«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

وسط موجة إدانات دولية من مختلف أنحاء العالم

صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)
صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)
TT

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)
صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)

فرضت حكومة «طالبان» في كابل، حظراً على البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية بالقنوات الإخبارية الأفغانية، ما أثار موجة إدانات دولية من مختلف أنحاء العالم.

وانتقدت مؤسسات إعلامية دولية الحظر، بوصفه إعلاناً لموت حرية التعبير داخل المجتمع الأفغاني.

يذكر أن السنوات الـ20 الماضية من الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، شهدت إطلاق وسائل إعلام أفغانية نابضة بالحياة، تضمّنت صحفاً وقنوات إخبارية ومحطات إذاعية.

مراسلون يعملون في غرفة الأخبار بمحطة «تولو» التلفزيونية في كابل (إعلام أفغاني)

مواقف تحريرية مستقلة

واعتادت هذه المنافذ الإعلامية، أن تتّخذ مواقف تحريرية مستقلة، حيال قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مختلفة، على مدار السنوات الـ20 من حكم الحكومات المدنية المدعومة من واشنطن داخل كابل.

ومع ذلك، فرضت جماعة «طالبان» قواعد صارمة على وسائل الإعلام، يستحيل في إطارها وجود وسائل إعلام مستقلة وحرة.

وشهدت السنوات الـ25 الماضية صعود قنوات إخبارية قوية في جميع أنحاء جنوب آسيا، في دول عدة بينها باكستان والهند وأفغانستان. وقد مارست هذه القنوات الإخبارية مستويات غير متناسبة وتأثيراً كبيراً على النتائج السياسية في هذه المجتمعات المتخلفة.

على سبيل المثال، لعبت القنوات الإلكترونية دوراً مهماً في الإطاحة بالحكومة العسكرية للجنرال برويز مشرف بباكستان عام 2008.

صحافي يرفع يده ليطرح سؤالاً على المتحدث باسم «طالبان» خلال مؤتمر إعلامي في العاصمة كابل (وسائل إعلام أفغانية)

ومنذ استيلاء «طالبان» على كابل، سادت توقعات بأن أيام وسائل الإعلام المستقلة في أفغانستان أصبحت معدودة.

وبالفعل، بدأ نظام «طالبان» في الزج بالصحافيين في السجون منذ اليوم الأول، بجانب فرضه حظراً على وسائل الإعلام.

وفي أحدث تحركاته على هذا الصعيد، وجّه نظام «طالبان» المذيعين الأفغان إلى تسجيل برامجهم مسبقاً، والحصول على موافقة مسبقة على قوائم ضيوفهم، وحجب أي انتقادات للقوانين التي تفرضها «طالبان». وستواجه وسائل الإعلام والعاملون في وسائل الإعلام الفردية، عواقب حال عدم الالتزام بالقواعد الجديدة.

إدانات دولية

من جهتها، أدانت هيئات مراقبة وسائل الإعلام الأفغانية والدولية القيود الجديدة. ودعت «لجنة حماية الصحافيين»، ومقرها الولايات المتحدة، «طالبان» إلى «التراجع فوراً عن القيود الإعلامية الصارمة، والتوقف عن جر أفغانستان إلى العصر الحجري».

وفي بيان له، وصف «مركز الصحافيين الأفغان»، في بيان، القرارات الأخيرة بأنها: «محاولة أخرى لإضعاف وقمع وسائل الإعلام الحرة بالبلاد. لقد أغلقت الجماعة الإسلامية المتشددة المنافذ الإعلامية المستقلة بالقوة، وحظرت تقريباً أي تقارير انتقادية حول حكومتها غير المعترف بها».

يذكر أن قنوات إخبارية أفغانية، مثل قناة «تولو»، تتميز بقاعدة مشاهدين واسعة في باكستان وأفغانستان.

وغطت «تولو» الأحداث السياسية في أفغانستان، في أثناء الاحتلال الأميركي للبلاد، اعتماداً على سياسة تحريرية مستقلة. وغالباً ما وجّهت القناة انتقادات إلى الحكومات الأفغانية المدعومة من أميركا، التي سيطرت على البلاد في أثناء الاحتلال الأميركي.

منظر داخلي لمحطة إذاعية أفغانية (وسائل إعلام أفغانية)

حظر بث أصوات نسائية

وفي قرارات صادرة عنها من قبل، حظرت «طالبان» بث أصوات نسائية عبر القنوات الإخبارية الأفغانية. كما ألقت «طالبان» بصحافيين ومذيعين، انتقدوا حكومتها وقوانينها، في السجون.

وبحسب القرار الأخير، حذّرت حكومة «طالبان» المنافذ الإعلامية والصحافيين: «إذا انتهكت أي مؤسسة إعلامية أياً من التوجيهات الجديدة، فستتعامل الجماعة مع مقدم البرنامج والمنتج والمحرر والضيوف» وفقاً للقواعد.

يذكر أنه منذ استيلاء «طالبان» على السلطة، في أغسطس (آب) 2021، أصدرت الحكومة في كابل 21 توجيهاً إعلامياً بهدف تقييد الأنشطة الإعلامية، بعضها يمكن وصفه «غريباً للغاية». في أحد هذه التوجيهات، أصدرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في حكومة «طالبان»، إرشادات تتضمّن حظراً على عرض كائنات حية على شاشات التلفزيون. ولم تقدم الجماعة تفاصيل حول ما يعنيه هذا الحظر. من ناحية أخرى، هاجر معظم الصحافيين الأفغان خارج البلاد، منذ استيلاء «طالبان» على كابل.

طلاب أفغان يدرسون في أكاديمية كرار رامز للعلوم التي يديرها مهندس إنشاءات في كابل بأفغانستان يوم 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

وأدان هؤلاء الصحافيون التوجيهات، طوال الوقت، في كتاباتهم لمنافذ الإعلام الأفغانية في الشتات، التي أنشأوها في المجتمعات التي عاشوا فيها في السنوات الـ3 الماضية.

ومن بين هؤلاء، ناويد أحمد باراكزاي، صحافي أفغاني يعيش بالمنفى في أوروبا، الذي أكد أن «هذه التوجيهات إعلان موت لحرية التعبير؛ لأنها تحد من حرية الصحافة». وأضاف باراكزاي، الذي عمل في أفغانستان تحت حكم «طالبان» قبل أن يفرّ من البلاد: «لم يعد بإمكان وسائل الإعلام في أفغانستان العمل وفقاً للمبادئ الصحافية». وقال إنه لا يُسمح لوسائل الإعلام في أفغانستان كذلك بالإبلاغ عن الأعمال التي تنم عن «الفساد أو الفجور أو غياب القانون أو العنف من قبل (طالبان) في الماضي».

ومن الواضح أن «طالبان» لا ترغب في تدمير البنية التحتية الإعلامية، التي جرى بناؤها في أثناء الاحتلال الأميركي، وإنما تسعى إلى استغلال وسائل الإعلام لأغراض الدعاية الخاصة بها.


مقالات ذات صلة

توقيف قاصر إثر الاعتداء على حاخام في جنوب باريس

أوروبا عناصر من الشرطة الفرنسية «أرشيفية- متداولة»

توقيف قاصر إثر الاعتداء على حاخام في جنوب باريس

أُوقف قاصر في السادسة عشرة من العمر، السبت، إثر الاشتباه في اعتدائه في فترة سابقة من اليوم على حاخام مدينة أورليان جنوب فرنسا.

«الشرق الأوسط» (رين ( فرنسا))
شؤون إقليمية امرأة تركية ترفع صورة لإمام أوغلو ومصطفى كمال أتاتورك أمام حواجز الشرطة (رويترز)

نيابة إسطنبول تبدأ التحقيق مع إمام أوغلو بتهم الفساد والإرهاب

وسط توتر حاد واحتجاجات عنيفة، أحيل رئيس بلدية إسطنبول المعتقل أكرم إمام أوغلو إلى النيابة العامة للتحقيق معه في الاتهامات بالفساد ومساعدة منظمة إرهابية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
تحليل إخباري متظاهر يقف أمام صف من قوات الأمن خلال مظاهرات في أنقرة 21 مارس (أ.ف.ب)

تحليل إخباري بعد توسّع الاحتجاجات في تركيا... هل ارتكب إردوغان أكبر خطأ في مسيرته السياسية؟

تسبّب اعتقال رئيس بلدية اسطنبول في غليان سياسي شجّع على اتّساع الاحتجاجات من إسطنبول إلى أنقرة وإزمير وولايات تركية في جميع أنحاء البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا عناصر من الجيش النيجري (أرشيفية - متداولة)

مقتل 13 من عناصر الجيش النيجري

قُتل 13 من عناصر الجيش النيجري وأُصيب ما لا يقل عن 7 آخرين في هجومين منفصلين بالمناطق الحدودية للنيجر.

«الشرق الأوسط» (نيامي )
أفريقيا سيارة إطفاء تمر عبر حطام المباني في موقع انفجار بالقرب من القصر الرئاسي المعروف أيضًا باسم فيلا الصومال في منطقة حمر جاجاب بمقديشو - 18 مارس 2025 (رويترز)

الاستخبارات الصومالية: مقتل 82 عنصراً من «حركة الشباب» في غارات جوية

أعلنت وكالة الاستخبارات والأمن الوطني الصومالية، صباح (الجمعة)، مقتل 82 عنصراً من «حركة الشباب» المتمردة، منهم قياديون في غارات جوية نفذتها الوكالة

«الشرق الأوسط» (مقديشيو)

أفغانستان: بدء العام الدراسي باستبعاد أكثر من 2.‏2 مليون فتاة من التعليم الثانوي

تلميذات أفغانيات يسرن خارج مبنى مدرسة في كابل بأفغانستان يوم 22 مارس 2025. وصرحت المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف» كاثرين راسل بأن الحظر المستمر على تعليم الفتيات بعد الصف السادس في أفغانستان قد يؤدي إلى حرمان أكثر من 4 ملايين فتاة من التعليم بحلول عام 2030 (إ.ب.أ)
تلميذات أفغانيات يسرن خارج مبنى مدرسة في كابل بأفغانستان يوم 22 مارس 2025. وصرحت المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف» كاثرين راسل بأن الحظر المستمر على تعليم الفتيات بعد الصف السادس في أفغانستان قد يؤدي إلى حرمان أكثر من 4 ملايين فتاة من التعليم بحلول عام 2030 (إ.ب.أ)
TT

أفغانستان: بدء العام الدراسي باستبعاد أكثر من 2.‏2 مليون فتاة من التعليم الثانوي

تلميذات أفغانيات يسرن خارج مبنى مدرسة في كابل بأفغانستان يوم 22 مارس 2025. وصرحت المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف» كاثرين راسل بأن الحظر المستمر على تعليم الفتيات بعد الصف السادس في أفغانستان قد يؤدي إلى حرمان أكثر من 4 ملايين فتاة من التعليم بحلول عام 2030 (إ.ب.أ)
تلميذات أفغانيات يسرن خارج مبنى مدرسة في كابل بأفغانستان يوم 22 مارس 2025. وصرحت المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف» كاثرين راسل بأن الحظر المستمر على تعليم الفتيات بعد الصف السادس في أفغانستان قد يؤدي إلى حرمان أكثر من 4 ملايين فتاة من التعليم بحلول عام 2030 (إ.ب.أ)

قالت مسؤولة بارزة في منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» السبت، إن العام الدراسي الجديد بدأ في أفغانستان مع استبعاد أكثر من 2.‏2 مليون فتاة من التعليم الثانوي.

يحضر الأولاد الأفغان أول فصل لهم بعد بدء العام الدراسي الجديد في «مدرسة حبيبية الثانوية» بكابل يوم 22 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة قبل نحو 4 سنوات، تم منع الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية.

وقالت كاترين راسيل، المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف»: «العواقب بالنسبة لهؤلاء الفتيات وبالنسبة لأفغانستان كارثية».

وحذَّرت راسيل من أن الحظر يجعل الفتيات في أفغانستان أكثر عرضة لخطر زواج الأطفال.

طالبات أفغانيات يسرن خارج مبنى مدرسة في كابل بأفغانستان يوم 22 مارس 2025 (إ.ب.أ)

وألقت الضوء أيضاً على تأثير ذلك على النظام الصحي والاقتصاد في البلاد. وتابعت: «مع قلة عدد الطبيبات والقابلات، لن تحصل الفتيات والنساء على العلاج الطبي والدعم اللازمين. نتوقع وفاة 1600 أم أخرى وأكثر من 3500 رضيع».