بوركينا فاسو: مصرع 50 مسلحاً وتدمير قواعد إرهابية

التبرعات الشعبية للقضاء على الإرهاب تتجاوز 35 مليون دولار

جندي من جيش بوركينا فاسو خلال دورية عسكرية (إ.ب.أ)
جندي من جيش بوركينا فاسو خلال دورية عسكرية (إ.ب.أ)
TT

بوركينا فاسو: مصرع 50 مسلحاً وتدمير قواعد إرهابية

جندي من جيش بوركينا فاسو خلال دورية عسكرية (إ.ب.أ)
جندي من جيش بوركينا فاسو خلال دورية عسكرية (إ.ب.أ)

قُتل 50 مسلحاً في اشتباكات بين جيش بوركينا فاسو ومجموعة وصفها الجيش بأنها «إرهابية»، نصبت كميناً لوحدة عسكرية (الأحد) في منطقة «باراني»، شمال البلاد، لكن الكمين فشل بسبب تدخل سلاح الجو.

وقال الجيشُ في برقية نشرتها «وكالة أنباء بوركينا فاسو»، (الاثنين)، إن وحدة من الجيش «تعرضت لهجوم في منطقة باراني في أثناء قيامها بمهمة استطلاعية هجومية»، وأضاف الجيش أن «يقظة الجنود وردة فعلهم السريعة أرغمتا المجرمين على أن يلوذوا بالفرار».

وأكد الجيش أنه خلال مواجهة العناصر التي وصفها بـ«الإرهابية» استعان «بسلاح الجو للقضاء على عدد من المهاجمين الفارين»، مشيراً إلى أن مسيرات مكنت من «تحديد مكان المسلحين في منازل مهجورة بقرية يالانكورو».

وقال الجيش إنه بعد التأكد من اختباء العناصر الإرهابية في قاعدة لوجيستية داخل إحدى الغابات، محتمين بأشجار ضخمة، تدخلت مروحيات عسكرية، ووجهت ضربات دقيقة مكنت من القضاء على نحو خمسين مسلحاً.

ووفق المصدر نفسه، فإن وحدات من الجيش شنت «عمليات تمشيط واسعة» في المنطقة بحثاً عن أي فارين محتملين من المجموعة الإرهابية التي نفذت الهجوم، خصوصاً أن شمال بوركينا فاسو تنشط فيه جماعات مسلحة تدين بالولاء لتنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، وأخرى تبايع تنظيم «داعش».

لقطة تدمير قاعدة لوجيستية تابعة للإرهابيين في شمال بوركينا فاسو (التلفزيون الحكومي لبوركينا فاسو)

وفي غضون ذلك، نشر التلفزيون الحكومي لبوركينا فاسو صوراً للعملية العسكرية حصل عليها من الجيش، يبدو أنها التقطت من طائرة مسيرة، توضح لحظات فرار العناصر الإرهابية واختبائها في إحدى الغابات، ونقل التلفزيون عن مصدر في الجيش قوله إن «الأمر يتعلقُ بقاعدة يستخدمها الإرهابيون لتدريب المقاتلين المكتتبين حديثًا»، وأضاف المصدر نفسه أن «مصالح الاستخبارات البوركينية تمكنت من تحديد مواقع هذه القواعد اللوجيستية التي يستخدمها الإرهابيون، على مسافة نحو عشر كيلومترات من مدينة أواهيغويا».

وأوضح المصدر الذي تحدث للتلفزيون الحكومي أن «هذه القواعد تستخدم لتدريب المقاتلين، وأيضاً للتخطيط لعمليات إرهابية ضد السكان المحليين والدولة»، وأشار المصدر إلى أنه «بفضل سلاح الجو وجهت ضربات عالية الدقة لهذه القواعد وتدميرها بشكل تام».

ويخوض الجيش في بوركينا فاسو حرباً شرسة ضد الجماعات الإرهابية التي تسيطر على أكثر من أربعين في المائة من مساحة البلاد، حسب بعض التقارير غير الرسمية، ونجح خلال الأشهر الأخيرة في تحقيق بعض الانتصارات على الأرض، ولكنه لا يزال يعاني من نواقص لوجيستية ومالية.

ومن أجل تعويض ذلك النقص، قررت الحكومة منذ أشهر عدة إنشاء «صندوق الدعم الوطني» لجمع تبرعات لمساندة الحرب على الإرهاب، وهو صندوق يستقبل التبرعات من الدولة والشركات والأفراد.

وقال وزير المالية (الأحد) إن مداخيل الصندوق تضاعفت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بنسبة 163 في المائة، وأضاف الوزير أن مداخيل الصندوق وصلت تضاعفت من 11 مليون دولار في شهر مارس (آذار) الماضي، لتصل مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي إلى أزيد من 35 مليون دولار.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.