باكستان والهند تواصلان تبادل القصف في أسوأ تصعيد منذ عقود

إسلام آباد تهاجم «هيستيريا الحرب» في نيودلهي... وتتمسّك بحقها في الرّد

سكان يقفون خارج منزلهم الذي دمره القصف الباكستاني في أثناء استعدادهم للإخلاء في قرية على بعد نحو 100 كيلومتر من سريناغار في 9 مايو (أ.ف.ب)
سكان يقفون خارج منزلهم الذي دمره القصف الباكستاني في أثناء استعدادهم للإخلاء في قرية على بعد نحو 100 كيلومتر من سريناغار في 9 مايو (أ.ف.ب)
TT

باكستان والهند تواصلان تبادل القصف في أسوأ تصعيد منذ عقود

سكان يقفون خارج منزلهم الذي دمره القصف الباكستاني في أثناء استعدادهم للإخلاء في قرية على بعد نحو 100 كيلومتر من سريناغار في 9 مايو (أ.ف.ب)
سكان يقفون خارج منزلهم الذي دمره القصف الباكستاني في أثناء استعدادهم للإخلاء في قرية على بعد نحو 100 كيلومتر من سريناغار في 9 مايو (أ.ف.ب)

تبادلت الهند وباكستان الاتهامات بشنّ هجمات عسكرية جديدة، الجمعة، باستخدام طائرات مُسيّرة ومدفعية لليوم الثالث على التوالي، في أعنف موجة قتال بين الجارتين منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. وتدور اشتباكات بين الخصمين القديمين منذ أن قصفت الهند مواقع متعدّدة في باكستان، الأربعاء، قالت إنها «معسكرات إرهابيين» رداً على هجوم دامٍ على سائحين هندوس في منطقة كشمير المضطربة، الشهر الماضي. ونفت باكستان ضلوعها في الهجوم، لكن البلدين يتبادلان إطلاق النار والقصف عبر الحدود، ويرسلان طائرات مسيرة وصواريخ إلى مجالهما الجوي منذ ذلك الحين، مما أسفر عن مقتل نحو 48 شخصاً في أعمال العنف.

وفرّ قرويون من المناطق الحدودية في كلا البلدين، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، وانقطعت الكهرباء في عدة مدن شهدت أيضاً تحذيرات من غارات جوية، وتهافت السكان على شراء السلع الأساسية. وأوقفت الهند بطولة الكريكيت «تي 20» بعد توقف مباراة في منتصفها، الخميس، وإطفاء الأنوار.

التصعيد الأسوأ منذ 1999

وهذه المعارك هي الأكثر دموية منذ صراع محدود بين البلدين في منطقة كارجيل بكشمير في 1999. واستهدفت الهند مُدناً في أقاليم البر الرئيسي الباكستاني خارج الشطر الخاضع لسيطرة باكستان من كشمير، لأول مرة منذ الحرب الشاملة التي اندلعت بينهما في عام 1971. وقال الجيش إن القوات الباكستانية لجأت إلى «انتهاكات عديدة لوقف إطلاق النار» على طول الحدود الفعلية بين البلدين في كشمير، وهي منطقة يتقاسمان السيطرة عليها، لكن يطالب كل منهما بالسيادة الكاملة عليها. وأضاف: «تصدّينا لهجمات مسيرات، وقمنا بالرد بشكل مناسب على انتهاكات وقف إطلاق النار»، مشيراً إلى أن جميع «المخططات الشريرة» سيتم الرد عليها «بالقوة».

وقال وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار، إن بيان الجيش الهندي «لا أساس له من الصحة ومضلل»، وإن باكستان لم تقم بأي «أعمال هجومية» تستهدف مناطق داخل الشطر الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، أو خارج حدود البلاد. وذكر مسؤولون في الشطر الخاضع لسيطرة باكستان من كشمير أن خمسة مدنيين، منهم رضيع، قُتلوا، وأصيب 29 آخرون في قصف عنيف عبر الحدود خلال الساعات الأولى من صباح اليوم. ولم ترد وزارة الدفاع الهندية على طلب للتعليق.

«حالة حرب» مستمرّة

من جانبه، أعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني الليفتنانت جنرال أحمد شودري، الجمعة: «لن نتجه إلى نزع فتيل التصعيد» مع الهند، مؤكداً أن بلاده ستظل «في حالة حرب»، ما دامت سيادتها وشعبها يتعرضان «لتهديد». وصرح شودري لصحافيين: «بعد ما فعلوه بحقنا، ينبغي أن نرد عليهم. حتى الآن، قمنا بحماية أنفسنا، لكنهم سيتلقون رداً في اللحظة التي نختارها».

جانب من الدمار الذي خلّفه قصف مدفعي باكستاني في الشطر الهندي من كشمير في 9 مايو (إ.ب.أ)

بدوره، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية شفقت علي خان، الجمعة، أن «السلوك غير المسؤول للهند وضع دولتين نوويتين على شفير نزاع كبير». وأضاف المتحدث أن «الهيستيريا الحربية للهند ينبغي أن تكون مصدر قلق كبيراً للعالم»، في وقت تستمر فيه المواجهة العسكرية بين البلدين رغم الدعوات الدولية إلى ضبط النفس.

وبلغ التصعيد أَوْجه، الأربعاء، عندما اشتبك أكثر من 100 طائرة باكستانية وهندية لمدة ساعة، وفق القوات الجوية الباكستانية، التي أكّدت كذلك استخدام الصاروخ «بي إل - 15» الصيني في المواجهات.

إلى ذلك، أكّدت إسلام آباد، الخميس، أنّها «أسقطت خمس طائرات هندية» في المجال الجوي الهندي، بينما أفاد مصدر أمني هندي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بتدمير ثلاث مقاتلات من دون تقديم المزيد من التفاصيل. وأعلنت إسلام آباد أن مقاتلات صينية الصنع من طراز «J - 10C» شاركت في صدّ ضربات جوية هندية نُفذت، فجر الأربعاء، وأسقطت 5 طائرات مقاتلة قرب الحدود، بينها 3 طائرات فرنسية الصنع من طراز «رافال»، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار أمام البرلمان. في المقابل، قالت بكين إنها ليست على دراية بهذا التطور.

تأهّب وقلق في الهند

لم يقتصر التأهب العسكري والقلق من اندلاع مواجهة واسعة على كشمير؛ إذ دوت صافرات الإنذار في مدن هندية، فيما شهدت أخرى تدريبات طوارئ.

واستمر دوي صافرات الإنذار لأكثر من ساعتين، الجمعة، في مدينة أمريتسار الحدودية الهندية، التي تضمّ المعبد الذهبي الذي يقدسه السيخ. وطلبت السلطات من السكان البقاء في منازلهم. أما الفنادق، فأعلنت انخفاضاً حاداً في معدلات الإشغال، مع مغادرة السياح براً منذ إغلاق المطار.

تسبب التصعيد العسكري في إلغاء مئات الرحلات في الهند في 9 مايو (إ.ب.أ)

واتّخذت مناطق حدودية أخرى، مثل منطقة بهوج في ولاية غوجارات، تدابير احترازية أيضاً. وقالت سلطات المنطقة إن الحافلات السياحية تقف على أهبة الاستعداد لإجلاء السكان بالقرب من الحدود مع باكستان. وأُغلقت المدارس ومراكز التدريب في منطقة بيكانير بولاية راجاستان الصحراوية الهندية. وقال سكان المناطق القريبة من الحدود الباكستانية إن السلطات طلبت منهم الانتقال إلى أماكن أبعد، وبحث إمكانية الانتقال للعيش مع أقاربهم أو في أماكن الإقامة التي أعلنتها الحكومة. وأصدرت المديرية العامة للشحن في الهند تعليمات لكل الموانئ والمرافئ والسفن بتعزيز الأمن، وسط «تزايد المخاوف من تهديدات محتملة».

دعوات دولية

ويواصل المجتمع الدولي حضّ باكستان والهند على ضبط النفس، إثر اندلاع المواجهة العسكرية الأشد بينهما منذ عقود. وحثت قوى عالمية، من الولايات المتحدة إلى الصين، البلدين على تهدئة التوتر.

قوات عسكرية هندية خلال دورية في قرية أوري بالشطر الهندي من كشمير في 9 مايو (إ.ب.أ)

وكرّر نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، الدعوة إلى خفض التصعيد. وقال في برنامج على قناة «فوكس نيوز»: «نريد أن يهدأ الوضع بأسرع وقت ممكن، لكننا لا نستطيع السيطرة على هاتين الدولتين».

بدوره، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أمام البرلمان، إن إسلام آباد «تتحدث يومياً» مع السعودية وقطر والصين بشأن تهدئة الأزمة. ويشوب التوتر العلاقات بين الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، منذ استقلالهما عن الحكم البريطاني الاستعماري في عام 1947. وتأتي كشمير، ذات الأغلبية المسلمة، في قلب الصراع بين البلدين اللذين خاضا اثنتين من ثلاث حروب بسببها.


مقالات ذات صلة

باكستان: قتيل و10 جرحى في هجوم على مسيرة مؤيدة للجيش

آسيا مواطنون يلوحون بأعلام باكستانية أثناء تجمعهم لدعم جيش بلادهم (رويترز)

باكستان: قتيل و10 جرحى في هجوم على مسيرة مؤيدة للجيش

أعلنت الشرطة ومسؤولون طبيون أن مسلحاً مشتبهاً به يستقل دراجة نارية ألقى قنبلة يدوية على مشاركين في مسيرة مؤيدة للجيش في جنوب غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا سكان يقومون بتقييم الأضرار التي لحقت بمتاجرهم بعد أن تعرضت لقصف هندي في قرية بكشمير الباكستانية (رويترز) play-circle

باكستان: نراقب تصرفات الهند عن كثب في الأيام المقبلة

قالت وزارة الخارجية الباكستانية اليوم الثلاثاء إنها ستراقب تصرفات الهند عن كثب خلال الأيام المقبلة، معبرة عن أملها بأن تعطي نيودلهي الأولوية للاستقرار الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا جنود يقومون بدورية في أحد شوارع سريناغار بالجزء الهندي من كشمير (إ.ب.أ) play-circle

3 قتلى باشتباك في الشطر الهندي من كشمير

قُتل 3 متمردين مفترضين، اليوم (الثلاثاء)، في الجزء الهندي من كشمير في اشتباك بالأسلحة النارية مع عسكريين.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا فتيان الكشافة يسيرون في شارع بلاهور بعد إعلان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف «يوم الامتنان» عقب وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان (إ.ب.أ) play-circle

الهند وباكستان تناقشان الخطوات التالية مع استمرار وقف إطلاق النار

سيناقش قائدا العمليات العسكرية في الهند وباكستان الخطوات التالية للجارتين المسلحتين نووياً، بعد وقف إطلاق النار الذي أعاد الهدوء إلى الحدود.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا احتفالات في لاهور بإعلان وقف إطلاق النار بين باكستان والهند في 10 مايو (أ.ف.ب)

صمود الهدنة بين باكستان والهند

ساد الهدوء عند الحدود بين الهند وباكستان، أمس (الأحد)، بعد ساعات على تبادل الطرفين الاتهامات بخرق الهدنة التي تم التوصل إليها ووضعت حداً لأعنف مواجهة بينهما.

غازي الحارثي (الرياض)

باكستان: قتيل و10 جرحى في هجوم على مسيرة مؤيدة للجيش

مواطنون يلوحون بأعلام باكستانية أثناء تجمعهم لدعم جيش بلادهم (رويترز)
مواطنون يلوحون بأعلام باكستانية أثناء تجمعهم لدعم جيش بلادهم (رويترز)
TT

باكستان: قتيل و10 جرحى في هجوم على مسيرة مؤيدة للجيش

مواطنون يلوحون بأعلام باكستانية أثناء تجمعهم لدعم جيش بلادهم (رويترز)
مواطنون يلوحون بأعلام باكستانية أثناء تجمعهم لدعم جيش بلادهم (رويترز)

أعلنت الشرطة ومسؤولون طبيون أن مسلحاً مشتبهاً به يستقل دراجة نارية ألقى قنبلة يدوية على مشاركين في مسيرة مؤيدة للجيش في جنوب غربي باكستان، اليوم الأربعاء، مما أسفر عن مقتل شخص على الأقل وإصابة 10 آخرين.

وقال قائد الشرطة المحلية محمد ملغاني إن الهجوم وقع في كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان.

وأوضح ملغاني أن نحو 150 شخصاً يستقلون سيارات ودراجات نارية كانوا متجهين إلى ملعب هوكي في المدينة لحضور فعالية نظمتها الحكومة للاحتفال بالضربات الانتقامية الأخيرة التي نفذها الجيش داخل الهند، عندما ألقى المسلح قنبلة يدوية عليهم.

وقال وسيم بيج، المتحدث باسم المستشفى المدني، إن اثنين على الأقل من المصابين في حالة حرجة.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم على الفور، لكن من المرجح أن تثور الشبهات حول «جيش تحرير بلوشستان»، وهو جماعة انفصالية تشن تمرداً مسلحاً منذ سنوات في الإقليم.

وشهدت باكستان تنظيم مسيرات مؤيدة للجيش في أنحاء البلاد منذ يوم الأحد، بعدما توسطت الولايات المتحدة في وقف لإطلاق النار بين باكستان والهند، اللتين كانتا منخرطتين في واحدة من أخطر المواجهات بينهما منذ عقود.