وخارجياً بما ينذر بخروجه عن السيطرة. ففي الداخل، عمد الانقلابيون، في الساعات الأخيرة، إلى التضييق على الرئيس المخلوع محمد بازوم الذي رغم حجزه في أحد أجنحة القصر الرئاسي، كان قادراً على التواصل مع القادة الغربيين، ومنهم الرئيس الفرنسي الذي تحادث معه أكثر من مرة. كذلك استقبل رئيس تشاد الكولونيل محمد إدريس ديبي الذي حاول القيام بوساطة لم يكتب لها النجاح.

وبازوم محتجز في جناح من القصر الرئاسي مع زوجته وابنه. ووفق معلومات واردة من نيامي، فإن الكهرباء قطعت عن الجناح الذي يشغله. ويبدو أن تمكنه من إيصال مقال إلى صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية دعا فيه إلى الإسراع في مساعدته، سيكون آخر اتصال له بالعالم الخارجي. كذلك، فإن الوفد الذي أرسلته «المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا» (إيكواس)، إلى نيامي للقاء قادة الانقلاب وأيضاً الرئيس المخلوع، عاد إلى أبوجا بخفي حنين، إذ لم ينجح لا في الاجتماع بزعيم الانقلاب ولا بالرئيس بازوم، الأمر الذي يعني أن البحث عن «حل ودي»، وفق تصريح الرئيس النيجيري بولا تينوبو، وصل إلى طريق مسدود.

وكان الوفد برئاسة الرئيس النيجيري الأسبق عبد السلام أبو بكر ومسؤولين كبار من «إيكواس» مكلفاً إقناع الانقلابيين بالتراجع عن حركتهم وإعادة الانتظام الدستوري إلى البلاد والبحث في شروطه، وربما الضمانات التي تستطيع المنظمة الأفريقية تقديمها لقادة الانقلاب والمهل الزمنية.

 

أنصار انقلاب النيجر يرفعون العلم الروسي

اعتقال الوزراء

لم يكتفِ الانقلابيون بذلك؛ بل عمدوا، بعد تردد دام عدة أيام، إلى القبض على مجموعة من الوزراء والمسؤولين الأمنيين والسياسيين (وزراء الداخلية والنقل والتعدين والنفط والطاقة الذي هو ابن الرئيس النيجري السابق محمدو يوسفي، كذلك وزير التعليم المهني وأحد قادة الحرس الوطني الكبار ورئيس حزب الديمقراطية والاشتراكية الرئاسي ومستشار الرئيس بازوم السياسي)، وجمع كل هؤلاء ووضعوا في مبنى فرضت عليه الحراسة المشددة قريباً من القصر الجمهوري. وفي السياق عينه، قرر المجلس العسكري إنهاء مهمات سفراء النيجر لدى فرنسا والولايات المتحدة ونيجيريا وتوغو.

أما على الصعيد الخارجي، فقد عمدت السلطات العسكرية إلى قطع بث وسيلتين إعلاميتين فرنسيتين مرتبطتين بالحكومة؛ هما تلفزيون «فرانس 24» و«إذاعة فرنسا الدولية»، ما استدعى رداً عنيفاً من هيئة البث الخارجي المسماة «فرنسا ميديا العالم»، ومن الحكومة الفرنسية.

وأكدت الخارجية الفرنسية «التزامها وتصميمها الدائمين على المحافظة على حرية الصحافة والتعبير وحماية الصحافيين». واعتبرت باريس أن «الإجراءات المناهضة للصحافة أتت على خلفية قمع استبدادي ينفذه الانقلابيون». وبذلك تكون النيجر قد سارت على الدرب الذي سبقتها إليه مالي وبوركينا فاسو اللتان يحكمهما مجلسان عسكريان قاما بعد انقلابين.

وضع فرنسا مختلف

وتبدو فرنسا، يوماً بعد يوم، وبعكس الولايات المتحدة أو بريطانيا أو الدول الغربية الأخرى؛ كألمانيا وإيطاليا اللتين لهما حضور سياسي واقتصادي وعسكري في النيجر، في مرمى السلطات المحلية. فعسكر النيجر «لا يفقهون» الأسباب التي دفعت باريس إلى ترحيل رعاياها بحجة الحالة الأمنية. وبحسب زعيم الانقلاب، فإن أي مواطن فرنسي لم يتعرض للتهديد أو الاعتداء. ولتكذيب باريس، تميزت المظاهرات التي حصلت، بمناسبة العيد الوطني، بالهدوء، إذ لم يقترب المتظاهرون الذين نزلوا إلى الساحات والشوارع للتعبير عن دعمهم للانقلابيين، من السفارة الفرنسية التي وفرت لها القوى الأمنية حماية مشددة. وعجل قرار باريس دفع دول أخرى (إيطاليا، وألمانيا، والولايات المتحدة، وبريطانيا...) لإجلاء رعاياها كلياً أو جزئياً.

آخر ما صدر عن المجلس العسكري إلغاء عدة اتفاقيات عسكرية مبرمة بين نيامي وباريس؛ أهمها الاتفاق الدفاعي الذي وقع قبل 10 سنوات. وقال أحد أعضاء المجلس العسكري في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي، إنه «في مواجهة موقف فرنسا اللامبالي»، ورد فعلها تجاه الوضع في النيجر، «قرر المجلس الوطني لحماية الوطن إبطال اتفاقيات التعاون مع هذه الدولة (فرنسا) في مجال الأمن والدفاع».

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس بازوم قبِل أن تنشر فرنسا قسماً من قوة «برخان» التي سحبتها من مالي في قواعد نيجرية. كذلك قبِل استضافة قوة الكوماندوس التي انسحبت لاحقاً من بوركينا فاسو، الأمر الذي جعل من النيجر، بالنسبة لفرنسا، القاعدة العسكرية الرئيسية التي تستخدمها باريس في جهودها لمحاربة التنظيمات المتطرفة والإرهابية في منطقة الساحل. وكان قرار المجلس العسكري مرتقباً.

 

متظاهرون يهتفون لجيش النيجر أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

رفض باريس

وردت باريس على قرار السلطات الانقلابية بتأكيد أن وحدها السلطات الشرعية النيجرية التي تعترف بها فرنسا، كما بقية الأسرة الدولية، مؤهلة للتراجع عن هذه الاتفاقيات.

لكن المراقبين رأوا في ذلك خطوة منتظرة، حيث تقتدي نيامي بما حصل سابقاً في باماكو وواغادوغو. إلا أن انسحاب القوة الفرنسية، في حال قيامه، لا يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها، بل سيتطلب مفاوضات مع المجلس العسكري واتفاقاً على البرنامج الزمني.

والصعوبة بالنسبة لباريس ستكون في إيجاد بلد أفريقي يستقبل القوة المنسحبة، علماً بأن لباريس قواعد عسكرية في تشاد وساحل العاج والسنغال. وبالمقابل، لم يصدر أي بلاغ عن المجلس العسكري بخصوص القاعدتين العسكريتين الأميركيتين أو الجنود الألمان والإيطاليين والبلجيكيين الموجودين في النيجر في أطر مختلفة. وهذا الواقع يبين بوضوح أكبر أن القطيعة هي بالتحديد مع البلد المستعمر السابق وليس مع الغرب بشكل عام.

إزاء انسداد الوضع في الداخل، واقتراب نهاية المهلة التي أعطتها «إيكواس» للانقلابيين للرجوع عن انقلابهم وإعادة محمد بازوم إلى موقعه الرئاسي، يبدو أن السير نحو تدخل عسكري يتم بخطى حثيثة. فاجتماعات رؤساء أركان 11 دولة منضوية في إطار المنظمة الأفريقية انتهت في أبوجا، كما انتهت زيارة الرجل الثاني في المجلس العسكري النيجري إلى باماكو وواغادوغو من أجل البحث في إنشاء جبهة مقابلة لجبهة «إيكواس» الداعية لاستخدام القوة العسكرية.

 

مسؤولون عسكريون في مجموعة «إيكواس» يبحثون أزمة النيجر في أبوجا الأربعاء (إ.ب.أ)

رفض الاستسلام لأي تهديد

وفي هذا السياق، قال الجنرال عبد الرحمن تشياني، رئيس الحرس الرئاسي سابقاً ورئيس المجلس العسكري والقائد الفعلي اليوم، إنه «يرفض الاستسلام لأي تهديد»، و«يرفض أي تدخل في الشؤون الداخلية للنيجر»، وإن قواته «مستعدة للقتال والرد» على أي عمل عسكري يستهدفها. وجاء في بيان للمجلس أن «أي عدوان - أو محاولة عدوان - ضد دولة النيجر سيشهد رداً فورياً ودون إنذار من جانب قوات الدفاع والأمن النيجرية على أي عضو من أعضاء المنظمة باستثناء الدول الصديقة المعلقة عضويتها»، وهما بوركينا فاسو ومالي. وسبق لهذين البلدين أن حذرا من أن أي استهداف للنيجر سيعد «إعلاناً للحرب» عليهما، ما يستتبع تدخلهما العسكري.

لم تتأخر إيساتا تال سال، وزيرة خارجية السنغال، في إعلان استعداد بلادها في المشاركة بعملية عسكرية في النيجر وإرسال جنود إلى النيجر، إذا قررت «إيكواس» التدخل العسكري. وتفيد معلومات متداولة في باريس بأن ساحل العاج وبنين مستعدتان أيضاً للمشاركة، فيما ستكون القوات النيجرية العصب الرئيسي للقوة العسكرية، رغم تأكيد الرئيس النيجيري تمسكه بالسعي لـ«حل ودي».

لكن في غياب مثل هذا الحل، فإن أبوجا التي تتخوف من عدوى الانقلابات وتريد أن تفرض نفسها قوة مؤثرة تحافظ على الاستقرار في غرب أفريقيا وتدعم الأنظمة الديمقراطية وترفض خيار الانقلابات متسلحة بحجمها السياسي والاقتصادي والبشري وقواها العسكرية، تتخوف من أن التراجع عن التدخل سيفقد «إيكواس» أي مصداقية، وسينعكس ذلك على رئيسها بولا تينوبو الذي وصل إلى السلطة حديثاً، وهو من أشد الداعين لرفض التغيير السياسي الذي يتم بطرق غير ديمقراطية كما يريد وضع حد لقيام جبهة عريضة تضم الانقلابيين في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.

 

أشخاص تم إجلاؤهم من النيجر يتحدثون إلى وسائل الإعلام بمطار شارل ديغول في باريس (أ.ب)

عدم الرغبة في التدخل

يبقى سؤال أخير مزدوج وجهه الأول يتناول الموقفين الفرنسي والأميركي. بالطبع تشجع باريس وواشنطن «إيكواس»، لكنهما قطعاً لا ترغبان بالتدخل مباشرة وتسعيان للعمل بمبدأ «القيادة من الخلف»، لكنهما قادرتان على تغيير مسار الأحداث. والوجه الثاني يتناول «الغطاء القانوني» الذي يبيح التدخل العسكري. ومن الناحية المبدئية، ثمة طريقان لا ثالثة لهما: الأولى، الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي، وهو مستبعد بسبب «الفيتو» المرجح لروسيا والصين أو لكلتيهما معاً. والثانية، حصول طلب رسمي من الرئيس بازوم الذي تعدّه الأسرة الدولية رئيساً شرعياً وحيداً للنيجر. فهل ستعد الرسالة التي نشرها الأخير مساء الخميس في صحيفة «واشنطن بوست» وفيها عد نفسه «رهينة» ودعا «الحكومة الأميركية ومجمل الأسرة الدولية للمساعدة في إعادة الانتظام الدستوري» بمثابة دعوة رسمية للتدخل العسكري في بلاده؟ السؤال مطروح والإجابة في المقبل من الأيام.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأفريقي يعلق عضوية غينيا بيساو رفضاً للانقلاب

أفريقيا الجنرال هورتا نتام يؤدي اليمين خلال مراسم في غينيا بيساو يوم 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

الاتحاد الأفريقي يعلق عضوية غينيا بيساو رفضاً للانقلاب

قرر «الاتحاد الأفريقي» تعليق عضوية غينيا بيساو بعد يومين من الانقلاب العسكري الذي يواجه أيضاً معارضة قوية من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا عادت الحياة إلى طبيعتها يوم الجمعة في عاصمة غينيا بيساو المضطربة بعد الانقلاب الخامس الذي شهدته الدولة الواقعة في غرب أفريقيا والذي أعقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية (أ.ف.ب)

مع تراجع الانتشار الأمني بعد الانقلاب... غينيا بيساو تعود إلى حياتها اليومية

استؤنفت حركة المرور والأنشطة في عاصمة غينيا بيساو، اليوم (الجمعة)، مع تراجع الانتشار الأمني.

«الشرق الأوسط» (بيساو)
أفريقيا الجنرال هورتا نتام يؤدي اليمين خلال مراسم في غينيا بيساو يوم 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

رغم التنديد الدولي... رجل بيساو «القوي» يثبِّت انقلابه

قال جيش غينيا بيساو في بيان إن الجنرال هورتا نتام أدى اليمين رئيساً انتقالياً للبلاد  (الخميس) وذلك بعد يوم واحد من إعلان ضباط الجيش عزل الرئيس.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر والذي جاء إلى السلطة بانقلاب يُحيّي حشداً من الناس في نيامي في يوليو 2024 (أ.ف.ب) play-circle

تاريخ حافل بالاضطرابات... ما أبرز الانقلابات العسكرية في أفريقيا خلال العقد الأخير؟

تاريخ أفريقيا حافل بها... فيما يلي الانقلابات العسكرية الناجحة في السنوات العشر الأخيرة في القارة السمراء وآخرها انقلاب غينيا بيساو يوم الأربعاء 26 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أفريقيا العميد دينيس نكانها (وسط الصورة) رئيس المكتب العسكري لرئاسة الجمهورية في غينيا بيساو يعقد مؤتمراً صحافياً في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة 26 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

عسكريون يعلنون «السيطرة الكاملة» على غينيا بيساو

أعلن عسكريون في غينيا بيساو، الأربعاء، «السيطرة الكاملة» على البلاد وتعليق العملية الانتخابية وإغلاق الحدود، في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.