أزمة سياسية تعصف بكوريا الجنوبية

الرئيس يعلن الأحكام العرفية ويتهم المعارضة بالتعاطف مع «الشمال»... وقلق دولي

الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يعلن فرض الأحكام العرفية (رويترز)
الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يعلن فرض الأحكام العرفية (رويترز)
TT

أزمة سياسية تعصف بكوريا الجنوبية

الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يعلن فرض الأحكام العرفية (رويترز)
الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يعلن فرض الأحكام العرفية (رويترز)

أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، أمس، فرض الأحكام العرفية، وقرر إغلاق مبنى البرلمان، واتهم المعارضة بالتعاطف مع الجارة الشمالية، وسط أزمة سياسية تعصف بالبلاد.

ومباشرة بعد الإعلان الرئاسي، بثت القنوات التلفزيونية صوراً مباشرة تظهر هبوط مروحيات على سطح مبنى البرلمان في سيول وإغلاقه. ولم يذكر الرئيس يون أي تهديد محدد من الجارة الشمالية، وركز بدلاً من ذلك على خصومه السياسيين المحليين. وقال إنه سيقضي على «القوات السافرة المعادية للدولة والمؤيدة لكوريا الشمالية».

ونقلت وكالة «يونهاب» عن الجيش قوله إن أنشطة البرلمان والأحزاب السياسية ستُحظر، وإن وسائل الإعلام ودور النشر ستكون تحت سيطرة قيادة الأحكام العرفية.

بدوره، ندد زعيم المعارضة لي جاي - ميونغ بالخطوة، داعياً المواطنين إلى التجمع في البرلمان احتجاجاً. وقال لي: «إن قرار الرئيس غير القانوني بفرض الأحكام العرفية، باطل»، مضيفاً في خطاب بُث عبر الإنترنت: «توجهوا الآن إلى الجمعية الوطنية. أنا ذاهب إلى هناك أيضاً». وفي تحد للرئيس يون، صوت البرلمان لصالح الرفع الفوري للأحكام العرفية التي فرضت. ووافق البرلمان بحضور 190 من أعضائه البالغ عددهم 300 على قرار رفع الأحكام العرفية.

وأثارت هذه التطورات قلقاً دولياً، إذ عبرت الولايات المتحدة عن «قلق عميق»، وقالت إنها تراقب الوضع من كثبّ لدى حليفتها كوريا الجنوبية، فيما دعت الصين مواطنيها في كوريا الجنوبية إلى توخي «الحذر».


مقالات ذات صلة

تحركات إقليمية لتطويق «الحريق» السوري

المشرق العربي نازحون في حلب أمس (رويترز) وفي الإطار زعيم "هيئة تحرير الشام" محمد الجولاني لدى ظهوره أمام قلعة مدينة حلب أمس (تلغرام)

تحركات إقليمية لتطويق «الحريق» السوري

تكثفت المساعي الإقليمية لاحتواء التطورات التي تشهدها سوريا منذ الهجوم الذي شنته فصائل مسلحة الأسبوع الماضي وتمكنت خلاله من الاستيلاء على مناطق في شمال البلاد.

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (دمشق - القاهرة)
المشرق العربي رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

«مقترح مصري» يحرك «هدنة غزة»

تحدثت إسرائيل، أمس، عن بروز «فرصة حقيقية» لإبرام اتفاق هدنة في غزة، بناءً على «مقترح مصري» وضغوط ثقيلة، عسكرية وسياسية، من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد يعد البحر الأحمر إحدى أكثر مناطق المملكة تميزاً وتنوعاً بيولوجياً (شركة البحر الأحمر)

ولي العهد السعودي يطلق استراتيجية لاستدامة البحر الأحمر

أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، بهدف حماية.

بندر مسلم (الرياض)
آسيا أحزاب المعارضة تتقدم بطلب لعزل الرئيس (رويترز)

ضغوط على رئيس كوريا الجنوبية للتنحي

واجه رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، أمس، ضغوطاً تطالبه بالتنحي من منصبه، وذلك بعد ساعات من إلغائه الأحكام العرفية التي فرضها لفترة وجيزة، ودفعت قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي لدى زيارته المعالم الأثرية في العُلا رفقة مسؤولين من البلدين أمس (واس) play-circle 00:40

الرئيس الفرنسي يزور معالم العُلا الأثرية

استعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته لمحافظة العلا بالسعودية مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، والوكالة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (العلا)

الإسكان الفاخر يغيّر ملامح العاصمة الأفغانية

منظر عام لمنزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان (أ.ب)
منظر عام لمنزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان (أ.ب)
TT

الإسكان الفاخر يغيّر ملامح العاصمة الأفغانية

منظر عام لمنزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان (أ.ب)
منظر عام لمنزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان (أ.ب)

في مدينة عانت كثيراً، وتكافح للعودة، يسعى رجل يدعى أميد الله لتحقيق ثروة. يعمل أميد الله وكيل العقارات في كابل على بيع فيلا تجمع بين اللونين الأبيض والذهبي مكونة من 9 غرف نوم و9 حمامات في العاصمة الأفغانية. على قمة السطح تبرز كتابة عربية متلألئة تغري المشترين والوسطاء بعبارة «ما شاء الله».

منظر عام لحديقة منزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان 29 سبتمبر 2024 (أ.ب)

تُعرَض الفيلا بسعر 450 ألف دولار، وهو رقم مذهل في بلد يعتمد أكثر من نصف سكانه على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة؛ حيث لا يمتلك معظم الأفغان حسابات مصرفية، والقروض العقارية نادرة. ومع ذلك، فإن العروض تتوالى.

رجل يسقي الزهور خارج منزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان 29 سبتمبر 2024 (أ.ب)

يقول أميد الله: «إن القول بأن الأفغان لا يملكون المال محض خيال؛ فلدينا رجال أعمال كبار يمتلكون مشاريع ضخمة في الخارج. هناك منازل هنا تُقدَّر قيمتها بملايين الدولارات».

سوق العقارات الفاخرة

في كابل، يحدث أمر غريب يساهم في تعزيز سوق العقارات الفاخرة. ويبدو أن السلام هو العامل الذي يدفع أسعار العقارات إلى الارتفاع.

منظر عام لمنزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان (أ.ب)

كثيرون يعودون إلى الداخل الأفغاني الآن، حيث يعود أشخاص قضوا سنوات في العيش والعمل بالخارج إلى ديارهم، متحمسين للاستفادة من الأمن والاستقرار الكبيرين اللذين حققتهما البلاد، بعد عقود من الحرب والدمار وتدهور البنية التحتية. من بينهم الأفغان الذين يفرون من حملات الترحيل في إيران وباكستان، حاملين معهم أموالهم.

القروض العقارية نادرة

والقروض العقارية نادرة في أفغانستان، لأنه ليس لدى البنوك الودائع اللازمة لتسهيل الإقراض. لذلك، يشتري الأفغان العقارات نقداً أو يستخدمون خيار «الجيروي»، وهو ترتيب يقوم فيه شخص بتقديم مبلغ ثابت لمالك عقار مقابل العيش في عقاره والبقاء هناك حتى يعيد المالك المبلغ.

ظروف أفضل لسوق العقارات

ووفقاً لوكيل عقارات آخر، هو غلام محمد حقدوست، كان الأشخاص يخشون الاستثمار في كابل قبل استيلاء «طالبان» على السلطة. لكن حكام البلاد الجدد خلقوا ظروفاً أفضل لسوق العقارات بعدة طرق.

وأصبحت المدينة أقل عنفاً، منذ أن انتقلت «طالبان» من التمرُّد إلى السلطة، وانسحبت القوات الأجنبية، رغم أن المركبات المصفحة ونقاط التفتيش والمجمعات العسكرية لا تزال من المشاهد المألوفة، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتيد برس» من كابل، الأربعاء.

وقد تعهَّدت طالبان، المعروفة بشدتها في البيروقراطية المعقدة، بالقضاء على الفساد وتنظيم الأمور القانونية والتجارية. وهذا يعني عدم الحاجة للتعامل مع أمراء الحرب أو دفع الرشى للمسؤولين المحليين، عند شراء الأراضي أو تنفيذ مشاريع البناء.

ويبدي حقدوست سعادته بسهولة وسرعة إنجاز الأمور تحت الإدارة الجديدة.

وقال: «ارتفعت أسعار المنازل، بنسبة تقارب 40 في المائة». وأضاف: «خلال السنوات الثلاث الماضية، بعنا ما يقارب 400 عقار. لم يكن الوضع كذلك من قبل».

أوقات مزدهرة للمطورين

والمطور العقاري حقدوست يوظف 200 شخص في قسم الإدارة، بمن في ذلك نساء يتعاملن حصرياً مع العميلات، بالإضافة إلى نحو ألف شخص في قسم البناء التابع لشركته.

وقال إن معظم العملاء يصطحبون زوجاتهم عند معاينة العقارات، لأن القرار في شراء العقارات يعود غالباً للنساء، حتى في بلد يُتهم بقمع النساء وسلبهن السلطة.

وأضاف حقدوست: «السلطة الحقيقية في المنزل بيد النساء، وهن مَن يقررن شراء المنزل أم لا».

فيما أوضح أميد الله وحقدوست أن العملاء يفضلون أن تحتوي المنازل على حديقة وصالة رياضية وساونا ومسبح وأماكن للضيوف ومطبخ واحد على الأقل.

فالضيافة جزء أساسي من الثقافة الأفغانية، وهذا التقليد ينعكس في تصميم المنازل. وعادة ما يستضيف الأفغان أصدقاءهم أو أفراد عائلتهم الزائر في منازلهم بدلاً من الفنادق أو المطاعم.

منظر عام لحديقة منزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان 29 سبتمبر 2024 (أ.ب)

وأشار حقدوست إلى أن غالبية زبائنه يعيشون في الخارج، وأن أذواقهم العالمية تؤثر على تصميم المنازل من الداخل؛ فهم يرغبون في إضافات جديدة، مثل طاولات الطعام والأسرة، في حين أن المعتاد في أفغانستان هو النوم.

وتناول الطعام على الأرض. كما أن أفراد الشتات الأفغاني يفضلون الشقق المصممة خصيصاً لتوفير وسائل راحة، مثل التدفئة المركزية والنوافذ مزدوجة الطبقات والمصاعد.

ولتعزيز جاذبية المدينة، وتحسين ظروف العيش فيها، تعمل السلطات البلدية على بناء وصيانة الطرق وتركيب أعمدة الإنارة وزراعة الأشجار وإزالة النفايات. كما أنها تطور خططاً لتعزيز الإسكان الميسور وتشجيع تملُّك المنازل.

وهذا أمر ضروري؛ إذ كان عدد سكان كابول نحو 500 ألف نسمة في بداية الألفية، لكنه تجاوز الآن 5 ملايين نسمة. ولا تزال بعض الأحياء مزدحمة وصاخبة نتيجة لذلك، على الرغم من جهود البلدية لتحسين البيئة الجمالية للمدينة.

منظر عام لمنزل فاخر في مدينة كابل بأفغانستان (أ.ب)

واحة خارج العاصمة الأفغانية

يتوجه أولئك الذين يستطيعون تحمل التكاليف إلى خارج المدينة. وهناك، على أطراف خزان قرغة، تقع بعض من أكثر المنازل فخامة وغلاء في كابل. أحد هذه المنازل يشبه مسجداً مزخرفاً، بينما يذكر آخر بتصميم جريء يشبه مخبأ أحد أشرار أفلام جيمس بوند، مع تصميمه الحاد وبروزه من التلال.

يقول السكان المحليون إنه يعود لرجل أعمال تركي ثري يزور المكان بين الحين والآخر، ولا يفصحون عن اسمه.

وتُطلّ هذه المجموعة من الحدائق المصممة بعناية والتراسات المزخرفة على البحيرة، وهي واحدة من أجمل المعالم الطبيعية في العاصمة. ومنذ تولي

«طالبان» السلطة، أصبحت المنطقة في الغالب مخصَّصة للرجال فقط. وتتوقف النساء هناك لفترات قصيرة مع عائلاتهن، لكنهن عادة لا يبقين طويلا بسبب وجود رجال وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نقاط التفتيش المحيطة بالبحيرة.

يحاول أراش أسد بيع عقار عمه، الذي يمتد على مساحة نحو 4 آلاف متر مربع (43 ألف قدم مربع) من الأرض. يتمتع العقار بإطلالات مفتوحة على الخزان وجبال باغمان عند سفح سلسلة جبال هندوكوش الهيمالايا. والسعر المطلوب 800 ألف دولار.

وهناك مبانٍ جانبية على أحد الأطراف، ومنطقة سكنية في وسط الأرض يتوِّجها سقف أزرق ساطع. ومعظم العقار مغطى بصفوف من الزهور وأشجار الكرز، إلى جانب عدد من طيور الكركي التي تُعدّ جزءاً من الممتلكات.

وقال أسد: «الحدائق مهمة جداً للأفغان. وينحدر كثير منهم من القرى. وعندما ينتقلون إلى المدن، يريدون الاحتفاظ بذكرى ماضيهم لأنها تبقى معهم». وداخل منطقة المعيشة ذات الجدران الزجاجية، يجلس عمه متأملاً منظر الماء.

وتفضل عائلة أسد تحويل العقار إلى مشروع تجاري بدلاً من بيعه. ولكن وكيل العقارات يتلقى العديد من المكالمات والرسائل خلال الرحلة التي تستغرق 30 دقيقة من وسط كابل. وقد أثارت صور العقار على وسائل التواصل الاجتماعي اهتماماً كبيراً.

وقال أسد: «يعتقد الأشخاص أن هذا البلد بلا وظائف ولا اقتصاد».

وخارج السيارة، تغرب الشمس فوق الخزان بينما تتوجه سيارات مليئة بالرجال إلى ضفاف البحيرة. وأضاف: «لكن الأفغان قد جمعوا أموالهم، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، على مر السنين. لن تصدق ذلك».