5 أسباب تبقي «فاغنر» خياراً جذاباً لدول أفريقية

رغم القلق من تداعيات «تمرد» المجموعة الروسية

مؤسس «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ب)
مؤسس «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ب)
TT

5 أسباب تبقي «فاغنر» خياراً جذاباً لدول أفريقية

مؤسس «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ب)
مؤسس «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ب)

تدرك الدول الأفريقية، التي تستعين بخدمات «فاغنر»، أن تداعيات التمرد العسكري للمجموعة الروسية، قد يصل إلى أراضيها آجلاً، إن لم يكن في القريب العاجل، لكنها على ما يبدو تُفضل أن تطمئن لأحاديث الحكومة الروسية في موسكو، بشأن «سير الأمور كالمعتاد»، فثمة 5 أسباب تشكل «عوامل جذب» لاستمرار عمل المجموعة في تلك الدول التي تعاني من اضطرابات أمنية وسياسية. من بينها وفق مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، عدم الثقة في البديل الغربي، والمخاوف من دخول فاعلين آخرين لاستغلال حالة الفراغ، حال التخلي عن «فاغنر»، والتي بدورها لا تمتلك أي طموحات سياسية أو آيديولوجية، وتُركز فقط على استغلال الموارد الاقتصادية، ما يجعلها محل ثقة لدى بعض الحكام الأفارقة.

وطرح «التمرد المجهض»، والذي لم يدم سوى يوم واحد، في الرابع والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي، تساؤلات حول مستقبل المجموعة، التي برزت وبدعم مُعلن من موسكو، كفاعل رئيسي في القارة السمراء، حيث تسهل عبر مشاريع تجارية سرية، النفوذ الروسي. لكن روسيا سعت مبكراً لطمأنة شركائها، وقال وزير الخارجية سيرجي لافروف، في مقابلة تلفزيونية، الاثنين الماضي، إن أحداث تمرد «فاغنر» «لن تؤثر على العلاقات مع الشركاء والأصدقاء».

علم روسي معلق على تمثال في عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى في 22 مارس الماضي (أ.ف.ب)

وخص مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، باعتبارهما أكثر المناطق وجوداً لـ«فاغنر»، مشيراً إلى أن «المجموعة ستواصل عملياتها هناك»، معتبراً أن «تخلي أوروبا عن أفريقيا الوسطى ومالي» دفع بهذين البلدين إلى الانفتاح على روسيا ومجموعة «فاغنر» للحصول منها على مدربين عسكريين و«ضمان أمن قادتهما».

ورغم ذلك يبدو أن روسيا تركت الباب مفتوحاً لإمكانية إبراء مسؤوليتها مستقبلاً، مشيرة إلى أن «التعامل مع المجموعة أمر متروك للدول المعنية»، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن «دول أفريقيا هي من تقرر هل ستستمر في تعاونها مع شركة (فاغنر) أم لا، فهذا يعتبر حقاً سيادياً».

وتشير تقارير لمؤسسات بحثية دولية إلى تمركز قوات «فاغنر» في دول أفريقية عدة، منها مالي وأفريقيا الوسطى وليبيا والسودان، إضافة إلى تقديم خدمات أمنية بعدد من دول منطقة الساحل والصحراء. ويصف تقرير نشرته شبكة المجتمع المدني «المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان (GIATOC)»، خلال العام الحالي، حول «فاغنر» في أفريقيا، المجموعة بأنها «اللاعب الروسي الأكثر نفوذاً في أفريقيا اليوم».

فيما يشير تحليل نشره موقع «مجلس العلاقات الخارجية (The Council on Foreign Relations - CFR)» إلى أن «فاغنر» تمتلك علاقات قوية مع عديد من الحكومات الأفريقية على مدى العقد الماضي من خلال عمليات في 8 دول أفريقية على الأقل، وفقاً لوثائق أميركية مسربة. وتشير تقارير غربية لوجود نحو 1900 خبير لمساعدة القوات الحكومية في أفريقيا الوسطى، ونحو 1200 من عناصر «فاغنر» يعملون في ليبيا، ومقاتلين في مالي وبوركينا فاسو. بينما يعود تاريخ «فاغنر» في السودان إلى حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، قبل أن تواصل المجموعة علاقتها بقوات «الدعم السريع» هناك حالياً.

حاجة أمنية مُلحة

تقدم «فاغنر» الدعم العسكري للحكومات الأفريقية في الدول الموجودة بها، والتي جاء بعضها عبر انقلابات عسكرية، كما تساعد على احتواء الجماعات المتمردة المسلحة، في ظل ضعف المؤسسات العسكرية والأمنية بتلك الدول، وتنامي الإضرابات والحركات المسلحة، ذات النزعة الانفصالية، كما يوضح محمد تورشين، الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، والمقيم في باريس.

يقول تورشين لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مخاطر من انسحاب (فاغنر) من تلك الدول الأفريقية، خاصة أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو، فالإضرابات الأمنية والسياسية وكثرة الحركات المسلحة المتطرفة، مع وجود أزمات إثنية وقبلية وعقائدية، تجعل استعانة تلك الأنظمة الشمولية ذات التوجهات القمعية بـ(فاغنر)، أمراً حتمياً في الوقت الراهن على الأقل».

ويعيش المجلس العسكري الانتقالي في مالي، الذي جاء بعد انقلابين متتاليين الأول في أغسطس (آب) 2020، والثاني في مايو (أيار) 2021، مرحلة حرجة، نظراً لافتراض تسليمه السلطة عقب انتخابات تُجرى العام المقبل، فيما تعاني بوركينا فاسو وقادتها العسكريون من أزمات أمنية واسعة.

ويتزايد اعتماد المجلس العسكري في البلدين على مسلحي مجموعة «فاغنر» التي تتميز بأنها «تعمل خارج أطر القانون الإنساني الدولي»، كما يؤكد الخبير السوداني، ومن ثم فهي «غير معنية بالقيود التي تُوضع على الحكومات، لذا تمارس انتهاكات بشكل مستمر دون النظر إلى أي تداعيات».

وتتهم الأمم المتحدة عناصر «فاغنر» في مالي، بالتورط في عمليات تعذيب واغتصاب، حيث أعربت مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي عن بالغ قلقها بشأن «تزايد مشاركة مزودي الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة في العمليات الإنسانية». فيما أشارت «مجموعة الأبحاث والمعلومات حول السلام والأمن» ومقرها بروكسل، في دراسة نُشرت في مارس (آذار) الماضي، إلى تورط عناصر مرتزقة في ارتكاب جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان دون تردد.

وترى الدكتورة نورهان الشيخ، عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، أن الحاجة الأمنية الملحة تجعل غالبية الدول الأفريقية المعنية تتمسك باستمرار «فاغنر» على أراضيها في الوضع المنظور على الأقل، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن دورها «بات مهماً في تثبيت الأنظمة الهشة هناك، ومن ثم فإن أي تغيير سيكون بالغ التكلفة».

عدم وجود طموح سياسي

ميزة ثانية تجعل «فاغنر» مفضلة لدى القادة الأفارقة العسكريين، تشير إليها السياسية المصرية. تقول نورهان الشيخ: «(فاغنر) هي شركة أمن متعاقدة معها وليس لديها طموح أي عسكري أو سياسي في هذه الدول، بعكس التعامل مع حكومات الدول الغربية التي تتدخل سياسياً بتفضيل حكومات بعينها، بينما يتعلق الأمر فقط في (فاغنر) بالأموال والمصالح الاقتصادية».

وبحسب المحلل البوركينابي والخبير بالشؤون الأفريقية محمد الأمين سوادغو، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» من واغادوغو، فإن عمليات المجموعة تمتد إلى ما وراء الجهود الأمنية لتشمل قطاعات الذهب وقطع الأشجار والتعدين، حيث توجد شركات تعدين خاصة تابعة لها، متخصصة في تنقيب الذهب والماس واستخراجهما وبيعهما في عدة بلدان أفريقية لها صلة مباشرة بالكرملين، وأعمالها تصب في مصلحة «فاغنر» فرع أفريقيا قبل غيرهم، وبالتالي فلن يفرطوا في تلك المصالح التي جاؤوا من أجلها، وهي التي تمولهم في أوكرانيا وتساعد الدولة الروسية من الانهيار الكلي أمام العقوبات الغربية الشديدة.

وبالنسبة للحكومات الأفريقية التي تواجه قيوداً مالية، فإنها تجد خدمات «فاغنر» جذابة، كما يوضح سوادغو، حيث «يجري سداد المدفوعات غالباً من خلال حقوق التعدين أو امتيازات الوصول إلى السوق».

دعم روسي غير مشروط

رغم الأزمة فإن ارتباط روسيا بـ«فاغنر» أمر لا مفر منه، حيث تثق الدول الأفريقية بالدعم الروسي، غير المرتبط بمطالب حقوقية أو ديمقراطية، كما يقول سوادغو، حيث إن «فاغنر» لا تعمل وحدها في تلك البلدان، بل معهم خبراء عسكريون روس، يقدمون إلى روسيا خدمة كبيرة بتعزيز نفوذها. ويرى الخبير البوركينابي أن كثيراً من المحللين يخطؤون عند حديثهم عن ملف استعانة بعض الدول الأفريقية بـ«فاغنر» ويعتقدون أنه يمكن سحبهم بعد الحادثة التي حصلت مؤخراً بين قائد المجموعة يفغيني بريغوجين والرئيس بوتين، مؤكداً أن «ولاء الوحدة الموزعة في مختلف بلدان أفريقيا للدولة الروسية وبوتين أكثر من ولائها ليفغيني نفسه، وثمة أخبار عن امتعاضها من تصرفات قائد (فاغنر) في أوكرانيا، وطمأنة قادة البلدان بمواصلة عملهم تحت قيادة أوامر القيادة الروسية».

ويضيف: «مهمة (فاغنر) في بعض بلدان أفريقيا تدريبية تسليحية، فحتى لو غادرت اليوم في بعض معسكراتها... فمن الممكن أن يسد ثغرتهم الخبراء الروس المتخصصون في المجال اللوجيستي والتخطيطي وتوصيل الإمدادات العسكرية والمعلومات اللوجيستية».

وقامت مجموعة «فاغنر» بتوسيع نفوذها في أفريقيا مؤخراً من خلال شبكة من الشركات والتحالفات التي تعمل في منطقة قانونية رمادية، كما توضح نورهان الشيخ، التي تعتقد أنه «حتى إذا حدثت إعادة هيكلة في المجموعة كأحد تداعيات التمرد الأخير، فإن الأمر لن يتجاوز القادة في روسيا وأوكرانيا، ولن يمتد لأفريقيا على النحو الذي يعرقل عملها، وثقة القادة الأفارقة بها».

ضعف البديل الغربي

يعتقد المحلل السياسي الأميركي بوبي جوش أن التطورات الأخيرة تقدم للدول الغربية فرصة ذهبية لاقتلاع مجموعة «فاغنر» وعناصرها من الدول الأفريقية التي تنشط فيها، ويرجع ذلك في تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ»، الأسبوع الماضي، إلى تراجع محتمل بسبب اهتزاز الثقة بمستقبل المجموعة، لكن السوداني تورشين، يعتبر أن «الاستعانة بـ(فاغنر) مستمرة، وإن كانت بتغيير الوجهات والأسماء، بسبب ضعف البديل الغربي، خاصة أن هذه الدول هي سبب كل الأزمات التي تعيشها أفريقيا»، على حد قوله، وأن القارة تشهد حالياً «تنامياً للتيار التحريري من الاستعمار الفرنسي والغربي بشكل عام... ولذلك فإن التنافس لا يصب في صالح الغرب».

يتفق سوادغو، قائلاً: «استغلت الدول الغربية أزمة (فاغنر) عبر إعلامها لضرب معنويات الشعوب الأفريقية التي تسعى للخروج من عباءة الاستعمار الغربي الذي أثقل كاهل أفريقيا والمواطن الأفريقي إلى استقلالية تامة... لكن سرعان ما فهمت الشعوب الأفريقية أن أزمة (فاغنر) لن تؤثر على شراكتهم مع روسيا في المجال العسكري المؤقت»، وبينما يعترف بأن ثقة الأفارقة اهتزت بسبب الأزمة في روسيا، ففي المقابل إذا استمر الوضع الراهن فسيكون عبر الاعتماد على النفس مع تعدد الشراكات مع جميع القوى العالمية، بعيداً عن الاستغلال الغربي، كتوسعة الشراكة مع الصين وتركيا وكوريا الشمالية».

منع دخول فاعلين آخرين

أحد عوامل الجذب، التي تجعل الأفارقة يفضلون استمرار التعاون مع «فاغنر»، هو الخوف من دخول فاعلين آخرين لاستغلال حالة الفراغ الأمني التي قد يسببها انسحاب تلك القوات، مثل الجماعات المتمردة المسلحة. ويتوقع الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن يؤدي انسحاب قوات «فاغنر» في حالة جمهورية أفريقيا الوسطى، مثلاً، إلى إعطاء فرصة للجماعات المتمردة المسلحة لاكتساب المزيد من الأراضي وزعزعة استقرار البلاد، وينطبق السيناريو نفسه على مالي وبوركينا فاسو، وليبيا التي تساند فيها فاغنر «الجيش الوطني» بقيادة خليفة حفتر.

الأمر قد يصبح أكثر صعوبةً، وفقاً لعبد الرحمن، إذا قررت موسكو حل مجموعة «فاغنر»، فمن المُحتمل أن تتحول «فاغنر» إلى هياكل مرتزقة فرعية لا يمكن السيطرة عليها، وتؤسس علاقاتها الخاصة مع الحكومات المحلية، متجاهلة نفوذ موسكو.


مقالات ذات صلة

التلفزيون الروسي: جيشنا ينشط في 6 دول أفريقية

أوروبا قال مراسل للتلفزيون الرسمي الروسي في تقرير بُثَّ الأحد: «ينشط ضباط وجنود من وحدة القوات المسلحة الروسية في 6 دول أفريقية» (رويترز)

التلفزيون الروسي: جيشنا ينشط في 6 دول أفريقية

ينشط الجيش الروسي في 6 دول أفريقية، وفق تقرير للتلفزيون الرسمي، في اعتراف قلما يحدث بمدى الوجود العسكري الرسمي لموسكو في هذه القارة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أفريقيا تنظيم «القاعدة» يعلن مقتل 4 جنود في هجوم ضد الجيش المالي والفيلق الروسي (تواصل اجتماعي)

«القاعدة»: مقتل 4 جنود في هجوم ضد جيش مالي والفيلق الروسي

أعلن تنظيم «القاعدة»، الثلاثاء، مقتل 4 جنود على الأقل، خلال هجوم استهدف رتلاً من الجيش المالي، كان برفقته جنود من «الفيلق الروسي».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الجيش المالي أكد مضيّه قدماً في الحرب على الإرهاب (إعلام محلي)

مالي: مقتل 15 إرهابياً بقصف للجيش

أعلن الجيش المالي أنه شن ضربات جوية على معاقل تابعة لجماعات إرهابية، وقتل ما لا يقل عن 15 إرهابياً، في محافظة سيغو، وسط البلاد.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أفريقيا صورة نشرتها وزارة الدفاع البيلاروسية يوم الخميس 20 يوليو 2023 لمقاتلين من «فاغنر» وسط مناورات بميدان إطلاق نار بالقرب من مدينة بريست الحدودية (أ.ب)

ما بعد بريغوجين: تراجع النفوذ الروسي في أفريقيا يفتح الباب أمام عودة الغرب

يقول مسؤول عسكري أميركي رفيع إن بعض هذه الحكومات باتت تبحث من جديد عن قنوات تعاون مع واشنطن، حسب تقرير «وول ستريت جورنال»

إيلي يوسف (واشنطن)
أفريقيا صورة نشرها التلفزيون الحكومي المالي لقادة محاولة انقلابية فاشلة الشهر الماضي ضمنهم فرنسي (إعلام محلي)

فرنسا توقف تعاونها مع مالي في مكافحة الإرهاب

قررت فرنسا تعليق تعاونها مع مالي في مجال الحرب على الإرهاب، من ضمن موجة جديدة من التصعيد الدبلوماسي بين البلدين.

الشيخ محمد (نواكشوط)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.