بينما تقود الولايات المتحدة الأميركية المناورات العسكرية «الأضخم» في أفريقيا، تُصعّد سياسيا إلى جانب قوى غربية ضد أنشطة مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية في القارة.
واستمرّت الأربعاء مناورات «الأسد الأفريقي»، التي انطلقت الاثنين بمشاركة 8 آلاف جندي من 18 دولة، معظمهم من القارة الأفريقية. وقال قائد أركان القيادة الأفريقية، جويل تايلر، إن «مناورات (الأسد الأفريقي) في نسختها الثالثة والعشرين، والتي تجرى في المغرب وغانا والسنغال وتونس، هي محور استراتيجية تدريبات أفريكوم (القيادة الأفريقية)، وأحد أضخم التدريبات الأميركية في جميع أنحاء العالم».
وفي مارس (آذار) الماضي، أجرت الولايات المتحدة في غانا، برنامجها التدريبي السنوي «فلينتلوك» لمكافحة «الإرهاب» بمشاركة 30 دولة، بهدف تعزيز الدفاعات الحدودية في «مواجهة متشددين ينشطون جنوبا ويتوغلون إلى مناطق جديدة. وفي فبراير (شباط) الماضي، أجرى الجيش الأميركي مناورات عسكرية بمشاركة القوات المسلحة الكينية، وحضور عناصر من الصومال وأوغندا ورواندا وبوتسوانا وجيبوتي ودول أخرى.
ويرى حمدي بخيت، الخبير والمحلل العسكري المصري، أن المناورات التي تقودها أميركا «تأتي في سياق تعزيز علاقاتها في المنطقة لمواجهة النفوذ الروسي المتزايد في دول الساحل الأفريقي وكبحه عن الانتقال لدول غرب أفريقيا». ورجح أن يكون «الحضور العسكري الأميركي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا يهدف أيضاً إلى تعويض غياب فرنسا عن المنطقة». وتابع بخيت لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحدث في أفريقيا، هو «مناخ متنامٍ للتنافس بين القوى الدولية، حيث نشهد زيادة في الحشد والتدريب على احتمالات نشوب مواجهات بين المحور الغربي الذي تقوده أميركا والمحور الصيني - الروسي في المقابل».
نشاط «فاغنر»
قالت وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق إن «مجموعة (فاغنر) الروسية تحاول التعتيم على مساعيها للحصول على معدات عسكرية لاستخدامها في أوكرانيا»، مضيفة أنه «تمّ إبلاغ واشنطن بأن قوات المرتزقة تحاول شراء أنظمة عسكرية من موردين أجانب، وتوجيه هذه الأسلحة عبر مالي كطرف ثالث».
وقررت واشنطن، في يناير (كانون الثاني) الماضي، تشديد عقوباتها المفروضة على مجموعة «فاغنر» الروسية، بعد أن صنفتها وزارة الخزانة الأميركية «منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود». وقالت وزارة الخزانة حينها إن «أفراد (فاغنر) منخرطون في نمط مستمر من النشاط الإجرامي الخطير في أفريقيا الوسطى ومالي»، كما تبنّت فرنسا أخيراً قراراً يدعو إلى إدراج «فاغنر» في قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، فيما ذكرت صحيفة «التايمز» أن بريطانيا «ستصنّف المجموعة منظمة إرهابية».
ويرى ميار الإدريسي، الخبير المغربي في الشؤون الأفريقية، أن مساعي واشنطن والقوى الغربية «تأتي في سياق التنافس الجيواستراتيجي على القارة ومواجهة ازدياد النفوذ الروسي والصيني فيها»، مشيراً إلى أن «التنافس قد يتّجه إلى أن يكون أكثر احتداماً». وتوقّع الإدريسي أن «واشنطن وحلفاءها سوف يلجأون في استراتيجيتهم تجاه القارة إلى آليات، منها الاستمالة بالمساعدات المالية والانخراط الاقتصادي وورقة العقوبات الاقتصادية وفرض العزلة الدولية على الدول التي تتقارب مع روسيا». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحضور العسكري الأميركي يسعى كذلك إلى إيقاف تمدد (فاغنر) في دول غرب أفريقيا، حيث لها مصالح اقتصادية وجيواستراتيجية مهمة هناك».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في القمة الأفريقية، التي عقدتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تعهدها بتقديم مساعدات وأنشطة اقتصادية للقارة السمراء، تلا ذلك زيارة عدد كبير من المسؤولين في واشنطن للقارة.