أول زيارة رسمية لحكومة «طالبان» تكرس التقارب بين موسكو وكابل

اتفاق على رفض الوجود العسكري الأميركي وتفاهم على دعم واسع لأفغانستان

التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (غير مصور) بوزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة التي شكلتها حركة «طالبان» أمير خان متقي (يمين) على هامش الاجتماع السابع لـ«صيغة موسكو للمشاورات» بشأن أفغانستان في موسكو (د.ب.أ)
التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (غير مصور) بوزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة التي شكلتها حركة «طالبان» أمير خان متقي (يمين) على هامش الاجتماع السابع لـ«صيغة موسكو للمشاورات» بشأن أفغانستان في موسكو (د.ب.أ)
TT

أول زيارة رسمية لحكومة «طالبان» تكرس التقارب بين موسكو وكابل

التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (غير مصور) بوزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة التي شكلتها حركة «طالبان» أمير خان متقي (يمين) على هامش الاجتماع السابع لـ«صيغة موسكو للمشاورات» بشأن أفغانستان في موسكو (د.ب.أ)
التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (غير مصور) بوزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة التي شكلتها حركة «طالبان» أمير خان متقي (يمين) على هامش الاجتماع السابع لـ«صيغة موسكو للمشاورات» بشأن أفغانستان في موسكو (د.ب.أ)

كرست أول زيارة أفغانية رفيعة لروسيا في عهد «طالبان» مسار التقارب بين موسكو وكابل، وبرز تطابق في وجهات نظر الطرفين الروسي والأفغاني، في معارضة أي وجود عسكري للولايات المتحدة في أفغانستان، كما أسفرت اجتماعات «صيغة موسكو» بمشاركة أطراف إقليمية عن تفاهم على تقديم مساعدات واسعة النطاق للسلطات الأفغانية.

المشاركون في الاجتماع السابع لصيغة موسكو للمشاورات بشأن أفغانستان بمن فيهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف و وزير الخارجية الأفغاني بالإنابة أمير خان متقي في صورة بموسكو 7 أكتوبر 2025 (رويترز)

شارك وزير الخارجية الأفغاني بالإنابة، أمير خان متقي، الاثنين، للمرة الأولى في محادثات «صيغة موسكو» التي تضم بالإضافة إلى ممثلي روسيا وأفغانستان، ممثلين عن الهند وإيران والصين وباكستان، بلدان منطقة آسيا الوسطى كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، فيما تشارك بيلاروسيا بصفة ضيف على المجموعة.

وهذه أول زيارة رسمية لوزير الخارجية بعد الاعتراف الروسي رسمياً بحكومة «طالبان» كسلطة شرعية في البلاد في يوليو (تموز) الماضي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المؤقتة، حافظ ضياء أحمد، عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، إن زيارة متقي تأتي بدعوة رسمية من الاتحاد الروسي. وأجرى متقي جلسة محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش الاجتماع السابع لـ«صيغة موسكو» حول أفغانستان، تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي والاستقرار الإقليمي.

ويترأس لافروف الاجتماع الأوسع لـ«صيغة موسكو»، وتركزت المناقشات خلاله على المصالحة الوطنية الأفغانية، ومكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي، وتم التوافق على بيان ختامي مشترك أكد الموقف الجماعي لدعم السلطات الأفغانية وتقديم أول رزمة مساعدات إنسانية.

أعضاء الوفدين برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الأفغاني بالإنابة أمير خان متقي يحضرون اجتماعاً في موسكو 7 أكتوبر 2025 (رويترز)

وبرز تطابق في مواقف الطرفين الروسي والأفغاني حيال ملف الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان على خلفية دعوات الرئيس دونالد ترمب لاستعادة السيطرة على قاعدة باغرام العسكرية.

وقال لافروف خلال اللقاء إن «الوجود العسكري للاعبين من خارج المنطقة في أفغانستان قد يثير صراعات جديدة» مشدداً على رفض موسكو نشر أي قوات على أراضي أفغانستان.

وزير الخارجية الأفغاني بالإنابة أمير خان متقي يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال الاجتماع السابع لـ«صيغة موسكو للمشاورات» بشأن أفغانستان في موسكو 7 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

وأوضح خلال افتتاحه الاجتماع: «نؤكد مجدداً رفضنا القاطع لنشر بنى تحتية عسكرية من دول ثالثة على أراضي أفغانستان، وكذلك على أراضي الدول المجاورة، تحت أي ذريعة كانت».

وأضاف أن «الوجود القسري لأطراف خارجية قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار ونشوب صراعات جديدة».

وأكد أن مشاركة أفغانستان في العمليات السياسية في المنطقة من شأنها تسهيل أنشطة المنظمات الاقتصادية ومتعددة الأطراف، ودعا الغرب إلى تحمل مسؤولية إعادة إعمار البلاد وتعويض الأضرار التي لحقت باقتصادها.

وأشاد لافروف بأداء حكومة كابل وقال إنها «تمكنت، تحت ضغط خارجي خطير وبميزانية حكومية متواضعة نسبياً، من مكافحة الجماعات الإرهابية بشكل فعال، وفي مقدمتها الفرع الأفغاني لتنظيم (داعش)».

وأشار إلى أنه «تم القضاء على مئات المسلحين الذين نشروا الموت والدمار على الأراضي الأفغانية».

كما لفت لافروف إلى النجاحات المحرزة في مكافحة تهريب المخدرات. وقال: «تم إحراز تقدم كبير في جهود مكافحة المخدرات. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، انخفضت زراعة وإنتاج الأفيون في أفغانستان بنسبة 90 في المائة منذ عام 2022»، واصفاً هذه الأرقام بأنها «نتيجة ممتازة».

وكانت موسكو بررت إعادة العلاقات مع كابل وإطلاق تنسيق أمني واقتصادي واسع بضرورة «مواجهة التحديات المشتركة وعلى رأسها الإرهاب وتجارة المخدرات».

وقال لافروف إنه «يمكن الملاحظة أنه بعد 4 سنوات من توليها السلطة أصبحت الحكومة في كابل أقوى وتدير الدولة بثقة».

وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، دعا الوزير الروسي مجدداً «المانحين الخارجيين إلى عدم نسيان الأفغان ومساعدتهم وعدم ربط المساعدات الإنسانية بشروط سياسية».

وشدد على أن الوضع الإنساني في أفغانستان «لا يزال صعباً. ويتفاقم بسبب الكوارث الطبيعية وعدم استقرار المناخ. ويحتاج أكثر من نصف سكان البلاد، وتحديداً 22 مليوناً من أصل 39 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية. ويفتقر 21 مليون شخص إلى مياه الشرب النظيفة والرعاية الصحية الأساسية».

يتصافح وزير الخارجية الأفغاني بالإنابة أمير خان متقي ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل محادثاتهما على هامش مشاورات «صيغة موسكو» بشأن أفغانستان في موسكو يوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 (أ.ب)

وشدد لافروف على أن روسيا، من جانبها، ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية لأفغانستان وزيادتها.

بدوره شدد متقي، خلال المحادثات مع لافروف، على أن كابل «لن تسمح بعودة القوات الأميركية إلى القاعدة الجوية في باغرام».

وكان ترمب قد هدد أفغانستان بعواقب «سيئة» إذا رفضت تسليم القاعدة للسيطرة الأميركية، مشيراً إلى أنه ينتظر نقل القاعدة فوراً.

ورداً على ذلك، تفاعلت الجهات الرسمية الأفغانية بحدة مع تهديد الرئيس الأميركي. ووصفها المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية، عبد المتين قاني، بأنها «مليئة بالكراهية والطموحات التوسعية»، فيما قال المتحدث الرسمي باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، إن دعوة الرئيس الأميركي لاستعادة قاعدة باغرام مرفوضة ولا يمكن التعامل معها. وزاد: «لن يسمح الأفغان أبداً بأن تسلم أرضهم لأي طرف تحت أي ظرف من الظروف».

وفي ختام الاجتماع أكد المشاركون دعمهم لتحول أفغانستان إلى دولة «مستقلة وموحدة وسلمية»، وفقاً للبيان الختامي.

وأوضح البيان الذي نشر على قناة وزارة الخارجية الروسية في «تلغرام» أن المشاركين «أكدوا دعمهم لتحول أفغانستان إلى دولة مستقلة وسلمية، وخالية من الإرهاب والمخدرات»، معربين عن «استعدادهم لتقديم المساعدة لكابل في تعزيز الأمن الإقليمي».

كما دعت الدول المشاركة إلى «تعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف»، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأكدت الأطراف استعدادها لـ«مواصلة الدعم الإنساني للشعب الأفغاني، ودعت المجتمع الدولي إلى تكثيف تقديم المساعدة الإنسانية الطارئة»، مع التأكيد على «عدم جواز تسييس هذه المساعدة».

وفي إشارة إلى تطابق المواقف حيال رفض الوجود العسكري الأجنبي، حذر المشاركون من أن «محاولات الدول لنشر عناصر من بنيتها التحتية العسكرية في أفغانستان والدول المجاورة لها غير مقبولة»، مؤكدين أن هذه الخطوات «لا تتفق مع مصالح السلام والاستقرار الإقليمي».


مقالات ذات صلة

شقوق المسجد الأزرق في مزار شريف تكشف تصدعات أفغانستان العميقة

آسيا بعض المارة يتفقدون المسجد الأزرق في مزار شريف الاثنين (غيتي)

شقوق المسجد الأزرق في مزار شريف تكشف تصدعات أفغانستان العميقة

زلزال بقوة 6.3 درجات يضرب شمال أفغانستان ويُلحق أضراراً جسيمة بالمعلم التاريخي... ومسجد مزار شريف يتحول مرآةً لأوجاع وطنٍ أنهكته الأزمات.

«الشرق الأوسط» (مزار شريف - إسلام آباد)
آسيا صورة من معبر دوغارون الحدودي بين إيران وأفغانستان (رويترز - أرشيفية)

بسبب قيود «طالبان» على الموظفات... الأمم المتحدة تعلّق عملياتها على الحدود الأفغانية مع إيران

علّقت وكالات الأمم المتحدة في أفغانستان كل عملياتها على الحدود مع إيران، بعدما شددت سلطات «طالبان» قيودها على الموظفات الأفغانيات.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا وصل الأفغان المطرودون من إيران إلى «مركز إسلام قلعة» الحدودي في أفغانستان الأسبوع الماضي (نيويورك تايمز)

الأمم المتحدة تعلق عملياتها على الحدود الأفغانية مع إيران بسبب قيود «طالبان»

علقت وكالات الأمم المتحدة لدى أفغانستان وشركاؤها بالمجال الإنساني، الثلاثاء، كل العمليات على الحدود مع إيران بعدما شددت «طالبان» قيودها على الموظفات الأفغانيات.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا مسؤولون وصحافيون يحضرون مؤتمراً صحافياً لـ«طالبان» في مركز الإعلام والمعلومات الحكومي بكابل - أفغانستان - 12 أكتوبر 2025 (أ.ب)

أفغانستان: «طالبان» تسحق حرية الإعلام

أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الاثنين، أن جماعة «طالبان» دمّرت المشهد الإعلامي في أفغانستان، منذ سيطرتها على مقاليد الحكم بالبلاد، في أغسطس (آب) 2021.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - كابل)
آسيا جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)

مقتل 6 جنود باكستانيين و7 متشددين في اشتباك قرب الحدود مع أفغانستان

قال الجيش الباكستاني، اليوم الأربعاء، إن ستة من جنوده وسبعة متشددين قُتلوا في اشتباك بمنطقة كورام قرب الحدود مع أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

باكستان تعلن انهيار المحادثات مع أفغانستان

وزيرا دفاع أفغانستان وباكستان يتصافحان عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة قطر وتركيا بالدوحة في 19 أكتوبر (رويترز)
وزيرا دفاع أفغانستان وباكستان يتصافحان عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة قطر وتركيا بالدوحة في 19 أكتوبر (رويترز)
TT

باكستان تعلن انهيار المحادثات مع أفغانستان

وزيرا دفاع أفغانستان وباكستان يتصافحان عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة قطر وتركيا بالدوحة في 19 أكتوبر (رويترز)
وزيرا دفاع أفغانستان وباكستان يتصافحان عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة قطر وتركيا بالدوحة في 19 أكتوبر (رويترز)

قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف لقناة «جيو نيوز» التلفزيونية، إن محادثات السلام مع أفغانستان في إسطنبول، التي كانت تهدف إلى وقف تجدد الاشتباكات الحدودية، انهارت، لكنه أشار إلى أن وقف إطلاق النار سيظل صامداً ما لم تحدث هجمات من الأراضي الأفغانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر مسؤول أفغاني، الجمعة، أن 4 مدنيين أفغان قُتلوا وأصيب 5 آخرون، في اشتباك وقع الليلة الماضية بين قوات باكستانية وأفغانية على طول حدودهما المشتركة، في مؤشر على زيادة التوترات بين الدولتين، في الوقت الذي يعقدان فيه محادثات السلام.

غير أن حالة من الهدوء المشوب بالتوتر تسود بشكل كبير على طول حدود شامان، في جنوب غربي باكستان، حيث تبادل الجانبان لفترة قصيرة إطلاق النار الليلة الماضية، وألقى الجانبان باللوم بعضهما على بعض في انتهاك وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه قطر الشهر الماضي.

وفي أفغانستان، ألقى علي محمد حقمال، رئيس إدارة الإعلام والثقافة في سبين بولداك باللوم في بيان، على باكستان في بدء إطلاق النار، لكنه قال إن القوات الأفغانية لم ترد بسبب محادثات السلام في إسطنبول.

وفي إسلام آباد، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، طاهر أندرابي، الجمعة، مزاعم أفغانستان، قائلاً إن أفغانستان هي التي بدأت إطلاق النار.

وقالت وزارة الإعلام في باكستان، مساء أمس (الخميس)، على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، إن «إطلاق النار بدأ من الجانب الأفغاني، لكن الوضع أصبح تحت السيطرة». وأضافت الوزارة أن وقفاً لإطلاق النار توسطت فيه قطر في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، لا يزال قائماً.


الصين تدشن ثالث حاملة طائرات سعيا للحاق بأميركا وتوسيعا لنفوذها البحري

تدشين «فوجيان» ثالث حاملة طائرات صينية وأول حاملة طائرات تصممها وتبنيها الصين بنفسها (أ.ب)
تدشين «فوجيان» ثالث حاملة طائرات صينية وأول حاملة طائرات تصممها وتبنيها الصين بنفسها (أ.ب)
TT

الصين تدشن ثالث حاملة طائرات سعيا للحاق بأميركا وتوسيعا لنفوذها البحري

تدشين «فوجيان» ثالث حاملة طائرات صينية وأول حاملة طائرات تصممها وتبنيها الصين بنفسها (أ.ب)
تدشين «فوجيان» ثالث حاملة طائرات صينية وأول حاملة طائرات تصممها وتبنيها الصين بنفسها (أ.ب)

دشنت الصين حاملة طائرات جديدة، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه إلى توسيع نفوذها إلى ما وراء البحار، وبهذا تتخذ بكين خطوة أخرى نحو سد الفجوة مع البحرية الأميركية وأسطولها من حاملات الطائرات وشبكة القواعد التي تسمح لها بالحفاظ على وجودها بمختلف أنحاء العالم. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الجمعة أنه تم إدخال السفينة «فوجيان» إلى الخدمة في سانيا بجزيرة هاينان الأربعاء، في مراسم حضرها الرئيس شي جينبينغ، وتم تسليمها إلى القوات البحرية، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي الجمعة، في محطة رئيسية ضمن مساعي الرئيس شي جينبينغ لتحديث الجيش.

وهذه أحدث حاملة طائرات تدخل الخدمة، بعد تجارب بحرية مكثفة؛ إذ يقول خبراء إنها ستساعد البحرية الكبرى في العالم بالفعل في توسيع قوتها إلى ما هو أبعد من مياهها الإقليمية.

وشهدت البحرية خصوصاً توسعاً هائلاً مع سعي القادة إلى توسيع حضور الصين في المحيط الهادئ، وتحدي التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في المنطقة.

تدشين «فوجيان» ثالث حاملة طائرات صينية في سانيا بجزيرة هاينان (أ.ب)

ويضيف هؤلاء أن «فوجيان» هي ثالث حاملة طائرات صينية، وأول حاملة طائرات تصممها وتبنيها الصين بنفسها. وربما هي المثال الأبرز حتى الآن على الإصلاح والتوسع العسكري الشامل الذي يقوده الزعيم شي جينبينغ، والذي يهدف إلى بناء قوة عسكرية حديثة بحلول عام 2035، وقوة «عالمية المستوى» بحلول منتصف القرن، وهو ما يعني أنها قادرة على مقارعة نظيرتها الأميركية ودول أخرى في المنطقة التي تشهد بؤر توتر على خلفية التنافس في بحر الصين الجنوبي، ومطالبة بكين المستمرة بتايوان.

صورة لقطع بحرية صينية قريباً من جزيرة ثيتو المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي (رويترز)

وأظهرت لقطات مصورة بثتها محطة تلفزيون الصين المركزية الرسمية (سي سي تي في)، شي ومسؤولين كباراً آخرين من الحزب الشيوعي الحاكم في ميناء جزيرة هاينان.

ويقول محللون إن الصين متخلفة من حيث القوة العسكرية الإجمالية عن الولايات المتحدة التي تملك 11 حاملة طائرات في الخدمة. لكن بكين ضخّت مليارات الدولارات في مجال الدفاع في السنوات الأخيرة، وهو توجه أثار قلق بعض الحكومات في شرق آسيا رغم تأكيد الصين على سلمية أهدافها.

وبعد إجراء تجارب بحرية في الأشهر الأخيرة، انضمت «فوجيان» الآن إلى حاملتَي الطائرات الصينيتين الأخريين في الخدمة الفعلية، وهما «لياونينغ» و«شاندونغ».

والأقدم بين الثلاث هي حاملة الطائرات «لياونينغ» السوفياتية الصنع التي دخلت الخدمة في عام 2012، في حين دخلت حاملة الطائرات «شاندونغ» الخدمة في عام 2019.

وبحسب خبراء، فإن «فوجيان» مزودة بأنظمة إقلاع أكثر تطوراً؛ ما يتيح للقوات الجوية الصينية أن تنشر في عرض البحر طائرات حربية مزودة بكميات أكبر من الذخائر والوقود.

اعتماد النظام «الكهرومغناطيسي»

وذكرت وكالة «شينخوا» أن أكثر من ألفَي عنصر من البحرية ووحدات بناء حاملة الطائرات حضروا حفل الأربعاء، حيث اصطفوا على الرصيف. وأضافت: «كان الجو مهيباً ومفعماً بالحماسة». وتابعت أنه «بعد الاحتفال، صعد شي جينبينغ إلى متن (فوجيان)... واطلع على تطوير القدرات القتالية لنظام حاملة الطائرات، وبناء وتنفيذ نظام المنجنيق الكهرومغناطيسي».

وتم تجهيز «فوجيان» بنظام إطلاق طائرات كهرومغناطيسي، وهو تقنية أكثر كفاءة من الطرق التقليدية التي تعمل بالطاقة البخارية. وقالت «شينخوا» إن شي «قرر شخصياً» أن تعتمد «فوجيان» النظام الكهرومغناطيسي. وحاملة الطائرات الوحيدة الأخرى المجهزة حالياً بهذه التكنولوجيا هي الأميركية «يو إس إس جيرالد فورد».

وقال كولين كوه الخبير في الشؤون البحرية الإقليمية في جامعة نانيانغ التكنولوجية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن حاملة الطائرات الصينية الثالثة «أكثر قدرة من (لياونينغ) و(شاندونغ) من عدة جوانب». وأضاف كوه: «بشكل عام، وبالمقارنة مع حاملتَي الطائرات السابقتين... تتمتع حاملة الطائرات (فوجيان) بقدرة قتالية أكبر وقوة ضرب أكبر».

«فوجيان» أبحرت قبل تدشينها

وأكد مسؤولون دفاعيون صينيون في سبتمبر (أيلول) أن «فوجيان» أبحرت عبر مضيق تايوان لتنفيذ «تجارب بحثية علمية ومهام تدريبية» في بحر الصين الجنوبي. ولا تستبعد بكين استخدام القوة للسيطرة على تايوان؛ الجزيرة الديمقراطية ذات الحكم الذاتي التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها. ورجح محللون أن عبور المضيق كان يهدف إلى إرسال إشارة قوية إلى الخصوم المحتملين.

وقالت وزارتا الدفاع في اليابان وتايوان حينذاك إنهما رصدتا تحركات «فوجيان» التي اقتربت نحو 200 كيلومتر من جزر سينكاكو المتنازع عليها بين الأطراف الثلاثة، والمعروفة في الصين باسم جزر دياويو.

وفي سبتمبر الماضي، نشرت الصين مقاطع فيديو لعمليات إقلاع وهبوط طائرات على متن الحاملة «فوجيان»، من بينها مقاتلتها الشبح من الجيل الخامس «جي-35». وأشادت وسائل الإعلام الرسمية بهذه الخطوة باعتبارها «اختراقاً جديداً» في تطوير حاملات الطائرات الصينية، و«إنجازاً كبيراً» في تحديث البحرية.


الناجون من زلزال أفغانستان يواجهون البرد والمطر وسط الأنقاض

أولاد واقفون بجوار حطام المنازل المتضررة في أعقاب زلزال وقع مؤخراً بمنطقة مرمول في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)
أولاد واقفون بجوار حطام المنازل المتضررة في أعقاب زلزال وقع مؤخراً بمنطقة مرمول في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)
TT

الناجون من زلزال أفغانستان يواجهون البرد والمطر وسط الأنقاض

أولاد واقفون بجوار حطام المنازل المتضررة في أعقاب زلزال وقع مؤخراً بمنطقة مرمول في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)
أولاد واقفون بجوار حطام المنازل المتضررة في أعقاب زلزال وقع مؤخراً بمنطقة مرمول في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)

كان الناجون من الزلزال القوي في شمال أفغانستان، الذي أودى بحياة أكثر من 25 شخصاً وأصاب ما يقرب من 1000 آخرين، يحفرون الأنقاض في منازلهم الثلاثاء، في محاولة لإنقاذ ما يمكنهم إنقاذه من متعلقاتهم بعد قضاء الليل في العراء خلال موجة برد قارس. وتوقعت الأرصاد الجوية هطول أمطار على المنطقة، مما زاد من معاناة الناجين.

رجل يزيل الأنقاض من منزل متضرر في أعقاب زلزال ضرب منطقة شولجارا في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)

وقد ضرب الزلزال الذي بلغت قوته 6.3 درجة على مقياس ريختر قبل الساعة 1 صباحاً بالتوقيت المحلي الاثنين، وكان مركزه على بُعد 22 كيلومتراً (14 ميلاً) جنوب غربي مدينة خولم في مقاطعة سامانغان.

وبحلول وقت مبكر من بعد ظهر الثلاثاء، بلغ عدد القتلى 27 شخصاً، بينما أصيب 956 آخرون بجروح، حسبما صرح المتحدث باسم وزارة الصحة العامة، شرفات زمان، في بيانه، حسب تقرير لـ«أسوشييتد برس»، الثلاثاء.

كما ألحق الزلزال أضراراً بمواقع تاريخية، بما في ذلك المسجد الأزرق الشهير في مدينة مزار شريف الشمالية، وهو أحد أبرز المعالم الدينية في أفغانستان، وقصر باغ جاهان ناما في خولم. وقال محمود الله زرار، رئيس قسم الإعلام والثقافة في ولاية بلخ، إن مئذنة المسجد الأزرق تضررت بشدة، بينما سقط بعض الطوب والبلاط من جدران المسجد وظهرت شقوق في أجزاء أخرى من الموقع الذي يعود إلى قرون مضت.

وأوضح: «الضريح المقدس هو نصب تذكاري للقيم الإسلامية وتاريخ العصر الإسلامي، وهو في حاجة ماسة إلى الإصلاح والترميم»، مضيفاً أن المعلومات عن الأضرار قد أُبلغت إلى وزارة الفنون والثقافة. وأظهرت لقطات فيديو من المسجد، الذي يعد مكاناً رئيسياً للتجمع خلال المهرجانات الإسلامية والثقافية، أضراراً هيكلية في أجزاء منه، بينما انهار الطوب والبلاط الزخرفي الذي يزين واجهته في عدة أماكن وانتشر على الأرض.

وقال فيروز الدين منيب، رئيس قسم الإعلام والثقافة في مقاطعة سامانغان، إن النصب التاريخي الأكثر تضرراً في المقاطعة هو قصر باغ جاهان ناما الذي يعود إلى القرن التاسع عشر.

مئذنة المسجد الأزرق المتضررة إثر زلزال ضرب مزار الشريف في أفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)

ويعد القصر، الذي بني في الفترة 1890-1892، والحدائق المجاورة له موقعاً شهيراً للزوار. وقال منيب: «إن ترميم هذا القصر مهم للغاية لأن الشتاء مقبل والمنطقة باردة، كما أن الأمطار تهطل، مما قد يتسبب في مزيد من الأضرار»، مضيفاً أن الزلزال تسبب في انهيار جدار محيط وبرج واحد، كما أدى إلى حدوث تشققات في القصر والأبراج الأخرى.

وفي خولم، هزت الهزات الارتدادية الناجين الذين قضوا الليل في العراء. وقال أسد الله سامانغاني، أحد سكان المنطقة: «لا يزال الناس خائفين بسبب زلزال الليلة الماضية، حيث شعروا بهزات صغيرة خلال النهار. قضينا الليلة الماضية في العراء، وكان الطقس شديد البرودة، ولم نستطع النوم، ونشعر بأنه سيحدث زلزال آخر الآن».

وقال إن السلطات أرسلت خياماً ومستلزمات أساسية، لكن منزله «انهار تماماً، ولم يتبق شيء صالح للاستخدام. أصيب أطفالنا جميعاً بالمرض في الصباح لأننا قضينا الليل في البرد، وجميع الأدوات المنزلية تحت الأنقاض». جاء الناس من مناطق أخرى للمساعدة، لكن ممتلكاتنا لا تزال تحت الأنقاض وتالفة. نساؤنا يواجهن صعوبات كبيرة، ليس لدينا مرحاض، ولا مكان يمكن أن تقضي فيه نساؤنا الليل».

كانت فرق الإنقاذ لا تزال تعمل في بعض المناطق، الثلاثاء، وكان من المتوقع أن تنتهي من عملها بحلول نهاية اليوم.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن أضراراً جزئية قد أبلغ عنها في عدة مرافق صحية، وانهار المختبر في مستشفى مقاطعة سامانغان، مما أدى إلى تدمير معدات طبية مهمة. وأضافت أن عمليات الاستجابة للطوارئ مع فرق الصحة ووحدات الإنقاذ لا تزال جارية.

غالباً ما تواجه أفغانستان الفقيرة صعوبات في الاستجابة للكوارث الطبيعية، خصوصاً في المناطق النائية. تميل المباني إلى أن تكون منخفضة الارتفاع، ومعظمها من الخرسانة والطوب، بينما المنازل في المناطق الريفية والنائية مصنوعة من الطوب الطيني والخشب، وكثير منها سيئ البناء.

وفي أغسطس (آب) الماضي، قد تسبب زلزال في شرق أفغانستان في مقتل أكثر من 2200 شخص.