هل ينجح التلويح بالأضرار الاقتصادية في احتواء الاحتجاجات بكينيا؟

الحكومة تحدثت عن خسائر كبيرة

متظاهرون كينيون في مواجهة قوات الأمن خلال احتجاجات سابقة (رويترز)
متظاهرون كينيون في مواجهة قوات الأمن خلال احتجاجات سابقة (رويترز)
TT

هل ينجح التلويح بالأضرار الاقتصادية في احتواء الاحتجاجات بكينيا؟

متظاهرون كينيون في مواجهة قوات الأمن خلال احتجاجات سابقة (رويترز)
متظاهرون كينيون في مواجهة قوات الأمن خلال احتجاجات سابقة (رويترز)

أثير تساؤل أخيراً حول نجاح التلويح بالأضرار الاقتصادية في احتواء الاحتجاجات بكينيا، وسط حديث من الحكومة الكينية عن خسائر كبيرة بسبب الاحتجاجات. واتهم الرئيس الكيني ويليام روتو، (الخميس)، المعارضة بقيادة زعيمها رايلا أودينغا بـ«تخريب الاقتصاد»، في حين رجح محللون (الجمعة) «عدم نجاح ورقة التلويح بالخسائر الاقتصادية».

وبعد يومين من احتجاجات عنيفة قتلت أكثر من ستة أشخاص، قال روتو (الخميس): «لا يمكننا تخريب اقتصادنا باستخدام العنف وتعطيل الأعمال وتدمير الممتلكات»، في حين قالت جمعية منظمات القطاع الخاص في كينيا، إن «كل يوم تعبئة يتسبب بخسارة لاقتصاد البلاد، تعادل ثلاثة مليارات شلن (نحو 19 مليون يورو)».

وأثنى روتو في خطاب له (الخميس) على «تعامل الشرطة (الحازم والمحترف) مع المظاهرات»، محذراً أودينغا «من دفع البلاد إلى الفوضى»، مضيفاً أن «اتفاقاً مع أودينغا يشمل تشاركاً للسلطة، هو أمر غير وارد».

من جانبه، استبعد أودينغا «إجراء أي مفاوضات مع روتو»، متعهداً بـ«استمرار الاحتجاجات».

وشهدت البلاد إغلاقاً للمتاجر والشركات على نطاق واسع (الأربعاء)، كما نُقل أكثر من 50 طفلاً إلى المستشفى بعد إطلاق الغاز المسيل للدموع على فصولهم الدراسية في نيروبي.

ودعا قادة دينيون إلى إجراء محادثات بين الحكومة والمعارضة. وأصدر الأساقفة الكاثوليك بياناً حثوا فيه على «عدم إراقة المزيد من الدماء». والأسبوع الماضي قُتل 14 شخصاً على الأقل في احتجاجات على القانون نفسه.

وجاءت الاحتجاجات تلبيةً لدعوة أطلقها تحالف «أزيميو»، الذي يقوده أودينغا. ودعا التحالف إلى تعبئة تستمر ثلاثة أيام (هي الأربعاء والخميس والجمعة) أسبوعياً ضد قانون مالي وقعه روتو، قبل أسبوعين، ينصّ على «فرض ضرائب جديدة أو إضافية على عدد من السلع الأساسية مثل الوقود والغذاء والتحويلات المالية بالهاتف، ويتضمن زيادة ضريبية مثيرة للجدل على دافعي الضرائب».

وتحدثت تقارير (الخميس) عن ارتفاع عدد القتلى والجرحى، في حين أعلن وزير الداخلية الكيني، كيثوري كينديكي، عن «توقيف أكثر من 300 شخص»، مضيفاً أن تهماً بـ«ارتكاب جرائم مختلفة ستوجّه إليهم»، وتشمل «النهب وإلحاق الضرر بالممتلكات والحرق العمد والسرقة والاعتداء على قوات الأمن». وانتقدت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، ومن بينها منظمة العفو الدولية، الشرطة الكينية، على خلفية ما وصفته بـ«استخدامها المفرط للقوة».

وقال حسن إسحق، المحلل السياسي السوداني، المقيم في كينيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ورقة الخسائر الاقتصادية التي يحاول من خلالها الرئيس تخويف الكينيين لن تفلح؛ لأن سياساته الاقتصادية وقراراته تتسبب بالفعل في معاناة متزايدة للشعب الفقير»، مضيفاً أن الكينيين «يعانون لتوفير قوتهم اليومي ويشعرون بتعنت الحكومة في تبني قرارات تزيد فقرهم». واستبعد إسحق «تراجع الطرفين عن مواقفهما»، متوقعاً «استمرار الاحتجاجات وعدم إلغاء روتو للقانون الجديد».

وكان المحلل السياسي الكيني، ألينغا توروستيرديت، قد دعا الحكومة إلى «معالجة القضايا التي يثيرها الكينيون من دون تسييس». وذكر في تصريحات له (الجمعة)، أن الاحتجاجات ورد الفعل الحكومي عليها «يسيء إلى صورة البلاد في العالم، ويكشف عن قضايا خطيرة في أسلوب الحكم في البلاد».

وتصارع كينيا أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة، وتراجعاً لقيمة العملة المحلية. وتباطأ النمو الاقتصادي للبلاد مسجلاً 4.8 بالمائة العام الماضي مقارنة بـ7.6 بالمائة في 2021. وذكر تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن «ارتفاع تكلفة المعيشة هو أحد أبرز المخاطر التي تواجهها البلاد».


مقالات ذات صلة

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا أشخاص يرفعون صور عبد الله أوجلان أثناء المسيرة في كولونيا (د.ب.أ)

آلاف يتظاهرون في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم «العمال الكردستاني» أوجلان

تظاهر آلاف الأشخاص في مدينة كولونيا بغرب ألمانيا، السبت، للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي اعتُقل قبل 25 عاماً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متظاهرون يقتحمون مبنى البرلمان في جمهورية أبخازيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

زعيم أبخازيا يعلن استعداده للتنحي إذا أخلى متظاهرون مبنى البرلمان

قال رئيس جمهورية أبخازيا التي أعلنت انفصالها عن جورجيا والمدعومة من موسكو، السبت، إنه مستعد للاستقالة بعد اقتحام متظاهرين مبنى البرلمان.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا خلال مواجهات بين محتجّين والشرطة الهولندية في أمستردام يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

الائتلاف الحاكم في هولندا يتجنب الانهيار وسط صراع بشأن «تعليقات عنصرية»

عقد مجلس الوزراء الهولندي جلسة طارئة، اليوم الجمعة، وسط تقارير عن احتمال انهيار الائتلاف الحاكم بسبب طريقة تعامل الحكومة مع أحداث العنف الأخيرة في أمستردام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
أوروبا متظاهرون يتجمعون خارج مبنى البرلمان في منطقة أبخازيا الانفصالية الجورجية (أ.ب)

اقتحام برلمان إقليم أبخازيا المنشق عن جورجيا بسبب اتفاق استثمار مع روسيا

اقتحم محتجون برلمان إقليم أبخازيا المنشق عن جورجيا والمدعوم من روسيا، اليوم (الجمعة)، وطالب سياسيون من المعارضة باستقالة رئيس الإقليم بسبب اتفاق مع موسكو.

«الشرق الأوسط» (تبيليسي)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.