«فاغنر» في أفريقيا: ما مستقبل مرتزقة بريغوجين؟

لقطة من مقطع فيديو نُشر على «تلغرام» في 20 مايو 2023 يظهر رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين يقف في أنقاض مدينة باخموت الأوكرانية (أ.ف.ب)
لقطة من مقطع فيديو نُشر على «تلغرام» في 20 مايو 2023 يظهر رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين يقف في أنقاض مدينة باخموت الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» في أفريقيا: ما مستقبل مرتزقة بريغوجين؟

لقطة من مقطع فيديو نُشر على «تلغرام» في 20 مايو 2023 يظهر رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين يقف في أنقاض مدينة باخموت الأوكرانية (أ.ف.ب)
لقطة من مقطع فيديو نُشر على «تلغرام» في 20 مايو 2023 يظهر رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين يقف في أنقاض مدينة باخموت الأوكرانية (أ.ف.ب)

منذ محاولة مجموعة «فاغنر» الانقلابية الفاشلة ضد هيئة الأركان العامة الروسية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، أصبح مستقبل هذه الميليشيا ضبابياً، بما في ذلك مستقبلها في قارة أفريقيا، وفق تقرير نشرته أمس الثلاثاء مجلة «أفريقيا الشابة» (Jeune Afrique).

منذ تمرده الفاشل ضد سيد الكرملين، نُفي بائع الهوت دوغ السابق يفغيني بريغوجين (قائد «فاغنر») في سان بطرسبورغ، حيث تحول إلى أمير حرب في بيلاروسيا. على الجانب الآخر من الحدود، بدأت السلطات الروسية في التفكيك التدريجي لأنشطة «فاغنر» الكثيرة - المرتزقة والدعاية - ما يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل «فاغنر»، خاصة في أفريقيا.

مقاتلون من مجموعة مرتزقة «فاغنر» فوق دبابة أثناء انتشارهم بالقرب من مقر المنطقة العسكرية الجنوبية للجيش الروسي في مدينة روستوف أون دون الروسية في 24 يونيو 2023 (رويترز)

 

ماذا سيحدث لآلة دعاية «فاغنر»؟

إذا اشتهرت «فاغنر» بمرتزقتها، فإن المجموعة لها تخصص آخر: الدعاية والتأثير الإعلامي. بفضل الكثير من المواقع والفرق التي تتحكم في الحسابات على الشبكات الاجتماعية، أنشأ زعيم «فاغنر» يفغيني بريغوجين مشروع «لاختا» (Lakhta) في السنوات الأخيرة. يقدم المشروع مجموعة من الخدمات الرقمية، من التدخل في الانتخابات إلى زعزعة استقرار المعارضين، مروراً بالحفاظ على المشاعر المعادية لفرنسا في أفريقيا.

في الأيام القليلة التي أعقبت محاولة بريغوجين التمرد في روسيا في 23 يونيو الماضي، انخفضت النشاطات على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بـ«فاغنر». تم حظر بعض مواقع مجموعة «باتريوت ميديا» ​​التابعة لبريغوجين من قبل السلطات الروسية، بينما نشر البعض الآخر من هذه المواقع محتوى يدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وينتقد انقلاب «فاغنر». ولكن فيما يتعلق بأفريقيا، فإن حسابات «لاختا» المزيفة سرعان ما استأنفت نشاطها الطبيعي.

وقد طور دعاة «فاغنر» المناهضون لفرنسا خبرة من الصعب استبدالها، في هذا المجال، وفق التقرير.

 

هل تواصل مجموعة «فاغنر» التوظيف؟

جاء في رسالة نُشرت في 4 يوليو (تموز) على إحدى قنوات «تلغرام» التابعة لمجموعة «فاغنر»: «تواصل المجموعة تجنيد الموظفين». وأكدت المجموعة في نفس الرسالة أن الدولة الروسية لم تمنعها من التجنيد وأن مركزها في مولكينو (في روسيا) حيث يتم استقبال المجندين لا يزال مفتوحاً.

أشار التقرير إلى أن «فاغنر ستحاول بشكل خاص جذب مقاتلين يتحدثون العربية أو الفرنسية»، وتساءل إذا كان هؤلاء المجندون يعتزمون القتال في أفريقيا، ولا سيما في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، حيث تكون هاتان المهارتان اللغويتان موضع تقدير.

يفغيني بريغوجين زعيم مرتزقة «فاغنر» الخاصة يتحدث مع الجنود أثناء انسحاب قواته من باخموت وتسليم مواقعهم إلى القوات الروسية النظامية في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 1 يونيو 2023 (رويترز)

 

هل ستتأثر مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى بتمرد «فاغنر»؟

في باماكو وبانغي، كان من الواضح أن تمرد بريغوجين الفاشل كان متابَعاً من كثب. قبل كل شيء، أثار ذلك بعض القلق حول العقيد أسيمي غويتا (الحاكم في مالي) وفوستان آرشانج تواديرا رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى اللذين اختار كلاهما مرتزقة من مجموعة «فاغنر» لتأمين نظاميهما. فماذا سيحدث لهما إذا تم سحب هذا النوع من التأمين على الحياة منهما في غضون أسابيع أو أشهر قليلة؟

بدءاً من 26 يونيو الماضي، بعد يومين من انتهاء هجوم رجال بريغوجين في روسيا، أراد سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، أن يطمئن شركاءه في مالي وأفريقيا الوسطى. وفي مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، قال إن «عمل» «فاغنر» في البلدين «سيستمر بالطبع»، معترفاً علناً بوجود المجموعة في مالي، وهو ما نفته باماكو دائماً.

من جانب مالي أو أفريقيا الوسطى، لا يوجد رد فعل رسمي أو تشكيك في الشراكة مع «فاغنر». ومع ذلك، فإن موجة الصدمة التي سببها تمرد بريغوجين بدأت تظهر في القارة. في ليلة 6 إلى 7 يوليو، أقلع مئات عدة من المرتزقة من بانغي إلى روسيا (ما يصل إلى 500 أو 600، وفقاً لبعض مصادر مجلة «أفريقيا الشابة»)، من بين ما يقرب من 1500 عنصر من «فاغنر» موجودين في جمهورية أفريقيا الوسطى. تحت ضغط من الكرملين، تستعد «فاغنر» لمراجعة تنظيمها وإبلاغ فرقها هذه في أفريقيا أنها ستستجيب الآن لوزارة الدفاع الروسية. يمكن لهؤلاء الرجال - أو بعضهم - العودة بعد ذلك إلى جمهورية أفريقيا الوسطى.

وبينما يمكن توقع حركة مماثلة في مالي (مغادرة من عناصر «فاغنر» باتجاه روسيا مرحليا)، حيث يوجد نحو 1400 مرتزق من «فاغنر» منذ بداية عام 2022، أفاد تقرير «أفريقيا الشابة» بأنه لم تتم ملاحظة أي عودة للقوات هناك إلى روسيا حتى الآن، باستثناء التناوب المعتاد للأفراد من مطار باماكو على متن طائرات «إليوشين» الروسية.

وعد التقرير أنه حتى لو استعادت وزارة الدفاع الروسية مزيداً من السيطرة على أنشطة «فاغنر»، فإن البعض لا يرى أن «فاغنر» سيغادر مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى تماماً على المدى القصير. «فالوجود الروسي في أفريقيا استراتيجي للغاية».

 

هل تستطيع «فاغنر» الاستمرار من دون الكرملين؟

أرباح من الذهب والنفط والماس والخشب أو حتى القهوة والكحول... رجال «فاغنر» يجنون أرباحاً كبيرة من الموارد التي يستغلونها أينما تم نشرهم في أفريقيا - في ليبيا والسودان، ولكن بشكل خاص في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. من الصعب تقدير إيرادات «فاغنر» من هذه الأرباح التي تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات كل عام، ما يسمح لزعيم «فاغنر» بريغوجين بتمويل العمليات العسكرية لمجموعته وعملياتها في تأمين النفوذ.

بالإضافة إلى هذه المكاسب المالية الهائلة، استفادت «فاغنر» دائماً من الدعم اللوجستي والمادي للجيش الروسي. يتم تدريب جزء من مرتزقتها في قاعدة مولكينو، جنوب غرب روسيا، التابعة لجهاز المخابرات العسكرية الروسية الشهير GRU. كما تم نشر قوات «فاغنر» ونقلها باستخدام طائرات النقل إليوشين أو توبوليف من الجيش الروسي. نفس الشيء بالنسبة للمعدات والمركبات والطائرات التي يستخدمونها في العمليات، والتي قدمتها موسكو مرة أخرى. لذلك من الصعب، حسب التقرير، تخيل أن مجموعة بريغوجين يمكن أن تتابع أنشطتها بالكامل دون دعم الكرملين - الذي على الرغم من كل شيء يحتاج إلى «فاغنر» للحفاظ على النفوذ الذي اكتسبته روسيا في أفريقيا في السنوات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناصر من القوات التركية تتولى تدريب قوات ليبية (وزارة الدفاع التركية)

​تقارير أممية تكشف عن تورط تركيا في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتجنيد آلاف المرتزقة السوريين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

القصف يدلّ على تصاعد التوتر منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو إلغاء «اتفاق السلام»، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
خاص معمّر القذافي (رويترز)

خاص «تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أفاد تقرير، صدر الجمعة، بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

والتقرير الذي أعده مسؤولون نيجيريون ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إنسانية كبرى، يعرض الوضع الغذائي مرتين في العام في 26 ولاية تعاني من أزمات في شمال ووسط نيجيريا.

بحسب أحدث الأرقام فإن 25.1 مليون نيجيري يعانون من «انعدام أمن غذائي حاد»، حتى في ذروة موسم الحصاد لهذا العام، بعد فيضانات وارتفاع الأسعار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 33.1 مليون شخص السنة المقبلة، إذ يؤدي انهيار العملة الوطنية «نايرا» إلى ارتفاع أسعار الواردات الغذائية، كما أن انتهاء دعم الوقود يجعل إيصالها وتوزيعها باهظ الكلفة.

وجاء في بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي أن «نحو 5.4 مليون طفل ونحو 800 ألف امرأة حامل أو مرضع معرضون لخطر سوء التغذية الحاد أو الانحطاط في ست من الولايات الأكثر تضرراً».

وأضاف: «من بين هؤلاء، يمكن أن يعاني 1.8 مليون طفل من سوء التغذية الحاد الشديد ويحتاجون إلى علاج غذائي منقذ للحياة».

ويشهد شمال شرقي نيجيريا تمرداً منذ عام 2009، وتنشط عصابات قطاع الطرق والخطف في جميع أنحاء شمال البلاد. وفي موازاة ذلك، جعل تغير المناخ وإزالة الغابات المنطقة أكثر جفافاً.

كما أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرحل.

هذه التحديات الطويلة المدى موجودة منذ فترة طويلة، لكن وضع الاقتصاد النيجيري أدى دوراً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ويشير التقرير إلى استمرار انخفاض قيمة العملة النيجيرية مقابل الدولار، وقرار الرئيس بولا تينوبو العام الماضي إلغاء دعم الوقود الذي كان سارياً منذ عقود.

وبعد مرور عام، في يونيو (حزيران) 2024، وصل معدل تضخم أسعار المواد الغذائية على أساس سنوي إلى 40.9 في المائة.