تراجع الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان بنسبة 20 في المائة، منذ عودة جماعة «طالبان» إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021. وبالنظر إلى تفشي البطالة، تحيط الشكوك بالفوائد المترتبة على ادعاء حكومة «طالبان» تحقيقها زيادة قياسية في الإيرادات.
وحسب موقع «ماركو تريند» الدولي المعني بمراقبة النمو الاقتصادي في المناطق المتضررة من الصراعات، «تشير تقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان انخفض بنسبة 20 في المائة بعد عودة (طالبان) إلى الحكم».
ومع ذلك، وبعد شهور من السقوط الحر، بدأت بوادر الاستقرار تظهر على الاقتصاد الأفغاني، بفضل القيود التي فرضتها «طالبان» على الواردات المهرَّبة، وكذلك القيود المفروضة على المعاملات المصرفية، والمساعدات المقدمة من الأمم المتحدة.
وتكشف الأرقام عن أن معدل مشاركة القوى العاملة في أفغانستان لعام 2023، بلغ 33.99 في المائة، بانخفاض 0.37 في المائة عن عام 2022، عندما بلغ المعدل ذاته 34.37 في المائة، بزيادة 0.72 في المائة عن عام 2021.
فرض رسوم وضرائب إضافية
وكثيراً ما يتفاخر مسؤولو «طالبان» بنجاح حكومتهم في جذب مبالغ قياسية من الإيرادات، بعد تشديد السيطرة على تدفقات الإيرادات -عملية تضمنت فرض رسوم وضرائب إضافية، وزيادة التحصيل من عائدات صادرات الموارد الطبيعية، والحد من الفساد، وفرض تنظيمات أشد صرامة.
وحسب تقرير صادر عن وزارة المالية الأفغانية، بلغت الإيرادات للسنة المالية 2022، 193.9 مليار أفغاني (2.2 مليار دولار أمريكي)، و210.7 مليار أفغاني في السنة المالية 2023.
وتزعم «طالبان» أن هذه الأرقام تقترب من مستويات الإيرادات التي جمعتها حكومة الرئيس السابق أشرف غني، التي حظيت بدعم القوات العسكرية الأميركية.
من جهتهم، عبَّر خبراء عن اعتقادهم أن زيادة الإيرادات لم يستفد منها سوى مسؤولي حكومة «طالبان». وفي ظل اقتصاد أفغانستان المنكمش، تبقى استفادة المواطنين العاديين من زيادة الإيرادات أمراً مشكوكاً فيه.
معدل البطالة بلغ 14.39 في المائة
وأشار خبراء إلى أن جزءاً كبيراً من الأموال الناتجة عن زيادة الإيرادات مخصَّصٌ لرواتب موظفي الخدمة المدنية وقوات الأمن والعمليات الحكومية وعدد قليل من مشروعات التنمية الكبيرة المنتقاة، خصوصاً في قطاعي إدارة المياه والبنية التحتية للطرق.
وحسب موقع «ماركو تريند»، فإن معدل البطالة في أفغانستان لعام 2023، بلغ 14.39 في المائة، بزيادة قدرها 0.29 في المائة عن عام 2022.
وأفاد الخبراء بأن الاقتصاد الأفغاني يمر بحالة انكماش منذ الانسحاب الأمريكي.
اللافت أن قطاع التعدين يشكِّل القطاع الوحيد في الاقتصاد الأفغاني، الذي يشهد توسعاً. من جهتها، وقَّعت الحكومة الأفغانية أكثر من 200 اتفاقية تعدين، منذ توليها السلطة عام 2021، بما في ذلك 15 عقداً كبيراً للتعدين، بقيمة تتجاوز 6.5 مليار دولار. وجرى منح هذه العقود لشركات من الصين وإيران وتركيا وقطر والمملكة المتحدة.
ووفقاً لبعض المصادر، أسهمت وزارة البترول والتعدين الأفغانية بالإيرادات الآتية في الإيرادات الوطنية: 29 مليون دولار في السنة المالية 2021-2022، و182 مليون دولار في السنة المالية 2022-2023، و118 مليون دولار في السنة المالية 2023-2024، و60 مليون دولار في السنة المالية 2024-2025 (حتى 11 يوليو - تموز 2024).
الإيرادات من مصادر التعدين
وحسبما ورد في تقرير حكومي، فإن الإيرادات من مصادر التعدين زادت، مقارنةً بالعصر السابق، عندما تراوح الإجمالي من 3 إلى 102 مليون دولار سنوياً. وفي ظل النظام الجمهوري، لم يحظَ قطاع التعدين باهتمام كبير.
ونبَّه خبراء إلى أن التحديات الاقتصادية التي يواجهها الشعب الأفغاني ضخمة. وكشف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في يناير (كانون الثاني) 2024، أن نحو 85 في المائة من الأفغان يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم.
تفاقُم حالة انعدام الأمن
اللافت أن إنجازات هيئة التعدين الأفغانية لم تفلح في تحقيق ضمان الأمن الغذائي للسكان. وعلى نحو مماثل، فإن تنامي قوة العملة وزيادة جهود جمع الإيرادات، لا يثمران بالضرورة نتائج إيجابية للسكان عموماً. وفي حين يشكل الأمن عنصراً حيوياً للنمو الاقتصادي، فإن قدرته على الاستمرار على المدى الطويل، قد يتهددها الخطر إذا فشلت الحكومة الأفغانية في معالجة الفقر المستشري على النحو المناسب.
الواقع أن الفقر المستمر والشعور باليأس بين أبناء المجتمعات المحلية، من شأنهما أن يؤديا إلى تصعيد الصراعات، وتفاقم حالة انعدام الأمن وظهور فصائل متحاربة جديدة.