هل تنشئ موسكو قاعدة عسكرية «دائمة» في أفريقيا الوسطى؟

مسؤول رسمي تحدث عن حاجة بلاده إليها

جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)
TT

هل تنشئ موسكو قاعدة عسكرية «دائمة» في أفريقيا الوسطى؟

جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)

أعرب سفير جمهورية أفريقيا الوسطى لدى روسيا، ليون دودونو بوناغازا، الاثنين، عن «رغبة مواطني بلاده بوجود قاعدة عسكرية روسية في بلاده»، فيما رجح خبراء حدوث ذلك، ورأوه تطوراً نوعياً في سياق التنافس الاستراتيجي الدولي على دول القارة السمراء.

وقال السفير بوناغازا الاثنين خلال مقابلة صحافية: «نحن بحاجة إلى قاعدة عسكرية روسية يمكن أن يوجد فيها ما بين خمسة إلى عشرة آلاف جندي». وفي تصريحات نقلتها وكالة سبوتنيك الرسمية الروسية، الاثنين، أكد وزير الدفاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، كلود رامو بيرو، أن «المفاوضات مع موسكو حول بناء قاعدة عسكرية في بلاده، جارية، ولم يتم تحديد موعد افتتاح القاعدة بعد».

ورأى العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن «الحديث عن قاعدة عسكرية في أفريقيا الوسطى، يعكس تطوراً نوعياً في العلاقات والتعاون العسكري بين البلدين»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن إنشاء القاعدة بقرار سيادي رسمي منسق مع السلطات الرسمية في روسيا أمر يتجاوز فكرة حضور روسيا هناك عبر مجموعة فاغنر. وتوقع أن «تستغل روسيا ذلك الإعلان وتلبي الدعوة في سياق مساعيها لزيادة نفوذها في القارة ومجابهة الضغوط الأميركية للحد منه».

وأشار إلى أنه «حال موافقة السلطات من الجانبين، سيكون ذلك متماشيا مع قواعد السيادة التي ينص عليها القانون الدولي».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت هيئة الأركان العامة الفرنسية، خروج آخر جندي فرنسي من أفريقيا الوسطى. وكانت باريس أعلنت قبلها تعليق تعاونها العسكري مع البلاد بعد تعزيز التعاون العسكري بين بانغي وموسكو.

في المقابل، تدعي السلطات في بانغي، أن روسيا ساعدت بلادهم في استعادة 90 في المائة من أراضيها التي كانت بقبضة الجماعات المسلحة.

وكان تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية صدر في فبراير (شباط) الماضي، قال إن واشنطن عرضت على بانغي تدريب جيشها وزيادة المساعدات الإنسانية لها، مقابل طرد عناصر مجموعة فاغنر العسكرية الروسية من البلاد. وأضاف التقرير أن رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، تلقى مذكرة من الإدارة الأميركية في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2022، توضح له «الفوائد التي قد يجنيها من الانفصال عن (فاغنر) والعواقب التي يمكن أن يتكبدها ببقائه على تحالف معها».

وقررت واشنطن منذ يناير (كانون الثاني) الماضي تشديد عقوباتها المفروضة على مجموعة «فاغنر» الروسية، بعد أن صنفتها وزارة الخزانة الأميركية «منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود». وقالت إن المجموعة منخرطة في أنشطة إجرامية خطيرة في أفريقيا الوسطى ومالي.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يقول العباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية المغربي والمدير العام للمجلة الأفريقية للسياسات العامة، إن «روسيا لديها الإمكانات المادية والبشرية لإنشاء مثل تلك القاعدة، لا سيما في ظل رؤيتها لأفريقيا شريكا وحليفا مهما في العالم الجديد متعدد الأقطاب».

ورأى أن تصريحات مسؤولي بانغي تعكس عدم استقبال محاولات أميركا والغرب من النظام في بانغي بـ«إشارات إيجابية». ولفت الوردي إلى أنه لو «أنشئت تلك القاعدة فلن تكون الأخيرة، ومن الممكن تكرار السيناريو في دول حليفة لموسكو مثل مالي وبوركينا فاسو».

وهاجم رئيس أفريقيا الوسطى، فاوستين أركانج تواديرا، في الآونة الأخيرة الدول الغربية، متهماً إياها بـ«الإبقاء على حالة عدم الاستقرار السياسي في بلاده من أجل نهب ثروات البلاد ومنع تنميتها». كما انتقد «الحصار غير العادل وغير الشرعي المفروض على تجارة الماس وعلى الأسلحة المخصصة للقوات المسلحة في بلاده»، إضافة إلى «حملاتِ التضليل والشيطنة التي تشنّها بعض وسائل الإعلام الأجنبية من أجل ثني المستثمرين». على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.