لماذا صعّدت التنظيمات «المتطرفة» ضد المدنيين في مالي؟

تقرير دولي رصد ارتكاب «انتهاكات»

لاجئون ماليون فارون من الصراع المسلح (أ.ف ب)
لاجئون ماليون فارون من الصراع المسلح (أ.ف ب)
TT

لماذا صعّدت التنظيمات «المتطرفة» ضد المدنيين في مالي؟

لاجئون ماليون فارون من الصراع المسلح (أ.ف ب)
لاجئون ماليون فارون من الصراع المسلح (أ.ف ب)

لماذا صعّدت التنظيمات «المتطرفة» ضد المدنيين في مالي؟ تساؤل أثير عقب تقرير دولي (الخميس) رصد ارتكاب هذه التنظيمات «انتهاكات» في مالي. في حين يرى خبراء وباحثون أن «المدنيين هم الحلقة الأضعف التي تستغلها التنظيمات (الإرهابية) لإظهار قوتها والسيطرة على الموارد».

ووفق تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» (الخميس)، فإن «الهجمات (الإرهابية) ضد المدنيين في مالي تضاعفت منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، ما أجبر آلاف الأشخاص على الفرار من هذه المناطق». وأضاف التقرير أن «الوضع الأمني تدهور بسبب مواجهات بين جماعتين (متطرفتين مسلحتين)، هما (ولاية داعش في الصحراء الكبرى) و(جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) المرتبطة بتنظيم (القاعدة)، حيث تسعى كل واحدة منهما لتعزيز نفوذها».

وأكدت المنظمة، في تقريرها، أنها «وثّقت 8 هجمات بين يناير الماضي، ويونيو (حزيران) الماضي، وقع 6 منها في منطقة غاو، و2 في ميناكا، المنطقة الواقعة في شمال شرق مالي، وتشهد منذ أشهر صعوداً لـ(داعش)». وأضافت أن «هذه الهجمات أودت بحياة (مئات) الأشخاص وأجبرت الآلاف على الفرار».

وتشهد مالي أزمة أمنية عميقة منذ عام 2012 تغذيها جماعات «متطرفة» وجماعات انفصالية أو جماعات للدفاع الذاتي. وقد بدأت في الشمال وامتدت إلى وسط البلاد، ثم إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين. وأدى الصراع إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين.

ويرى محمد الأمين ولد الداه، الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية، أن «الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين في مالي تأتي في سياق استعراض القوة والترهيب، والتوسع الجغرافي والسيطرة على الثروات ومنافذ الإمداد»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الهجمات من هذا النوع «تركز على الرعاة وأهل القرى، حيث يعدون الحلقة الأضعف في الصراع»، لافتاً إلى أن «الصراع يفاقمه التناحر والاحتراب العرقي القائم أساساً».

وعبّرت المنظمة في تقريرها عن قلقها «من قرار سحب بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (مينوسما) بطلب من باماكو»، وسيتم تنفيذه على مدى 6 أشهر حتى نهاية 2023. ورأت أن هذه الخطوة يمكن أن «تقوّض» جهود محاسبة من يتسبب في «الانتهاكات». ودعت المنظمة، السلطات المالية إلى «مضاعفة جهودها» لحماية المدنيين و«العمل بتعاون وثيق» مع شركائها الدوليين.

من جهته، أكد أحمد سلطان، الباحث المصري في شؤون الجماعات المتطرفة، أن «الصراع الحالي في مالي يغذيه العامل الإثني، حيث يقترب (داعش) من إثنية الفولاني، ويقدم نفسه قوة حماية لهم من إثنيات أخرى معروفة بولائها لتنظيم (القاعدة)». وأضاف سلطان لـ«الشرق الأوسط» أن «ضعف الوضع الأمني في مالي أدى إلى تكون (ميليشيات محلية) تتحالف أحياناً مع (داعش) وأحياناً أخرى مع (القاعدة)، وفي جميع الحالات يكون الأهالي العزّل وقوداً وأدوات، كما أن الهجمات الضارية ضد المدنيين تستخدم دعائياً من كل طرف ليظهر أنه (الأقوى)».


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.